سيدى الرئيس كلمتك انجزت واوجزت الحال فى الوطن العربى واشرت الى اسباب الضعف والانهيار فى كافة الدول العربية عدا الملكية ومنطقة الخليج وكأن العدالة والمواطنة تحققت فيهما ولا يوجد فيهما ديكتاتوريات ولا مؤامرات ليخلف الكلب اباه وهم سبب البلاء
لكنك سيدى الرئيس اشرت الى الحل الناجع فى تقوية الدول الوطنية ومؤساستها . فشكرا لك يا ابن مصر وفخرها


كلمة السيد الرئيس
كلمة الرئيس السيسى التاريخية فى مؤتمر القمة العربية 2017 4264612_9f07a

شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في دورتها العادية الثامنة والعشرين المنعقدة في البحر الميت بالأردن للقمة وألقى الرئيس كلمة في الجلسة


وجاء نصها كالتالي:

صاحب الجلالة الملك/ عبد الله الثانى بن الحسين
عاهل المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالى
ملوك ورؤساء وأمراء الدول والحكومات العربية
معالى السيد أحمد أبوالغيط
أمين عام جامعة الدول العربية
السيدات والسادة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أود في البداية، أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير لصاحب الجلالة الملك عبد الله الثانى، عاهل المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة المعهودين، وعلى ما لمسناه من جهد وحرص بالغين، لتوفير كل السبل لنجاح هذه القمة المهمة، تحقيقًا لما فيه صالح أمتنا العربية.

كما أؤكد لجلالته، دعم مصر ومساندتها الكاملة خلال فترة رئاسته القمة العربية، واثقًا في أن خبرته وحكمته، ستسهمان إيجابيًا في تدعيم أواصر العلاقات بين مختلف الدول العربية.

كما يسعدنى أن أتوجه بجزيل الشكر والامتنان، لفخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، رئيس جمهورية موريتانيا، على جهوده وجهود دولته الشقيقة خلال رئاستها الدورة السابقة من القمة العربية.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
تنعقد قمتنا اليوم في ظل تحديات جسيمة تواجه المنطقة بأسرها، تحديات تستهدف وحدة وتماسك الدول العربية وسلامة أراضيها، وتهدد مقدرات شعوبها ومصالحها العليا، تنعقد هذه القمة وتتطلع معها أنظار شعوبنا لموقف قوى يستعيد وحدة الصف العربى، للوقوف بحسم في مواجهة الأخطار التي طرأت على منطقتنا خلال السنوات الماضية، فأضعفت الجسد العربى حتى بات يعانى من تمزقات عدة، وأصبح لزامًا علينا أن نتصدى للتحديات التي نواجهها برؤية واضحة، وإصرار كامل على تعزيز أمننا القومى، والحفاظ على مستقبل الأجيال المقبلة من أبنائنا وبناتنا.

الأشقاء الأعزاء..
على مدى السنوات الماضية، تركزت التحديات الجديدة التي عصفت بوطننا العربى في انتشار الإرهاب وتزايد خطورته، وفى إضعاف كيان الدولة الوطنية، بل في تحدي فكرتها الأساسية كوطن جامع لأبنائه، وبوتقة تصهر الثقافات والطوائف والمذاهب المتعددة في ولاء واحد لوطن واحد، فرأينا ضياع الاستقرار عندما ضعفت المؤسسات الوطنية.

وشهدنا انتشار الترويع للآمنين عندما حلت الصراعات الطائفية والمذهبية محل التعايش المشترك، وتزايدت التدخلات الخارجية في شئون الدول ومصائر شعوبها، وسرعان ما استغل الإرهاب الآثم الفرصة ليملأ الفراغ، الذي نتج عن عدم قدرة مؤسسات الدول على القيام بدورها الأساسى في حفظ الأمن وتطبيق القانون.

