حكمت محكمة الزلفي العامة بمحافظة
الزلفي بالسعودية في 20 من رمضان من العام الجاري بجلد طبيب مصري عمره 58
عاما، يعمل أخصائي ورئيس قسمي التخدير والعناية المركزة بمستشفى الزلفي
العام، 40 جلدة دفعة واحدة أمام المسجد، بدعوى تخلفه عن صلاة الجماعة.
نقول للسلفيين:
هل هذا هو الحكم بما أنزل الله أم أتباع الأهواء؟
الحكم بما أنزل الله يشمل الحكم بكتاب الله أو بسنة رسوله، صلى الله
عليه وسلم، وحيث إن كتاب الله ليس فيه أمر بجلد المتخلف عن صلاة الجماعة،
ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجلد المتخلفين عن صلاة الجماعة، فهذا هو
الحكم بالأهواء.
لقد ثبت وجود متخلفين عن صلاة الجماعة في زمن النبي، صلى الله عليه
وسلم، بدليل أنه هم بتحريق بيوتهم، ولكنه لم يحرق بيوتهم ولم يجلدهم ولم
يعزرهم بأية صورة أخرى، وفي هذا حكمة عظيمة، حيث إن الصلاة يجب أن تكون
خالصة لله سبحانه لا تصدر إلا عن عقيدة صحيحة، ولا تقبل إن كانت خوفا من
التعزير.
وبغض النظر عن الحكمة من عدم التعزير، فإن المتفق عليه أنه عندما يكون
هناك سنة ثابتة عن رسول الله، صلى الله عليه سلم، في واقعة، لا يجوز
الاجتهاد فيها بالرأي، فعندما بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، معاذا
إلى اليمن، قال له بم تحكم؟ قال: بكتاب الله قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة
رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي، ومن هنا لا يجوز الاجتهاد في
واقعة حدثت في زمنه، صلى الله عليه وسلم، وفيها سنة ثابتة، وسنته، صلى
الله عليه وسلم، في هذا الباب هي تقوية الإيمان بالله سبحانه وتقوية محبته
وخشيته والاستجابة إلى أمره، وتوضيح أن صلاة الجماعة من سنن الهدي لا يتخلف
عنها إلا منافق، ولكنه، صلى الله عليه وسلم، لم يحرق بيوت المتخلفين ولم
يجلدهم، فلا يجوز الخروج عن هديه، صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:
"فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ
فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" الآية 63 من سورة النور.
وكما أن التخلف عن صلاة الجماعة ضلال، فإن جلد المتخلف عنها ضلال أشد،
لأنه تشريع بغير هدي من الله، وتجاوز صارخ لمبدأ اتباع سنة رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، واجتهاد في غير موضع الاجتهاد، فما تفسير
العلماء السلفيين بمصر لهذا الانحراف من أساتذتهم وقدوتهم؟
والأدهى والأمر الذي يؤكد أن الأمر أصبح اتباعا للأهواء هو أن نعرف
لماذا حكم القاضي بهذا الحكم على هذا الطبيب الآن بالذات، رغم أنه يعمل
بالزلفي منذ 26 عاما؟
والد القاضي الذي حكم بهذا الحكم عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، وقد قام قبل هذا الحكم باستدعاء الطبيب في مكتب الهيئة وأخبره بأن
زوجته أجريت لها عملية بالمستشفى وكانت كاشفة وجهها أثناء العملية، ثم
عاتبه عتابا شديدا بسبب كشف وجه المريضات أثناء العمليات، وطلب منه أن يعطي
إبرة التخدير للمريضة، ثم يخرج من غرفة العمليات حتى تنتهي العملية، فوضح
له الطبيب حتمية كشف الوجه لوضع أنبوبة بالقصبة الهوائية ولمتابعة حالة
المريضة أثناء التخدير، وأن هذا واجبه، والتقصير فيه يعرض حياة المريضة
للخطر ويعرضه للمساءلة القانونية، لكن والد القاضي لم يقتنع، وهدده
بالانتقام، ثم أخرج له ورقة للتوقيع عليها، فوجد الطبيب فيها اعتراف بأنه
لا يصلي الجماعة، فرفض التوقيع، فنهره والد القاضي بشدة وقال له: إذا أمرتك
بشيء تقول سمعا وطاعة، (قد يتعجب القارئ ولا يصدق، ولكن الطبيب يقسم بالله
العظيم أن والد القاضي قال ذلك بالنص)، فقال الطبيب: أنت لست ولي الأمر
حتى أقول لك سمعا وطاعة، ولي الأمر هو الملك عبد الله، كيف تريد مني
التوقيع على ذلك وأنا أصلي الجماعة، ولا أتخلف عنها إلا لظروف العمليات
الطارئة أو أكون مرهقا بشدة لا أقوى على الذهاب إلى المسجد، فكتب القاضي في
حيثيات الحكم أن المدعى عليه أقر بتخلفه أحيانا عن صلاة الجماعة بسبب
الإرهاق من العمل، وهذا يعني أن المدعي الحقيقي الذي تسبب في هذا الحكم هو
والد القاضي وليس إمام المسجد.
هل اتضح الآن، لماذا يخاف المصريون من وصول السلفيين إلى الحكم بدون
ضوابط دستورية؟ فالإنسان هو الإنسان، والاستعداد للانحراف أمام شهوة السلطة
هو نفسه الاستعداد للانحراف من البشر في كل زمان ومكان، فهل يعذر السلفيون
الفريق الآخر الآن، ليكون هذا التفهم بداية التقارب نحو ضوابط دستورية
تضمن الحقوق والحريات؟
الزلفي بالسعودية في 20 من رمضان من العام الجاري بجلد طبيب مصري عمره 58
عاما، يعمل أخصائي ورئيس قسمي التخدير والعناية المركزة بمستشفى الزلفي
العام، 40 جلدة دفعة واحدة أمام المسجد، بدعوى تخلفه عن صلاة الجماعة.
