منتدى الملاك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الملاك

لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد.أمين +++عمانوئيل إلهنا وملكنا

عزيزى الزائر اذا اعجبك موضوع بالمنتدى يمكنك
أن تضغط على زر أعجبنى اعلى الموضوع
عزيزى الزائر ان اعجبك موضوع يمكنك ان تكون اول من يشاركه لاصدقائه على مواقع التواصل مثل الفيس بوك والتويتر بالضغط على زر شاطر اعلى الموضوع

    تجاوز ثنائية المتشددين والمعتدلين

    andraous
    andraous
    ملاك محب
    ملاك محب


    رقم العضوية : 723
    البلد - المدينة : كندا
    عدد الرسائل : 824
    شفيعك : الملاك ميخائيل
    تاريخ التسجيل : 21/02/2009

    cc تجاوز ثنائية المتشددين والمعتدلين

    مُساهمة من طرف andraous الجمعة 17 سبتمبر 2010 - 12:12


    تجاوز ثنائية المتشددين والمعتدلين
    كيف يمكن لأوباما أن يختط نهجاً جديداً في الشرق الأوسط

    روبرت مالي وبيتر هارلينغ
    14/ 09/ 2010
    في الشرق الأوسط، قضى الرئيس الأميركي باراك أوباما أول عام ونصف من رئاسته في السعي لإزالة الضرر الذي أحدثه سلفه. وقد حقق بعض التقدم؛ لكن وبالنظر إلى بطء تحول السياسة الأميركية، فإن إدارته تخاطر اليوم بتنفيذ أفكار كان من الممكن أن تنجح لو حاول الرئيس جورج دبليو بوش تنفيذها قبل عقد من الزمن. لكن المنطقة تغيرت في هذه الأثناء.وهذا نمط مألوف؛ فلعقود من الزمن والغرب يحاول اللحاق بالتطورات في منطقة يتصور أنها جامدة. إلا أن الشرق الأوسط يشهد تحولات كبيرة وسريعة أكثر مما يتخيلها صناع القرار الغربيون وبشكل يصعب التنبؤ به. بصورة عامة، فإن الحكومات الأميركية والأوروبية تنتهي باكتشاف أخطائها لكن فقط حين يصبح هذا الإدراك متأخراً ومعه تعديل سياساتها متأخراً جداً وغير فعال. في أعقاب الحقبة الاستعمارية، حين نشأت الحركات القومية العربية وتولت السلطة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، جاء رد الفعل الأوروبي إما تجاهلاً لتحدي هذه الحركات أو التعاطي معها على أنها فبركات سوفييتية مزعجة. وعندما أدرك الغرب أهمية هذه الحركات وشعبيتها، كانت قوة أوروبا قد تلاشت، وسمعتها قد لوِّثت بوصمة الاستعمار الجديد. وعلى نحو مماثل، فقد توصلت الولايات المتحدة إلى إدراك كامل للتهديد الجهادي في أعقاب الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، بعدما كانت واشنطن قد غذّت نشوءه من خلال دعم الجماعات الإسلامية المتشددة في أفغانستان خلال ثمانينيات القرن العشرين. من جهة أخرى، لم تتبنى الولايات المتحدة فكرة نشوء دولة فلسطينية إلاّ في عام 2000، وفقط حين جعلت التطورات في البنيتين السياسيتين الإسرائيلية والفلسطينية من حل الدولتين هدفاً واهٍ. نشهد اليوم مرة جديدة نزعة غربية لتبني سياسات شرق أوسطية قد انتهى مفعولها بحكم المتغيرات المحلية. ورغم سعي إدارة أوباما المحمود لتصحيح الأخطاء التي ارتكبتها إدارة بوش، فإن هذه الإدارة مقيدة بافتراضات خاطئة حول التوازن الإقليمي للقوى. لا زالت واشنطن ترى انقساماً واضحاً بين معسكرين في الشرق الأوسط: معسكر الاعتدال الموالي للولايات المتحدة والذي يجب دعمه وتعزيزه من ناحية ومعسكر المتشددين الموالي لإيران والذي ينبغي احتواؤه من ناحية أخرى. هذا التصور لا علاقة له بالواقع إطلاقاً. تكمن المفارقة في أن هذا المنظور يعكس رؤية إدارة بوش نفسها، والتي رفضتها إدارة أوباما في جميع أوجهها الأخرى تقريباً. يفترض أصحاب هذه النظرة