- كيف تؤدى الصلاة في خشوع ؟
الخشوع يعني "الخوف المقرون بالاحترام الشديد"، وأداء
الصلاة في خشوع يعني الإحساس بالخوف والرهبة أمام الحضرة الإلهية، بحيث
يشعر العبد بهيبة الله سبحانه وتعالى أثناء أدائه للعبادة. ولا شك أن العبد
الذي يشعر أنه يقف أمام رب العالمين يكون في وضع العبد الذليل الخائف،
ولكنه خوف مقرون بالاحترام وهذا ما يجعل العبد أكثر قربا من الله تعالى.
وينبغي للعبد المؤمن الذي يريد أن يؤدي عبادته في خشوع أن يمنع عن ذهنه كل
ما يعطل صفاءه و يكدر خشوعه، ويجب عليه كذلك أن يحرص على توفير ما أمكن من
السكينة والتركيز حتى يحقق هذه الغاية.
وعند الوقوف أمام الله تعالى ينبغي أن
لا نذكر سواه ، ويجب كذلك أن ننزهه سبحانه عن كل نقص وننسب إليه كل صفات
الكمال، ولتحقيق هذا الأمر على الوجه الأكمل فإن الصلاة تمثل أفضل فرصة
لذلك. وتنبهنا الآية التالية إلى أن الله أمرنا بالصلاة لكي نذكره بذلك: (
إِنَّني أَنَا الله لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ
الصَّلاَةَ لِذِكْرِي) طه-الآية 14.
- ما الذي ينبغي على الإنسان الذي شرع في حياة الإيمان أن يغيره في نفسه؟
إن الإنسان الذي بدأ حديثا في حياة الإيمان عليه أن يطيع
الله تعالى ما استطاع وأن يؤدي عباداته على النحو الذي أمره به الله عز
وجل، والمهم أيضا في هذه الحياة الجديدة أن يستمع باستمرار إلى صوت ضميره
الحي الذي يوجهه دائما إلى الخير والبر. ومعلوم أن الإنسان قبل أن يعرف
الدين وتعاليمه يكون قد ألف حياة مختلفة، بيد أن هذه الحياة الجديدة تطلب
منه كذلك أن يستمر في التحلي ببغض الخصال الأخلاق الفاضلة التي دأب عليها
من قبل، وعليه في النقابل أن يهجر على الفور كل ما نهى عنه القرآن الكريم،
فليس صحيحا أن ينغلق المؤمنون على بعضهم البعض ويتخذوا لأنفسهم شكل حياة
بعيد عن الآخرين. إن المقياس في كل هذه الأمور هو فضائل القرآن الكريم
والأنبياء والمرسلين والصالحين من المؤمنين.
- بعد أن شرعت في حياة إيمانية جديدة هل أحاسب على ما اقترفت قبل ذلك من ذنوب؟
إن الإنسان يعتبر جاهلا بالدين ما لم
يأته نذير، ذلك أنه في هذه الحالة لا يعرف ما هو الصحيح وما هو الخطأ،
ولهذا فإن المطلوب من كل مؤمن بعد التوبة أن يعزم على هجر المعاصي وطلب
المغفرة من الله تعالى، وإذا صدق في ذلك فلا يبقى عليه وزر بعد ذلك. فالمهم
هنا أن لا يصر العبد على المعصية وارتكاب الذنوب. وفي هذا يبشر الله تعالى
عباده المؤمنين بما يلي: (وَالذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الذِي
كَانُوا يَعْمَلُونَ) العنكبوت-الآية 7.
إنّ طاعة الله والقيام بالعبادات المفروضة تقود الإنسان
بالتأكيد إلى حياة كلها سعادة، ذلك أن المؤمن بالتزامه بدينه وبأخلاق
الإسلام والإيمان تخلق منه إنسانا آخر يختلف تماما عما كان عليه حاله قبل
ذلك فتحسن أخلاقه وتتعزز عنده الفضائل وتتكون لديه شخصية مبنية على الأسس
الإيمانية فتقييمه للامور إنما ينطلق من هذه الأسس. فجميع جوانب حياته تكيف
وفق هذه المفاهيم الإيمانية. فالقرآن ينبغي أن يكون هو المقياس في الحكم
على الأشياء والنظر إلى الأمور، والذين ينبغي الاقتداء بهم هم الأنبياء
والمؤمنون الصالحون والأتقياء الذين ضرب الله بهم الأمثال.63
- هل من الضروري شرح أخلاقيات الإسلام لغير المسلمين ؟
لقد كلف الله تعالى جميع البشر أن
يلتزموا بتعاليم الدين الإسلامي، وكل شخص في هذ الدنيا بلغه هذا الدين سوف
يحاسب يوم القيامة فيما إذا اتبع ما جاء به القرآن الكريم أم سار على هواه.
ولهذا فإن كل من أنعم الله عليه بمعرفة هذا الدين عليه أن يبلغ فضائله
وأخلاقه إلى غيره من الناس، هذه الأخلاق التي تأمر بفعل الحسنات وترك
المنكرات والسيئات. وقد أمر الله تعالى عباده فقال سبحانه: (وَلتَكُنْ
مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ أُولَئِكَ هُم المُفْلِحُونَ) آل عمرا-الآية
104.
