أهو رئيس أركان ممتاز حقا؟
رؤوبين بدهتسور - هآرتس
15/ 09/ 2010
الفريق غابي اشكنازي هو رئيس أركان ممتاز. على هذا اجماع بين الساسة وبين أكثر المحللين والمراسلين العسكريين. قد يكون هذا. لكن السؤال كيف نقدر من هو رئيس الاركان الجيد. إن رئيس هيئة الاركان في اسرائيل هو الثاني في أهميته بعد رئيس الحكومة فقط، ولهذا توجد أهمية عظيمة لا للفحص عن نوعية أدائه فحسب بل لفهم تصوره للشؤون الاستراتيجية. ولما كان الجيش هو جهة التخطيط الوحيدة التي للحكومة سلطة عليها، يضطر وزراؤها الى الاتكال مرة بعد اخرى على توصياتها. ولما كان الجيش جسما تراتبيا، فان رئيس هيئة الاركان هو الذي يقرر آخر الأمر ما الذي يؤتى به أمام الحكومة. من المنطقي أن يكون لتصور رئيس الاركان العام تأثير في التوصيات التي يعرضها على الوزراء. ومن شبه المؤكد ان رئيس الاركان الذي يوجد بحسب تصوره العام احتمال ضئيل للتوصل الى تسوية سياسية مع أعدائنا – لن يوصي الحكومة باجراء محادثات سياسية، بل يفضل عرض بديل يفترض ان يحل المشكلة باستعمال القوة العسكرية. هكذا سلك رؤساء الاركان رفائيل في 1982 (حرب لبنان الاولى)، وشاؤول موفاز في ايلول 2000 (الانتفاضة الثانية) و دان حالوتس في تموز 2006 (حرب لبنان الثانية). ما هو تصور اشكنازي العام؟ لا نعلم. لا لأنه ليس عنده تصور كهذا بل لأنه في جميع سني ولايته رئاسة الاركان لم يجر مقابلة صحفية. يتمدح مؤيدوه بصمته. ويقولون إن رئيس الاركان يجب أن يقوم بعمله ولا يجري المقابلات الصحفية. هذا خطأ. فلقائد الجيش التزام أن يعرض تصوراته الاستراتيجية العامة على الجمهور. ليس الحديث عن قضية سياسية مثل: هل ينبغي انشاء دولة فلسطينية، بل عن قضايا مثل الميزان الاستراتيجي في الشرق الاوسط وكيف يجب ان تكون صورة الجيش (مثلا يهمنا رأيه في مسألة تجنيد طلاب المعاهد الدينية). رئيس الاركان شخصية عامة، ويفترض ان تؤثر آراؤه في النقاش العام. يجب على قائد الجيش ان يسمع رأيه عندما يهاجم المستوطنون جنودا في المناطق، بكونهم تحت ادارة عسكرية هي صاحبة السلطة هناك. لكن اشكنازي اختار الصمت. ومما يؤسف له جدا أن وسائل الاعلام غفرت له صمته بل شجعته. اشكنازي رئيس أركان ممتاز، يمدحه الجميع لانه أعاد بناء الجيش بعد حرب لبنان الثانية. وكيف نعلم هذا؟ على حسب أداء الجيش الاسرائيلي في عملية "الرصاص المصبوب". أجل، منذ دخل أشكنازي مكتب رئيس الاركان ملئت مخازن الطوارىء في الأجهزة القتالية، ودعي أناس الاحتياط الذين أهملت تدريباتهم مدة سنين الى التدريبات. لكن بخلاف ما صورته تقارير وسائل الاعلام الاسرائيلية، التي قالت ان الجيش الاسرائيلي أدى عمله على نحو شبه كامل في "الرصاص المصبوب" باستخلاصه دروس حرب لبنان – لم تجر بالفعل حتى معركة واحدة في أيام القتال الـ 22، لأن مقاتلي حماس لم يحاولوا قط وقف جنود الجيش الاسرائيلي وفضلوا الانسحاب بلا قتال. لهذا قد يكون الجيش الاسرائيلي أعيد بناؤه، لكن أداؤه في عملية "الرصاص المصبوب" ليس البرهان على ذلك. بقي أن نفحص عن أداء رئيس الاركان بكونه قائدا في ساعة امتحان. في الحالتين اللتين فحص عنه فيهما في فترة ولايته، لم يسجل نجاح خاص: ففي قضية الرحلة البحرية التركية أخفقت العملية العسكرية، ولا مناص من أن نشير الى رئيس الاركان بأنه يتحمل المسؤولية العليا عن الاخفاق. أما سلوك أشكنازي في قضية الوثيقة فيمكن أن نعرفه بأنه "اشكالي" في أحسن الحالات. لهذا قبل أن ننضم الى جوقة مدح رئيس الاركان، يحسن أن نقف وأن نسأل كيف تقاس نوعيته. ليس من المحقق أن فحصا عميقا عن أداء اشكنازي كان يجعله يحظى بلقب "رئيس أركان ممتاز".
--------------------------------------------------------------------------------