وجود رؤية غربية مقنعة قوامها السلام والرخاء ويمكن لما يسمى بمعتدلي المنطقة الالتفاف حولها، حتى مع تدني مصداقية أوروبا والولايات المتحدة في الشرق الأوسط إلى الحضيض. هذا التصور يسيء تقدير وفهم الدور البارز للاعبين جدد، مثل تركيا، الذين لا يمكن تصنيفهم في أي من المحورين المفترضين والذين جعلوا من إزالة الخط الفاصل بين المعسكرين مبدأ أساسياً لسياستهم. والأهم هو أن هذا المنظور يفترض جموداً في منطقة هي كثيرة التحولات. إن تجاهل البنية المتغيرة للشرق الأوسط يزيد من صعوبة فهم أهمية المتغيرات السياسية الأخيرة. إذا كان الهدف إلحاق الهزيمة بالمتشددين من أجل تعزيز قوى المعتدلين، فكيف يمكن للمرء أن يقيّم استئناف السعودية لحوارها مع حماس أو تحسن علاقاتها مع سورية؟ وكيف يمكن فهم النظام الحاكم في دمشق، الذي يقوم بتزويد حزب الله بالأسلحة، ويعمق تعاونه الاستخباري والأمني مع طهران ويعارض في الوقت نفسه أهدافاً إيرانية هامة في العراق ؟ وكيف يمكن تفسير الدبلوماسية المتعددة الأوجه لتركيا – التي تحافظ على صلاتها بالغرب، وتعمق علاقاتها مع سورية، وتلعب دور الوسيط في الملف النووي الإيراني وتتواصل مع حماس؟ إن التغاضي عن هذه التحولات الدقيقة في المنطقة، وانتظار هزات عميقة لن تحدث، يؤدي بواشنطن إلى تفويت فرص واقعية للمساعدة في إعادة تشكيل المنطقة. أمام أوباما فرصة تغيير هذا المسار من خلال تبني سياسة أكثر واقعية، لكن ليس أمامه الكثير من الوقت؛ فقد تستيقظ الولايات المتحدة قريباً على شرق أوسط تجد صعوبة أكبر في فهمه أو التأثير فيه. الولد ليس سر أبيه يمكن المجادلة بأن الولايات المتحدة وصلت إلى ذروة قوتها ونفوذها في الشرق الأوسط خلال عقد التسعينيات. أبرز الرئيس جورج بوش الأب القدرات العسكرية الهائلة للولايات المتحدة أما العالم عندما أجبر العراق على الخروج من الكويت عام 1991. ولم يكن أداؤه الدبلوماسي أقل إثارة للإعجاب؛ فقد جمع تحالفاً متنوعاً دعماً لعملية "عاصفة الصحراء"؛ وعقد في العام نفسه مؤتمر سلام غير مسبوق بين العرب والإسرائيليين في مدريد. وأتى نهج الرئيس كلينتون ليبني على هذه الإنجازات، فتمكن من احتواء إيران والعراق وإدارة الصراع العربي الإسرائيلي من خلال عملية السلام. وتم بالتزامن تفكيك القنبلة الموقوتة في لبنان عن طريق "السلام السوري" (Pax Syriana) بموافقة أميركية، والذي ضمن استقرار لبنان مقابل خضوعه للهيمنة السورية. في الإجمال، تمكنت واشنطن من تجميد ساحات الصراع الثلاث الأكثر تقلباً وحساسية: خط التماس العربي الفارسي، والأراضي الفلسطينية المحتلة، ولبنان. أفضى هذا التوازن الجديد إلى نشوء تحالف فضفاض بين السعودية، ومصر وسورية. وساعد تلاقي مصالح هذه الدول – والمتمثلة في المحافظة على الوضع الإقليمي الراهن، وعلى عملية السلام بإدارتها الأميركية، ونشر الأمن والنظام في لبنان بتمويل سعودي وتنفيذ سوري، ساعد في تحقيق استقرار توازن القوى داخل العالم العربي. ومهما كان التقدم في عملية السلام بطيئاً ومحبطاً ومخيباً للآمال، إلا أنه ساهم في التخفيف من حساسية المنطقة تجاه واشنطن والعلاقة الخاصة التي تربطها بإسرائيل. هذا النظام الإقليمي الذي تم بناؤه بحذق وحساسية انهار مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في أيلول/سبتمبر 2000، وساءت الأحوال أكثر خلال رئاسة جورج دبليو بوش. أدى نهج إدارة بوش الإبن حيال الشرق الأوسط وردها على هجوم الحادي عشر من أيلول إلى تغيرات جوهرية في البنية الأمنية