- ما هو الصبر الذي يمتدحه الله تعالى؟
إن الدين الإسلامي يحث المرء على الصبر لوجه الله تعالى، فنحن مأمورون بذلك في هذه الآية: (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) المدثر-الآية7 .
والصبر من الخصال الحميدة للمؤمن الذي يلتزم بالخلق
القرآني ويلتزم كذلك بالقيام بالأعمال الصالحة ابتغاء مرضاة الله تعالى.
ولكننا يجب أن نفرق بين الصبر و"التحمل". فالتحمل هو بذل الجهد لتحمل
المشقة والتعب الشديد. أما الصبر الذي يعنيه القرآن الكريم فهو لا يعتبر
مصدر قلق وإزعاج للمؤمن، فهو يصبر لكي ينال الأجر من الله تعالى ولا يشعر
بسبب ذلك بأي ألم بل على العكس من ذلك ربما فإنه يحصل على متعة روحية من
هذا الصبر. والصبر ليس بصعب على المؤمنين.
والصبر يشمل جميع الأخلاق الكريمة والميزات الرفيعة
المذكورة في القرآن. فالمؤمن يمكن أن يكون متواضعاً وكريما ومضحياً
ومطيعاً, ويمكن لهذه الخصال أن تكون ذات قيمة عظيمة بالفعل إذا ما حفظها
بالصبر. وهذا يعني أن الصبر يضفي سموا على جميع أخلاق المؤمن الأخرى.
- ماذا يعني "التوكل"؟
الثقة بالله تعني الركون إليه، ونحن نعلم أن كل شيء على
الأرض يحدث بمعرفته وعلمه. وأنه لا يمكن لأحد أن ينفع أو يضر غيره إلا
بإرادة الله تعالى. فالمؤمنون يعلمون أن الله سبحانه أمره بين الكاف والنون
يقول للامر كن فيكون، والمؤمنون لا يفقدون العزم عند الصعاب، فهم يعلمون
أن الله معهم أينما كانوا وهم يعلمون أن الله سبحانه يريد لهم السعادة في
الدنيا وفي الآخرة، فهم مطمئنون إلى هذا لما لهم من العلم في ذلك.
والمطلوب من المؤمن هو أن يقدم ما عليه
لأجل مرضاة الله عند المصائب والشدائد ومن ثم ينتظر النتيجة من الله. و في
الآية الكريمة تم ذكر هذا السر العظيم كما يلي: (وَمَنْ يَتَّقِ الله
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِب وَمَنْ
يَتَوَكَّل عَلَى الله فَهوَ حَسْبُهُ إِنَّ الله بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ
جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) الطلاق-الآية 2-3.
- ما هي التقوى ؟ ومن هم المتقون ؟
التقوى هي اتباع ما أمر به الله تعالى
واجتناب ما نهى عنه من قول وعمل، والمؤمنين الصادقون في إيمانهم الذين
يلتزمون بمخافة الله وخشيته يطلق عليهم "المتقون" في القرآن الكريم.
وينبهنا الله سبحانه وتعالى إلى أهمية التقوى: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ
خَيْرٍ يَعْلَمهُ الله وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى
وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلبَابِ) البقرة-الآية 197.
- حسب ماذا يكون التفوق عند الله تعالى؟
إن الفوزعند الله تعالى لا يعتمد على الكثرة في الأموال
أو على الجاه والمناصب أو على أي شيء آخر من أمور الدنيا وإنما على مقدار
قرب العبد من ربه وخشيته له, بمعنى مقدار تقواه:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله
عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات-الآية 13.
- كيف يكون التفكّر العميق ؟
إنّ من أهم صفات المؤمنين هي قدرتهم على تبين آيات الله
التي خلقها في الكون، فالمؤمن يرى قدرة الخالق سبحانه وبراعة تصميمه في كل
شيء من حوله. وعندما يرى المؤمن ذلك فإنه يسبح ربه ويمجده ويكون هذا طريقا
للتقرب منه سبحانه أكثر فأكثر. و قد مدح القرآن الكريم هؤلاء المؤمنين في
عديد الآيات، ومن ذلك:
(الذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا
وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا
عَذَابَ النَّارِ) آل عمران-الآية 191.
ينبه الله تعالى المؤمنين إلى أهمية التفكر والتأمل
العميق في الكون، بقوله سبحانه "أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ"، و" "إنّ في ذلك
لآيات لأولي الألباب". وهناك أشياء لا حصر لها يمكن للمرء أن يتأمل فيها،
ومن هذه الأشياء, النظام العجيب في الكون والمخلوقات على الأرض, والأنظمة
الرائعة التي تعمل داخل هذه الكائنات. فكل ما يراه المؤمن مما خلق الله
تعالى, مثل النعم الكثيرة التي من بها على عباده، وخلق الجنة والنار
والخلود، كل هذا يجعل الإنسان أكثر إيمانا وأرجح عقلا.
- الانسجام بين الدين والعلم
إنه لا تناقض على الإطلاق بين الدين والعلم، فالله تعالى
هو الذي خلق كلا من الدين والعلم، والقرآن الذي أنزل قبل 1400 عام يحتوي
على آيات تشير إلى حقائق علمية كبيرة اكتشفهاالعلم الحديث بوسائله التقنية
والتكنتولوجية المتطورة وثبتت صحتها في القرن العشرين. وفكرة التناقض بين
الدين والعلم هي مجرد كذبة أوجدها أولئك الذين لا يؤمنون بوجود الله، وكان
هدفهم هو زرع الشكوك في عقول الناس بشأن الدين.
