شكرًا.. شكرًا.. شكرًا!
فاطمة ناعوت
الثلاثاء، 7 فبراير 2012 - 15:34
كارثةٌ أن نعتاد مشهد الدم
المصرى، حتى بات لا يحرّك صناع القرار! ما معنى أن يُراق دمُ أربعة وسبعين
مصريّا ما بين شابٍّ وصبىٍّ وطفل، فى مباراة كرة قدم، أخذت اسم «موقعة
بورسعيد»، أشرف بقاع مصر، ثغر مصر النبيل؟ وأن تتم المذبحة على مرأى ومسمع
من أفراد الأمن الذين أخذوا دور المتفرج كما ظهر لنا فى لقطات البثّ
التليفزيونى! ما معنى أن يُسمح بدخول أسلحة لأرض الملعب، وأن تكتشف لجنةُ
تقصى الحقائق «لِـحامًا حديث العهد» فى بواباب مدرجات الأهلى، كيلا ينجو
أحدٌ من شبكة الويل التى حيكت للمصريين بليلٍ؟ ما معنى أن تشبَّ النيران فى
منشآت حكومية قد تتحول إلى كبسولة «هولوكوست» لموظفين عُزّل؟ ما معنى أن
يُخطف أطفالٌ ويدفع ذووهم فدية استعادتهم؛ لأن المباحث فاشلة؟ ما معنى أن
يُطوّق البلطجيةُ شوارعَ مصر لاقتحام البنوك واستلاب المواطنين بالإكراه؟
ونعود للوراء قليلاً، برهةً
خاطفةً على مقياس الزمن، طويلةً كالدهر على مقياس المصريين. ونسأل: ما معنى
«جمعة الغضب» 28 يناير 2011 التى أُزهقت فيها أرواحٌ وفقِئت عيونٌ وبُتِرت
أوصالٌ؟ ما معنى «موقعة الإبل» 2 فبراير 2011 التى حولت أمهات، فرحاتٍ
بأولادهن آملاتٍ فى غدٍ، إلى ثكالى لن تجفّ دموعهن؟ ما معنى أن تُعرّى
عذراواتٌ بالقوة على أيدى عناصر أمنية لكى يُكشَف عن عذريتهنّ؟ ما معنى
مذبحة ماسبيرو التى دهست فيها مدرعاتُ الجيش مواطنين مسالمين؟ ما معنى
مجزرة شارع محمد محمود ومجزرة مجلس الوزراء التى قضى فيها متظاهرون طاهرون؟
ما معنى أن تُعرّى فتاةٌ مصرية من حجابها وثيابها، ثم تُسحل وتُركل
بالبيادة الميرى؟
ولا أودُّ أن أعود برهةً أخرى
من الزمن لأسأل عن مذبحة كنيسة القديسين وغيرها من الاستهدافات والكوارث
التى حلّت، وتحلُّ، وسوف تحلُّ، برؤوس المواطن المصرى الشريف.
وفى كل ما سبق شُكِّلت لجانُ
لتقصى الحقائق، والنتيجة: الفاعل مجهول، وليس من مجرم ليُعاقَب! اللهم إلا
يدٌ خفية تفنن المصريون فى السخرية منها تحت مسميات عدة مثل اللهو الخفى،
واليد الثالثة، وعصابة القناع الأسود؛ التى قرأنا عنها فى مجلة «ميكى»،
ونحن أطفال لا ندرى أن أيامًا سودًا تنتظرنا فى مقبل الأيام. الإجابة عن كل
ما سبق من أسئلة هى أن المواطن المصرى لا قيمة له، دمُه رخيص وعِرضه بخسٌ،
ودِيته: صفرٌ!
