صحة الكتاب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كتابكم محرَّف ....
سؤال يطرحه الأصدقاء، في صدق أو في شك ، يهاجم دون دليل، أو يسأل لأنه
يفتقر إلى البرهان، حائر بين الشك واليقين بين التصديق وعدمه، يحاول أن
يُعمِل العقل فلا يجد برهاناً يشفي الغليل. يحاول أن يسأل أهل الذكر فيجد
الغالبية تخاف أو تجهل البرهان أو لا تستطيع أن تعبر عن إيمانها بما يزيح
الشك وينير الطريق.
حتى هو نفسه أخافوه وأرعبوه من الاقتراب إلى الكتاب، ويقولون له: يكفي ما
عندك. لستَ بحاجة إلى غير ما تملك. والغريب إذا حاول الاقتراب من عنده يجد
الآيات البينات التي تقول إن الكتاب هُدى ونور، وإنه تنزيل العلي، الواجب
الرجوع إلى أهله إذا شك في كلمات ربه (يونس 10: 94) وتذكير أهله بالحكم
بما فيه وليس بإلغائه والحكم بحسب ما جاء بعده من رسالة وكتاب (مائدة 5:
47).
إن دعوة التحريف تُظهر على السطح أسئلة كثيرة، بل كل علامات الاستفهام التي نعرفها في لغتنا الجميلة: أين، كيف، من، لماذا، متى؟
دعونا نطرح هذه الأسئلة ونجاوب عليها تباعاً:
أين؟
تقول إن كتابنا مُحرَّف، فأين الكتاب الصحيح الذي من خلاله استطعت أن تُجزم أنه ليس الصحيح؟
• جاوبني أولُهم قائلاً: إن النبي عيسى عليه السلام، ولأنه يعرف الغيب، عرف
أنكم أناس لا تستحقون نعمة وجود الكتاب المقدس الصحيح بين أيديكم لأنكم
ستغيِّرون ما به من أحكام وأقوال، فأخذه معه حينما رفعه الله إليه، وأعاده
إلى مكانه الطبيعي في السماء العليا عند العرش.
• ثم قال لي ثانيهم : في العصور الوسطى، عصور الظلام الفكري وسيادة الكنيسة
وتسلطها منعت الشعب من الإطلاع على الكتاب المقدس، وقصرت معرفته على
الآباء الكهنة فقط لدرجة أنهم جاءوا بالنسخة الأصلية بعد ربطها بسلاسل من
حديد وطرحوها في أعماق المحيط حتى لا تكون في متناول أحد. وبذلك اختفت
وضاعت. وما بين أيديكم اليوم هو تأليف وتزوير ومحض افتراء.
• قال ثالثهم : قالوا لنا إن النسخة الأصلية موجودة فقط مع رؤساء الطوائف
الثلاث الأرثوذكسية، الكاثوليكية، الإنجيلية، أما عامة الشعب فليس لديها
إلا المُحرف.
ثم تابعت سؤالي: هل قرأت الكتاب بنفسك حتى تكتشف زيفه وتحريفه ؟ وكان الرد من الجميع بالنفي .
إذاً أين التحريف؟ هل حُرِّف الكتاب كلُّه وكُتب آخر جديد؟ أم هل تحرف جزء
منه؟ أم هل تحرفت عدة آيات؟ إذاً أين هي؟ هل يمكنك أن تشير إليها حتى
يمكننا البحث وإجلاء الحقيقية؟ والرد: لا نعرف.
وهنا تأتي المشكلة الكبرى: أنت تؤمن أن التوراة والإنجيل تنزيل العلي حسب
كتابك الكريم، فالله سبحانه هو مصدره، مؤلفه ومرسله. فأين كان سبحانه حينما
تم التحريف؟ هل يمكن أن تتجرأ وتقول إنه لم يعرف بالتحريف؟ سبحانه علام
الغيوب الذي هو على كل شيء قدير.
أم أنه لم يبالِ به، وبعد أن نزَّله لم يعُد يعنيه منه شيء، وليكن ما يكون!!!
إن دعوى التحريف تنسب لله تعالى صفات غير صفاته:
- تنسب إليه عدم الحب: فالرسالة التي أرسلها لنا ليعلن فيها من هو وما
يطلبه منا، ترسم لنا الطريق للعودة إلى الفردوس المفقود بخطأ أبوينا آدم
وحواء، ما هو هدف حياتنا، أين سنكون في آخرتنا، إنها إعلان حب من إله محب
يهتم بخليقته التي أوجدها، كما يهتم الآب بأولاده والراعي برعيته!! فبعد كل
هذا يترك رسالته لتتغير وتتبدل، وتكون النتيجة هلاك خليقته وتركهم
للمخادعين دون من يحمي أو يعتني؟! إننا بذلك ننسب لله أنه إله غير محب، لا
يهتم ولا يعتني ولا يبالي. سبحانه عز وجل لأنه علا عن ذلك علواً كبيراً.
- إنه إله غير قادر: أن يحفظ رسالته وكلمته من التغيير والتبديل والتحريف.
إن الحكومة التي تصدر قانوناً، تصدره بدافع الاهتمام بالرعية فالقانون
لصالحها، وتقوم بتنفيذه لتعلن هيبتها وقدرتها، والحكومة التي لا تهتم
بتنفيذ القانون هي حكومة ضعيفة لا تهتم برعيتها، والرعية لا تهابها ولا
تقدِّرها، فتعم الفوضى ويسود قانون الغابة في أراضيها. فالذي يقول إن الله
عز وجل لم يحفظ رسالته وقانونه الأدبي والأخلاقي، وترك الناس يغيرون
ويبدلون فيما أعلنه، ينسب له عدم القدرة على حفظ قانونه. وحاشا لله أن يكون
كذلك، فهو كلي القدرة، القوي الذي يستطيع كل شيء ولا يعسر عليه أمر الذي
بيده أمرنا وهو على كل شيء قدير.
إنه إله غير قدوس : إن دعوى التحريف تنسب لله عدم القداسة، فكيف لنا نحن
الخطائين الذين ارتكبنا كل إثم وفجور، كيف ندخل إلى قدس أقداس العلي، في
كتابه العزيز المقدس، ونغير ونُحرف؟!! هل يمكن أن تهزم الظلمة والنجاسة
النور والقداسة، أو تختلط بهم؟
.. حاشا لله.
من ؟!!!
من يحرف الكتاب؟ اليهود أم المسيحيون أم هما معاً؟!!!
¨ إن قيل إن اليهود حرفوه، نقول: هذا من رابع المستحيلات لعدة أسباب منها:
1- اليهود يحبون كتابهم ويقدسونه، وقد رأينا طقوس كتابة المخطوطات ونسخها
والشروط الصعبة الدقيقة في هذه العملية مع تخصيص فئة متخصصة في الكتابة (هم
الكتبة) للقيام بعملية تجديد المخطوطات القديمة كلما استدعى الأمر ذلك.
2- وجود بعض الأخطاء الظاهرية في الأسفار حتى اليوم مثل:
أ. 2 صم 10: 18 أن داود قتل من آرام 700 مركبة بينما يذكر في 1أخ 19: 18 أنه قتل 7000 مركبة
( قد يبدو للوهلة الأولى ان هناك تضارباً في الأقوال، لكن بالرجوع إلى ذلك
العصر ندرك أن المركبة الحربية كانت تسع عشرة جنود، وهكذا يكون المقصود في
الأولى عدد المركبات؛ أما في الثانية فهو عدد الراكبين. كما أن كلمة
مركبة الواردة في 1أخ بمعنى راكب أو جندي للتفرقة بين المحاربين في مركبات
والمحاربين الفرسان أو المشاة)
ب. 1مل 7: 26 يقول إن الحوض يسع ألفي بث؛ بينما في 2أخ 4: 5 يقول إنه يأخذ
ويسع 3000 بث ( الأولى تعبر عن الكمية وقت الاستعمال لترك مساحة للمياه
المزاحة نتيجة حجم المستحم فيها حتى لا تفيض خارجه؛ أما الثانية فتعبر عن
السعة الكاملة التي يمكن أن يأخذها الحوض في حالة ملئه إلى حافته).
ج- 1مل 4: 26 يقول إنه كان لسليمان 40,000 مزود خيل؛ بينما يقول 2أخ 9: 25
إنه كان له 4000 مزود.. (المزود به عشرة عيون لعشرة خيول، فيكون المقصود
في الأولي عدد الخيول وفي الثانية عدد البلوكات ذات المزاود العشرة).
ولو كان عند اليهودي إمكانية التبديل والتعديل لأصلح هذه التي يُظن أنها أخطاء لكنها في الظاهر فقط.