لقد تزايد الإرهاب وهدد حياة الملايين من البشر، في وطننا العربى وفى العالم أجمع، وأصبح يمثل ظاهرة عالمية لا يمكن التهاون معها أو القبول في شأنها بأي تبريرات، وأصبحت العلاقة بين الإرهاب وتهديد كيان الدولة الوطنية علاقة تفاعلية، فكلما قويت شوكة الإرهاب ضعفت الدولة، وكلما ضعفت الدولة تمدد نفوذ الإرهاب، ومن هنا يتحتم علينا العمل على مسارين متوازيين في ذات الوقت، نحارب الإرهاب ونتصدى له بكل الحسم والقوة، في الوقت الذي نبذل فيه أقصى الجهد لتسوية الأزمات القائمة في المنطقة، واستعادة الأمن والاستقرار فيها، من خلال تمكين وتعزيز مؤسسات الدولة الوطنية، لتقوم بمهامها المنوطة بها.

ولا يخفى عليكم أن مواجهة الإرهاب ليست بالأمر الهين، فهو كالمرض الخبيث يتغلغل في نسيج الدول والمجتمعات ويتخفى بجبن وخسة، لذلك فإن مواجهته يجب أن تكون شاملة، تبدأ من الحسم العسكري، وتستمر لتشمل العمل على تحسين الظروف التنموية والاقتصادية والمعيشية في بلادنا وبشكل عاجل وفعال، والتصدى للفكر المتطرف على المستوى الدينى والأيديولوجى والثقافى، من خلال تطوير التعليم، وتعزيز دور مؤسساتنا الدينية العريقة، وعلى رأسها الأزهر الشريف.

وتهدف لدحض الأفكار المتطرفة التي تبثها المنظمات الإرهابية، بحيث يتم من خلال منظومة فكرية وثقافية متكاملة نشر وإعلاء قيم الدين السمحة، وتعزيز مبادئ المواطنة، والتسامح والتعايش المشترك، حتى تصبح أفعالا وممارسات مجتمعية راسخة، لا تترك مجالا من جديد لقوى الظلام تلك أن تنمو وتنتشر.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
إنه لمن دواعي الأسف أن نرى بعض القوى تستغل الظروف غير المسبوقة التي تمر بها منطقتنا، لتعزيز نفوذها وبسط سيطرتها، فقامت تحت مسميات وتبريرات مختلفة، بالتدخل في شئون الدول العربية، سواء من خلال التدخلات السياسية أو العسكرية والأمنية، لا يعنيها في سبيل تحقيق ذلك أن تتفكك مؤسسات هذه الدول، أو أن تتهدد وحدة أراضيها وسلامة شعوبها.

وأقول لكم بكل الصراحة والصدق، إننا يجب علينا جميعا اتخاذ موقف واضح وحاسم إزاء هذه التدخلات، موجهين رسالة قاطعة بأننا لن نسمح لأى قوة كانت بالتدخل في شئوننا، وأن كل المحاولات التي تسعى للهيمنة المذهبية أو العقائدية، أو فرض مناطق نفوذ داخل أراضى الدول العربية، ستواجه بموقف عربى موحد وصارم، عازم على حماية مؤسسات الدولة الوطنية، وقادر على صيانة مقدرات الشعوب العربية، والوفاء بحقوقها في العيش الكريم والتنمية.

الأشقاء الأعزاء..
لعل الحالة الأكثر وضوحًا للأزمات التي تواجه منطقتنا، هي المأساة المتواصلة التي يعيشها الشعب السورى الشقيق والعزيز، والمعاناة الإنسانية الهائلة التي يعيش فيها، وهو يواجه التحديات الجسيمة في تلبية تطلعاته المشروعة نحو الحرية والكرامة والعدل، في الوقت الذي ينتشر فيه الإرهاب والاستقطاب الطائفى والمذهبى في ربوع الدولة السورية، التي تشهد تدخلا خارجيا غير مسبوق في شئونها ومقدرات شعبها.