فى كل جريمة مما سبق نسمع
جملة مكرورة ممجوجة: لم نتعمد قتل أحد! ورغم أن كثيرًا مما سبق من جرائمَ
كانت عمديةً ارتكبها النظامُ الحاكم ضد المواطن الأعزل، إلا أن التقصير فى
الحماية والتأمين لا يقلُّ جرمًا عن عمدية القتل. فى هذا يقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «مَن أعان على قتل مسلم، ولو بشطر كلمة، جاء يومَ
القيامة مكتوبًا بين عينيه آيسٌ من رحمة الله»، شكرًا أيها المجلس العسكرى
الموقر على رداءة حملك الأمانة التى ائتمناك، عليها وائتمنتك عليها مصرُ..
شكرًا لجهاز الشرطة الذى تفنّن فى قتلنا وإهانتنا فى عصر مبارك، ويتفنن
الآن فى مشاهدتنا نُقتل ونُهان فيتشفى؛ ولسان حاله يبتسم، شكرًا للبرلمان
الإسلامى الذى قاتل لقطف ثمار ثورة لم يشارك فيها؛ و«انتخبناه»، ليقفز فوق
الكرسى، ولا تثريب عليه؛ لأن له الآن أن ينعم بالراحة والاستجمام بعد عناء
الركض الماراثونى من أجل كرسى البرلمان، شكرًا لكم جميعًا، وحسبنا الله فى
حاكم ظالم تلا حاكمًا ظالمًا!
ويا أيها الثوارُ الشرفاء
الذين انتزعتم لنا مصرَ من أنياب الطغاة، فأذهلتم العالم، ويا أيها الشهداء
الذين جُدتم بدمائكم من أجلنا ومن أجل مصر، ويا أيها النبلاء الذين فقدتم
عيونكم لكى نبصر غدًا أجمل، أقولها لكم: شكرًا، جهودكم ضاعت هباءً! فمازلنا
نرى نظام مبارك بكل فساده وإهماله وتواطؤه وفاشيته، حاكمًا مصرَ
والمصريين، ويا مصرُ الحبيبة التى طالما أحزناكِ وخذلناكِ وخيبنا رجاءك
فينا بكسلنا وصمتنا وجبننا وتخاذلنا وطمعنا وتهافتنا، وبإخفاقنا فى حبِّك،
سامحينا!
الثلاثاء، 7 فبراير 2012 - 15:34
كارثةٌ أن نعتاد مشهد الدم
المصرى، حتى بات لا يحرّك صناع القرار! ما معنى أن يُراق دمُ أربعة وسبعين
مصريّا ما بين شابٍّ وصبىٍّ وطفل، فى مباراة كرة قدم، أخذت اسم «موقعة
بورسعيد»، أشرف بقاع مصر، ثغر مصر النبيل؟ وأن تتم المذبحة على مرأى ومسمع
من أفراد الأمن الذين أخذوا دور المتفرج كما ظهر لنا فى لقطات البثّ
التليفزيونى! ما معنى أن يُسمح بدخول أسلحة لأرض الملعب، وأن تكتشف لجنةُ
تقصى الحقائق «لِـحامًا حديث العهد» فى بواباب مدرجات الأهلى، كيلا ينجو
أحدٌ من شبكة الويل التى حيكت للمصريين بليلٍ؟ ما معنى أن تشبَّ النيران فى
منشآت حكومية قد تتحول إلى كبسولة «هولوكوست» لموظفين عُزّل؟ ما معنى أن
يُخطف أطفالٌ ويدفع ذووهم فدية استعادتهم؛ لأن المباحث فاشلة؟ ما معنى أن
يُطوّق البلطجيةُ شوارعَ مصر لاقتحام البنوك واستلاب المواطنين بالإكراه؟
ونعود للوراء قليلاً، برهةً
خاطفةً على مقياس الزمن، طويلةً كالدهر على مقياس المصريين. ونسأل: ما معنى
«جمعة الغضب» 28 يناير 2011 التى أُزهقت فيها أرواحٌ وفقِئت عيونٌ وبُتِرت
أوصالٌ؟ ما معنى «موقعة الإبل» 2 فبراير 2011 التى حولت أمهات، فرحاتٍ
بأولادهن آملاتٍ فى غدٍ، إلى ثكالى لن تجفّ دموعهن؟ ما معنى أن تُعرّى
عذراواتٌ بالقوة على أيدى عناصر أمنية لكى يُكشَف عن عذريتهنّ؟ ما معنى
مذبحة ماسبيرو التى دهست فيها مدرعاتُ الجيش مواطنين مسالمين؟ ما معنى
مجزرة شارع محمد محمود ومجزرة مجلس الوزراء التى قضى فيها متظاهرون طاهرون؟
ما معنى أن تُعرّى فتاةٌ مصرية من حجابها وثيابها، ثم تُسحل وتُركل
بالبيادة الميرى؟
ولا أودُّ أن أعود برهةً أخرى
من الزمن لأسأل عن مذبحة كنيسة القديسين وغيرها من الاستهدافات والكوارث
التى حلّت، وتحلُّ، وسوف تحلُّ، برؤوس المواطن المصرى الشريف.
