بعد الخبز... الماء سيكون محور التظاهرات المقبلة
عبد الاله مجيد
GMT 13:00:00 2011 الإثنين 31 يناير
إذا كان الخبز وإرتفاع اسعار المواد الغذائية في طليعة المطالب التي نادى بها المتظاهرون في تونس ومصر واليمن والجزائر والمغرب، فإن المطالبة بالمياه ستكون المحور في السنوات المقبلة وفق دراسة حديثة.
كان الخبز وإرتفاع اسعار المواد الغذائية في مقدمة الشعارات التي رفعها المتظاهرون في تونس ومصر واليمن والجزائر والمغرب. ويتوقع مراقبون ان يستمر هذا الاتجاه وأن يتصاعد خلال السنوات المقبلة مع دخول عنصر مهم هو الماء.
يقف صعود الطبقات الوسطى في الأسواق الناشئة مقترنا بزيادة سكان العالم، وراء ارتفاع أسعار سلع أساسية مثل القمح والذرة والسكر. لكن الوضع سيزداد تفاقما مع شح المياه، السلعة الأكثر أهمية من كل السلع الأخرى.
ولاحظت دراسة نشرها الشهر الماضي مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن ان الماء يبقى سلعة أكثر إشكالية من الغذاء والوقود. وهو رغم رخص ثمنه في الحالة الطبيعية يكون باهظ الكلفة في معالجته وتنقيته ونقله، وخصوصاً بالمقادير المطلوبة للأغراض الزراعية.
وقالت الدراسة أن أزمات المياه التي حدثت في السابق كانت مؤقتة أو محدودة، لكن نضوب ماء الأرض في المستقبل سيكون على نطاق ضخم ودائم. واعتبرت الدراسة ان الماء يشكل موردا استراتيجيا في الشرق الأوسط التي تعد أكثر مناطق العالم شحا بالمياه. وذهبت الدراسة الى ان الشرارة الحقيقية للغليان السياسي والإجتماعي في المنطقة لن تكون الحروب أو الإرهاب أو الثورة بل الماء.
وتابعت الدراسة ان الأنماط الحالية لإستهلاك الماء تعكس الحقيقة الماثلة في ان المياه تتوفر مجاناً أو تكاد. ومن دون تعرفة على الماء تغطي التكاليف الإقتصادية لإنتاجه، والكلفة الإجتماعية لإستهلاكه، فإن تغييرا يُعتد به لن يحدث في هذه الأنماط. لكن حكومات المنطقة وظفت كل جهودها في الحفاظ على مستوى الإمداد والعرض بدلا من خفض الطلب.
وجاء في الدراسة ان الثورة الخضراء في الشرق الأوسط أوجدت وضعا تستهلك فيه الزراعة الآن ما بين 65 و90 في المئة من الماء على الصعيد الوطني في عموم المنطقة. لكن الكثير من الماء الذي يُستخدم في الزراعة يأتي من مكامن جوفية لا يمكن تجديدها أو رفدها. ويعني هذا تناقص إمدادات المياه وفي بعض الحالات تزداد ملوحته بحيث لا تعود صالحة للزراعة أو الشرب.
إزاء هذا الوضع لا بد من كبح الطلب بزيادة سعر الماء، لكن إجراء كهذا يمكن ان يفجر إضطرابات اجتماعية على غرار ما شاهدناه خلال الأسابيع الماضية.
وفي هذا الإطار تشير صحيفة الديلي تلغراف الى ان اليمن يأتي بالمرتبة الثانية بين دول العالم في زيادة السكان. كما أنه يعاني من شح المياه بل من المتوقع ان تستنزف العاصمة صنعاء كل مواردها من المياه الجوفية في غضون ست سنوات. ويزيد ما يخرج من حوض المدينة النهري أربع مرات على ما يدخله عن طريق الترسب. وتقول الصحيفة إن هذا يعني ان صنعاء ستكون أول عاصمة في العالم ينتهي ماؤها.
الى جانب الحد من الطلب ستكون تحلية الماء عاملا بالغ الأهمية في حل مشاكل المنطقة، ولكن تحلية الماء عملية مكلفة وتتسم بكثافة ما تستهلكه من طاقة. وهذه كلها أثمان قد لا يكون اليمن قادرا على تحملها.
ويرى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان الطاقة النووية التي تولد كميات كبيرة من الحرارة قد توفر الحل لهذه المعضلة. لكن تحلية الماء بالطاقة النووية ليست فكرة جديدة. فإن مفاعلا على ساحل بحر قزوين في كازخستان كان ينتج يوميا 135 ميغاواط من الكهرباء و80 الف متر مكعب من ماء الشرب عندما أُغلق بعد انتهاء صلاحيته. وإذ يكلف بناء منشأة نووية جديدة اكثر من 1.5 مليار جنيه استرليني، سيتعين على اليمن ان يجد المال إذا اختار السير في هذا الطريق.
