قصة روحية 0123
القناع
أما يوم الخميس فبسبب اجتماع الشباب ، فأنا لا أستطيع سوى اللحاق بآخر مسلسل فقط ، ولكني مجبر على حضور هذا الاجتماع ، ليس لأني أستفيد روحيا من الاجتماع ، ولكن لسبب مهم جدا ، فأنا معروف جيدا على مستوى الكنيسة وكل الخدام والآباء الكهنة يعرفوني جيدا ويدركون إني ولد مثالي ومرشح لأن أصبح خادم ، فمركزي في الكنيسة لا يسمح لي بأن أتغيب دون سبب ، وإذا حدث إن تغيبت فمن سوف يقود الترانيم سواي ( نسيت أن أذكر إنني أتمتع بصوت جميل لدرجة إني أرنم كل مرة في الاجتماع ولدرجة إن هناك شباب يحضرون الاجتماع فقط لسماع صوتي )
وصلت أخيرا البيت بعد عناء شديد وفتحت الباب وأنا ألهث و ....
" المسلسل بدأ ولا لسه !؟ " صرخت بهذه العبارة في وجه أختي ، قالت لي أختي غاضبة من طريقتي :" مش تسأل علي الأول و أنا تعبانة ومريضة " لم التفت إليها وأنا أتابع إعلان " (لابانيتا (LABANITA ) " ثم ....
ثم ابتدأ مسلسل ( فارس بلا جواد ) و كانت الأحداث مثيرة و ...
" قوم ذاكر ، كفاية تضييع وقت " وكان صوت ماما . ولكني تظاهرت إني لا أسمعها ، " قوم يا بني ، مش حتفلح السنة دى" ولكني قلت لها غاضبا منها بسبب إنها تمنعني من التركيز في المسلسل :" أنا حر ، أنا كبرت وبقيت في الكلية " و أخذت أتابع المسلسل و لكن .....
ولكن لفت انتباهي في المسلسل ما يقوم به البطل " حافظ نجيب "، فهو يقاوم الإنجليز ، وطريقته في ذلك فريدة ، فعنده موهبة غريبة ، فهو يقوم بصنع أقنعة يضعها على وجهه لكي يتنكر و لا يعرفه أحد. و خطر في بالي إنني أتفوق عليه في صنع الأقنعة و في التنكر.
قناع ألبسه عندما أذهب للكنيسة ، قناع كله هدوء و وداعة ، قناع الإنسان المتدين الوديع الطيب ، الكل يمدح في أدبه و طيبته وصوته الجميل الذي يجعل الخاطئ يتوب ، والذي عندما يرنم ، يبكي من شدة التأثر من كلام الترانيم.
و عندما يعود لبيته يخلع هذا القناع و يلبس قناع آخر ، قناع إنسان فظ يشخط في أخته و يرد بطريقة غير مهذبة على والدته و صوته الذي كان منذ دقائق جميلا ، يصبح عاليا مزعجا رهيبا.
و هناك قناع للكلية أيضا ، فعندما أذهب للكلية ، أتظاهر بأني مهتم جدا بصديقتي وأحرص على كتابة المحاضرات لها إذا تغيبت و أسأل عليها بكل اهتمام لأن والدها أستاذ مشهور بالكلية ، و لكن بيني وبين أصدقائي أقول إنها فتاة سخيفة و دمها تقيل.
و هناك قناع لأصدقائي ، فهناك أصدقاء الكنيسة ، أول ما أقابلهم ، نتكلم في تفسير رسالة بولس الرسول لأهل كولوسي و نتكلم عن محبة الله لنا و عن فرح أولاد الله و عن قداسات الصيام الكبير المعزية و عن الفرق بين الفتور الروحي والجفاف الروحي و عن لحن افلوجيمنوس و كي ايبرتو. و ... الخ
و هناك قناع للأصدقاء المستهترين ويبدأ الحديث عن أفلام السينما الجديدة و أحدث أغاني الفيديو كليب و عن البنات الفاتنات وعن .....
ياه ، كل دى أقنعة ، بس الغريب أني مش عارف أنا مين فيهم ، فعلا مش عارف و ...
بكيت ، بكيت بعد ما أحسست أني إنسان منافق مخادع ، فحتى لو استطعت أن أخفي حقيقتي بهذه الأقنعة و التنكر و مخادعة الناس ، فأنا لن أستطيع أن اخدع ربي وإلهي ، فهو الوحيد الذي يعرف حقيقتي.
يارب ، ساعدني ، ساعدني أنا أخلع الأقنعة التي تحيط بي ، أعرف إنه من الصعب جدا ولكني واثق إنك ستساعدني ، واثق أنك لن تتركني ، لا أعرف يارب لماذا أرتدي هذه الأقنعة ؟ هل لأني أريد أن أرضي كل الناس ؟ هل لكي أكسب ثقة الجميع ؟ و لكن هل إرضاء الناس أهم من إرضائك يارب ، ماذا سأنتفع بالناس وبآرائهم عندما أتركك يارب؟
ساعدني يارب ، ساعدني ، أشعر بضعفي ....
صديقي ، من المؤكد أن معظمنا نرتدي أقنعة كثيرة ، و لكن حان الوقت لخلع هذه الأقنعة ، و يجب أن يكون الآن قبل أن تصبح هذه الأقنعة وجها حقيقيا لنا و لا نستطيع أن نتركها.
فلو كنت بعد ارضي الناس لم اكن عبدا للمسيح ( غلا 1 : 10 )