- من هم العلماء الذين يؤمنون بالله وبالدين ؟
إن الكثير ممن يقومون بالأبحاث العلمية يشاهدون بأم
أعينهم وبتفصيل كامل البنية المعقدة والعجيبة والنظام الرائع في الكائنات
الحية. إنّ هؤلاء الأشخاص يصلون إلى النهاية الحتمية والى إدراك الحقيقة
الكبرى وهي وجود الله عز وجل، ولذلك قال تعالى:
(إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ) فاطر-الآية 28.
ونحن لا نفاجأ عندما نعرف أن هناك العديد من العلماء
المشهورين في أيامنا هذه وفي الأزمنة الماضية اشتهروا بقوة إيمانهم بالله
وبتضحيتهم في سبيل الدين ومن هؤلاء: آينشتاين- نيوتن-باسكال جاليليو- ماكس
بلانك- فاراداي -كيلفن- ماكسويل- كبلر- وليم تومسون- روبرت بويل- أيونا
وليم بيتي- مايكل فاراداي- جريجوري ماندل- لويس باستور- جون دالتون- بليز
باسكال- جون راي...
وفي أيامنا هذه, هناك العديد من العلماء الذين يؤكدون
وجود الله، بل إن هناك من يعتبر أن العلم وسيلة للإيمان بالله. ولعل تزايد
انتشار التيارات التي تقول بفكرة "الخلق" أو "التصميم الواعي" في الولايات
المتحدة هذه الأيام هو أهم تلك المؤشرات.
- كيف نشكر الله تعالى؟
إن شكر الله على نعنه التي أنعم بها علينا هو من أهم
الأعمال العباددية، فنحن لا نكتفي بشكره بالكلام واللسان إلى الشكر بالفعل,
فعلينا أن نستخدم هذه النعم على النحو الذي يرضي الله تعالى. مثل الأعمال
الخيرية مع مراعاة عدم التبذير. فهذا الشكل يمكن أن يكون شكلا من أشكال
الحمد، وعلى الفرد أيضا أن يعلم أنه فقير إلى الله تعالى محتاج إلى رحمته،
فالعبد لا يضمن ما بين يديه، وعليه أن يشكر الله على ما عنده ويسأله
الزيادة من فضله. وفي ذلك يقول تعالى:
(فَكُلُوُا مِمَّا رَزَقَكُمْ الله حَلاَلاً طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ الله إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبدُونَ) النحل (114)
- ماهي طبيعة وجود الشيطان؟
إبليس هو واحد من الجن الذين خلقهم الله، فبعد أن خلق
الله تعالى آدم علية السلام, و كان أول البشر, أمر الله تعالى الملائكة أن
يسجدوا له، ومن بينهم إبليس الذي رفض أن يسجد وقال:
( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين) الحجر-الآية 39.
- كيف يصل إبليس إلى الناس؟ و بأي الطرق يحاول أن يضلهم ؟
ذكر الله تعالى أن إبليس يوسوس في صدور الناس وقلوبهم:
(مِنْ شَرِّ الوَسْوَاسِ الخَنَّاسِ الذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) الناس-الآية 4.
وهذه هي أفضل طريقة يصل بها لتحقيق غايته. وكثير من
الناس لا يدركون أن الأفكار التي ترد إلى عقولهم هي من إبليس. فهم يعتقدون
أن كل أفكارهم من عند أنفسهم. وعلى سبيل المثال, إذا كان هناك شخص يتعلم
الإسلام حديثا, فإنه يكون هدفا مناسبا للشيطان، إذ يقوم بالتأثير عليه
ليجعل الدين صعبا بنظره، أو أن يقول له إنّ ما يقوم به كاف, وأنه لا حاجة
لإرهاق نفسه في العبادات. ويمكن لهذا الشخص أن يصدق هذا الأمر. كما يمكن
للشيطان أن يبث أحاسيس الخوف والقلق والتوتر والإحباط في قلوب الناس الأمر
الذي يرهق طاقاتهم. كما يحاول إبليس منعهم من فعل الخير ومن التفكير
السليم.
ويجب ألا ننسى أن تأثير إبليس على الناس يرتكز على جذور كل الشرور و الحروب و المذابح و الفسق في العالم.
- هل للشيطان قوة خاصة به؟
إن أهم نقطة يجب فهمها عن الشيطان أنه لا يمتلك قوى خاصة
به مثله مثل جميع الكائنات الأخرى، فهو مخلوق خلقه الله تعالى وهو تحت
سيطرته. فلا يمكنه القيام بشيء إلا بمشيئة الله، فالشيطان يسعى جهده لإبعاد
الناس عن الحق ودفعهم إلى الإشراك بالله تعالى. وهكذا يختبر الله الناس
ليعلم من يتبع الهدى ممن هو في ضلال مبين، فالهدف من خلق الشيطان هو اختبار
الإنسان في هذه الحياة. وقد ذكر الله هذه الحقيقة فقال تعالى:
(وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ
سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ
مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) سبأ-الآية 21.