للمنطقة؛ فبتخليصها أفغانستان من طالبان والعراق من صدام حسين، قضت واشنطن، عن غير قصد، على التحديين الاستراتيجيين الرئيسيين لطهران، وبالتالي أزالت عوائق رئيسية كانت تعيق قدرة إيران على فرض قوتها وسيطرتها في سائر أنحاء المنطقة. وفي الوقت نفسه، وفي أعقاب انهيار المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، أعادت إدارة بوش تعريف المبادئ الأساسية التي تستند إليها عملية السلام. وتمكنت من تحقيق بعض التقدم بفرضها شروطاً مسبقة مثل إجراء تغييرات في القيادة الفلسطينية، وبناء مؤسسات شبيهة بمؤسسات الدولة في الأراضي المحتلة، وشن حرب غامضة على تهديدات إرهابية غير محددة بدقة. وكانت النتيجة حدوث استقطاب في المنطقة بشكل عام وعلى الساحة الفلسطينية بشكل خاص. كما رفعت هذه المقاربة من كلفة التحالف الأميركي الإسرائيلي في نظر الرأي العام العربي. وأخيراً فإن الولايات المتحدة تجاوزت قدراتها عندما لم تكتف بإجبار سورية على الانسحاب من لبنان، فوضعت لنفسها هدفاً ثلاثي الأبعاد يتمثل في عزل دمشق، ونزع سلاح حزب الله، وضم لبنان إلى المعسكر الموالي للغرب. رغم أن سياسة الولايات المتحدة حينذاك ساعدت في وضع حد للمآزق التي كانت قد استحكمت بالعراق ولبنان لوقت طويل، فإنها تحققت بكلفة بشرية وسياسية عالية. وفي سياق أوسع، فإن استئناف الأزمات في الخليج، ولبنان، وبين إسرائيل والفلسطينيين أعادت التفاوض المستمر على موازين القوى، بشكل دوري خبيث وعنيف، بين دول المنطقة (مصر، وإيران، وإسرائيل، وقطر، والسعودية، وسورية، وتركيا) وداخل بعض الدول مثل العراق، ولبنان، والأراضي الفلسطينية. فجأة بدا وكأن كل شيء قابل للاقتسام من جديد. حدث انتشار الصراعات هذا ونشوء التهديدات الجديدة للمصالح الأميركية في الوقت الذي بدأت فيه قوة الولايات المتحدة بالتلاشي وقوة منافسيها الإقليميين بالتنامي. وانكشفت محدودية القدرات العسكرية الأميركية بشكل مباشر (في مستنقعات أفغانستان والعراق) وبشكل غير مباشر (عندما واجهت إسرائيل، حليفة واشنطن، انتكاسات في حربي لبنان وغزة). في هذه الأثناء، جعلت واشنطن من الترويج للقيم الليبرالية إحدى دعامات سياستها في الشرق الأوسط، وقدمت رؤية أخلاقية راسخة لدورها، في حين كانت تدوس على هذه المبادئ المكوِّنة لرؤيتها. ناقض الرئيس، والذي بنى سياسة خارجية تعتمد يشكل أساسي على القدرة على التحدث إلى العرب عن القيم الديمقراطية، ناقض القيم نفسها باحتلاله العراق، ورفض نتائج الانتخابات الفلسطينية في كانون الثاني/يناير 2006، وإظهار امتثالاً مفرطاً للسياسات الإسرائيلية، والسماح بحدوث انتهاكات لحقوق الإنسان، أبرزها في سجون غونتانامو وأبي غريب. وضعت فلسفة "معنا أو ضدنا"، والتي كانت الأساس لحرب الولايات المتحدة ضد الإرهاب، حلفاء واشنطن العرب في علاقة غير مريحة ومكلفة سياسياً على نحو متزايد مع تنامي وانتشار المشاعر المعادية للولايات المتحدة. في هذه الأثناء، استفادت إيران، وسورية، وحماس، وحزب الله من التعاطف الشعبي المتجدد معهم ودُفعوا إلى الاتحاد رغم علاقاتهم التي تتسم بالغموض في كثير من الأحيان ورغم تعارض مصالحهم أحياناً. بدأ أعداء واشنطن بالشعور بزوال العقبات التي تحول بينهم وبين التوسع الجغرافي والصعود السياسي؛ فمع انهيار الدولة العراقية، باتت إيران حرة في بسط نفوذها خارج حدودها باتجاه العالم العربي؛ وفك انسحاب سورية من لبنان قيود حزب الله، ما ساعد على تحوّله إلى لاعب أكثر قوة واستقلالاً؛ كما عزز إفلاس