3- ذكر خطايا للأنبياء في التوراة مثل كذب إبراهيم وقوله لامرأته: " قولي
إنك أختي". وزنى داود الرجل الذي وُجد حسب قلب الرب، صاحب المملكة العظيمة
الموعود لها بالاستمرار للأبد. فكان بالأولى أن يحذفوها ويغلقوا الباب
الذي يأتي منه الريح حتى لا تشوب سيرة أنبيائهم أي شائبة. فوجودها حتى
اليوم برهان قوي على عدم زيادتهم أو حذفهم من كتابهم.
4- اليهود والمسيحيون ليسوا على وفاق، ويختلفون في العقيدة والإيمان في عقائد أساسية حول شخصية السيد المسيح والصليب والخلاص.
المسيحيون عندهم نفس توراة اليهود ويؤمنون بها ويعتبرونها مع الإنجيل
"كتابهم المقدس" العهد القديم والعهد الجديد. فلو حاول اليهود تغيير أو
تبديل أي آية أو كلمة أو حرف لسارع المسيحيون فوراً بالاعتراض وتقديم
الدليل، فالكتاب الصحيح أيضاً معهم. فإن كانت عند اليهود إمكانية فِعل ذلك
لعملوا ألف حساب قبل كل شئ للمسيحيين وللنسخة طبق الأصل لتوراتهم التي
معهم.
5- هناك وصية في تثنية 4: 2 " لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا
تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم … " وبكل تأكيد كان بينهم من
يحترم ويحفظ كتابه ويطيعه.
¨ إن قيل إن المسيحيين هم الذين قاموا بالتحريف، قلنا:
1. المسيحيون يحبون كتابهم أيضاً ويقدسونه ويملكون آلاف المخطوطات من قبل
الميلاد بمئات السنين تطابق النسخ الموجودة والترجمات التي بين أيديهم
تماماً.
2. توجد أخطاء ظاهرية في العهد الجديد. ولو كان عند المسيحيين احتمال
التحريف لقاموا بتعديل هذه الأخطاء وسد الباب الذي يأتي منه الريح.
3. هناك ذكر لخطايا الرسل والمؤمنين والكنيسة (سفر أعمال الرسل 15: 39 و40
الرسالة إلى أهل كورنثوس 1كو 5: 1، سفر الرؤيا الأصحاحات الثلاثة الأولى)
لو كان احتمال للتحريف لحذفوا فوراً هذه الخطايا.
4. يوجد تحذير شديد اللهجة في سفر الرؤيا الأصحاح 22: 18-19 "لأني أشهد لكل
من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب، إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه
الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه
النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في
هذا الكتاب."
5. كلنا نعرف عنف الاضطهاد وقسوته الذي تعرض له المسيحيون عبر العصور
المختلفة في القرون الأولى، وخاصة أيام دقلديانوس الذي أحرق المنازل وغلى
الأجسام في الزيت. ومع ذلك كان المسيحيون يتمسكون بالكلمة ويبشرون بها بفرح
حاسبين أنفسهم مستأهلين أن يُهانوا من أجل المسيح. فهل يمكن لأناس حرفوا
كتابهم ويعرفون ذلك تماماً أن يُقدموا على الموت بفرح من أجل كذبة أو خدعة
وكتاب حرفوه بأيديهم؟!!
متـــى ؟؟
متى تم هذا التحريف؟ الاحتمالات الموجودة أربعة لا خامس لهم. إما قبل السيد المسيح أو بعده أو قبل الإسلام أو بعده.
• فإذا كان قبل المسيح قلنا: لا يمكن للأسباب الآتية:
1- اقتبس السيد المسيح منها حين جُرب في البرية وكانت إجاباته كلها من
التوراة مبتدأً بالقول "مكتوب". فهل يمكن أن يقتبس من كتاب محرف؟!
2- قال السيد المسيح يو 5: 39 لليهود "فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها
حياة أبدية هي التي تشهد لي"؟!! فكيف يحيل اليهود ليفتشوا في كتاب محرف.
3- قال لليهود (يو 5: 46) موسى كتب عني ذاكراً التوراة فهل يمكن أن يذكر كتاباً محرفاً؟
• وإذا كان التحريف بعد المسيح أي في عصر التلاميذ، قلنا أيضاً لا يمكن:
لأن التلاميذ اقتبسوا من التوراة في سرد قصة حياة السيد المسيح مستشهدين
بنبوات الكتاب "كما قيل بالنبي القائل، كما قال النبي.." فكيف يستشهدون
بكتاب محرف؟!!
• هل يمكن قبل الإسلام؟ نقول: لا يمكن، لأن القرآن ذكر التوراة والإنجيل
بخير الكلام وأحلى الصفات مُذكراً أهل الإنجيل بإقامة أحكامه، واصفاً من لم
يقم بها "بالفاسقين" (مائدة 5: 47) كما أنه ينصح المؤمنين به بسؤال أهل
الكتاب في حالة الشك فيما أنزل إليه (يونس 10: 94) والمؤمنين بسؤال أهل
الذكر، إذا كانوا لا يعلمون (النحل 16: 43). ولم يذكر لنا شيئاً عن الكتاب
المحرف ولا وصية بالبُعد والحذر منه وتنبيه المؤمنين من أهله حتى لا يختلط
الأمر عليهم.
• إذاً هل يمكن أن يكون تم التحريف بعد الإسلام؟
وبتلك الدعوى يكون النبي والمسلمون قد أخفقوا في تنفيذ أمر الله لهم والذي
جاء في سورة المائدة 5: 48 مطالباً إياهم أن يحفظوا الكتاب (التوراة
والإنجيل) من الضياع والتحريف – فيُسألون عن ذلك.
كما لم يعلن أحد من الأئمة والمفسرين الأولين عن هذا ويحذرون من المحرف
ويروجون السليم، أو قل أضعف الإيمان يحتفظون بالسليم لأنه كلمة الله ليكون
شاهداً على أهل البدع والتحريف معلنين آيات التحريف أو الأجزاء التي تم
تحريفها بكل وضوح وجلاء حتى لا يلتبس الأمر على المسلم الأمين بل يكون على
علم يقين.
كيـــف؟
كيف يتم التحريف في كتاب بلغت آحاده المسكونة كلها وانتشر في ربوعها بسرعة
شديدة. فكيف يمكن جمع كل النسخ وحرقها وتدوين جديد محرف في عالم لم يعرف
الطباعة بعد، فالكتابة يدوية مرهقة، والكتاب كبير يأخذ من الوقت والجهد
والأموال ما لا طاقة لأحد بهم؟
وهل اتحد كل المسيحيين على التحريف ولم يكن بينهم معارض لهذه الفكرة ، أو
مؤمن متمسك بكتابه فيحفظه لنا ويقاوم المبدعين المحرفين ، فتنتشر هذه
الأفكار وتَعلمُ بها المسكونة كلها ويُعرف الغث من السمين؟ كيف تم التحريف
ونحن لم نسمع عن ذلك خلال سبعة قرون لم يظهر لنا فيها معترض أو كتاب مخالف
أو بدعٍ تتبنى هذه الفكرة؟
كيف يُحرف هذا الكتاب الفريد إذا قورن بكتب كثيرة؟
سأل عالم وهو في مكتبه ابنه أن يعطيه الكتاب، فقال الابن مندهشاً: أي كتاب
تريد يا والدي؟ أجابه الوالد: حينما أقول الكتاب بادئاً بألف لام التعريف
فإني أقصد الكتاب المقدس، لأنه فريد. إذا وضعت كل الكتب التي أمامك في
المكتبة في كفة ميزان والكتاب المقدس في الكفة الأخرى لرجحت كفة الكتاب
المقدس، فهو الكتاب الفريد.
1- فريد في ترابطه:
على الرغم من أن عدد الكُتّاب الذين كتبوه أربعون كاتباً، في زمن يناهز
1600 عاماً "كتبه رجال الله القديسون مسوقين بالروح القدس" (1بطرس 2: 21).
• كتبوه في أماكن مختلفة : فمنهم من كتب في السجن ( بولس )، ومنهم من كتب
في القصر ( دانيال )، ومنهم من كتب في الصحراء ( موسى )، ومنهم من كتب في
عيادته ( لوقا ).
• كتبوه في حالات نفسية مختلفة : منهم من كتب في أيام الحرب فكانت كلماته
كلها تصب جام الغضب على الأعداء والدعاء لله بأن يفنيهم ويكسرهم، مثل داود
في مزاميره الشهيرة.
