اذا كنت تريد اقتناء فكرا مقدسا وتحاول عبثا حيث تتسلل لك تلك الافكار التي تنبع من داخلك بغير ارادتك وتشعر انك لا تستطيع التحرر منها فاليك بعض النصائح:
1- أول كل شيء، لا تيأس البتة، فالأفكار الدنسة لا بد أن تجد هوى في نفسك طالما أنت ساكن في هذا الجسد. يشتهي الجسد ضد الروح والروح يشتهي ضد الجسد وكلاهما يقاوم أحدهما الآخر (غلا17:5). ولكن إنسان الله الذي عزم أن يسير في طريق المسيح لا يقبل هذه الأفكار ويستسلم لها بل يطردها في الحال ولا يتفاوض معها بالمرة. هذا معنى قول معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاؤس “أما الشهوات الشبابية فأهرب منها” (2تي22:2). أسلم الطرق -إذن- هو الهروب. أما إذا استسلمت للفكر ولو إلى دقائق، ففي اليوم التالي تحتاج إلى جهاد أكثر للتخلص من ذات الفكر لأنه كالصيف الثقيل الذي إذا دخل لا يخرج بسهولة. إذا استسلمت للفكر فإنه يومًا بعد آخر يصير له جذور في داخل القلب، وتكون قد سلمته عجلة قيادة نفسك!
متى استسلم الإنسان لفكر ما يعطيه الحق في الظهور مرة ومرات، لأنه يطبع صور منه في اللاشعور يصعب انتزاعها.
ما نقوله عن الفكر نكرره بخصوص الحواس، فكل حاسة تدخل إلى خبرة خاطئة تصير هذه الخبرة رصيدًا في الأعماق، تستخدم من وقت إلى آخر لسقوط الإنسان واستسلامه. هذا ما دفع أحد المراهقين أن يقول في مرارة: (ألا ترى أنك متى بدأت أن تمارس جنسًا مرة تجد نفسك لا تريد التوقف؟ ما تفعله يتزايد أكثر فأكثر فأكثر).
إذن الهروب قوة، خلالها يقطع الإنسان عن نفسه سلسلة خبرات فكرية وحسية قد لا تنتهي، ليقل الإنسان في نفسه “لا” في المسيح يسوع، متذكرًا أن الخطية خاطئة جدًا، وأن قتلاها أقوياء.
لنهرب إذن من كل عثرة ما دمنا في الجسد مهما كان مركزنا، أو خبرتنا الماضية، أو عمرنا، حتى لا يتدنس الفكر.
الآن، إن كنت بالفعل قد استسلمت للأفكار الدنسة وقد صار لها سلطان عليك لا تيأس ولكن إحذر من أن تعقّد الأمر بقبولك أفكار أخرى جديدة بإرادتك، أما عن الأفكار المسيطرة، فإنك محتاج أن تقاومها بشجاعة، عالمًا أن الله القدوس يرى تواضعك ويقبلك ويحصي كل تضحية صغيرة تبذلها من أجل أن تحفظ فكرك طاهرًا، “لأن هذه هي إرادة الله قداستكم، أن تمتنعوا عن الزنا” (1تس3:4).
في البداية قد يكون تدريب توقع الموت وانتظار يوم الدينونة المفاجئ مفيدًا لأن الفكر المستهتر قد لا تجذبه المحبة فيردعه الخوف الممزوج بالثقة إلى أن يتذوق المحبة.

2- وقد لا يأتي الفكر شهوانيًا من البداية، بل غالبًا ما يبدأ بصورة مخادعة، كأن يستسلم الإنسان طويلًا لأحلام يقظى تبدو أنها صالحة، فيفكر طويلًا في مستقبله ويضع أمانٍ وأحلام، غالبًا ما تنتهي به إلى الخروج عن الواقع ليحيا في جو من الخيال بمشاعر شهوانية داخلية!

