يقول القمص لوقا سيداروس فى كتابه " رائحة المسيح فى حياة أبرار معاصرين " :
كان هذا الأب الكاهن من سوهاج ، فلما عرفت هذا الأب عن قرب وجدته رجلا بسيط القلب مملوء بالعاطفة . كانت نفسيته بسيطة ، علاقته بالمسيح ليس فيها قلق و لا تعقيد ، كان يحب المسيح من قلب بسيط كقلب طفل صغير . توطدت العلاقة بيننا جدا ، و كنا كلما سرنا لبعض الوقت نتكلم عن أعمال الله و تأملنا فى كلامه و وعوده الصادقة .
قال لى مرة و نحن نتكلم عن أعمال الله ، أن من أعجب القصص التى عاشها فى خدمته إنهم أيقظوه يوم سبت النور بعد أن سهر الكنيسة حتى الصباح بعد إنتهاء القداس الألهى الساعة السابعة صباحا ثم ذهب لبيته ليستريح .. أيقظوه بإنزعاج و قالوا له قم إعمل جنازة .. قام من نومه العميق منزعجا ، و سأل من الذى مات قالوا له الولد فلان .. أبن ثلاثة عشر عاما . لم يكن الولد مريضا و لكن فى فجر اليوم وجدوه ميتا .. و حزن أهل الصعيد صعب و صلوات الجنازات رهيبة .. لا سيما إذا كان موت مفاجىء أو ولد صغير السن . قام الأب و هو يجمع ذهنه بعد ، مغلوبا من النوم ، فكأنه كان تحت تأثير مخدر .. لم يستوعب الأمر .
[color=blue]كان يعمل كل شىء كأنه آلة تعمل بلا إدراك ، غسل وجهه و ذهب إلى الكنيسة ، وجد الناس فى حالة هياج و عويل . دخل هذا الكاهن الطيب ، باكيا مشاركا شعبه ، وضعوا الصندوق أمامه ، و كان لهم عادة فى بلده أن يفتحوا الصندوق و يصلى على المتوفى و الصندوق مفتوح . صلى صلاة الشكر ، ثم رفع صليبه ، و بدلا من أن يصلى أوشية الراقدين ، صلى أوشية المرضى بغير قصد و لا إدراك ، كان كأنه مازال نائما .. و فيما هو يصلى " تعهدهم بالمراحم و الرأفات .. أشفيهم " ، إذ بالصبى يتحرك و هو مسجى فى الصندوق ..
قال : لم أصدق عينى ، جسمى كله أقشعر . تجمد فى مكانه و لكنه أكمل الصلاة ، و زادت حركة الصبى ..
صرخ الكاهن ، إنه حى ، هاجت الدنيا حوله .. فكوا الولد من الأكفان ..
إنه حى .. سرت موجة فرح الحياة .. إنقشعت أحزان الموت .. إنه يوم سبت النور ، يوم كسر المسيح شوكة الموت . كان يحكى هذه الحادثة العجيبة ، التى هى أعجب من الخيال ، و كأنه لم يكن له شأن فيها ، بل كان متفرجا و مندهشا ، لم يكن الرجل ينسب لنفسه شيئا و لم تكن نفسه محسوبة فى نفسه شيئا ، و لكن الواقع إنه كان رجل الله ..
[color:f02d=magenta:f02d] و قد إنضم إلى مصاف الكهنة السمائيين و أنتقل من هذا العالم الزائل بعد أن خرج من السجن بسنوات قليلة . أرتقت روحه المسبحة إلى طغمة الذين يسبحون الرب بلا سكوت و بلا فتور .