ورغم عمق المأساة، فإن الأسابيع الماضية قد شهدت تطورا إيجابيًا، تمثل في استئناف المفاوضات في جنيف، بعد ما يقرب من عام على توقفها، فضلا عما تم التوصل إليه من اتفاق على جدول أعمال موضوعى، وبزوغ إمكانية للخروج من السجال العقيم حول القضايا الإجرائية، لمناقشة جوهر المشكلة وفرص تسويتها، على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

ودعونى أؤكد في هذا السياق، أن الحل السياسي للأزمة السورية، هو السبيل الوحيد القادر على تحقيق الطموحات المشروعة للشعب السورى، واستعادة وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية والقضاء على خطر الإرهاب والمنظمات المتطرفة، وتوفير الظروف المواتية لإعادة إعمارها وبنائها من جديد.

لقد أسهمت مصر، ولا تزال، في مختلف الجهود الدولية التي تم بذلها لحل الأزمة السورية، انطلاقا من مسئوليتها التاريخية والقومية، وستظل مصر متمسكة بالحل السياسي التفاوضى، وبدعم المسار الذي تقوده الأمم المتحدة في جنيف.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
لا تزال الأزمة الليبية مستمرة لعامها السادس، ولا يخفى عليكم مدى اهتمام مصر وحرصها على استعادة الاستقرار في هذه الدولة الشقيقة، التي تربطها بمصر علاقات جوار مباشر وصلات شعبية ضاربة في أعماق التاريخ.

ورغم توصل الأشقاء الليبيين إلى اتفاق سياسي في الصخيرات في عام 2015 لإنهاء الأزمة، فإن الخلاف لا يزال قائمًا حول سبل وآليات تنفيذه، وهو ما يعكس أهمية مواصلة العمل نحو تشجيع الأشقاء في ليبيا، على إيجاد صيغة عملية لتنفيذ الاتفاق السياسي، والاستمرار في مناقشة النقاط والموضوعات المحدودة العالقة، التي تحتاج إلى التوصل للتوافق حولها بين الأطراف الليبية.

ولن تدخر مصر جهدًا في سبيل دعم جهود التوصل إلى حل ليبى توافقى، وستستمر في التعاون مع دول جوار ليبيا ومختلف القوى الدولية والإقليمية، والأمم المتحدة والجامعة العربية، من أجل الدفع قدمًا بمسار التسوية السياسية بدون تدخل خارجى، حتى يتمكن الشعب الليبى الشقيق من استعادة أمنه واستقراره، ويقضى على الإرهاب والتطرف، ويحفظ وحدة الأراضى الليبية وسلامتها الإقليمية ويصون مقدراتها.

السيدات والسادة..
إن مساعى قوى الظلام والإرهاب لتفكيك الدولة الوطنية بجميع أرجاء الوطن العربى، لا تزال مستمرة، بل امتد تهديدها عبر السنوات الماضية إلى اليمن الشقيق، الذي ما زال يعانى من دعوات الاستقطاب المذهبى والطائفى.

وتجدد مصر التزامها بدعم اليمن ومؤسساته الشرعية، كما أنها حريصة على تقديم العون الإنسانى وتأمين وضمان حرية الملاحة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وتؤكد مصر أيضًا أهمية التعجيل باستئناف المفاوضات، للتوصل إلى حل سياسي على أساس قرارات مجلس الأمن والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطنى.

ومن جهة أخرى، فإن العراق الشقيق يواجه بشجاعة الإرهاب وقوى الظلام، وأود أن أعرب في هذه المناسبة عن دعمنا الكامل للعراق الشقيق في حربه ضد التطرف، والتي قطع الشعب العراقى الباسل فيها أشواطًا كبيرة نحو استعادة سلطة الدولة الوطنية، وبات قاب قوسين أو أدنى من الإعلان عن تحرير كل المناطق التي استولى عليها الإرهابيون.

وترى مصر أن المعركة التي يخوضها العراق الشقيق ضد داعش هي معركتنا جميعا، نحارب فيها من أجل هويتنا ومستقبل أبنائنا، وحقهم في العيش في وطن آمن ومستقر، يحتضن التنوع ويرفض التطرف، ويعلى قيم التسامح وقبول الآخر، وعلى قدر أهمية نجاح العراق الشقيق في معركته ضد الإرهاب في الموصل.