- من هم الذين لا سلطان للشيطان عليهم ؟
إن الشيطان لا يؤثر على المؤمنين الصادقين، وقد أخبرنا الله بهذه الحقيقة في الآيتان 99- 100 من سورة النحل:
(إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّّمَا
سُلْطَانُهُ عَلَى الذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالذِينَ هُمْ بِهِ
مُشْرِكُونَ) النحل-الآية 99-100.
- ما هو "دين الجاهل"؟
(أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْمًا لِقَومٍ يُوقِنُونَ) المائدة-الآية 50.
إن ثمة "دينا" عاما تتبناه كثير من المجتمعات بغض النظر
عن آيديولوجياتها أو فلسفتها أو نظرتها للحياة، وهذا الدين في الحقيقة هو
الطريق البعيد عن الحق. وقد تكونت لدى هذه المجتمعات قيم أخلاقية ومفاهيم
فكرية وطريقة في الحياة من خلال التراكم الفكري عبر الزمن . ويطلق على هذ
الدين "دين الجاهل".
وأهم ميزات الناس الذين يحيون بهذا الدين هو حرصهم
المستمر على إرضاء المجتمع الذي يعيشون فيه وليس رضى الله، وحياتهم كلها
أقيمت على هذا الأساس.
والأمر المتوقع من الأشخاص الذين يعيشون في هذه
المجتمعات هو أن يبحث كل واحد عن الشهرة وذلك من خلال جملة من الأخلاق
والتصرفات التي تميزهم عن غيرهم. فهمهم الكبير أن يلقوا القبول من قبل
المجتمع وأن يشار إليهم بالبنان.
- هل اتباع سلوك ما من قبل الأغلبية هو بالضرورة صحيح؟
إن القناعة المنتشرة في المجتمعات التي تكون بعيدة عن
الله تعالى تتمثل في كون ما يقوم به غالب المجتمع هو الأمر الصحيح. وهذا
فهم بعيد تماما عن الحق. فقد أخبرنا الله في القرآن عن هذا الأمر فقال
تعالى:
( وَمَا أَكْثرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) يوسف-الآية 103.
وقد بين سبحانه وتعالى في كثير من آيات القرآن الكريم أن
مآل من يتبع المشركين هو الخسران. ومن هذا, فنحن نفهم أنه في كل عصر يكون
المؤمنون هم القلة، والشاردون عن دين الله هم الأغلبية، وهذا يجعل منزلة
هؤلاء المؤمنين منزلة عالية وشريفة عند الله تعالى في مقابل وضاعة منزلة من
كفروا وأشركوا.
- ماذا يجب على الإنسان أن يفعل حتى يتخلى عن "دين الجاهل"؟
إن طريق النجاة من هذا النظام المبني على إنكار و جود
الله أولا هو طلب مرضاة الله وحده ومن ثم محاولة الالتزام بالسير في الطريق
الذي رسمه الله لعباده المؤمنين من خلال آيات القرآن الكريم. فالشخص الذي
يحيى وفق تعاليم القرآن يبتعد تلقائيا عن الأخلاق السيئة والأفعال غير
المقبولة لدى المجتمع الذي يعيش فيه.
- ما الفرق بين الحكمة والذكاء؟
إنّ الحكمة ميزة من ميزات المؤمنين، وهناك فرق كبير بين
الحكمة كما هي ممثلة بشكل عام في المجتمع وبين الحكمة التي يكون مصدرها
الدين. والحكمة المذكورة في القرآن تختلف تماما عن الذكاء، فالذكاء هو قدرة
الفكر التي يكتسبها بيولوجيا. والذكاء لا يزداد ولا ينقص ولكن الحكمة تمنح
للمؤمنين باعتبارها نعمة عظيمة، وتزداد الحكمة لدى المؤمن بمقدار ازدياد
تقواه.
ومن أهم صفات الإنسان الحكيم هي خشيته لله ومراقبته
لأعماله واهتمامه بها طيلة الوقت. والتزامه تقوى الله تعالى فيزن كل أعماله
بميزان القرآن الكريم. فهو يطلب مرضاة الله في كل لحظة، ولا يمكن لفرد ما,
حتى وإن كان أذكى وأعلم واحد على وجهة الأرض, لا يمكنه امتلاك "الحكمة" إن
لم يكن عنده هذا العمق الديني, فإن أعوزه الفهم السليم فلن يستطيع أن يرى
الكثير من الحقائق. وقد ذكر الله تعالى نتيجة من لا يستعملون عقولهم فقال:
( إنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ الله الصُّمُّ البُكْمُ الذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) الأنفال –الآية 22.
فالإنسان الحكيم يكون لديه بعد نظر، ويتخذ قرارات صحيحة
ومناسبة، والحكمة تمكنه من فهم عميق للأحداث, وسبر أغوارها التي لا يراها
غيره من الناس.
- ما هي العوامل التي تحجب حكمة الإنسان؟
إن ما يفسد قلب الإنسان وعقله هو شهواته ورغباته
وطموحاته الجامحة. فعلى سبيل المثال, يخاف الإنسان من المستقبل ويتمسك
بلاحدود بالحياة الدنيا, هي أمور تسكن في عقول الكثيرين وتمنعهم من التفكير
في حقيقة الأشياء، مثل عظمة الخالق وإبداع الخلق. وقد نبهنا الله تعالى
إلى أن النجاح والفوز إنما يكون بغلبة النفس والتحكم فيها:
(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
وَلَو كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَؤُلَئِكَ هُم
المُفْلِحُونَ) الحشر-الآية 9.