• ومنهم من كتب في حالات السلم والرخاء فكانت كلماته رقيقة فيها حكمة وأمثال سليمان الحكيم.
• كتب بلغات مختلفة : العبرانية والآرامية واليونانية.
• كُتب في قارات مختلفة : أوربا وآسيا وأفريقيا.
وعلى الرغم من ذلك نجده كتاباً مترابطاً من أول سفر فيه إلى آخره على الرغم
من وجود مئات المواضيع الجدلية التي تحتمل الأخذ والعطاء. أسوق لك مثالاً
ليقرب الفكرة:
في ألعاب الأوليمبياد 1989 والتي اشترك فيها فريق مصر الأول بقيادة المدرب
الجوهري، كان الحديث في الجرائد المصرية اليومية عن الفريق وإنجازاته
موضوع جدلي واحد اختلف فيه النقاد في جريدة واحدة مثل الأهرام، فقال ناقد
رياضي إن الجوهري أدخل الفريق إلى العالمية، وإن ما صنعه الفريق يُعد
إعجازاً.. في ذات الوقت وفي ذات الصفحة من نفس الجريدة، كتب ناقد آخر
يقول: ما هذا الذي فعله الجوهري؟ هل يمكن لفريق في كأس العالم أن يلعب
بطريقة دفاع المنطقة كل الفريق في صندوق المرمى، بالطبع لن يدخل مرماه أي
هدف. أن ما قدمه الفريق لا يُحسب له بل عليه.
موضوع جدلي واحد في ذات العصر من كاتبين في جريدة واحدة، لهما نفس المستوى الثقافي، ولكنهما اختلفا في الحكم في موضوع جدلي واحد.
الكتاب المقدس يحتوي على مواضيع جدلية كثيرة مثل موضوع الخلاص وطريقه.
لم يكتب أحدهم أن الخلاص بسفك الدم بينما كتب آخر أننا في عصر الكمبيوتر
نضغط على زر فنحصل على الخلاص. بل على العكس نجد أن هناك خطاً قرمزياً عبر
الكتاب كله من أول سفر التكوين إلى آخر سفر الرؤيا يقول " بدون سفك دم لا
تحصل مغفرة " على الرغم من اختلاف الكُتاب، واختلاف زمن الكتابة، واختلاف
اللغة والثقافة والمكان والحالة النفسية، وتباعد القارات عن بعضها وعدم
اتصالهم بعضهم البعض.
2• فريد في توزيعه:
أكثر كتب العالم توزيعاً بلا منافس، فقد احتاجت دار الكتاب المقدس منذ
خمسين عاماً أن تطبع كل 3 ثوان كتاباً أي حوالي 28800 كتاب يومياً لتكفي
الطلب وتسد الاحتياج.
3• فريد في بقائه : على الرغم من:
(أ) الزمن : لقد كُتب الكتاب على أوراق البردي، والحجارة، وجلود الحيوانات،
وكلها مواد تبلى وتفنى. ومع ذلك فعندنا آلاف المخطوطات التي يرجع زمن
كتابتها إلى 250 ق.م.
(ب) النقد : أول وأكثر كتاب يقابل بموجات نقد عاتية عبر كل العصور:
* موجات نقد عالية higher criticism قادها علماء ألمان في القرن 19 وكان
نقدهم مبنياً على أن ما بالكتاب يخالف ما هو موجود ومتعارف عليه في الحياة
مثل:
- ما جاء في سفر يشوع عن سقوط سور أريحا في مكانه، فهذا يخالف للعُرف والطبيعة، فالسور يسقط إما إلى الداخل أو إلى الخارج.
- وصول إبراهيم أبو الأنبياء إلى مصر راكباً جملاً، فكيف حدث ذلك ولم تكن
الجمال موجودة أثناء وجود إبراهيم في مصر؟ لا بد أن يكون هناك خطأ لأنه
ينافي الواقع.
- الكتابة لم تكن موجودة في عصر موسى، فكيف يقول الكتاب إن موسى هو كاتب التوراة؟
• موجات نقد واطي lower criticism
وهو الذي يزعم بوجود اختلاف بين آيات الكتاب وبعضها في الأسفار المختلفة.
(ج) الاضطهاد : الكتاب الوحيد الذي قوبل بالاضطهاد منذ عهد الرومان البعيد
حتى الشيوعية القريبة، هو الكتاب المقدس، فقد أحرقوه وأحرقوا أصحابه،
ووضعوهم في الزيت المغلي وأحرقوا بيوتهم ودور عبادتهم وأماكن تجمعهم
وطاردوهم في كل مكان.
قال الملحد الفرنسي المعروف فولتير سنة 1778م إن المسيحية والكتاب المقدس
لن يبقيا لأكثر من خمسين عاماً. ولكن بعد خمسين عاماً أصبح فولتير في ذمة
الله، وأخذت دار الكتاب المقدس منزله ومطبعته لتستخدمهما في طبع الكتاب
المقدس وتوزيعه. بقي الكتاب عبر السنين، ومضى فولتير إلى التراب الذي منه
خُلق!
4. فريد في تعاليمه:
تعاليم نبوية : الكتاب الوحيد المليء بالنبوات المستقبلية عن مدن وشعوب
وأفراد هو الكتاب المقدس. وهناك فرق بين الأسطورة والنبوة، فالأسطورة كلمات
جميلة تحكي عن رؤية مستقبلية لا يمكن أن تتحقق بكاملها. أما النبوة فهي
رؤية مستقبلية تتحقق كلها وبكاملها. وفي الكتاب نبوات عن مدن تحققت كلها
كما قيلت بطريقة مذهلة ومعجزية خارقة للعادة وفوق الطبيعة.
كما أن هناك أكثر من 330 نبوة عن السيد المسيح ميلاده، حياته، تعاليمه، آخر
أيامه على الأرض، صليبه وما تم فيه، قيامته وصعوده، كلها مكتوبة قبل مئات
السنين وتحققت كلها في ملء الزمان.
• تعاليم تاريخية:
الكتاب الفريد الذي يحكي تاريخ شعب في حقبة تقدر بخمسمائة سنة هي تاريخ
الشعب اليهودي من صموئيل إلى سفر الأخبار – يحكي بكل تدقيق أنسابهم
ورحلاتهم وأحوالهم وما حدث لهم بتفصيل يفوق كل التاريخ حتى التاريخ
الفرعوني.
• تعاليم شخصية:
أي مؤرخ يكتب تاريخ حياة شخص ما، يسجل دائماً الجوانب المضيئة من حياته
ويبتعد قدر المستطاع أو يكاد لا يذكر أي جوانب سيئة منها.. إلا الكتاب
المقدس حينما يذكر أشخاصه كتب عنهم كل شيء، حلوهم ومرَّهم، مناطق القوة
والضعف فيهم، الجوانب المضيئة والسيئة. فمثلاً إبراهيم الرجل الذي أطاع
الله حتى قدم ابنه ذبيحة ومحرقة طاعة لأمر الله وحتى لُقب بأب المؤمنين،
يذكر عنه الكتاب أنه كذب وقال إن امرأته سارة هي أخته.
داود الرجل الذي وُجد حسب قلب الرب، كاتب المزامير الرائعة التي فيها ينادي
بحبه لله وغيرته على شعبه، يذكر الكتاب أنه زنى مع بثشبع امرأة أوريا
الحثي، بل وقتله أيضاً. وهذا ليوضح لنا إن "الجميع زاغوا وفسدوا وليس من
يعمل صلاحاً" الجميع غير معصومين من الخطية ولم يمشِ على أرضنا أحد بدون
خطية إلا شخص واحد فريد هو الرب يسوع.
5. فريد في ترجمته:
عادة يُترجم الكتاب من اللغة الأصلية إلى لغة شعب آخر إذا كان محتواه
صالحاً ونافعاً للبيئة المترجم إليها. وكلما زادت ترجمات الكتاب دلَّ هذا
على صلاحيته لكثير من الشعوب مثلما حدث مع كاتبنا العظيم الأستاذ نجيب
محفوظ حيث نال جائزة نوبل لكثرة ترجمات كتبه (ثلاث لغات).
الكتاب المقدس أول كتاب في التاريخ يترجم من لغته الأصلية (العبرانية) إلى
اللغة اليونانية 250 ق.م بما عرف بالترجمة السبعينية نسبة إلى 72 شيخ
يهودي قاموا بترجمته في الإسكندرية بأمر من بطليموس حسب نصيحة مدير مكتبة
الإسكندرية اليهودي الذي بشره بالخير العظيم الذي يحل على البلاد إذا
تُرجم الكتاب (التوراة) إلى اللغة اليونانية. وبالفعل أحضر بطليموس 72
شيخاً من فلسطين، ووضع كل واحد منهم في حجرة منفصلة ليضمن سلامة الترجمة
التي قارنها ببعضها في النهاية فكانت واحدة.