عملية السلام من حظوظ حماس وأضعف فتح. عمل ضئيل وبعد فوات الأوان حتى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، استمر المسؤولون الأميركيون في اتباع نهج الحرب الباردة في السياسة الخارجية من خلال الإبقاء على تقسيم العالم بين أصدقاء موالين وأعداء محددين، واتباع دبلوماسية العلاقات الثنائية المستقرة، والاعتماد على الحلفاء لتحقيق مصالح واضحة، واحتواء الأعداء. في التسعينيات، شكلت مثل تلك النماذج طريقة فعّالة إلى حد ما في الشرق الأوسط لأن الولايات المتحدة كانت تتمتع بهامش مناورة دون أن تواجه تحدياً مباشراً. أما اليوم، فلم يعد هذا النموذج قابلاً للتطبيق. تحاول الولايات المتحدة حالياً التوفيق بين العديد من المصالح المتنافسة والمتناقضة أحياناً. فهي تبحث عن الحد من نفوذ طهران المتزايد ووقف برنامجها النووي وتحقيق الاستقرار في العراق في عراق واقع تحت نفوذ إيراني قوي، وهي تدعو إلى تعزيز معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في وقت تحمي فيه المكانة النووية الغامضة لإسرائيل، وهي أيضاً تحافظ على علاقات مع أنظمة صديقة لكن قمعية رغم ترويجها للديمقراطية، وتريد منع تجدد العنف في غزة ولبنان في الوقت الذي تصر فيه على عدم التعامل مع حماس أو حزب الله، وتدفع عملية السلام في حين تبقي على الانقسام بين الفلسطينيين. الأسوأ من ذلك أن الولايات المتحدة تحاول فعل كل ذلك في الوقت الذي لم تعد تعتبر فيه القوة المهيمنة كما كانت في الماضي. لقد تعلّم اللاعبون المحليون وسائل خطابية وعملية مختلفة لمقاومة الضغوط الأميركية، وطرقاً في الاستمرار وأحياناً النجاح في رفض السياسات الأميركية. لقد أصبحت بعض التنظيمات المحلية، والتي يصعب إقناعها أو ردعها، أكثر قوة. وقد بات بوسع خصوم واشنطن الآن استخدام الرأي العام لمصلحتهم، كما يفعل حزب الله وحماس، أو كسب ود قوى منافسة، كما فعلت إيران مع البرازيل، والصين، وتركيا. لقد أظهرت إدارة أوباما بعض المؤشرات على إجراء تعديلات على سياساتها. وعياً منه لتراجع مصداقية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وعدم قدرته على حل أزمة واحدة بمعزل عن الأزمات الأخرى، لقد سعى أوباما لإعادة إحياء عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وإقامة حوار مع إيران وسورية، والتخلي عن الذهنية السطحية "للحرب على الإرهاب" الموروثة عن إدارة بوش. لقد أعادت إدارة أوباما تعريف العقيدة الأمنية القومية للولايات المتحدة لإفساح المجال لعالم متعدد الأقطاب. وبالفعل، فإن أوباما يتبع سياسات لو كان بوش قد نفذها خلال إدارته لكانت قد أجدت نفعاً. غير أن المنطقة لم تقف ساكنة، وإذا استمرت على الإيقاع الحالي للتغيير، فإن الولايات المتحدة تخاطر بإجراء تعديلات على سياساتها فقط بعد فوات الأوان. ستدفع إدارة أوباما نحو التوصل إلى اتفاق إسرائيلي فلسطيني لكنها ستدرك على الأرجح أهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية لتحقيق ذلك الهدف فقط بعد سنوات من اللعب على الخلافات بين فتح وحماس وبعد أن تكون هذه الخلافات قد باتت عصية على التسوية. وتنخرط واشنطن حالياً في حوار مع دمشق، إلاّ أنها بتأجيل الحوار الاستراتيجي رفيع المستوى حول دور سورية الإقليمي المستقبلي في بيئة ما بعد التوصل إلى اتفاقية سلام، فإنها تخاطر برفع كلفة فصم دمشق لعرى علاقاتها بطهران، وحماس، وحزب الله إلى درجة لا تستطيع دفعها. وبالمثل، فإن واشنطن قد تقبل رسمياً بأن تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية فقط بعد أن تكون طهران قد وصلت إلى نقطة اللاعودة في برنامج أسلحتها النووية. في الجوهر، لا زالت واشنطن ترى الشرق الأوسط منقسماً بين المعتدلين والمتشددين، وهو فهم يمنعها من رؤية الكثير من العناصر التي تغذي ديناميات المنطقة. في المحصلة، وعندما يتعلق الأمر بالمصالح الحيوية للولايات المتحدة، فإن حلفاء واشنطن المفترضين في المنطقة يسعون لتحقيق أهداف لا تنسجم مع أهدافها، وعلى العكس، فإن خصومها يسعون أحياناً لتحقيق أهداف تنسجم معها. على سبيل المثال، رغم العداء بين السعودية وإيران، كلاهما ينظر إلى العراق من منظور مذهبي (علماً أن كلاً منهما يدعم طرفاً مختلفاً في هذا الصراع) في حين أن رؤية الولايات المتحدة للعراق كدولة غير طائفية أقرب لرؤية سورية وتركيا. رغم ذلك، وعندما يتعلق الأمر بالعراق، فإن الولايات المتحدة تنزع إلى إدانة إيران وسورية وتثني على السعودية وتركيا. إن البرنامج النووي غير المعلن لإسرائيل، وعدم التزامها بالسلام، واعتمادها شبه المطلق على الوسائل العسكرية في تسوية الصراعات يصعب مصالحتها مع عزم أوباما على استعادة مكانة الولايات المتحدة في العالمين العربي والإسلامي. وكما اكتشف بوش بسرعة، وكما يعرف خلفه، فإن أجندة الولايات المتحدة بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان لا تجد أتباعاً كثر في الأنظمة الصديقة للولايات المتحدة في حين تجد صدى طيباً لدى الأحزاب الإسلامية التي تكره الولايات المتحدة أن تقوى شوكتها. لا يمكن تصنيف اللاعبين الإقليميين ببساطة حسب الصيغة المألوفة للمعتدلين ضد المتشددين. فسورية، وهي واحدة من أكثر البلدان العربية علمانية، هي الأقوى تحالفاً مع الحركات الإسلامية المتشددة. وحزب الله، رمز التشدد الشيعي، تكيَّف مع النظام السياسي اللبناني، الذي يتناقض، بحكم تركيبته التعددية والطائفية، وسياساته الاقتصادية الليبرالية، وفساده المستوطن المبادئ المعلنة للحزب. يمكن للمرء أن يكون عربياً ديمقراطياً، علمانياً، ليبرالياً، وأن يكون في الوقت نفس معادياً بقوة لواشنطن والغرب، تماماً كما يمكن للمرء أن يكون حليفاً للغرب وأن يجد ميولاً مشتركة مع مجموعات جهادية معينة. المفارقة أن إيران تعتنق منطق ثنائية المحاور الذي تتبناه الولايات المتحدة، حيث تسعى لقيادة وتعزيز معسكر يعتنق قيمها المتشددة. حتى تركيا، عضو الناتو والحليف الوثيق للولايات المتحدة، تنأى بنفسها عن رؤية واشنطن وتحاول محو الخطوط الفاصلة بين المحورين. أما قطر، فتستضيف قاعدة عسكرية أميركية، ولها علاقات تجارية مع إسرائيل، وعلاقات قوية مع سورية وحماس، وتصادق إيران، ومن خلال محطة الجزيرة (القناة العربية خاصة)، أوجدت واحداً من أقوى المنابر المعبرة عن الرؤية "المتشددة". وفي أيار/مايو 2008، لعبت الدوحة دور الوسيط في اتفاق بين اللبنانيين وتوسطت تركيا في المفاوضات الإسرائيلية – السورية. لا يمكن تصنيف الدوحة أو أنقرة على أنهما ينتميان إلى محور دون الآخر حيث أن كليهما اكتسب سمعة طيبة في التحدث إلى جميع الأطراف. أسطورة إجماع المتشددين لا ينبغي أن تكون مفاجئةً صعوبة الغرب المتزايدة في إدارة أوضاع معقدة طبقاً لنموذج جامد أحادي البعد؛ فمن الصعب وضع إسرائيل، وفتح، والسعودية، التي يهيمن عليها الوهابيون، ورئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، نوري المالكي، في محور واحد، يسمى بمحور الاعتدال عندما لا تجمعهم لا القيم ولا المصالح المشتركة. لا شك أن لكل