الخشوع يعني "الخوف المقرون بالاحترام الشديد"، وأداء
الصلاة في خشوع يعني الإحساس بالخوف والرهبة أمام الحضرة الإلهية، بحيث
يشعر العبد بهيبة الله سبحانه وتعالى أثناء أدائه للعبادة. ولا شك أن العبد
الذي يشعر أنه يقف أمام رب العالمين يكون في وضع العبد الذليل الخائف،
ولكنه خوف مقرون بالاحترام وهذا ما يجعل العبد أكثر قربا من الله تعالى.
وينبغي للعبد المؤمن الذي يريد أن يؤدي عبادته في خشوع أن يمنع عن ذهنه كل
ما يعطل صفاءه و يكدر خشوعه، ويجب عليه كذلك أن يحرص على توفير ما أمكن من
السكينة والتركيز حتى يحقق هذه الغاية.
وعند الوقوف أمام الله تعالى ينبغي أن
لا نذكر سواه ، ويجب كذلك أن ننزهه سبحانه عن كل نقص وننسب إليه كل صفات
الكمال، ولتحقيق هذا الأمر على الوجه الأكمل فإن الصلاة تمثل أفضل فرصة
لذلك. وتنبهنا الآية التالية إلى أن الله أمرنا بالصلاة لكي نذكره بذلك: (
إِنَّني أَنَا الله لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ
الصَّلاَةَ لِذِكْرِي) طه-الآية 14.
- ما الذي ينبغي على الإنسان الذي شرع في حياة الإيمان أن يغيره في نفسه؟
إن الإنسان الذي بدأ حديثا في حياة الإيمان عليه أن يطيع
الله تعالى ما استطاع وأن يؤدي عباداته على النحو الذي أمره به الله عز
وجل، والمهم أيضا في هذه الحياة الجديدة أن يستمع باستمرار إلى صوت ضميره
الحي الذي يوجهه دائما إلى الخير والبر. ومعلوم أن الإنسان قبل أن يعرف
الدين وتعاليمه يكون قد ألف حياة مختلفة، بيد أن هذه الحياة الجديدة تطلب
منه كذلك أن يستمر في التحلي ببغض الخصال الأخلاق الفاضلة التي دأب عليها
من قبل، وعليه في النقابل أن يهجر على الفور كل ما نهى عنه القرآن الكريم،
فليس صحيحا أن ينغلق المؤمنون على بعضهم البعض ويتخذوا لأنفسهم شكل حياة
بعيد عن الآخرين. إن المقياس في كل هذه الأمور هو فضائل القرآن الكريم
والأنبياء والمرسلين والصالحين من المؤمنين.
- بعد أن شرعت في حياة إيمانية جديدة هل أحاسب على ما اقترفت قبل ذلك من ذنوب؟
إن الإنسان يعتبر جاهلا بالدين ما لم
يأته نذير، ذلك أنه في هذه الحالة لا يعرف ما هو الصحيح وما هو الخطأ،
ولهذا فإن المطلوب من كل مؤمن بعد التوبة أن يعزم على هجر المعاصي وطلب
المغفرة من الله تعالى، وإذا صدق في ذلك فلا يبقى عليه وزر بعد ذلك. فالمهم
هنا أن لا يصر العبد على المعصية وارتكاب الذنوب. وفي هذا يبشر الله تعالى
عباده المؤمنين بما يلي: (وَالذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الذِي
كَانُوا يَعْمَلُونَ) العنكبوت-الآية 7.
إنّ طاعة الله والقيام بالعبادات المفروضة تقود الإنسان
بالتأكيد إلى حياة كلها سعادة، ذلك أن المؤمن بالتزامه بدينه وبأخلاق
الإسلام والإيمان تخلق منه إنسانا آخر يختلف تماما عما كان عليه حاله قبل
ذلك فتحسن أخلاقه وتتعزز عنده الفضائل وتتكون لديه شخصية مبنية على الأسس
الإيمانية فتقييمه للامور إنما ينطلق من هذه الأسس. فجميع جوانب حياته تكيف
وفق هذه المفاهيم الإيمانية. فالقرآن ينبغي أن يكون هو المقياس في الحكم
على الأشياء والنظر إلى الأمور، والذين ينبغي الاقتداء بهم هم الأنبياء
والمؤمنون الصالحون والأتقياء الذين ضرب الله بهم الأمثال.63
- هل من الضروري شرح أخلاقيات الإسلام لغير المسلمين ؟
لقد كلف الله تعالى جميع البشر أن
يلتزموا بتعاليم الدين الإسلامي، وكل شخص في هذ الدنيا بلغه هذا الدين سوف
يحاسب يوم القيامة فيما إذا اتبع ما جاء به القرآن الكريم أم سار على هواه.
ولهذا فإن كل من أنعم الله عليه بمعرفة هذا الدين عليه أن يبلغ فضائله
وأخلاقه إلى غيره من الناس، هذه الأخلاق التي تأمر بفعل الحسنات وترك
المنكرات والسيئات. وقد أمر الله تعالى عباده فقال سبحانه: (وَلتَكُنْ
مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ أُولَئِكَ هُم المُفْلِحُونَ) آل عمرا-الآية
104.
- ما هو الصبر الذي يمتدحه الله تعالى؟
إن الدين الإسلامي يحث المرء على الصبر لوجه الله تعالى، فنحن مأمورون بذلك في هذه الآية: (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) المدثر-الآية7 .
