بعد أن استخدم نظام آل سعود المال النفطي الذي يسيطر على معظمه لدفع رشى
مالية لدول الغرب الاستعماري من أجل الاستمرار في حمايته وإبقائه في السلطة
كحارس أمين لمصالحها في المنطقة اتجهت عائلة آل سعود إلى دفع رشى مالية
تحت اسم /معونات/ للمواطنين السعوديين المحتجين على سياستها التي حولت بلاد
نجد والحجاز إلى ملكية خاصة لتنفيذ الأجندات الأميركية والغربية المعادية
للعرب
ففي خضم الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في أرجاء السعودية ووسط تصريحات
وإحصائيات تؤكد أن 3 ملايين شخص سعودي أي ما نسبته 22 بالمئة من السعوديين
يعانون من الفقر وأن دخل المواطن السعودي يبلغ نحو 400 دولار رغم بلوغ
ايرادات السعودية من النفط أكثر من 400 مليار دولار خرجت وكالة الأنباء
الرسمية السعودية لتعلن نية النظام السعودي صرف //معونة مالية قدرها
/360ر1/ مليار ريا ل للأسر المسجلة في نظام الضمان الاجتماعي في خطوة
اعتبرتها مواقع المعارضة السعودية محاولة يائسة لاحتواء الغضب والاحتجاج
الشعبي الذي بات يغلي في بلاد نجد والحجاز.
الاعلان الجديد عن صرف اموال اضافية من قبل راس الهرم في النظام السعودي
تحت مسمى "معونات" والامتناع عن صرفها بصيغة زيادة دورية على الدخل مثلا
لتصبح حقا مكتسبا للمواطنين السعوديين تشير بشكل واضح إلى إصرار نظام آل
سعود على سياساته في صرف عائدات نفط بلاد نجد والحجاز وكأنها حق مشروع
لعائلة آل سعود وتتنازل عنه بصفتها مالكة للأرض والشجر والبشر والحجر في
البلاد مدعومة في ذلك كله من مؤسسة وهابية دينية متطرفة تصدر الفتاوى
الدينية التي من شأنها تكريس وشرعنة مصادرة آل سعود لمقدرات الشعب السعودي
وحقوقه في مقدرات وثروات بلاده.
مجلة الايكونومست البريطانية الشهيرة رأت هي الأخرى في تقرير نشرته مؤخرا
أن المال النفطي هو أداة رئيسية للسيطرة الاجتماعية لدى نظام آل سعود إضافة
إلى القيام بإصلاحات صغيرة لتهدئة الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة منذ أكثر
من 17 شهرا للمطالبة باصلاحات جذرية وتطبيق العدالة الاجتماعية الغائبة
نهائيا عن بلاد نجد والحجاز بحسب مئات التقارير الغربية وكتاب وباحثين
غربيين حذروا من الوضع الماساوي لحقوق الإنسان في السعودية التي لا يعطي
دستورها أي حقوق للمواطنين العاديين والمقيمين الآخرين ويهمش ويصادر آراء
النساء ويمنع الأحزاب السياسية والانتخابات الوطنية ناهيك عن الاعتقالات
التعسفية والتعذيب والإيذاء الجسدي والجلد والإعدام على العلن والوهابية
المتطرفة والفساد وانعدام الشفافية والاتجار بالبشر والانعدام الكامل
للحرية.
أسلوب تعاطي العائلة المالكة مع شعب بلاد نجد والحجاز الثائر على نظام أل
سعود الذي وصفه الباحث والاكاديمي البريطاني رودني شكسبير بأنه "نظام بشع
وفظيع ووصل إلى السلطة من دون مشروعية أخلاقية أو سياسية أو ثقافية" هو
انعكاس حقيقي يفضح الطريقة التي يدير بها هذا النظام سياسته الخارجية في
التعامل مع دول الغرب الاستعماري التي تنظر إليه على أنه مجرد خزانة تمد
يدها إليها لتأخذ حاجتها من الأموال تحت مسميات مختلفة تبدأ بشراء صفقات
أسلحة لكسر الكساد الذي تعاني منه مصانع الأسلحة البريطانية والأميركية
والألمانية ولا تنتهي بمعونات ومساعدات لمجموعات جهادية تستخدم الإرهاب
والقتل تنفيذا لأجندات السيد الأميركي وحلفائه للسيطرة على المنطقة.
وتبدو المفارقة الغريبة التي تكشف بشكل جلي تحويل نظام آل سعود المال
النفطي إلى أداة لتنفيذ الأجندات الغربية الاستعمارية المعادية للحقوق
العربية في التنسيق المفضوح بين نظام آل سعود والولايات المتحدة والكيان
الصهيوني من أجل منع انهيار السلطة الفلسطينية المأزومة ماليا بناء على أمر
من وزيرة خارجية الولايات المتحدة التي تعهدت لمحمود عباس بالاتصال مع
قادة عرب لدعم سلطته بالمال مقابل عدم التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على
عضوية دولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك بعد فشل الجهود
الحثيثة التي بذلتها حكومة الاحتلال للحصول على قرض للسلطة الفلسطينية من
صندوق النقد الدولي منعا لانهيارها الذي "سيؤثر بشكل سلبي للغاية على الوضع
الأمني في الضفة الغربية" بحسب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
حرص الولايات المتحدة الشديد على استمرار عائلة آل سعود في السلطة
وتجاهلها مئات التقارير حول انتهاكات حقوق المحتجين السلميين المطالبين
بالعدالة الاجتماعية والمساواة واحترام حقوق الإنسان التي تدعي واشنطن أنها
تدافع عنها في دول العالم المختلفة يأتي مقابل مليارات الدولارات التي
يدفعها النظام السعودي ك/رشى/ لواشنطن مقابل حمايتها ودعمها للبقاء في
السلطة وهو ما تحدث عنه بوضوح الكاتب الأميركي ليندسي ليمان بقوله.. "إن
الولايات المتحدة تدعم النظام السعودي رغم كونه أشد الأنظمة قمعية بالعالم
لأن لديها هوسا بالتحكم بالمنطقة التي يوجد فيها ثلثا مخزون العالم المثبت
من النفط وكميات كبيرة من الغاز .. وأن تحالف السعودية مع واشنطن هو شراكة
تعزز الفوضى الإمبريالية بتمويل من الحكومة السعودية التي تملك أموالا
طائلة".
ومن نافل القول هنا إن النظام السعودي يلجأ بين الفينة والأخرى إلى
استرضاء الدول الغربية عبر استجرار أسلحة مكدسة في مصانع الأسلحة الغربية
تبلغ قيمتها مليارات الدولارات وهو ما حصل مؤخرا عبر توقيع صفقة دبابات
المانية بقيمة /3/ مليارات يورو وصفقة طائرات بريطانية بقيمة 3 مليارات
دولار وصفقة طائرات مقاتلة أميركية ب 30 مليار دولار ضمن مبيعات أسلحة
للسعودية بحوالي 60 مليار دولار الأمر الذي دفع صحافة المعارضة السعودية
والصحافة العربية أيضاً إلى التساؤل عن جدوى إنفاق هذه المليارات على
التسليح لاسيما في ظل تأكيدات بأن هذه الصفقات تم كلها بموافقة الكيان
الصهيوني العدو الوحيد للعرب إضافة إلى أن نظام آل سعود سيدفع مقابل
الطائرات الأميركية التي توصف بأنها "خردة عفا عليها الزمن" ثلاثة أضعاف.
*شام برس