نقول للسلفيين:
هل هذا هو الحكم بما أنزل الله أم أتباع الأهواء؟
الحكم بما أنزل الله يشمل الحكم بكتاب الله أو بسنة رسوله، صلى الله
عليه وسلم، وحيث إن كتاب الله ليس فيه أمر بجلد المتخلف عن صلاة الجماعة،
ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجلد المتخلفين عن صلاة الجماعة، فهذا هو
الحكم بالأهواء.
لقد ثبت وجود متخلفين عن صلاة الجماعة في زمن النبي، صلى الله عليه
وسلم، بدليل أنه هم بتحريق بيوتهم، ولكنه لم يحرق بيوتهم ولم يجلدهم ولم
يعزرهم بأية صورة أخرى، وفي هذا حكمة عظيمة، حيث إن الصلاة يجب أن تكون
خالصة لله سبحانه لا تصدر إلا عن عقيدة صحيحة، ولا تقبل إن كانت خوفا من
التعزير.
وبغض النظر عن الحكمة من عدم التعزير، فإن المتفق عليه أنه عندما يكون
هناك سنة ثابتة عن رسول الله، صلى الله عليه سلم، في واقعة، لا يجوز
الاجتهاد فيها بالرأي، فعندما بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، معاذا
إلى اليمن، قال له بم تحكم؟ قال: بكتاب الله قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة
رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي، ومن هنا لا يجوز الاجتهاد في
واقعة حدثت في زمنه، صلى الله عليه وسلم، وفيها سنة ثابتة، وسنته، صلى
الله عليه وسلم، في هذا الباب هي تقوية الإيمان بالله سبحانه وتقوية محبته
وخشيته والاستجابة إلى أمره، وتوضيح أن صلاة الجماعة من سنن الهدي لا يتخلف
عنها إلا منافق، ولكنه، صلى الله عليه وسلم، لم يحرق بيوت المتخلفين ولم
يجلدهم، فلا يجوز الخروج عن هديه، صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:
"فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ
فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" الآية 63 من سورة النور.
وكما أن التخلف عن صلاة الجماعة ضلال، فإن جلد المتخلف عنها ضلال أشد،
لأنه تشريع بغير هدي من الله، وتجاوز صارخ لمبدأ اتباع سنة رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، واجتهاد في غير موضع الاجتهاد، فما تفسير
العلماء السلفيين بمصر لهذا الانحراف من أساتذتهم وقدوتهم؟
والأدهى والأمر الذي يؤكد أن الأمر أصبح اتباعا للأهواء هو أن نعرف
لماذا حكم القاضي بهذا الحكم على هذا الطبيب الآن بالذات، رغم أنه يعمل
بالزلفي منذ 26 عاما؟
والد القاضي الذي حكم بهذا الحكم عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، وقد قام قبل هذا الحكم باستدعاء الطبيب في مكتب الهيئة وأخبره بأن
زوجته أجريت لها عملية بالمستشفى وكانت كاشفة وجهها أثناء العملية، ثم
عاتبه عتابا شديدا بسبب كشف وجه المريضات أثناء العمليات، وطلب منه أن يعطي
إبرة التخدير للمريضة، ثم يخرج من غرفة العمليات حتى تنتهي العملية، فوضح
له الطبيب حتمية كشف الوجه لوضع أنبوبة بالقصبة الهوائية ولمتابعة حالة
المريضة أثناء التخدير، وأن هذا واجبه، والتقصير فيه يعرض حياة المريضة
للخطر ويعرضه للمساءلة القانونية، لكن والد القاضي لم يقتنع، وهدده
بالانتقام، ثم أخرج له ورقة للتوقيع عليها، فوجد الطبيب فيها اعتراف بأنه
لا يصلي الجماعة، فرفض التوقيع، فنهره والد القاضي بشدة وقال له: إذا أمرتك
بشيء تقول سمعا وطاعة، (قد يتعجب القارئ ولا يصدق، ولكن الطبيب يقسم بالله
العظيم أن والد القاضي قال ذلك بالنص)، فقال الطبيب: أنت لست ولي الأمر
حتى أقول لك سمعا وطاعة، ولي الأمر هو الملك عبد الله، كيف تريد مني
التوقيع على ذلك وأنا أصلي الجماعة، ولا أتخلف عنها إلا لظروف العمليات
الطارئة أو أكون مرهقا بشدة لا أقوى على الذهاب إلى المسجد، فكتب القاضي في
حيثيات الحكم أن المدعى عليه أقر بتخلفه أحيانا عن صلاة الجماعة بسبب
الإرهاق من العمل، وهذا يعني أن المدعي الحقيقي الذي تسبب في هذا الحكم هو
والد القاضي وليس إمام المسجد.
هل اتضح الآن، لماذا يخاف المصريون من وصول السلفيين إلى الحكم بدون
ضوابط دستورية؟ فالإنسان هو الإنسان، والاستعداد للانحراف أمام شهوة السلطة
هو نفسه الاستعداد للانحراف من البشر في كل زمان ومكان، فهل يعذر السلفيون
الفريق الآخر الآن، ليكون هذا التفهم بداية التقارب نحو ضوابط دستورية
تضمن الحقوق والحريات؟