بعد أن أعلنت السلطات المصرية العثور على آثار مواد متفجرة على رفات وجثامين ضحايا الطائرة المصرية رحلة رقم 804 القادمة من باريس والتي سقطت فوق المتوسط مايو الماضي، تأكدت بذلك فرضية تعرض الطائرة لعمل إرهابي، وهو ما دفع السلطات المصرية إلى إبلاغ النيابة العامة للتحقيق في الحادث ومعرفة التفاصيل الكاملة.
لجنة التحقيق الرسمية ذكرت أن تسجيلا صوتيا من أحد الصندوقين الأسودين للطائرة، كشف وجود حريق على متنها في الدقائق الأخيرة قبل تحطمها، فيما أظهر تحليل سابق لمسجل بيانات الطائرة وجود دخان في إحدى دورات المياه وقمرة لأنظمة الطيران الإلكتروني، بينما أظهرت الصور الرادارية الخاصة بمسار الطائرة حدوث انحرافها يسارا عن مسارها وقيامها بالدوران يمينا لدورة كاملة.
التداعيات الجديدة تطرح عدة أسئلة، أبرزها ما هي الأدلة الأخرى التي تؤكد تعرض الطائرة لعمل إرهابي؟ وما هو الموقف القانوني؟ وعلى من تقع المسؤولية: مصر أم فرنسا؟ ومن المسؤول عن دفع تعويضات للضحايا؟
من المسؤول؟
اللواء طيار هشام الحلبي المستشار بأكاديمية ناصر للعلوم العسكرية وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية يقول إن إعلان السلطات المصرية وجود آثار لمواد متفجرة في جثامين الضحايا يؤكد وبلا شك تعرض الطائرة لعمل إرهابي، مضيفا لـ"العربية.نت" أن دوران الطائرة دورة كاملة يمينا ويسارا قبل سقوطها يعني أن الطائرة فقدت الارتفاع القانوني المسموح لها، وهو ما يعني تعرضها لعمل إرهابي أو عطل فني مفاجئ، ومع إعلان الطب الشرعي العثور على مواد متفجرة بجثامين الضحايا تنتفي فرضية العطل الفني، وتتأكد بصورة جلية وواضحة فرضية العمل الإرهابي.
ويقول إن النيابة العامة والسلطات ستبحثان هنا عمن وضع العبوة الناسفة سواء في متعلقات الركاب أو الطائرة؟ وفي أي مكان وضعت؟ نافيا وقوع المسؤولية في هذه الحالة على مصر أو شركة مصر للطيران، لأن الطائرة أقلعت من مطار شارل ديغول بفرنسا.
ويضيف الخبير المصري أن تناثر أشلاء وحطام الطائرة على مساحة كبيرة في المتوسط وصلت إلى 4 آلاف متر يعني أن الطائرة تعرضت للتفجير في الجو، وهو الأمر الذي أفقد الطيار توازنه ولم يسعفه الوقت في إبلاغ برج المراقبة بما حدث. فضلا عن أنه فقد الارتفاع، فالارتفاع القانوني المسموح به عالميا للطيران هو 37 ألف متر، وفقد الارتفاع يعني أن الطائرة وصلت لارتفاع منخفض هو 15 ألف متر، ودورانها يسارا ويمينا ولدورة كاملة ناجم عن هذا الأمر، وصولها لذلك يؤكد أن هناك شيئا طارئا حدث على متنها، ومع تكشف وجود متفجرات في جثامين الضحايا يتبين تماما أن الطائرة تعرضت للتفجير بعمل إرهابي، خاصة مع اختفائها من على شاشات الرادار بصورة مفاجئة.
مواد متفجرة بالجثامين
وقال الحلبي إن السلطات المصرية تعاملت مع الأمر بكل شفافية، وفور التأكد من وجود آثار لمواد متفجرة بجثامين الضحايا أعلنت عن ذلك بكل وضوح، مضيفا أنه سيتم الحصول على جميع الوثائق الخاصة ببيانات الطائرة والأطقم والمطارات التي هبطت فيها خلال الرحلة، وبيانات أبراج المراقبة الجوية وصور الرادارات وبيانات الركاب، وكل هذه الوثائق ستحسم بالدليل القاطع السبب الحقيقي لمأساة الطائرة، وكيف وصلت العبوة الناسفة إليها، وأين وضعت ومن الجناة ومن وراءهم وما هي الجهة التي خططت ومولت؟
التعويضات
وعن المسؤولية القانونية للحادث وعلى من تقع فضلا عن تعويضات الضحايا يقول الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، إن مسؤولية الناقل الجوي وفقا لبروتوكول غواتيمالا عام 1981 تكون هنا على الناقل الجوي، وهو هنا مصر للطيران، وتتمثل هذه المسؤولية في ضمان توصيل الراكب إلى المكان المتفق عليه وهو مطار القاهرة الجوي، ولا يستطيع التهرب من المسؤولية إلا إذا أثبت أن الضرر الحاصل للركاب قد نشأ عن قوة قاهرة، أو عن خطأ من المضرور وهم الركاب، أو عن فعل الغير مثل تعرض الطائرة لعملية إرهابية.
وأضاف لـ"العربية.نت" أنه عند إجراء تحقيق بشأن حادث جوي يجب التعامل مع عدة جهات، وهي الشركة الناقلة، ومعها الشركة المنتجة للطائرة ثم الشركة المسؤولة عن صيانة الطائرة، وطاقم الطائرة، فضلا عن سؤال أو استجواب نقاط المراقبة والبحرية الجوية والأرضية، والتي ظهرت الطائرة على شاشات راداراتها، وبعد انتهاء التحقيق تحدد اللجنة مسؤولية وسبب سقوط الطائرة، وعندما يتحدد السبب تتحمل الجهة المسؤولة عنه التعويضات، سواء كانت شركة أو دولة أو جهة.
وقال إنه اعتبارا من الآن يحق للضحايا وعائلاتهم رفع وتحريك دعاوى التعويض بواسطة شركات التأمين المؤمنة على الطائرة المنكوبة.