واليوم زادت ترجمة الكتاب المقدس ألفي لغة ولهجة، وما زال الاحتياج موجوداً
والترجمات مستمرة، فهو الكتاب الوحيد الذي تحتاجه كل الشعوب لأنه إعلان
الله عن نفسه لبني البشر.
6. فريد في تأثيره:
ما من شخص مُخْلص تصفَّح الكتاب بغرض البحث عن الله فيه، ومعرفة طريق
العودة إلى الفردوس المفقود بالخلاص من الذنب، إلا ووجده ونال الخلاص،
فالكلمة حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين. كلام الله ينير ويعقل الجُهال
"سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي".
كان أحدهم أميراً لجماعة من جماعات التكفير والهجرة وكان المتعلم الوحيد في
هذه المجموعة (ثانية هندسة)، طُلب منه البحث عن أخطاء الكتاب المقدس
لمهاجمة أصحابه. وبعد رفض شديد لأنه وهو الأمير كيف يُمسك كتاباً محرفاً
فينجس طهارته؟ قَبِلَ على مضض ونتيجة الإلحاح. وبمجرد أن بدأ في القراءة
وجد نفسه لا يستطيع المقاومة أو ترك الكتاب، فاستمر أسبوعين لا يتحرك إلا
لقضاء الحاجة فقط حتى قرأ التوراة كلها، واكتشف الإله الحقيقي والسلام الذي
يفوق كل عقل وطريق الخلاص من الأوزار، فقرر أن يتبع صاحب هذا الكتاب الذي
عزف على أوتار قلبه لحن الخلاص ورفع عن كاهله أثقال أعوام مضت فأصبح حراً
من قيد فكري وجسدي منادياً باتِّباع هذا المخلص العظيم .. نعم إنه الكتاب
الفريد … فهل قرأته؟
المخطوطات:
كيف يتحرف كتابٌ عندنا كم هائل من مخطوطاته القديمة باللغة الأصلية يرجع
تاريخها إلى ما قبل الميلاد بـ 250 سنة؟!! وهي متاحة لأي شخص ليرجع إليها
بعد تعلم لغتها ليجد أن ما بين أيدينا هو نفسه الموجود بالمخطوطات.
وكلمة مخطوطة تعني " كل ما خُط باليد " ففي القديم لم تكن الطباعة معروفة
وكل ما كان يُكتب كان يُكتب باليد على جلود الحيوانات أو ورق البردي أو
الأحجار أو عظام كتف الحيوانات، وكلها مواد تفنى وتبلى. لذلك يلزم دائماً
إعادة كتابة كل ما يقارب على الفناء منها بجديد يسمى "مخطوطة" تخضع لشروط
واحتياطات ونظم صارمة في كتابتها حسب أوامر التلمود اليهودي مثل:
1- الدرج المستعمل للقراءة في المجمع يجب أن يكون مكتوباً على جلد حيوان طاهر.
2- يجب أن يُجهزه يهودي لاستعماله في المجمع.
3- تجمع الرقوق معاً بسيور مأخوذة من حيوان طاهر.
4- يجب أن يحتوي كل رق على عدد ثابت من الأعمدة في كل المخطوطة.
5- يجب أن يتراوح طول كل عمود ما بين 48-60 سطراً، وعرض العمود يحتوي على ثلاثين حرفاً.
6- يجب أن تكون الكتابة على السطر، ولو كُتبت ثلاث كلمات على غير السطر تُرفض المخطوطة كلها.
7- يجب أن يكون حبر الكتابة أسود، لا أحمر ولا أخضر ولا أي لون آخر، ويتم تجهيزه طبقاً لوصفة ثابتة.
8- يتم النقل بكل دقة من مخطوطة صحيحة تماماً.
9- لا يجب كتابة كلمة أو حرف أو نقطة من الذاكرة. يجب أن ينقل الكاتب كل شيء من المخطوطة النموذجية.
10- يجب ترك مسافة تسعة حروف بين كل فقرتين.
11- يجب ترك مسافة شعرة أو خيط بين كل حرفين.
12- يجب ترك ثلاثة سطور بين كل سفرين.
13- يجب إنهاء سفر موسى الخامس بانتهاء سطر. ولا داعي لمراعاة ذلك مع بقية الأسفار.
14- يجب أن يلبس الناسخ ملابس يهودية كاملة.
15- يجب أن يغسل جسده كله.
16- لا يبدأ كتابة اسم الجلالة بقلم مغموس في الحبر حديثاً.
17- لو أن ملكاً خاطب الكاتب وهو يكتب اسم الجلالة فلا يجب أن يعيره أي التفات.
من هذه النسخ المخطوطة والتي يعود تاريخها إلى القرون الأولى الميلادية:
1- النسخة الإسكندرانية : نسبة إلى مدينة الإسكندرية التي خُطت فيها ويرجع
تاريخ نسخها إلى سنة 325م وهي ما تزال محفوظة في المتحف البريطاني بلندن.
2- النسخة الفاتيكانية : نسبة إلى مكتبة الفاتيكان المحفوظة بها وتاريخ نسخها من 300 – 325م.
3- النسخ السينائية : نسبة إلى جبل سيناء حيث اكتُشفت في دير سانت كاترين عام 1844 ويرجح أنها كتبت عام 350 م.
4- النسخة الإفرائيمية : في دار الكتب الوطنية بباريس باللغة اليونانية يرجح أنها نُسخت عام 450 م.
عندنا آلاف النسخ من هذه المخطوطات الأربع للكتاب المقدس كاملاً بالإضافة
إلى كم هائل من القصاصات التي تحتوي على أجزاء من الكتاب المقدس مثل:
مخطوطات وادي قمران: التي اكتُشفت عام 1947 بالأردن وتحتوي على مخطوطة
كاملة لسفر إشعياء باللغة العبرية يرجح أنها كتبت في القرن الثاني
الميلادي.
كذلك أسفار اللاويين وأيوب والمزامير وحبقوق وكلها مطابقة تماماً للنصوص الموجودة بين أيدينا اليوم.
كيف يتحرف هذا الكتاب وكل مخطوطاته قد تعرضت للفحص الدقيق والبحث العلمي
وهو ما يسمى بعلم الببلوغرافيا أو ثبت المراجع أو نقد النص، وهو علم معترف
به في الجامعات، استُخدم لبحث كتابات الأقدمين، لأننا لا نملك الكتابات
الأصلية. لكن كل ما نملكه هو مخطوطات لهؤلاء. وهذا العلم يبحث في صحة نسبة
المكتوب إلى الكاتب فمثلاً كتابات العلماء المشهورين أمثال أفلاطون وأرسطو
وهيرودوت نملك من المخطوطات المنسوبة إليهم العدد القليل فأرسطو له 7
وأفلاطون 8 وهيرودوت له 48. هذه المخطوطات يرجع تاريخ نسخها من زمن كتابتها
1200 و1300 و1400 سنة وهذا العلم يقول إنه كلما قرب زمن النسخ لزمن
الكتابة كلما كانت المخطوطة صحيحة.
ونحن نعتمد في جامعاتنا على هذه المخطوطات القليلة البعيدة عن زمن كاتبها
ونقر ونعترف أنها أفلاطونيات أو كتابات أرسطو وهيرودوت وتُدرس في الجامعات
ولا يعترينا أي شك أو شبه تحريف فيها.
فإذا ما عرضنا الإنجيل لمثل هذا العلم وبحثنا في مخطوطاته لوجدنا الآتي:
مخطوطة مثل جون ريلاند تحتوي على إنجيل يوحنا مكتوبة سنة 130م ونحن نعرف أن
إنجيل يوحنا كتب ما بين 80-100م وهذا يعني أن المخطوطة يبعد زمنها عن
كاتبها البشير يوحنا بين 30-50 سنة فقط .
وقد نشرت جريدة الأهرام سنة 1991 أنه عثر على مخطوطة إنجيل متى في الأقصر
يرجع تاريخ كتابتها إلى سنة 60 ميلادية والمعروف أن إنجيل متى كُتب سنة 45م
وهذا يعني أنه خلال 15 سنة فقط وصلت نسخة من إنجيل متى من موطنها الأصلي
في آسيا إلى الأقصر، وهو زمن قياسي، مما يدل على انتشار الإنجيل السريع
والمذهل في أرجاء العالم المعروف في ذلك الوقت.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كتابكم محرَّف ....