3- من العوامل التي تدفع البعض إلى الأفكار الدنسة هو القلق وعدم الاتكال على الله. لهذا لا عجب إن رأينا كثيرين يشكون من سيطرة الأفكار الدنسة عليهم في فترة ما قبل الامتحانات رغم انشغالهم الكثير بالدراسة، لكن القلق يدفع إلأى الأفكار الدنسة ابتغاء اللذة والهروب من الواقع. لهذا فإن الصلاة من أجل أن يعطيك الرب سلامًا وفرحًا في الداخل واتكالًا عليه، هو علاج قوي ضد مثل هذه الأفكار.

4- يقول المثل العامي: “عقل الكسلان معمل للشيطان” الفكر بطبيعته عامل فينا، يعمل إما للبنيان أو للهدم، إما للخير أو للشر.
راحة الفكر، ليس في توقفه عن العمل، لأن الفكر في وضعه الطبيعي لا يمكن أن يأخذ أجازة عن العمل. إنما في فترة خمول الجسد أو نومه يجتّر الفكر حصيلة ما قدمته له من غذاء في وقت عملك.
الشاب الذي ينهمك كثيرًا في الترف واللهو وجلسات المستهزئين لا يتوقع أن يكون فكره مقدسًا في وقت خمول جسده أو أثناء نومه حيث تضعف إرادته. أما الشاب الذي قدم لنفسه غذًاء روحيًا (لا من الخارج فقط في صورة ريائية بل من كل قلبه) غالبًا ما يتوقع فكرًا مقدسًا في تلك الفترات.
لهذا فإن القراءة الروحية وحفظ المزامير وترديدها وقراءة سير القديسين وأقوالهم، هذا كله يفيدك إذ تخزن لنفسك ما ينفعك في وقت جوعك.

5- لا تنس أن الألحان الكنسية والترانيم الروحية والتغني بالمزامير هذا كله يدفع بفكرك نحو التقديس والتلامس مع ربنا يسوع المسيح.
ليعطك الرب وضعفي فكرًا طاهرًا مقدسًا ينشغل بربنا يسوع ويحتقر كل الأفكار العتيقة التي مضت

كيف تستطيع تقديس حواسك:
يقول الشيخ الروحاني (القديس يوحنا سابا)، عن تقديس الحواس: (أيها الأخ المشتاق برغبة حارة أن تكون في الله وأن تتصل بذاك القدوس الذي لا يعرف خطية، اسمعني بحب واغفر لضعفي).

(رتب حواسك أيها الأخ واحذر لها، إذ منها يدخل موت الإنسان الخفي… امنع نظرك عن التطلع إلى جمال الإنسان الفاني وذلك بالنظر إلى الله. وامنع أذنك عن الاستماع إلى كل سماع رديء وذلك بالاستماع إلى أسرار القدير! واحذر استنشاق الروائح الكريهة… مستبدلًا بذلك رائحة المسيح الذكية! واغلق فمك بالحذر الكلي… واحفظ فمك متحدثًا مع الله… متكلمًا مع الخالق! والحاسة الخامسة وأعني بها اللمس فسلمها إلى الحافظ الساهر، واطلب العفة في كل حركاتك ولمساتك ليحرسك الرب من الأفكار النجسة!)

(كل من يشاء الآن أن يحفظ نفسه وضميره من الأعمال الشريرة فليحفظ هذه الحواس، وليسلمها في يد الله الأمين معين الضعفاء).

عزيزي… لقد أنعم الله عليك بالحواس التي بدونها تفقد حيويتك كإنسان يحس ويشعر. والحواس فيك تختلف عنها في أي كائن أرضي حيّ آخر، لأن الله قد خصك بإرادة تقوم بالدور الأكبر في توجيه حواسك.

يمكنك إن أردت أن تنطلق بهذه الحواس الخمس لتعمل كطاقات قوية تدفع بنفسك نحو التمتع بالشركة مع ربنا، وتستطيع أيضًا إن أردت أو استسلمت أن تهوى بها إلى أعماق النجاسة فتتمرغ نفسك في الدنس وتظن أن الطهارة ليست لبشر لهم مثل هذه الحواس.