والصبر من الخصال الحميدة للمؤمن الذي يلتزم بالخلق
القرآني ويلتزم كذلك بالقيام بالأعمال الصالحة ابتغاء مرضاة الله تعالى.
ولكننا يجب أن نفرق بين الصبر و"التحمل". فالتحمل هو بذل الجهد لتحمل
المشقة والتعب الشديد. أما الصبر الذي يعنيه القرآن الكريم فهو لا يعتبر
مصدر قلق وإزعاج للمؤمن، فهو يصبر لكي ينال الأجر من الله تعالى ولا يشعر
بسبب ذلك بأي ألم بل على العكس من ذلك ربما فإنه يحصل على متعة روحية من
هذا الصبر. والصبر ليس بصعب على المؤمنين.
والصبر يشمل جميع الأخلاق الكريمة والميزات الرفيعة
المذكورة في القرآن. فالمؤمن يمكن أن يكون متواضعاً وكريما ومضحياً
ومطيعاً, ويمكن لهذه الخصال أن تكون ذات قيمة عظيمة بالفعل إذا ما حفظها
بالصبر. وهذا يعني أن الصبر يضفي سموا على جميع أخلاق المؤمن الأخرى.
- ماذا يعني "التوكل"؟
الثقة بالله تعني الركون إليه، ونحن نعلم أن كل شيء على
الأرض يحدث بمعرفته وعلمه. وأنه لا يمكن لأحد أن ينفع أو يضر غيره إلا
بإرادة الله تعالى. فالمؤمنون يعلمون أن الله سبحانه أمره بين الكاف والنون
يقول للامر كن فيكون، والمؤمنون لا يفقدون العزم عند الصعاب، فهم يعلمون
أن الله معهم أينما كانوا وهم يعلمون أن الله سبحانه يريد لهم السعادة في
الدنيا وفي الآخرة، فهم مطمئنون إلى هذا لما لهم من العلم في ذلك.
والمطلوب من المؤمن هو أن يقدم ما عليه
لأجل مرضاة الله عند المصائب والشدائد ومن ثم ينتظر النتيجة من الله. و في
الآية الكريمة تم ذكر هذا السر العظيم كما يلي: (وَمَنْ يَتَّقِ الله
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِب وَمَنْ
يَتَوَكَّل عَلَى الله فَهوَ حَسْبُهُ إِنَّ الله بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ
جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) الطلاق-الآية 2-3.
- ما هي التقوى ؟ ومن هم المتقون ؟
التقوى هي اتباع ما أمر به الله تعالى
واجتناب ما نهى عنه من قول وعمل، والمؤمنين الصادقون في إيمانهم الذين
يلتزمون بمخافة الله وخشيته يطلق عليهم "المتقون" في القرآن الكريم.
وينبهنا الله سبحانه وتعالى إلى أهمية التقوى: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ
خَيْرٍ يَعْلَمهُ الله وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى
وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلبَابِ) البقرة-الآية 197.
- حسب ماذا يكون التفوق عند الله تعالى؟
إن الفوزعند الله تعالى لا يعتمد على الكثرة في الأموال
أو على الجاه والمناصب أو على أي شيء آخر من أمور الدنيا وإنما على مقدار
قرب العبد من ربه وخشيته له, بمعنى مقدار تقواه:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله
عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات-الآية 13.
- كيف يكون التفكّر العميق ؟
إنّ من أهم صفات المؤمنين هي قدرتهم على تبين آيات الله
التي خلقها في الكون، فالمؤمن يرى قدرة الخالق سبحانه وبراعة تصميمه في كل
شيء من حوله. وعندما يرى المؤمن ذلك فإنه يسبح ربه ويمجده ويكون هذا طريقا
للتقرب منه سبحانه أكثر فأكثر. و قد مدح القرآن الكريم هؤلاء المؤمنين في
عديد الآيات، ومن ذلك:
(الذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا
وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا
عَذَابَ النَّارِ) آل عمران-الآية 191.
ينبه الله تعالى المؤمنين إلى أهمية التفكر والتأمل
العميق في الكون، بقوله سبحانه "أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ"، و" "إنّ في ذلك
لآيات لأولي الألباب". وهناك أشياء لا حصر لها يمكن للمرء أن يتأمل فيها،
ومن هذه الأشياء, النظام العجيب في الكون والمخلوقات على الأرض, والأنظمة
الرائعة التي تعمل داخل هذه الكائنات. فكل ما يراه المؤمن مما خلق الله
تعالى, مثل النعم الكثيرة التي من بها على عباده، وخلق الجنة والنار
والخلود، كل هذا يجعل الإنسان أكثر إيمانا وأرجح عقلا.
- الانسجام بين الدين والعلم
إنه لا تناقض على الإطلاق بين الدين والعلم، فالله تعالى
هو الذي خلق كلا من الدين والعلم، والقرآن الذي أنزل قبل 1400 عام يحتوي
على آيات تشير إلى حقائق علمية كبيرة اكتشفهاالعلم الحديث بوسائله التقنية
والتكنتولوجية المتطورة وثبتت صحتها في القرن العشرين. وفكرة التناقض بين
الدين والعلم هي مجرد كذبة أوجدها أولئك الذين لا يؤمنون بوجود الله، وكان
هدفهم هو زرع الشكوك في عقول الناس بشأن الدين.