سؤال يطرحه الأصدقاء، في صدق أو في شك ، يهاجم دون دليل، أو يسأل لأنه
يفتقر إلى البرهان، حائر بين الشك واليقين بين التصديق وعدمه، يحاول أن
يُعمِل العقل فلا يجد برهاناً يشفي الغليل. يحاول أن يسأل أهل الذكر فيجد
الغالبية تخاف أو تجهل البرهان أو لا تستطيع أن تعبر عن إيمانها بما يزيح
الشك وينير الطريق.
حتى هو نفسه أخافوه وأرعبوه من الاقتراب إلى الكتاب، ويقولون له: يكفي ما
عندك. لستَ بحاجة إلى غير ما تملك. والغريب إذا حاول الاقتراب من عنده يجد
الآيات البينات التي تقول إن الكتاب هُدى ونور، وإنه تنزيل العلي، الواجب
الرجوع إلى أهله إذا شك في كلمات ربه (يونس 10: 94) وتذكير أهله بالحكم
بما فيه وليس بإلغائه والحكم بحسب ما جاء بعده من رسالة وكتاب (مائدة 5:
47).
إن دعوة التحريف تُظهر على السطح أسئلة كثيرة، بل كل علامات الاستفهام التي نعرفها في لغتنا الجميلة: أين، كيف، من، لماذا، متى؟
دعونا نطرح هذه الأسئلة ونجاوب عليها تباعاً:
أين؟
تقول إن كتابنا مُحرَّف، فأين الكتاب الصحيح الذي من خلاله استطعت أن تُجزم أنه ليس الصحيح؟
• جاوبني أولُهم قائلاً: إن النبي عيسى عليه السلام، ولأنه يعرف الغيب، عرف
أنكم أناس لا تستحقون نعمة وجود الكتاب المقدس الصحيح بين أيديكم لأنكم
ستغيِّرون ما به من أحكام وأقوال، فأخذه معه حينما رفعه الله إليه، وأعاده
إلى مكانه الطبيعي في السماء العليا عند العرش.
• ثم قال لي ثانيهم : في العصور الوسطى، عصور الظلام الفكري وسيادة الكنيسة
وتسلطها منعت الشعب من الإطلاع على الكتاب المقدس، وقصرت معرفته على
الآباء الكهنة فقط لدرجة أنهم جاءوا بالنسخة الأصلية بعد ربطها بسلاسل من
حديد وطرحوها في أعماق المحيط حتى لا تكون في متناول أحد. وبذلك اختفت
وضاعت. وما بين أيديكم اليوم هو تأليف وتزوير ومحض افتراء.
• قال ثالثهم : قالوا لنا إن النسخة الأصلية موجودة فقط مع رؤساء الطوائف
الثلاث الأرثوذكسية، الكاثوليكية، الإنجيلية، أما عامة الشعب فليس لديها
إلا المُحرف.
ثم تابعت سؤالي: هل قرأت الكتاب بنفسك حتى تكتشف زيفه وتحريفه ؟ وكان الرد من الجميع بالنفي .
إذاً أين التحريف؟ هل حُرِّف الكتاب كلُّه وكُتب آخر جديد؟ أم هل تحرف جزء
منه؟ أم هل تحرفت عدة آيات؟ إذاً أين هي؟ هل يمكنك أن تشير إليها حتى
يمكننا البحث وإجلاء الحقيقية؟ والرد: لا نعرف.
وهنا تأتي المشكلة الكبرى: أنت تؤمن أن التوراة والإنجيل تنزيل العلي حسب
كتابك الكريم، فالله سبحانه هو مصدره، مؤلفه ومرسله. فأين كان سبحانه حينما
تم التحريف؟ هل يمكن أن تتجرأ وتقول إنه لم يعرف بالتحريف؟ سبحانه علام
الغيوب الذي هو على كل شيء قدير.
أم أنه لم يبالِ به، وبعد أن نزَّله لم يعُد يعنيه منه شيء، وليكن ما يكون!!!
إن دعوى التحريف تنسب لله تعالى صفات غير صفاته:
- تنسب إليه عدم الحب: فالرسالة التي أرسلها لنا ليعلن فيها من هو وما
يطلبه منا، ترسم لنا الطريق للعودة إلى الفردوس المفقود بخطأ أبوينا آدم
وحواء، ما هو هدف حياتنا، أين سنكون في آخرتنا، إنها إعلان حب من إله محب
يهتم بخليقته التي أوجدها، كما يهتم الآب بأولاده والراعي برعيته!! فبعد كل
هذا يترك رسالته لتتغير وتتبدل، وتكون النتيجة هلاك خليقته وتركهم
للمخادعين دون من يحمي أو يعتني؟! إننا بذلك ننسب لله أنه إله غير محب، لا
يهتم ولا يعتني ولا يبالي. سبحانه عز وجل لأنه علا عن ذلك علواً كبيراً.
- إنه إله غير قادر: أن يحفظ رسالته وكلمته من التغيير والتبديل والتحريف.
إن الحكومة التي تصدر قانوناً، تصدره بدافع الاهتمام بالرعية فالقانون
لصالحها، وتقوم بتنفيذه لتعلن هيبتها وقدرتها، والحكومة التي لا تهتم
بتنفيذ القانون هي حكومة ضعيفة لا تهتم برعيتها، والرعية لا تهابها ولا
تقدِّرها، فتعم الفوضى ويسود قانون الغابة في أراضيها. فالذي يقول إن الله
عز وجل لم يحفظ رسالته وقانونه الأدبي والأخلاقي، وترك الناس يغيرون
ويبدلون فيما أعلنه، ينسب له عدم القدرة على حفظ قانونه. وحاشا لله أن يكون
كذلك، فهو كلي القدرة، القوي الذي يستطيع كل شيء ولا يعسر عليه أمر الذي
بيده أمرنا وهو على كل شيء قدير.
إنه إله غير قدوس : إن دعوى التحريف تنسب لله عدم القداسة، فكيف لنا نحن
الخطائين الذين ارتكبنا كل إثم وفجور، كيف ندخل إلى قدس أقداس العلي، في
كتابه العزيز المقدس، ونغير ونُحرف؟!! هل يمكن أن تهزم الظلمة والنجاسة
النور والقداسة، أو تختلط بهم؟
.. حاشا لله.
من ؟!!!
من يحرف الكتاب؟ اليهود أم المسيحيون أم هما معاً؟!!!
¨ إن قيل إن اليهود حرفوه، نقول: هذا من رابع المستحيلات لعدة أسباب منها:
1- اليهود يحبون كتابهم ويقدسونه، وقد رأينا طقوس كتابة المخطوطات ونسخها
والشروط الصعبة الدقيقة في هذه العملية مع تخصيص فئة متخصصة في الكتابة (هم
الكتبة) للقيام بعملية تجديد المخطوطات القديمة كلما استدعى الأمر ذلك.
2- وجود بعض الأخطاء الظاهرية في الأسفار حتى اليوم مثل:
أ. 2 صم 10: 18 أن داود قتل من آرام 700 مركبة بينما يذكر في 1أخ 19: 18 أنه قتل 7000 مركبة
( قد يبدو للوهلة الأولى ان هناك تضارباً في الأقوال، لكن بالرجوع إلى ذلك
العصر ندرك أن المركبة الحربية كانت تسع عشرة جنود، وهكذا يكون المقصود في
الأولى عدد المركبات؛ أما في الثانية فهو عدد الراكبين. كما أن كلمة
مركبة الواردة في 1أخ بمعنى راكب أو جندي للتفرقة بين المحاربين في مركبات
والمحاربين الفرسان أو المشاة)
ب. 1مل 7: 26 يقول إن الحوض يسع ألفي بث؛ بينما في 2أخ 4: 5 يقول إنه يأخذ
ويسع 3000 بث ( الأولى تعبر عن الكمية وقت الاستعمال لترك مساحة للمياه
المزاحة نتيجة حجم المستحم فيها حتى لا تفيض خارجه؛ أما الثانية فتعبر عن
السعة الكاملة التي يمكن أن يأخذها الحوض في حالة ملئه إلى حافته).
ج- 1مل 4: 26 يقول إنه كان لسليمان 40,000 مزود خيل؛ بينما يقول 2أخ 9: 25
إنه كان له 4000 مزود.. (المزود به عشرة عيون لعشرة خيول، فيكون المقصود
في الأولي عدد الخيول وفي الثانية عدد البلوكات ذات المزاود العشرة).
ولو كان عند اليهودي إمكانية التبديل والتعديل لأصلح هذه التي يُظن أنها أخطاء لكنها في الظاهر فقط.
3- ذكر خطايا للأنبياء في التوراة مثل كذب إبراهيم وقوله لامرأته: " قولي
إنك أختي". وزنى داود الرجل الذي وُجد حسب قلب الرب، صاحب المملكة العظيمة
الموعود لها بالاستمرار للأبد. فكان بالأولى أن يحذفوها ويغلقوا الباب
الذي يأتي منه الريح حتى لا تشوب سيرة أنبيائهم أي شائبة. فوجودها حتى
اليوم برهان قوي على عدم زيادتهم أو حذفهم من كتابهم.
4- اليهود والمسيحيون ليسوا على وفاق، ويختلفون في العقيدة والإيمان في عقائد أساسية حول شخصية السيد المسيح والصليب والخلاص.
المسيحيون عندهم نفس توراة اليهود ويؤمنون بها ويعتبرونها مع الإنجيل
"كتابهم المقدس" العهد القديم والعهد الجديد. فلو حاول اليهود تغيير أو
تبديل أي آية أو كلمة أو حرف لسارع المسيحيون فوراً بالاعتراض وتقديم
الدليل، فالكتاب الصحيح أيضاً معهم. فإن كانت عند اليهود إمكانية فِعل ذلك
لعملوا ألف حساب قبل كل شئ للمسيحيين وللنسخة طبق الأصل لتوراتهم التي
معهم.
5- هناك وصية في تثنية 4: 2 " لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا
تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم … " وبكل تأكيد كان بينهم من
يحترم ويحفظ كتابه ويطيعه.
¨ إن قيل إن المسيحيين هم الذين قاموا بالتحريف، قلنا:
1. المسيحيون يحبون كتابهم أيضاً ويقدسونه ويملكون آلاف المخطوطات من قبل
الميلاد بمئات السنين تطابق النسخ الموجودة والترجمات التي بين أيديهم
تماماً.
2. توجد أخطاء ظاهرية في العهد الجديد. ولو كان عند المسيحيين احتمال
التحريف لقاموا بتعديل هذه الأخطاء وسد الباب الذي يأتي منه الريح.
3. هناك ذكر لخطايا الرسل والمؤمنين والكنيسة (سفر أعمال الرسل 15: 39 و40
الرسالة إلى أهل كورنثوس 1كو 5: 1، سفر الرؤيا الأصحاحات الثلاثة الأولى)
لو كان احتمال للتحريف لحذفوا فوراً هذه الخطايا.
4. يوجد تحذير شديد اللهجة في سفر الرؤيا الأصحاح 22: 18-19 "لأني أشهد لكل
من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب، إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه
الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه
النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في
هذا الكتاب."
5. كلنا نعرف عنف الاضطهاد وقسوته الذي تعرض له المسيحيون عبر العصور
المختلفة في القرون الأولى، وخاصة أيام دقلديانوس الذي أحرق المنازل وغلى
الأجسام في الزيت. ومع ذلك كان المسيحيون يتمسكون بالكلمة ويبشرون بها بفرح
حاسبين أنفسهم مستأهلين أن يُهانوا من أجل المسيح. فهل يمكن لأناس حرفوا
كتابهم ويعرفون ذلك تماماً أن يُقدموا على الموت بفرح من أجل كذبة أو خدعة
وكتاب حرفوه بأيديهم؟!!
متـــى ؟؟
متى تم هذا التحريف؟ الاحتمالات الموجودة أربعة لا خامس لهم. إما قبل السيد المسيح أو بعده أو قبل الإسلام أو بعده.
• فإذا كان قبل المسيح قلنا: لا يمكن للأسباب الآتية:
1- اقتبس السيد المسيح منها حين جُرب في البرية وكانت إجاباته كلها من
التوراة مبتدأً بالقول "مكتوب". فهل يمكن أن يقتبس من كتاب محرف؟!
2- قال السيد المسيح يو 5: 39 لليهود "فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها
حياة أبدية هي التي تشهد لي"؟!! فكيف يحيل اليهود ليفتشوا في كتاب محرف.
3- قال لليهود (يو 5: 46) موسى كتب عني ذاكراً التوراة فهل يمكن أن يذكر كتاباً محرفاً؟
• وإذا كان التحريف بعد المسيح أي في عصر التلاميذ، قلنا أيضاً لا يمكن:
لأن التلاميذ اقتبسوا من التوراة في سرد قصة حياة السيد المسيح مستشهدين
بنبوات الكتاب "كما قيل بالنبي القائل، كما قال النبي.." فكيف يستشهدون
بكتاب محرف؟!!
• هل يمكن قبل الإسلام؟ نقول: لا يمكن، لأن القرآن ذكر التوراة والإنجيل
بخير الكلام وأحلى الصفات مُذكراً أهل الإنجيل بإقامة أحكامه، واصفاً من لم
يقم بها "بالفاسقين" (مائدة 5: 47) كما أنه ينصح المؤمنين به بسؤال أهل
الكتاب في حالة الشك فيما أنزل إليه (يونس 10: 94) والمؤمنين بسؤال أهل
الذكر، إذا كانوا لا يعلمون (النحل 16: 43). ولم يذكر لنا شيئاً عن الكتاب
المحرف ولا وصية بالبُعد والحذر منه وتنبيه المؤمنين من أهله حتى لا يختلط
الأمر عليهم.
• إذاً هل يمكن أن يكون تم التحريف بعد الإسلام؟
وبتلك الدعوى يكون النبي والمسلمون قد أخفقوا في تنفيذ أمر الله لهم والذي
جاء في سورة المائدة 5: 48 مطالباً إياهم أن يحفظوا الكتاب (التوراة
والإنجيل) من الضياع والتحريف – فيُسألون عن ذلك.
كما لم يعلن أحد من الأئمة والمفسرين الأولين عن هذا ويحذرون من المحرف
ويروجون السليم، أو قل أضعف الإيمان يحتفظون بالسليم لأنه كلمة الله ليكون
شاهداً على أهل البدع والتحريف معلنين آيات التحريف أو الأجزاء التي تم
تحريفها بكل وضوح وجلاء حتى لا يلتبس الأمر على المسلم الأمين بل يكون على
علم يقين.
كيـــف؟
كيف يتم التحريف في كتاب بلغت آحاده المسكونة كلها وانتشر في ربوعها بسرعة
شديدة. فكيف يمكن جمع كل النسخ وحرقها وتدوين جديد محرف في عالم لم يعرف
الطباعة بعد، فالكتابة يدوية مرهقة، والكتاب كبير يأخذ من الوقت والجهد
والأموال ما لا طاقة لأحد بهم؟
وهل اتحد كل المسيحيين على التحريف ولم يكن بينهم معارض لهذه الفكرة ، أو
مؤمن متمسك بكتابه فيحفظه لنا ويقاوم المبدعين المحرفين ، فتنتشر هذه
الأفكار وتَعلمُ بها المسكونة كلها ويُعرف الغث من السمين؟ كيف تم التحريف
ونحن لم نسمع عن ذلك خلال سبعة قرون لم يظهر لنا فيها معترض أو كتاب مخالف
أو بدعٍ تتبنى هذه الفكرة؟
كيف يُحرف هذا الكتاب الفريد إذا قورن بكتب كثيرة؟
سأل عالم وهو في مكتبه ابنه أن يعطيه الكتاب، فقال الابن مندهشاً: أي كتاب
تريد يا والدي؟ أجابه الوالد: حينما أقول الكتاب بادئاً بألف لام التعريف
فإني أقصد الكتاب المقدس، لأنه فريد. إذا وضعت كل الكتب التي أمامك في
المكتبة في كفة ميزان والكتاب المقدس في الكفة الأخرى لرجحت كفة الكتاب
المقدس، فهو الكتاب الفريد.
1- فريد في ترابطه:
على الرغم من أن عدد الكُتّاب الذين كتبوه أربعون كاتباً، في زمن يناهز
1600 عاماً "كتبه رجال الله القديسون مسوقين بالروح القدس" (1بطرس 2: 21).
• كتبوه في أماكن مختلفة : فمنهم من كتب في السجن ( بولس )، ومنهم من كتب
في القصر ( دانيال )، ومنهم من كتب في الصحراء ( موسى )، ومنهم من كتب في
عيادته ( لوقا ).
• كتبوه في حالات نفسية مختلفة : منهم من كتب في أيام الحرب فكانت كلماته
كلها تصب جام الغضب على الأعداء والدعاء لله بأن يفنيهم ويكسرهم، مثل داود
في مزاميره الشهيرة.
