كانت مارتينا تحب الله من قلبها ، أما بيتر زوجها ، فكان يصلي عندما يريد شيئا من الله ، و إن لم يتحقق هذا الشيء يترك الله . و كانت ظروف عمله قاسية للغاية ، فقد كان يعمل ميكانيكي سيارات في شمال أوروبا المعروفة بكثرة الثلوج ، و كان البرد الرهيب يؤثر على صدره ، فأصابه بمرض الربو. و في كل مرة يتعطل عن عمله بسبب مرضه كان يخاطب الله بغضب شديد ، لماذا أنا ؟ لماذا أنا بالذات ؟
و بينما كانت زوجته مارتينا تنتظر مولودا ، و هو الشيء الوحيد الذي كان يسعد قلب زوجها حينما يفكر فيه ، شعرت ببعض التعب ، فأخذها بيتر لمستشفى خاص قريب و هناك أخبروه إن الولادة لن تكون طبيعية و ستتكلف مبلغا هائلا بالنسبة له. و عندما أخبرهم إنه ليس لديه أموالا ، أجابته السكرتيرة بأنه توجد مستشفيات أخرى للفقراء و المعدمين.
شعر بيتر بالإهانة الشديدة و عاد هو و مارتينا إلي بيته و كلنه كان غاضبا , و زاد من سخطه إنه رأى مارتينا تصلي بدموع لله أن يدبر الأمر و دار بينهما هذا الحوار :
بيتر : إن صلاتك ليس لها فائدة ، و إن الله لا يحبنا
مارتينا : كلا يا زوجي العزيز ، إنه يحبنا ، إلا يكفي إنه نزل ليخلصنا ، فأي حب أعظم من هذا أن يبذل نفسه من أجلنا.
بيتر : كفاك من هذا الهراء ، إن كان يحبنا فلماذا تركنا هكذا حتى يحتقرنا الآخرين ؟ و يعتبرونا معدمين ، إنهم على حق فنحن لا قيمة لنا.
مارتينا : كلا يا عزيزي ، إن لم تكن لنا قيمة فكيف يفدينا الله بدمه.
بيتر: و ماذا استفدنا بهذا الفداء و أنت و ابننا ستموتان.
مارتينا : لا تيأس أرجوك من رحمة خالق الكون ، صلي لله بإيمان و بدون أن تحدد له كيف يستجيب و تذكر إن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله ، و تذكر إن خالق هذا الكون لن ينساك.
و نامت مارتينا من التعب ، أما هو فظل مستيقظا و لما سمعها تتأوه من الألم , فكر في كلامها ، فبكى و ركع و صلى من أعماقه و قال : سأسمع كلام زوجتي و أترك لك أن تتصرف في أموري ، فقط أرجوك لا تخذلني هذه المرة و ... و نام.
ثم استيقظ على صوت التليفون في ليلة عاصفة ثلجية ، و إذا بسكرتير المحافظ يطلب منه أن ينجده لأن عربة المحافظ قد تعطلت في منطقة ثلجية ، أسرع بيتر و تحمل الكثير من المتاعب حتى أصلحها ، فكانت مكافأته مبلغا ضخما من المال و تعيينه في عمل كبير.
لم يصدق بيتر نفسه و ركع و قلبه يطير بالفرح و هو يستعد لنقل زوجته للمستشفى لعمل العملية و لكنه سمع صوت صراخ من منزله ، و ما إن دخل حتى أخبرته الجارة إن مارتينا تلد و طلبت لها الطبيب. صرخ بيتر من أعماقه : يارب أنت القادر على كل شيء ، سامحني على عدم ثقتي بك و قوى إيماني الضعيف و استجب لي يارب .
و ما هي إلا دقائق حتى سمع صوت المولود يصرخ ، و الطبيب يخبره إنها ولادة طبيعية و مارتينا بخير. ركع بيتر و شكر ربه و طلب منه أن يسامحه على ما مضى و وعده أن يعيش له ما تبقى من حياته ، و أن يترك أموره في يده واثقا أن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله