اعمل هذا، وأنت تستريح!
باع الشاب أنطونيوس كل ما يملكه ووزع نصيبه على الفقراء، مشتاقًا أن يتفرغ تمامًا للعبادة للَّه. كان سعيدًا بحياته الجديدة التي ظنها أنها بلا هم. ظن أنه يعيش كما في السماء مع الملائكة، لكنه سرعان ما بدأ يُحارب بالملل والضجر، وصارت الأفكار تهاجمه من جهة أمور كثيرة. صرخ الشاب إلى اللَّه: "يا رب إني أحب أن أخلص. لكن الأفكار لا تتركني، فماذا أصنع؟" صار ينتقل من موضعٍ إلى آخر، وهو في صغر نفسٍ وحيرةٍ عظيمة، لا يعرف ماذا يفعل. فجأة رأى رجلاً يجلس أمامه، وكان يضفر سعف نخلٍ لعمل سلالٍ أو حصرٍ وهو يردد اسم اللَّه. ثم توقف عن العمل ليقف ليصلي. وكان يكرر الأمر بين الحين وآخر. عرف الشاب أن الرجل هو ملاك الرب، وأدرك أن العمل جزء لا يتجزأ من العبادة، وأن عقل الكسلان معمل للشيطان. صار هذا مبدأ الرهبنة المصرية الأولى، العمل ضروري لا لاحتياجات الرهبان والفقراء فحسب، بل ولخلاص نفوسهم وأبديتهم. المؤمن الحقيقي لا يعرف الفراغ، فكل ثانية من حياته لها تقديرها. لا يتوقف عن العمل حتى النفس الأخير مادام له القدرة على ذلك. كثيرًا ما يهرب الشاب من الدراسة، خاصة في فترة الامتحانات بالمغالاة في العبادة، غير مدركٍ أن الاتزان والاعتدال هما الطريق الملوكي الآمن. الطالب الروحي يهتم بدراسته بكل جدية، حاسبًا دراسته وزنة تسلمها من يد اللَّه، يعمل بأمانة من أجل اللَّه! عمل عدو الخير هو بث روح التذمر، ففي أثناء الدراسة يظن الشاب أنه غير أمين في عبادته، فيشتهي الصلاة ودراسة الكتاب المقدس الخ.، وفي أثناء صلاته أو ممارسته العبادة يظن انه غير أمين في دراسته، فيشتهي أن يترك العبادة لأجل الدراسة. كن أمينًا في العمل الذي بين يديك أيا كان، وبحكمة تعطي ما لقيصر لقيصر وما للَّه للَّه! تداريب عملية |
V ليكن كتابك المقدس مفتوحًا على مكتبك، ليذكرك أنك في حضرة اللَّه. V بين كل مادة وأخرى، أو من حين إلى آخر صلِّ مزمورًا أو جزء من مزمور وأنت جالس على كرسيك. V إذا ما هاجمتك أفكار يأس أو ملل، صلِ إلى ثوانٍ بصوت تكاد أنت وحدك أن تسمعه، مثل: "هب لي الأمانة في هذا العمل"، "اسندني فأخلص". V إن هوجمت بأفكار خاصة بالدراسة أثناء صلواتك الخاصة أو العامة، أصرخ إلى اللَّه وأطلب عونه ليحرر فكرك من القلق. V هب لي روح الأمانة في كل الأمور، من يهبني الأمانة إلا أنت أيها الأمين الحق! V لأكن أمينًا في عملي كما في عبادتي، أمينًا مع الناس كما معك. V هب لي الشعور بحضورك في لحظات انهماكي في العمل. فتطمئن نفسي بك، وأعمل بقوتك! V لأسمع صوتك العذب: كنت أمينًا على القليل، فأقيمك على الكثير! |
--