• ومنهم من كتب في حالات السلم والرخاء فكانت كلماته رقيقة فيها حكمة وأمثال سليمان الحكيم.
• كتب بلغات مختلفة : العبرانية والآرامية واليونانية.
• كُتب في قارات مختلفة : أوربا وآسيا وأفريقيا.
وعلى الرغم من ذلك نجده كتاباً مترابطاً من أول سفر فيه إلى آخره على الرغم
من وجود مئات المواضيع الجدلية التي تحتمل الأخذ والعطاء. أسوق لك مثالاً
ليقرب الفكرة:
في ألعاب الأوليمبياد 1989 والتي اشترك فيها فريق مصر الأول بقيادة المدرب
الجوهري، كان الحديث في الجرائد المصرية اليومية عن الفريق وإنجازاته
موضوع جدلي واحد اختلف فيه النقاد في جريدة واحدة مثل الأهرام، فقال ناقد
رياضي إن الجوهري أدخل الفريق إلى العالمية، وإن ما صنعه الفريق يُعد
إعجازاً.. في ذات الوقت وفي ذات الصفحة من نفس الجريدة، كتب ناقد آخر
يقول: ما هذا الذي فعله الجوهري؟ هل يمكن لفريق في كأس العالم أن يلعب
بطريقة دفاع المنطقة كل الفريق في صندوق المرمى، بالطبع لن يدخل مرماه أي
هدف. أن ما قدمه الفريق لا يُحسب له بل عليه.
موضوع جدلي واحد في ذات العصر من كاتبين في جريدة واحدة، لهما نفس المستوى الثقافي، ولكنهما اختلفا في الحكم في موضوع جدلي واحد.
الكتاب المقدس يحتوي على مواضيع جدلية كثيرة مثل موضوع الخلاص وطريقه.
لم يكتب أحدهم أن الخلاص بسفك الدم بينما كتب آخر أننا في عصر الكمبيوتر
نضغط على زر فنحصل على الخلاص. بل على العكس نجد أن هناك خطاً قرمزياً عبر
الكتاب كله من أول سفر التكوين إلى آخر سفر الرؤيا يقول " بدون سفك دم لا
تحصل مغفرة " على الرغم من اختلاف الكُتاب، واختلاف زمن الكتابة، واختلاف
اللغة والثقافة والمكان والحالة النفسية، وتباعد القارات عن بعضها وعدم
اتصالهم بعضهم البعض.
2• فريد في توزيعه:
أكثر كتب العالم توزيعاً بلا منافس، فقد احتاجت دار الكتاب المقدس منذ
خمسين عاماً أن تطبع كل 3 ثوان كتاباً أي حوالي 28800 كتاب يومياً لتكفي
الطلب وتسد الاحتياج.
3• فريد في بقائه : على الرغم من:
(أ) الزمن : لقد كُتب الكتاب على أوراق البردي، والحجارة، وجلود الحيوانات،
وكلها مواد تبلى وتفنى. ومع ذلك فعندنا آلاف المخطوطات التي يرجع زمن
كتابتها إلى 250 ق.م.
(ب) النقد : أول وأكثر كتاب يقابل بموجات نقد عاتية عبر كل العصور:
* موجات نقد عالية higher criticism قادها علماء ألمان في القرن 19 وكان
نقدهم مبنياً على أن ما بالكتاب يخالف ما هو موجود ومتعارف عليه في الحياة
مثل:
- ما جاء في سفر يشوع عن سقوط سور أريحا في مكانه، فهذا يخالف للعُرف والطبيعة، فالسور يسقط إما إلى الداخل أو إلى الخارج.
- وصول إبراهيم أبو الأنبياء إلى مصر راكباً جملاً، فكيف حدث ذلك ولم تكن
الجمال موجودة أثناء وجود إبراهيم في مصر؟ لا بد أن يكون هناك خطأ لأنه
ينافي الواقع.
- الكتابة لم تكن موجودة في عصر موسى، فكيف يقول الكتاب إن موسى هو كاتب التوراة؟
• موجات نقد واطي lower criticism
وهو الذي يزعم بوجود اختلاف بين آيات الكتاب وبعضها في الأسفار المختلفة.
(ج) الاضطهاد : الكتاب الوحيد الذي قوبل بالاضطهاد منذ عهد الرومان البعيد
حتى الشيوعية القريبة، هو الكتاب المقدس، فقد أحرقوه وأحرقوا أصحابه،
ووضعوهم في الزيت المغلي وأحرقوا بيوتهم ودور عبادتهم وأماكن تجمعهم
وطاردوهم في كل مكان.
قال الملحد الفرنسي المعروف فولتير سنة 1778م إن المسيحية والكتاب المقدس
لن يبقيا لأكثر من خمسين عاماً. ولكن بعد خمسين عاماً أصبح فولتير في ذمة
الله، وأخذت دار الكتاب المقدس منزله ومطبعته لتستخدمهما في طبع الكتاب
المقدس وتوزيعه. بقي الكتاب عبر السنين، ومضى فولتير إلى التراب الذي منه
خُلق!
4. فريد في تعاليمه:
تعاليم نبوية : الكتاب الوحيد المليء بالنبوات المستقبلية عن مدن وشعوب
وأفراد هو الكتاب المقدس. وهناك فرق بين الأسطورة والنبوة، فالأسطورة كلمات
جميلة تحكي عن رؤية مستقبلية لا يمكن أن تتحقق بكاملها. أما النبوة فهي
رؤية مستقبلية تتحقق كلها وبكاملها. وفي الكتاب نبوات عن مدن تحققت كلها
كما قيلت بطريقة مذهلة ومعجزية خارقة للعادة وفوق الطبيعة.
كما أن هناك أكثر من 330 نبوة عن السيد المسيح ميلاده، حياته، تعاليمه، آخر
أيامه على الأرض، صليبه وما تم فيه، قيامته وصعوده، كلها مكتوبة قبل مئات
السنين وتحققت كلها في ملء الزمان.
• تعاليم تاريخية:
الكتاب الفريد الذي يحكي تاريخ شعب في حقبة تقدر بخمسمائة سنة هي تاريخ
الشعب اليهودي من صموئيل إلى سفر الأخبار – يحكي بكل تدقيق أنسابهم
ورحلاتهم وأحوالهم وما حدث لهم بتفصيل يفوق كل التاريخ حتى التاريخ
الفرعوني.
• تعاليم شخصية:
أي مؤرخ يكتب تاريخ حياة شخص ما، يسجل دائماً الجوانب المضيئة من حياته
ويبتعد قدر المستطاع أو يكاد لا يذكر أي جوانب سيئة منها.. إلا الكتاب
المقدس حينما يذكر أشخاصه كتب عنهم كل شيء، حلوهم ومرَّهم، مناطق القوة
والضعف فيهم، الجوانب المضيئة والسيئة. فمثلاً إبراهيم الرجل الذي أطاع
الله حتى قدم ابنه ذبيحة ومحرقة طاعة لأمر الله وحتى لُقب بأب المؤمنين،
يذكر عنه الكتاب أنه كذب وقال إن امرأته سارة هي أخته.
داود الرجل الذي وُجد حسب قلب الرب، كاتب المزامير الرائعة التي فيها ينادي
بحبه لله وغيرته على شعبه، يذكر الكتاب أنه زنى مع بثشبع امرأة أوريا
الحثي، بل وقتله أيضاً. وهذا ليوضح لنا إن "الجميع زاغوا وفسدوا وليس من
يعمل صلاحاً" الجميع غير معصومين من الخطية ولم يمشِ على أرضنا أحد بدون
خطية إلا شخص واحد فريد هو الرب يسوع.
5. فريد في ترجمته:
عادة يُترجم الكتاب من اللغة الأصلية إلى لغة شعب آخر إذا كان محتواه
صالحاً ونافعاً للبيئة المترجم إليها. وكلما زادت ترجمات الكتاب دلَّ هذا
على صلاحيته لكثير من الشعوب مثلما حدث مع كاتبنا العظيم الأستاذ نجيب
محفوظ حيث نال جائزة نوبل لكثرة ترجمات كتبه (ثلاث لغات).
الكتاب المقدس أول كتاب في التاريخ يترجم من لغته الأصلية (العبرانية) إلى
اللغة اليونانية 250 ق.م بما عرف بالترجمة السبعينية نسبة إلى 72 شيخ
يهودي قاموا بترجمته في الإسكندرية بأمر من بطليموس حسب نصيحة مدير مكتبة
الإسكندرية اليهودي الذي بشره بالخير العظيم الذي يحل على البلاد إذا
تُرجم الكتاب (التوراة) إلى اللغة اليونانية. وبالفعل أحضر بطليموس 72
شيخاً من فلسطين، ووضع كل واحد منهم في حجرة منفصلة ليضمن سلامة الترجمة
التي قارنها ببعضها في النهاية فكانت واحدة.