فكيف تستطيع توجيه حواسك لتعمل الخير وحياتك متقدة بالشهوة؟

الذي يقدس الحواس هو الروح القدس الذي هو ليس ببعيد عنك بل في داخلك يسكن فيك، لكن أنت لا تتجاوب معه!
فالحاجة إذًا هي أن تتعامل مع الروح القدس بأن تجاهد في الصلاة طالبًا أن يملأ قلبك ويضيء حواسك. وقد علمتنا الكنيسة أن نصلي يوميًا قائلين في صلاة الساعة الثالثة: “روحك القدوس يا رب الذي أرسلته على تلاميذك القديسين ورسلك المكرمين في الساعة الثالثة هذا لا تنزعه منا أيها الصالح لكن جدده في أحشائنا”.

يشّبه القديس يوحنا ذهبي الفم نفس الإنسان (الطفل) بمدينة ، أبوابها هي الحواس، خلالها يدخل المواطنون ويخرجون، بمعنى أن خلالها تفسد الأفكار أو تسير حسنًا (3). مزلاج هذه الأبواب هو صليب الرب المزين بحجارة كريمة وذهب (4). هذه الأبواب للرب، خلالها يدخل البر (مز117 (118):20…

ويقول القديس أنطونيوس:
(الروح القدس يساعد الإنسان على تنفيذ الوصايا التي تعلمها، ويرشده لطرد الشهوات النابعة عن النفس ذاتها مستقلة عن الجسد، أو الشهوات التي لحقت بها عن طريق الجسد.
والروح القدس يعلّم الإنسان أن يحفظ جسده كله -من الرأس إلى القدمين- في تناسق.
فيحفظ العينين لتنظرا بنقاوة!
ويحفظ الأذنين لتصغيا في سلام… ولا تتلذذا بالأحاديث عن الآخرين والافتراءات وذم الغير!
ويحفظ اللسان لينطق بالصلاح فقط معطيًا وزنًا لكل كلمة فلا يسمح لحديث نجس أو شهواني أن يختلط بحديثه.
ويحفظ اليدين لتتحركا طبيعيًا، فترتفعان لصنع الرحمة والكرم!
ويحفظ المعدة ليكون لها حدودًا مناسبة للأكل والشرب وذلك حسب القدر الكافي لقوت الجسد. فلا يترك الشهوة أو النهم ينحرفان بها فتتعدى حدودها!
ويحفظ القدمين لتسلكا حسب إرادة الله بهدف القيام بأعمال صالحة، بهذا يكون الجسد كله قد إعتاد كل عمل صالح وصار خاضعًا لسلطان الروح القدس فيتغير شيئًا فشيئًا حيث يشارك -إلى حد ما- في النهاية صفات الجسد الروحي الذي يناله في القيامة العادلة

