أ – الشفاعة بالقديسين تحمل معني الإيمان بالحياة الأخري ، الإيمان بأن الذين أنتقلوا
ما زالوا أحياء ، ولهم عمل . إنه إيمان بالصلة الدائمة بين السماء والأرض . وإيمان أيضاً باكرام القديسين ، مادام الله نفسه يكرمهم .
ب- الشفاعة هي بركة حب بين أعضاء الجسد الواحد …
الكنيسة هي جسد واحد ، المسيح رأسه وكلنا أعضاؤه سواء في السماء أو علي الأرض . والحب والصلوات والشركة ، أمور متبادلة بين أعضاء الجسد الواحد : نحن نشفع فيهم بصلواتنا عن الراقدين . وهو يشفعون فينا بصلواتهم أيضاً ، أنها رابطة لا تنفصم .
لماذا يريد منكرو الشفاعة تحطيم هذه الشركة ؟ فلا صلاة منا لأجل الراقدين ، ولا شفاعة من الراقدين فينا ؟هل المحبة القائمة بين كل مؤمن والله والآب ، تمنع وجود المحبة والصلة بين الأنبياء وبعضهم البعض ؟ّ
أليس السيد المسيح قد طلب من الآب قائلاً { ليكونوا واحداً كما نحن }{ليكونوا هم أيضاً بمجرد الصلة التي بينهم وبين أرواح المنتقلين . ويضيفون إلي صلواتهم الخاصة صلوات أقوي وأعمق صادرة لأجلهم ، من العالم الآخر .. وفي كل ذلك لا يخسرون شيئاً .
أما منكرو الشفاعة ، فإنهم يخسرون هذه الصلة وهذه الصلوات بلا مقابل .. بل يخسرون إيمانا بسيطاً غير معقد ، نلاحظه في كل من يحتفلون بأعياد القديسين ، ومن يزورون كنائسهم ، ومن يطلبون صلواتهم …
بأي وجه سيقابلون القديسين في العالم الآخر ، وقد رفضوا إكرامهم ورفضوا صلواتهم وشفاعتهم ؟. ً
د - والشفاعة تحمل في طياتها تواضع القلب ….
فالذي يطلب الشفاعة ، هو إنسان متضع ، غير مغرور بصلته الشخصية بالله ، يأخذ موقف الخاطي الضعيف الذي يطلب شفاعة غير فيه …
وعلي العكس فمنكر الشفاعة ، قد يسأل في انتفاخ :
ما الفرق بيني وبين هؤلاء القديسين ؟ إن الصلة بيني وبين الله ، أقوي من أن تحتاج إلي وساطتهم !! { واضعاً نفسه في مصاف القديسين والشهداء والملائكة }.
يخجل هؤلاء قول بولس الرسول { صلوا لأجلنا }{عب18:13}.، ولأجل جميع القديسين }أف8:6}.
هـ – الشفاعة دليل علي عدل الله في مبدأ تكافؤ الفرص ..
إن كان الله قد سمح للشيطان أن يحارب أولاد الله ، ويجربهم ويظهر لهم في رؤي وفي أحلام كاذبة ، ويضايقهم . فالأولي يقتضي العدل ومبدأ تكافؤ الفرص أن يسمح للملائكة واللارواح الخيرة ، أن يساعدوا أولاده علي الأرض ، كما سمح للأرواح الشريرة أن تضايقهم . وبهذا العدل من جهة تدخل العالم الآخر { الأرواح } في حياة البشر .
وإن كان الله قد سمح للشيطان أن نضرب أيوب فليسمح أيضاً للملائكة أن تعصب ضربات البشر ، وأن تخدم
أولاده حتي بدون طلبهم ، فكم بالأولي إن طلبوا { أليسوا جميعهم أرواحاً خادمة ، مرسلة للخدمة ، لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص }{عب14:1}.فمادام هؤلاء مرسلين لهذا العرض ، فلا مانع إذن من أن نطلب تدخلهم لمساعدتنا ، وهو قريبون منا .
***
12- الشفاعة واقع نعيش فيه :
شفاعة القديسين – بالنسبة إلينا – ليست مجرد لاهوتيات تثبته آيات من الكتاب المقدس ، إنما هو واقع نعيشه .
إنه تاريخ حي علي مدي الأجيال ، يروي الرابطة العجيبة التي بين المنتقلين ومن يحيون علي الأرض .
إنه صلة حية بالقديسين الذين يشفقون علي أوضاعنا أكثر منا ، وباشفاق حقيقي . حتي أمن كثير من مشاكلنا تحا أحياناً دون أن نصلي ، من أجل تشفعات القديسين فينا ، دون أن نطلب ذلك . إنهم أكثر منا فهما وتطبيقاً لتلك الآية التي تقول { بكاء مع الباكين ، وفرحاً مع الفرحين }{رو15:12}.
إن الشفاعة دليل علي الرابطة بين أعضاء الكنيسة الذين علي الأرش والذين في السماء – إمها كنيسة واحدة – جزء منها علي الأرض ر نسميه الكنيسة المجاهدة }و جزء منها في السماء { نسميه الكنيسة المنتصرة } . وهما يتبادلان الصلاة .
والذين يرفضون شفاعة القديسين ، كأنما هم يتجاهلون المعجزات العجيبة التي بشهد الناس بحدوثها لهم ، بصلوات القديسين ، أو في أعيادهم ، أو في كنائسهم وأديرتهم .
إنها محاولة لالغاء الواقع والتاريخ ، ، وليسن مجرد إنحرافات في التفكير النظري اللاهوتي .
يكفي أن نذكر هنا المعجزات التي حدثت في ظهور العذراء في الزيتون سواء للمسيحيين أو للمسلمين ، وسجلت بأصوات الناس مجرد أو بكتاباتهم .. وكذلك المعجزات الي تحدث باسم مارجرجس والملاك ميخائيل وباقي القديسين .
كل هذا لا يكفي عند المعترضين الذين يرفضون صلوات القديسين ويرفضون شفاعاتهم
، ويرفضون معجزاتهم لغير ما سبب .
اقرأوا أيضاً سير القديسين ، لكي تروا تدخلات الملائكة والقديسين في حياة الناس :
ظهوراتهم ، وتنبؤاتهم ، ووعودهم ، وتبشيراتهم ، سواء بميلاد قديس من أم عاقر أو باختبار قديس لخدمة الله ، أو لإشادة في طريق ما ..
والموضوع بالنسبة إلي الشعب وصلتهم ، وتبشيراتهم سواء بميلاد قديس من أم عاقر أو باختبار قديس
لخدمة الله ، أو لإرشاده في طريق ما .
والموضوع بالنسبة إلي الشعب وصلتهم بالقديسين ،؟ ليس هو معرفة يوم وليلة ، إنما هي عشرة زمن طويل ، وعلاقة لا نستطيع أن نفصلها أبداً . إنها صداقة بين الشعب عامة ، والملائكة والقديسين .
ولذلك فإن إدعاءات البعض ضد القديسين ، ولا تجد لها مجالاً إطلاقاً ، لأنها تتحدي اعتقادات ومشاعر تجري في دم الناس .
(البابا شنوده الثالث)