واليوم زادت ترجمة الكتاب المقدس ألفي لغة ولهجة، وما زال الاحتياج موجوداً
والترجمات مستمرة، فهو الكتاب الوحيد الذي تحتاجه كل الشعوب لأنه إعلان
الله عن نفسه لبني البشر.
6. فريد في تأثيره:
ما من شخص مُخْلص تصفَّح الكتاب بغرض البحث عن الله فيه، ومعرفة طريق
العودة إلى الفردوس المفقود بالخلاص من الذنب، إلا ووجده ونال الخلاص،
فالكلمة حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين. كلام الله ينير ويعقل الجُهال
"سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي".
كان أحدهم أميراً لجماعة من جماعات التكفير والهجرة وكان المتعلم الوحيد في
هذه المجموعة (ثانية هندسة)، طُلب منه البحث عن أخطاء الكتاب المقدس
لمهاجمة أصحابه. وبعد رفض شديد لأنه وهو الأمير كيف يُمسك كتاباً محرفاً
فينجس طهارته؟ قَبِلَ على مضض ونتيجة الإلحاح. وبمجرد أن بدأ في القراءة
وجد نفسه لا يستطيع المقاومة أو ترك الكتاب، فاستمر أسبوعين لا يتحرك إلا
لقضاء الحاجة فقط حتى قرأ التوراة كلها، واكتشف الإله الحقيقي والسلام الذي
يفوق كل عقل وطريق الخلاص من الأوزار، فقرر أن يتبع صاحب هذا الكتاب الذي
عزف على أوتار قلبه لحن الخلاص ورفع عن كاهله أثقال أعوام مضت فأصبح حراً
من قيد فكري وجسدي منادياً باتِّباع هذا المخلص العظيم .. نعم إنه الكتاب
الفريد … فهل قرأته؟
المخطوطات:
كيف يتحرف كتابٌ عندنا كم هائل من مخطوطاته القديمة باللغة الأصلية يرجع
تاريخها إلى ما قبل الميلاد بـ 250 سنة؟!! وهي متاحة لأي شخص ليرجع إليها
بعد تعلم لغتها ليجد أن ما بين أيدينا هو نفسه الموجود بالمخطوطات.
وكلمة مخطوطة تعني " كل ما خُط باليد " ففي القديم لم تكن الطباعة معروفة
وكل ما كان يُكتب كان يُكتب باليد على جلود الحيوانات أو ورق البردي أو
الأحجار أو عظام كتف الحيوانات، وكلها مواد تفنى وتبلى. لذلك يلزم دائماً
إعادة كتابة كل ما يقارب على الفناء منها بجديد يسمى "مخطوطة" تخضع لشروط
واحتياطات ونظم صارمة في كتابتها حسب أوامر التلمود اليهودي مثل:
1- الدرج المستعمل للقراءة في المجمع يجب أن يكون مكتوباً على جلد حيوان طاهر.
2- يجب أن يُجهزه يهودي لاستعماله في المجمع.
3- تجمع الرقوق معاً بسيور مأخوذة من حيوان طاهر.
4- يجب أن يحتوي كل رق على عدد ثابت من الأعمدة في كل المخطوطة.
5- يجب أن يتراوح طول كل عمود ما بين 48-60 سطراً، وعرض العمود يحتوي على ثلاثين حرفاً.
6- يجب أن تكون الكتابة على السطر، ولو كُتبت ثلاث كلمات على غير السطر تُرفض المخطوطة كلها.
7- يجب أن يكون حبر الكتابة أسود، لا أحمر ولا أخضر ولا أي لون آخر، ويتم تجهيزه طبقاً لوصفة ثابتة.
8- يتم النقل بكل دقة من مخطوطة صحيحة تماماً.
9- لا يجب كتابة كلمة أو حرف أو نقطة من الذاكرة. يجب أن ينقل الكاتب كل شيء من المخطوطة النموذجية.
10- يجب ترك مسافة تسعة حروف بين كل فقرتين.
11- يجب ترك مسافة شعرة أو خيط بين كل حرفين.
12- يجب ترك ثلاثة سطور بين كل سفرين.
13- يجب إنهاء سفر موسى الخامس بانتهاء سطر. ولا داعي لمراعاة ذلك مع بقية الأسفار.
14- يجب أن يلبس الناسخ ملابس يهودية كاملة.
15- يجب أن يغسل جسده كله.
16- لا يبدأ كتابة اسم الجلالة بقلم مغموس في الحبر حديثاً.
17- لو أن ملكاً خاطب الكاتب وهو يكتب اسم الجلالة فلا يجب أن يعيره أي التفات.
من هذه النسخ المخطوطة والتي يعود تاريخها إلى القرون الأولى الميلادية:
1- النسخة الإسكندرانية : نسبة إلى مدينة الإسكندرية التي خُطت فيها ويرجع
تاريخ نسخها إلى سنة 325م وهي ما تزال محفوظة في المتحف البريطاني بلندن.
2- النسخة الفاتيكانية : نسبة إلى مكتبة الفاتيكان المحفوظة بها وتاريخ نسخها من 300 – 325م.
3- النسخ السينائية : نسبة إلى جبل سيناء حيث اكتُشفت في دير سانت كاترين عام 1844 ويرجح أنها كتبت عام 350 م.
4- النسخة الإفرائيمية : في دار الكتب الوطنية بباريس باللغة اليونانية يرجح أنها نُسخت عام 450 م.
عندنا آلاف النسخ من هذه المخطوطات الأربع للكتاب المقدس كاملاً بالإضافة
إلى كم هائل من القصاصات التي تحتوي على أجزاء من الكتاب المقدس مثل:
مخطوطات وادي قمران: التي اكتُشفت عام 1947 بالأردن وتحتوي على مخطوطة
كاملة لسفر إشعياء باللغة العبرية يرجح أنها كتبت في القرن الثاني
الميلادي.
كذلك أسفار اللاويين وأيوب والمزامير وحبقوق وكلها مطابقة تماماً للنصوص الموجودة بين أيدينا اليوم.
كيف يتحرف هذا الكتاب وكل مخطوطاته قد تعرضت للفحص الدقيق والبحث العلمي
وهو ما يسمى بعلم الببلوغرافيا أو ثبت المراجع أو نقد النص، وهو علم معترف
به في الجامعات، استُخدم لبحث كتابات الأقدمين، لأننا لا نملك الكتابات
الأصلية. لكن كل ما نملكه هو مخطوطات لهؤلاء. وهذا العلم يبحث في صحة نسبة
المكتوب إلى الكاتب فمثلاً كتابات العلماء المشهورين أمثال أفلاطون وأرسطو
وهيرودوت نملك من المخطوطات المنسوبة إليهم العدد القليل فأرسطو له 7
وأفلاطون 8 وهيرودوت له 48. هذه المخطوطات يرجع تاريخ نسخها من زمن كتابتها
1200 و1300 و1400 سنة وهذا العلم يقول إنه كلما قرب زمن النسخ لزمن
الكتابة كلما كانت المخطوطة صحيحة.
ونحن نعتمد في جامعاتنا على هذه المخطوطات القليلة البعيدة عن زمن كاتبها
ونقر ونعترف أنها أفلاطونيات أو كتابات أرسطو وهيرودوت وتُدرس في الجامعات
ولا يعترينا أي شك أو شبه تحريف فيها.
فإذا ما عرضنا الإنجيل لمثل هذا العلم وبحثنا في مخطوطاته لوجدنا الآتي:
مخطوطة مثل جون ريلاند تحتوي على إنجيل يوحنا مكتوبة سنة 130م ونحن نعرف أن
إنجيل يوحنا كتب ما بين 80-100م وهذا يعني أن المخطوطة يبعد زمنها عن
كاتبها البشير يوحنا بين 30-50 سنة فقط .
وقد نشرت جريدة الأهرام سنة 1991 أنه عثر على مخطوطة إنجيل متى في الأقصر
يرجع تاريخ كتابتها إلى سنة 60 ميلادية والمعروف أن إنجيل متى كُتب سنة 45م
وهذا يعني أنه خلال 15 سنة فقط وصلت نسخة من إنجيل متى من موطنها الأصلي
في آسيا إلى الأقصر، وهو زمن قياسي، مما يدل على انتشار الإنجيل السريع
والمذهل في أرجاء العالم المعروف في ذلك الوقت.