من هؤلاء علاقات قوية مع واشنطن، إلاّ أن هذه العلاقات تحددها اعتبارات مختلفة وأحياناً متناقضة. مصر، والأردن، والسعودية – حملة لواء الاعتدال – لا يجمعهم الكثير أيضاً؛ فهم لا يتشاطرون الرغبة في إقامة علاقات مع إسرائيل، ولديهم أنظمة حكم مختلفة، ويتبع كل منهم مقاربة مختلفة في معالجة التطرف الديني؛ فالقاهرة تقمعه، وعمّان تجد له تعبيراً من خلال المشاركة في نظام ديمقراطي تحت السيطرة، وتسعى الرياض إلى اكتساب تأييده والتأثير عليه. معسكر المعتدلين بحاجة ماسة إلى عنصر ظل غائباً حتى الآن وهو أجندة أميركية ذات مصداقية يمكن لأعضائه الالتفاف حولها واستعمالها لتبرير تحالفهم مع واشنطن. بدلاً من ذلك، وفي غياب مثل هذه الأجندة، فإن المنافسة الحقيقية هي تلك القائمة بين رؤيتين ناشئتين في المنطقة نفسها. الأولى، وتدعمها إيران، تؤكد على المقاومة ضد إسرائيل والغرب وتتمثل أولوياتها في التحالفات الأمنية والتعزيزات العسكرية. والثانية، التي تعبّر عنها تركيا، تركز على الدبلوماسية النشطة، وتؤكد على الانخراط مع جميع الأطراف، وتدفع نحو التكامل الاقتصادي. رغم أن المنظورين تقودهما قوتين إقليميتين غير عربيتين، فكلاهما منسجمان مع التطلعات العربية. وهكذا، يبدو أن المنطقة تنظّم نفسها ليس وفقاً للسياسات الأميركية بل في غياب مثل تلك السياسات. أما محور المتحالفين مع إيران فلا ينطبق عليه أيضاً توصيفاً دقيقاً؛ فمن حيث الأيديولوجيا، والمصالح، والقيود العملية، وحتى من حيث الهوية الطائفية، إن إيران، وسورية، وحماس، وحزب الله تختلف عن بعضها في أشياء هامة. علاقاتها تتذبذب طبقاً للتعديلات المستمرة التي تجريها ووفق التغيرات الجارية على الواقع الإقليمي. إن الأوصاف التي تُطلق على هذا المحور تنزع غالباً إلى المبالغة والتصوير الكاريكاتوري؛ فهو ليس، كما يفترض البعض، تعبير عن شكل متشدد للتشيع. في الواقع فإن سورية التي تحكمها أقلية علوية، لا يجمعها الكثير مع النسخة الإيرانية من التشيع؛ في حين أن حماس حركة سنية أصولية تحاول جهدها كي لا تبدو رهينة لدى إيران. لقد تجاوز حزب الله كونه وكيلاً لسورية في لبنان وأصبح له مصلحة حقيقية في ضمان ألاّ تعود العلاقات السورية اللبنانية إلى النظام القديم. وثمة تناقضات أكثر عمقاً بين إيران وسورية يمكن رؤيتها في سائر أنحاء المنطقة. ففي حين أن إيران استبعدت أي احتمال للتعامل مع إسرائيل وتدعو صراحة لتدميرها، تؤكد سورية باستمرار على استعدادها للتفاوض، وفي حال التوصل إلى اتفاق، تطبيع العلاقات معها. وقد أدت الأحداث في العراق إلى اشتداد الصراع بين المصالح المتعارضة بين سورية وإيران. في العراق اليوم، كما في لبنان خلال الثمانينيات، تدعم طهران ودمشق أطرافاً مختلفة وتتبنيان أهدافاً متباعدة؛ حيث تسعى إيران إلى عراق يقع تحت النفوذ الإيراني القوي، في حين تأمل سورية في جعل البلد جزءاً لا يتجزأ من العالم العربي. ما يجمع أطراف ما يسمى المحور المتشدد هو الحاجة إلى مواجهة ما يعتبرونه تهديداً أميركياً – إسرائيلياً. إن الخيار الثنائي الذي يواجهونه، أي إما تغيير تحالفاتهم أو البقاء ثابتين في علاقة عدائية مع الولايات المتحدة – لا يمنحهم سبيلاً على الإطلاق. على النقيض من ذلك، فكلما ازدادت الضغوط الأميركية، أو الأوروبية، أو الإسرائيلية، كلما بات من الأسهل عليهم تجاهل اختلافاتهم أو التقليل من شأنها. يمثل التنسيق الأمني غير المسبوق بين إيران، وسورية، وحماس، وحزب الله المثال الأوضح على هذه الدينامية، حيث يحضّر