1- فمن جهة النظر:
يعتبره القديس أغسطينوس أول حلقة من حلقات السقوط وإليك بعض ارشادات عملية بخصوص النظرات الشريرة:
(أ) اهرب من المكان الذي تشعر فيه بالضعف (جنسيًا) أمام شخصية معينة، ولو كان السبب هو ضعفك الداخلي وليس ذلك الإنسان. وهروبك هذا ليس بجبن بل فيه شجاعة إذ تقاوم عاطفة قوية في داخلك، لا تقف عند هذا الجانب السلبي بل اهتم أن تتوب وتصلي وتتمتع بربنا يسوع حتى تصير عيناك بسيطة فلا تعثر بأحد.
(ب) لا تجول بعينيك باحثًا عن المناظر المثيرة… متذكرًا أن النبي داود صاحب المزامير بنظرة واحدة مستهترة انحرف إلى الخطية.
(ج) لا تجعل نظرتك فاحصة تنقل إليك الشهوة متذكرًا أن من هم أمامك اخوتك واخواتك. وكما قال القديس باخوميوس للفتاة التي حاولت اغرائه وهو صبي: “هل عيناي عيني كلب حتى أضاجع أختي؟!”.
(د) لا تخدع نفسك بأنك تتأمل الجمال في ذاته، لأن الجمال هو الخير المطلق؛ فاحذر لأن الشهوة مختفية فيه وأنت لا تعلم!
(ه) إن أحسست بنظراتك أنها غير طبيعية نحو شخصية ما تلتقي معها بحكم العمل أو الظروف ارفع قلبك إلى الله مناديًا “اسم يسوع” حتى تتقدس نظراتك.
(و) اهتم أن تضع صورًا للسيد المسيح والقديسين في حجرتك وعلى مكتبك لكى تكِّرك هذه الصور بقداسة أصحابها ونقاوة سيرتهم.
(ز) احذر الكتب الرخيصة والمجلات السوقية والأفلام التي تستخدم الحوادث الغرامية المثيرة والمناظر الخليعة… واعلم أن وقتك أثمن من أن يضيع في مثل هذه الأمور!!
(ح) لا تعتمد على قامتك الروحية الحالية، فتترك نظراتك تجول هما وهناك حاسبًا أنك قوي، لا تتعثر. هناك قصة عن شابًا يتسم بالروحانية جاء يومًا الى اب اعترافه يعترف بأنه ذهب إلى أماكن معثرة، لكنه كان يشعر أن كل النساء اخواته بالرغم من عدم احتشامهن، وأنه لم يجد فيهن عثرة قط… مرت سنوات وجاءني ذات الشاب يشتكي بمرارة من صراعه المرّ بسبب النظرات القديمة التي مرّ عليها سنوات دون عثرة. لقد جاء وقت الضعف ليتذكرها، أو لتتراقص في ذهنه وتسحبه بكل قوة إلى أفكار دنسة محطمة. إنه رصيد خبرة خاطئة قبلها بإرادته حاسبًا في نفسه أنه قوي.


2- من جهة السمع:
(أ) اهرب قدر ما تستطيع من مجالس المستهزئين حتى لا يعلق بأذنيك الهزل الباطل والفكاهات المثيرة والألفاظ التي سرعان ما تراودك في الفترات التي يضعف فيها الرقيب الداخلي، مثل فترات النوم أو أحلام اليقظة أو المرض أو الارهاق البدني الشديد!
(ب) إن كنت تعشق الموسيقى فاعلم أن كثيرين قد دخلوا إلى أعماق الشركة مع الله عن طريق الألحان الكنسية الجميلة خاصة ألحان أسبوع الآلام، فإنها قادرة أن تشبع هوايتك وتفيد نفسك!

3- من جهة التذوق:
ليكن لمعدتك ميزانًا يتناسب مع صحتك والمجهود البدني الذي تبذله (مع الاسترشاد بأب اعترافك).

4- من جهة حاسة الشم:
فتذكر ألا تكون مغاليًا في التزين ومحبًا للتنعم بالأمور الأرضية، مفضلًا على ذلك حياة السهر والصلاة التي تؤهلك لتصير أنت ذاتك رائحة المسيح الذكية للذين يخلصون (2كو15:2).

5- من جهة حاسة اللمس:
… وخاصة في الأماكن المزدحمة ارفع قلبك لله واشغل فكرك فيه… نادِ اسمه.
وأخيرًا ليعطنا الرب أن نتذكر دائمًا أن كل أعضاء جسدنا وكل حواسنا هي ملك للرب… أذكر أنك ابن الله، أنك مفدي بدم ثمين هذا مقداره… تذكر دائمًا مقدار نفسك عندئذ يسهل أن تتحول كل طاقاتك لتكون عاملة حسب إرادة الله الكاملة المرضي
منقووول من فريق اللاهوت الدفاعى