وفى كل ما سبق شُكِّلت لجانُ
لتقصى الحقائق، والنتيجة: الفاعل مجهول، وليس من مجرم ليُعاقَب! اللهم إلا
يدٌ خفية تفنن المصريون فى السخرية منها تحت مسميات عدة مثل اللهو الخفى،
واليد الثالثة، وعصابة القناع الأسود؛ التى قرأنا عنها فى مجلة «ميكى»،
ونحن أطفال لا ندرى أن أيامًا سودًا تنتظرنا فى مقبل الأيام. الإجابة عن كل
ما سبق من أسئلة هى أن المواطن المصرى لا قيمة له، دمُه رخيص وعِرضه بخسٌ،
ودِيته: صفرٌ!
فى كل جريمة مما سبق نسمع
جملة مكرورة ممجوجة: لم نتعمد قتل أحد! ورغم أن كثيرًا مما سبق من جرائمَ
كانت عمديةً ارتكبها النظامُ الحاكم ضد المواطن الأعزل، إلا أن التقصير فى
الحماية والتأمين لا يقلُّ جرمًا عن عمدية القتل. فى هذا يقول رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «مَن أعان على قتل مسلم، ولو بشطر كلمة، جاء يومَ
القيامة مكتوبًا بين عينيه آيسٌ من رحمة الله»، شكرًا أيها المجلس العسكرى
الموقر على رداءة حملك الأمانة التى ائتمناك، عليها وائتمنتك عليها مصرُ..
شكرًا لجهاز الشرطة الذى تفنّن فى قتلنا وإهانتنا فى عصر مبارك، ويتفنن
الآن فى مشاهدتنا نُقتل ونُهان فيتشفى؛ ولسان حاله يبتسم، شكرًا للبرلمان
الإسلامى الذى قاتل لقطف ثمار ثورة لم يشارك فيها؛ و«انتخبناه»، ليقفز فوق
الكرسى، ولا تثريب عليه؛ لأن له الآن أن ينعم بالراحة والاستجمام بعد عناء
الركض الماراثونى من أجل كرسى البرلمان، شكرًا لكم جميعًا، وحسبنا الله فى
حاكم ظالم تلا حاكمًا ظالمًا!
ويا أيها الثوارُ الشرفاء
الذين انتزعتم لنا مصرَ من أنياب الطغاة، فأذهلتم العالم، ويا أيها الشهداء
الذين جُدتم بدمائكم من أجلنا ومن أجل مصر، ويا أيها النبلاء الذين فقدتم
عيونكم لكى نبصر غدًا أجمل، أقولها لكم: شكرًا، جهودكم ضاعت هباءً! فمازلنا
نرى نظام مبارك بكل فساده وإهماله وتواطؤه وفاشيته، حاكمًا مصرَ
والمصريين، ويا مصرُ الحبيبة التى طالما أحزناكِ وخذلناكِ وخيبنا رجاءك
فينا بكسلنا وصمتنا وجبننا وتخاذلنا وطمعنا وتهافتنا، وبإخفاقنا فى حبِّك،
سامحينا!