كل طرف لمواجهة محتملة واسعة النطاق. في هذه الأثناء، فإن دول "الاعتدال" – التي يقلقها توقف عملية السلام ويتعرض موقفها للخطر بسبب القيادة الأميركية الضعيفة – تواجه تناقضات اجتماعية وسياسية تزداد حدة، وأزمات محتملة في انتقال السلطة، وإغراءات متزايدة بالالتفات نحو الداخل. المفارقة هي أن الولايات المتحدة أثبتت خلال العقد الماضي أنها أكثر نجاحاً في تعزيز تلاحم أعدائها من المحافظة على وحدة حلفائها. فتح صفحة جديدة لقد سارع كثيرون في استنتاج أن الولايات المتحدة باتت مهمشة، وأن عصر واشنطن في الشرق الأوسط قد ولّى، وأن المستقبل هو لطهران أو أنقرة. إن ذلك مجرد وهم. لقد بدأت إيران وتركيا بلا شك بإدراك أن ثمة حدوداً لما يستطيعان تحقيقه دون مشاركة الولايات المتحدة، ناهيك عن معارضتها. حتى مع تنامي شعبية تركيا في الشارع العربي، فإنها لم تحقق اختراقاً في أي من المبادرات الرئيسية التي احتضنتها، بما في ذلك عقد مفاوضات إسرائيلية – سورية، أو التفاوض بشأن صفقة نووية مع إيران، أو التوسط في هدنة بين إسرائيل وحماس، أو محاولة تحقيق مصالحة بين حماس وفتح. رغم ذلك، وفي غياب قيادة أميركية أكثر قوة، فإن الشرق الأوسط يتحول بسرعة إلى منطقة من المفسدين، يضم دولاً هدفها الأول والإنجاز الوحيد المتاح لها هو منع الآخرين من فعل ما لا يستطيعون هم أنفسهم تحقيقه. مصر تحاول إحباط جهود تركيا في تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة وجعل إسرائيل ترفع الحصار عن غزة. وسورية تعيق جهود السلام التي تأتي على حساب حلفائها. والسعودية عازمة على إعاقة التقدم الإيراني في العراق. عملياً، ليس هناك بلد لديه أجندة إيجابية أو في وضع يمكّنه من التقدم بمثل تلك الأجندة. بالطبع، ورغم صعود خصومها، فإن الولايات المتحدة لا زالت تتمتع بقوة الفيتو على جميع المبادرات الإقليمية الهامة. لكن هذا ليس مبعث عزاء كبير؛ فأن تكون زعيمة المفسدين في المنطقة هو طموح بائس لواشنطن، كما سيكون إرثاً محزناً للرئيس أوباما. البديل هو أن تلعب الولايات المتحدة دور المايسترو الذي ينسّق جهود مختلف الدول حتى مع احتفاظها بعلاقاتها المتميزة مع إسرائيل وآخرين. على سبيل المثال، يمكن لمصر والسعودية، مع قطر وتركيا، أن تقود جهوداً تهدف إلى تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية انسجاماً مع متطلبات عملية السلام التي تقودها الولايات المتحدة. ويمكن لتركيا، على افتراض إصلاح علاقاتها مع إسرائيل والمحافظة على مصداقيتها الجديدة لدى البلدان العربية، أن تشكل قناة مع حماس وسورية فيما يتعلق بمفاوضات السلام أو مع إيران فيما يتعلق بالملف النووي. ويمكن لجيران العراق العرب وإيران، وبرعاية أميركية، أن يتوصلوا إلى الحد الأدنى من الإجماع حول مستقبل العراق يهدف إلى المحافظة على وحدة أراضيه، وعلى هويته العربية، وحماية حقوق الأكراد، وضمان علاقات صحية ومتوازنة بين بغداد وطهران. ينبغي أن تكثف واشنطن جهودها لاستئناف وإستكمال مفاوضات السلام بين إسرائيل وسورية، مما سيؤثر على حسابات طهران أكثر بكثير من سلسة عقوبات تقرّها الأمم المتحدة. كما يمكن لسورية أن تكون مفيدة في التواصل مع ما تبقى من جيوب المتشددين السنة في العراق. إن جمود عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين يوضح أيضاً ضرورة تبني منهج جديد. إن الدعامات المختلفة للسياسة الأميركية إزاء هذه القضية - مثل وجود قادة فلسطينيين وإسرائيليين أقوياء يمثلون شعوبهم، ودعم الدول