عبد الاله مجيد
GMT 13:00:00 2011 الإثنين 31 يناير
إذا كان الخبز وإرتفاع اسعار المواد الغذائية في طليعة المطالب التي نادى بها المتظاهرون في تونس ومصر واليمن والجزائر والمغرب، فإن المطالبة بالمياه ستكون المحور في السنوات المقبلة وفق دراسة حديثة.
كان الخبز وإرتفاع اسعار المواد الغذائية في مقدمة الشعارات التي رفعها المتظاهرون في تونس ومصر واليمن والجزائر والمغرب. ويتوقع مراقبون ان يستمر هذا الاتجاه وأن يتصاعد خلال السنوات المقبلة مع دخول عنصر مهم هو الماء.
يقف صعود الطبقات الوسطى في الأسواق الناشئة مقترنا بزيادة سكان العالم، وراء ارتفاع أسعار سلع أساسية مثل القمح والذرة والسكر. لكن الوضع سيزداد تفاقما مع شح المياه، السلعة الأكثر أهمية من كل السلع الأخرى.
ولاحظت دراسة نشرها الشهر الماضي مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن ان الماء يبقى سلعة أكثر إشكالية من الغذاء والوقود. وهو رغم رخص ثمنه في الحالة الطبيعية يكون باهظ الكلفة في معالجته وتنقيته ونقله، وخصوصاً بالمقادير المطلوبة للأغراض الزراعية.
وقالت الدراسة أن أزمات المياه التي حدثت في السابق كانت مؤقتة أو محدودة، لكن نضوب ماء الأرض في المستقبل سيكون على نطاق ضخم ودائم. واعتبرت الدراسة ان الماء يشكل موردا استراتيجيا في الشرق الأوسط التي تعد أكثر مناطق العالم شحا بالمياه. وذهبت الدراسة الى ان الشرارة الحقيقية للغليان السياسي والإجتماعي في المنطقة لن تكون الحروب أو الإرهاب أو الثورة بل الماء.
وتابعت الدراسة ان الأنماط الحالية لإستهلاك الماء تعكس الحقيقة الماثلة في ان المياه تتوفر مجاناً أو تكاد. ومن دون تعرفة على الماء تغطي التكاليف الإقتصادية لإنتاجه، والكلفة الإجتماعية لإستهلاكه، فإن تغييرا يُعتد به لن يحدث في هذه الأنماط. لكن حكومات المنطقة وظفت كل جهودها في الحفاظ على مستوى الإمداد والعرض بدلا من خفض الطلب.
وجاء في الدراسة ان الثورة الخضراء في الشرق الأوسط أوجدت وضعا تستهلك فيه الزراعة الآن ما بين 65 و90 في المئة من الماء على الصعيد الوطني في عموم المنطقة. لكن الكثير من الماء الذي يُستخدم في الزراعة يأتي من مكامن جوفية لا يمكن تجديدها أو رفدها. ويعني هذا تناقص إمدادات المياه وفي بعض الحالات تزداد ملوحته بحيث لا تعود صالحة للزراعة أو الشرب.
إزاء هذا الوضع لا بد من كبح الطلب بزيادة سعر الماء، لكن إجراء كهذا يمكن ان يفجر إضطرابات اجتماعية على غرار ما شاهدناه خلال الأسابيع الماضية.
وفي هذا الإطار تشير صحيفة الديلي تلغراف الى ان اليمن يأتي بالمرتبة الثانية بين دول العالم في زيادة السكان. كما أنه يعاني من شح المياه بل من المتوقع ان تستنزف العاصمة صنعاء كل مواردها من المياه الجوفية في غضون ست سنوات. ويزيد ما يخرج من حوض المدينة النهري أربع مرات على ما يدخله عن طريق الترسب. وتقول الصحيفة إن هذا يعني ان صنعاء ستكون أول عاصمة في العالم ينتهي ماؤها.
الى جانب الحد من الطلب ستكون تحلية الماء عاملا بالغ الأهمية في حل مشاكل المنطقة، ولكن تحلية الماء عملية مكلفة وتتسم بكثافة ما تستهلكه من طاقة. وهذه كلها أثمان قد لا يكون اليمن قادرا على تحملها.
ويرى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان الطاقة النووية التي تولد كميات كبيرة من الحرارة قد توفر الحل لهذه المعضلة. لكن تحلية الماء بالطاقة النووية ليست فكرة جديدة. فإن مفاعلا على ساحل بحر قزوين في كازخستان كان ينتج يوميا 135 ميغاواط من الكهرباء و80 الف متر مكعب من ماء الشرب عندما أُغلق بعد انتهاء صلاحيته. وإذ يكلف بناء منشأة نووية جديدة اكثر من 1.5 مليار جنيه استرليني، سيتعين على اليمن ان يجد المال إذا اختار السير في هذا الطريق.