- من هم العلماء الذين يؤمنون بالله وبالدين ؟
إن الكثير ممن يقومون بالأبحاث العلمية يشاهدون بأم
أعينهم وبتفصيل كامل البنية المعقدة والعجيبة والنظام الرائع في الكائنات
الحية. إنّ هؤلاء الأشخاص يصلون إلى النهاية الحتمية والى إدراك الحقيقة
الكبرى وهي وجود الله عز وجل، ولذلك قال تعالى:
(إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ) فاطر-الآية 28.
ونحن لا نفاجأ عندما نعرف أن هناك العديد من العلماء
المشهورين في أيامنا هذه وفي الأزمنة الماضية اشتهروا بقوة إيمانهم بالله
وبتضحيتهم في سبيل الدين ومن هؤلاء: آينشتاين- نيوتن-باسكال جاليليو- ماكس
بلانك- فاراداي -كيلفن- ماكسويل- كبلر- وليم تومسون- روبرت بويل- أيونا
وليم بيتي- مايكل فاراداي- جريجوري ماندل- لويس باستور- جون دالتون- بليز
باسكال- جون راي...
وفي أيامنا هذه, هناك العديد من العلماء الذين يؤكدون
وجود الله، بل إن هناك من يعتبر أن العلم وسيلة للإيمان بالله. ولعل تزايد
انتشار التيارات التي تقول بفكرة "الخلق" أو "التصميم الواعي" في الولايات
المتحدة هذه الأيام هو أهم تلك المؤشرات.
- كيف نشكر الله تعالى؟
إن شكر الله على نعنه التي أنعم بها علينا هو من أهم
الأعمال العباددية، فنحن لا نكتفي بشكره بالكلام واللسان إلى الشكر بالفعل,
فعلينا أن نستخدم هذه النعم على النحو الذي يرضي الله تعالى. مثل الأعمال
الخيرية مع مراعاة عدم التبذير. فهذا الشكل يمكن أن يكون شكلا من أشكال
الحمد، وعلى الفرد أيضا أن يعلم أنه فقير إلى الله تعالى محتاج إلى رحمته،
فالعبد لا يضمن ما بين يديه، وعليه أن يشكر الله على ما عنده ويسأله
الزيادة من فضله. وفي ذلك يقول تعالى:
(فَكُلُوُا مِمَّا رَزَقَكُمْ الله حَلاَلاً طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ الله إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبدُونَ) النحل (114)
- ماهي طبيعة وجود الشيطان؟
إبليس هو واحد من الجن الذين خلقهم الله، فبعد أن خلق
الله تعالى آدم علية السلام, و كان أول البشر, أمر الله تعالى الملائكة أن
يسجدوا له، ومن بينهم إبليس الذي رفض أن يسجد وقال:
( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين) الحجر-الآية 39.
- كيف يصل إبليس إلى الناس؟ و بأي الطرق يحاول أن يضلهم ؟
ذكر الله تعالى أن إبليس يوسوس في صدور الناس وقلوبهم:
(مِنْ شَرِّ الوَسْوَاسِ الخَنَّاسِ الذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) الناس-الآية 4.
وهذه هي أفضل طريقة يصل بها لتحقيق غايته. وكثير من
الناس لا يدركون أن الأفكار التي ترد إلى عقولهم هي من إبليس. فهم يعتقدون
أن كل أفكارهم من عند أنفسهم. وعلى سبيل المثال, إذا كان هناك شخص يتعلم
الإسلام حديثا, فإنه يكون هدفا مناسبا للشيطان، إذ يقوم بالتأثير عليه
ليجعل الدين صعبا بنظره، أو أن يقول له إنّ ما يقوم به كاف, وأنه لا حاجة
لإرهاق نفسه في العبادات. ويمكن لهذا الشخص أن يصدق هذا الأمر. كما يمكن
للشيطان أن يبث أحاسيس الخوف والقلق والتوتر والإحباط في قلوب الناس الأمر
الذي يرهق طاقاتهم. كما يحاول إبليس منعهم من فعل الخير ومن التفكير
السليم.
ويجب ألا ننسى أن تأثير إبليس على الناس يرتكز على جذور كل الشرور و الحروب و المذابح و الفسق في العالم.
- هل للشيطان قوة خاصة به؟
إن أهم نقطة يجب فهمها عن الشيطان أنه لا يمتلك قوى خاصة
به مثله مثل جميع الكائنات الأخرى، فهو مخلوق خلقه الله تعالى وهو تحت
سيطرته. فلا يمكنه القيام بشيء إلا بمشيئة الله، فالشيطان يسعى جهده لإبعاد
الناس عن الحق ودفعهم إلى الإشراك بالله تعالى. وهكذا يختبر الله الناس
ليعلم من يتبع الهدى ممن هو في ضلال مبين، فالهدف من خلق الشيطان هو اختبار
الإنسان في هذه الحياة. وقد ذكر الله هذه الحقيقة فقال تعالى:
(وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ
سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ
مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) سبأ-الآية 21.
- من هم الذين لا سلطان للشيطان عليهم ؟
إن الشيطان لا يؤثر على المؤمنين الصادقين، وقد أخبرنا الله بهذه الحقيقة في الآيتان 99- 100 من سورة النحل:
(إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّّمَا
سُلْطَانُهُ عَلَى الذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالذِينَ هُمْ بِهِ
مُشْرِكُونَ) النحل-الآية 99-100.