كما أن الجهود الدءوبة التي يشهدها حاليا لتحقيق المصالحة الوطنية والمجتمعية بين مختلف مكونات الشعب، تعد أيضًا ضرورية من أجل استعادة الدولة الوطنية، وستدعم مصر كل جهد لتحقيق هذين الهدفين، وترحب بكل خطوة تستعيد العلاقات الطبيعية بين العراق وسائر أشقائه العرب، بما يعيد لهذا البلد الشقيق والمحورى، دوره الطبيعى في منظومة الأمن القومى العربى، والعمل العربى المشترك.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
تظل القضية الفلسطينية، قضيتنا الأولى والمركزية في قلب وعقل كل عربى، وإنه لمن دواعي الأسف أن تستمر عصية على الحل على مدى عدة عقود، ومع استمرار هذا الوضع الذي نرفضه جميعًا، تتصاعد حدة ووتيرة الأزمات التي تعانى منها الدول العربية، والعالم بأسره.

لقد سعت مصر، ولا تزال، إلى التوصل إلى حل شامل وعادل لتلك القضية، يستند إلى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وقدمت كل نفيس وغال في سبيل دعم الشعب الفلسطينى، وإنهاء الاحتلال والمعاناة التي يمر بها هذا الشعب الشقيق، من منطلق مسئولياتها تجاه القضية وتجاه أمتها العربية والإسلامية.

كما تسعى جاهدة من خلال تواصلها مع كل الأطراف الدولية والإقليمية، لاستئناف المفاوضات الجادة الساعية إلى التوصل إلى حل عادل ومنصف، يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وفق الأسس والمرجعيات الدولية المتفق عليها.

وتجدد مصر التزامها الكامل بمواصلة السعى نحو التوصل إلى حل لتلك القضية، يستند إلى موقف الدول العربية الساعى لإرساء السلام في تلك البقعة الغالية، انطلاقًا من مبادرة السلام العربية، وبما يعزز من الاستقرار في كل أنحاء المنطقة والعالم، ويسهم في بدء عملية تنمية حقيقية، تلبى طموحات الشعوب العربية وتطلعاتها لعيش حياة كريمة مزدهرة.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو..
تؤمن مصر بأن العمل العربى المشترك، هو أساس الحل لمختلف القضايا والأزمات التي تمر بها المنطقة العربية، ومن هذا المنطلق، سعت خلال العام الماضى باعتبارها الممثل العربى في مجلس الأمن، إلى تنسيق المواقف بين الدول العربية، وتسليط الضوء على مختلف القضايا التي تهم المنطقة، ووضعها في صدارة أولويات المجتمع الدولى.

إن استعادة الجسد العربى عافيته، أصبح أمرًا حتميًا لمواجهة ما يهدد الأمة من مخاطر، وفى سبيل تحقيق ذلك، فإنه لا غنى عن مؤسسات العمل العربى المشترك، وعلى رأسها جامعة الدول العربية، التي سعت منذ تأسيسها إلى تحقيق مصالح الدول العربية وشعوبها.

وفى هذا الإطار، تؤكد مصر دعمها الكامل جهود الأمين العام، في تطوير وإصلاح الجامعة العربية، تلك الجهود التي تهدف إلى استعادة التنسيق بين الدول الأعضاء، وتعزيز العمل العربى المشترك، بما يحافظ على وحدة صف الدول العربية، التي تتشارك معًا في ذات الأهداف والطموحات.

وفى الختام، لا يسعنى سوى أن أجدد شكرى لأخي جلالة الملك عبد الله الثانى، والمملكة الأردنية الشقيقة، على استضافة أعمال قمتنا العربية، التي نأمل جميعًا أن تسهم في صياغة واقع جديد، ومستقبل أفضل لكل الشعوب العربية.

وفقنا الله جميعًا لما فيه خير بلادنا وشعوبنا..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.