العربية، والقوة التي ما من قوة تنافسها للولايات المتحدة - تلاشت جميعها إلى حد لم تعد ذات وزن يذكر اليوم. لقد انقسمت الحركة الوطنية الفلسطينية، وتراجع نفوذ ومشروعية فتح، وتعزز نفوذ البلدان الأجنبية على الساحة الفلسطينية، مما يؤثر في قرارات فتح وحماس على حد سواء. إن أكثر المجموعات نشاطاً على الساحتين الإسرائيلية والفلسطينية، والتي تتكون من المستوطنين الإسرائيليين وأفراد اليمين الإسرائيلي المتدين من جهة، وفلسطينيي الشتات، واللاجئين الفلسطينيين، والإسلاميين، من جهة أخرى، هي الأقل انخراطاً في النقاشات حول التسوية النهائية، رغم أن هذه المجموعات هي بالتحديد التي تتمتع بالقدرة الأكبر على إفشالها. أما مصر، والأردن، والسعودية، والدول العربية التي كانت واشنطن تعتمد عليها عادة، فلم تعد تحظى بما يكفي من الشعبية في المنطقة للموافقة على التسوية بمفردها. ويمكن لإيران، وسورية، وحماس، وحزب الله، وقناة الجزيرة أن تقلل من وقع، أو حتى إفشال، أي رد فعل إيجابي على أية اتفاقية ممكنة بتقديمها على أنها استسلام وتخل عن الحقوق. بالنظر إلى التشكك المنتشر على نطاق واسع إزاء عملية السلام في الشارع العربي، فإن انتقاد الاتفاق سيحظى بصدى أكبر بكثير من تأييده. بالنسبة للولايات المتحدة، فإن التكيف مع الأنماط الجديدة للقوة سيعني على الأقل قبول الحاجة إلى المصالحة الوطنية الفلسطينية والإقرار بأن شريكاً فلسطينياً قوياً هو الأقدر على التوصل إلى اتفاقية تحقق السلام الدائم من شريك ضعيف ومنقسم. على الولايات المتحدة أن تأخذ في الحسبان مخاوف مختلف المجموعات الإسرائيلية والفلسطينية (على سبيل المثال، قبول بحق تقرير المصير اليهودي والاعتراف بالظلم التاريخي الذي لحق باللاجئين الفلسطينيين)؛ والاعتراف بأن إجراء مفاوضات إسرائيلية – سورية حقيقية بات مكملاً ضرورياً للمفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، وليس صرفاً للانتباه عنها؛ وفهم ضرورة إشراك لاعبين إقليمين جدد للمساعدة في تحقيق ما بات الآن يتجاوز قدرة واشنطن وحلفائها على تحقيقه بمفردهم، والمتمثل في إسباغ الشرعية والمصداقية على الاتفاق الذي يتم التوصل إليه بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لن يكون من السهل على الولايات المتحدة القيام بمثل هذا التحول الاستراتيجي، ولن يكون ذلك خال من المخاطرة؛ إذ يمكن للحلفاء التقليديين، الذين سيشعرون بأن واشنطن تخلت عنهم، أن يفقدوا الثقة بها ويتمردوا. كما يمكن للشركاء الجدد، الذين سيستشعرون الضعف الأميركي، أن يتحولوا إلى شركاء لا يمكن الاعتماد عليهم. رغم ذلك، فإن التمسك بسياسات لم تعد مجدية لا يوفر قدراً كبيراً من الأمل. إن التبعات المحتملة ستتمثل في زيادة الانقسامات الإقليمية، وزيادة حدة التوترات، وزيادة احتمالات الصراع. لقد استهل أوباما رئاسته بالطموح الأكيد بفتح صفحة جديدة. وكي ينجح في الشرق الأوسط، سيترتب عليه أن يمضي إلى أبعد من ذلك ويغلق كتاب السياسات الفاشلة التي حفل بها الماضي. [1] روبرت مالي هو مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية وعمل مساعداً خاصاً للرئيس كلينتون للشؤون العربية – الإسرائيلية بين عامي 1998 و 2001. بيتر هارلينغ يرأس مشروع العراق، ولبنان، وسورية في مجموعة الأزمات الدولية. عمل في بغداد بين عامي 1998 و 2004، وفي بيروت بين عامي 2005 و 2006، ويعمل الآن في دمشق.



      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 27 أبريل 2024 - 2:02