- ما هو "دين الجاهل"؟
(أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْمًا لِقَومٍ يُوقِنُونَ) المائدة-الآية 50.
إن ثمة "دينا" عاما تتبناه كثير من المجتمعات بغض النظر
عن آيديولوجياتها أو فلسفتها أو نظرتها للحياة، وهذا الدين في الحقيقة هو
الطريق البعيد عن الحق. وقد تكونت لدى هذه المجتمعات قيم أخلاقية ومفاهيم
فكرية وطريقة في الحياة من خلال التراكم الفكري عبر الزمن . ويطلق على هذ
الدين "دين الجاهل".
وأهم ميزات الناس الذين يحيون بهذا الدين هو حرصهم
المستمر على إرضاء المجتمع الذي يعيشون فيه وليس رضى الله، وحياتهم كلها
أقيمت على هذا الأساس.
والأمر المتوقع من الأشخاص الذين يعيشون في هذه
المجتمعات هو أن يبحث كل واحد عن الشهرة وذلك من خلال جملة من الأخلاق
والتصرفات التي تميزهم عن غيرهم. فهمهم الكبير أن يلقوا القبول من قبل
المجتمع وأن يشار إليهم بالبنان.
- هل اتباع سلوك ما من قبل الأغلبية هو بالضرورة صحيح؟
إن القناعة المنتشرة في المجتمعات التي تكون بعيدة عن
الله تعالى تتمثل في كون ما يقوم به غالب المجتمع هو الأمر الصحيح. وهذا
فهم بعيد تماما عن الحق. فقد أخبرنا الله في القرآن عن هذا الأمر فقال
تعالى:
( وَمَا أَكْثرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) يوسف-الآية 103.
وقد بين سبحانه وتعالى في كثير من آيات القرآن الكريم أن
مآل من يتبع المشركين هو الخسران. ومن هذا, فنحن نفهم أنه في كل عصر يكون
المؤمنون هم القلة، والشاردون عن دين الله هم الأغلبية، وهذا يجعل منزلة
هؤلاء المؤمنين منزلة عالية وشريفة عند الله تعالى في مقابل وضاعة منزلة من
كفروا وأشركوا.
- ماذا يجب على الإنسان أن يفعل حتى يتخلى عن "دين الجاهل"؟
إن طريق النجاة من هذا النظام المبني على إنكار و جود
الله أولا هو طلب مرضاة الله وحده ومن ثم محاولة الالتزام بالسير في الطريق
الذي رسمه الله لعباده المؤمنين من خلال آيات القرآن الكريم. فالشخص الذي
يحيى وفق تعاليم القرآن يبتعد تلقائيا عن الأخلاق السيئة والأفعال غير
المقبولة لدى المجتمع الذي يعيش فيه.
- ما الفرق بين الحكمة والذكاء؟
إنّ الحكمة ميزة من ميزات المؤمنين، وهناك فرق كبير بين
الحكمة كما هي ممثلة بشكل عام في المجتمع وبين الحكمة التي يكون مصدرها
الدين. والحكمة المذكورة في القرآن تختلف تماما عن الذكاء، فالذكاء هو قدرة
الفكر التي يكتسبها بيولوجيا. والذكاء لا يزداد ولا ينقص ولكن الحكمة تمنح
للمؤمنين باعتبارها نعمة عظيمة، وتزداد الحكمة لدى المؤمن بمقدار ازدياد
تقواه.
ومن أهم صفات الإنسان الحكيم هي خشيته لله ومراقبته
لأعماله واهتمامه بها طيلة الوقت. والتزامه تقوى الله تعالى فيزن كل أعماله
بميزان القرآن الكريم. فهو يطلب مرضاة الله في كل لحظة، ولا يمكن لفرد ما,
حتى وإن كان أذكى وأعلم واحد على وجهة الأرض, لا يمكنه امتلاك "الحكمة" إن
لم يكن عنده هذا العمق الديني, فإن أعوزه الفهم السليم فلن يستطيع أن يرى
الكثير من الحقائق. وقد ذكر الله تعالى نتيجة من لا يستعملون عقولهم فقال:
( إنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ الله الصُّمُّ البُكْمُ الذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) الأنفال –الآية 22.
فالإنسان الحكيم يكون لديه بعد نظر، ويتخذ قرارات صحيحة
ومناسبة، والحكمة تمكنه من فهم عميق للأحداث, وسبر أغوارها التي لا يراها
غيره من الناس.
- ما هي العوامل التي تحجب حكمة الإنسان؟
إن ما يفسد قلب الإنسان وعقله هو شهواته ورغباته
وطموحاته الجامحة. فعلى سبيل المثال, يخاف الإنسان من المستقبل ويتمسك
بلاحدود بالحياة الدنيا, هي أمور تسكن في عقول الكثيرين وتمنعهم من التفكير
في حقيقة الأشياء، مثل عظمة الخالق وإبداع الخلق. وقد نبهنا الله تعالى
إلى أن النجاح والفوز إنما يكون بغلبة النفس والتحكم فيها:
(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
وَلَو كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَؤُلَئِكَ هُم
المُفْلِحُونَ) الحشر-الآية 9.