أيقونة
كلمة يونانية تعني صورة ذات صفات خاصة..وفي الاصطلاح الكنسي (الطقسي) تعني صورة دينية مدشنة ومخصصة.
في البداية اقتصرت الأيقونات علي التعبير الرمزي (مرحلة الرمز)
فكان السيد المسيح يصور وهو يحمل صليبا أو يحمل خروفا(الراعي الصالح)
والروح القديس كان يصور علي شكل حمامة,
وكان يرمز للكنيسة بالصياد الذي يلقي الشبكة في البحر رمزا للكنيسة في العالم التي تصطاد الناس للملكوت,
والعشاء الرباني كان يرمز إليه بسلة بها خبز أو صورة كرمة وهي أيضا ترمز للسيد المسيح والكنيسة,وتعتبر صورة السمكة أقدم رمز في الكنيسة القبطية.
أما في القرن الثاني الميلادي فقط نشط الغنوسيون وتقدموا في إنتاجهم الفني منذ عهد البابا أنسيتوس الأول (154-165م) وأفرطوا في توقير الأيقونات مما دعا لاهوتيي القرنين الثاني والثالث لمقاومة حركة الصور وتحريمها تحريما قاطعا في الكنيسة وكان علي رأس هؤلاء اللاهوتيين إيريناؤس(130-200م) والعلامة ترتليان (160-225م) والعلامة أوريجانوس (185-254م)والقديس أغسطينوس(354-430م)
وفي القرن الرابع انتقلت الأيقونات من مرحلة الرمز إلي مرحلة الواقعية حيث ظهرت أيقونة السيدة العذراء حاملة الطفل يسوع
وأيقونة السيد المسيح يبارك طفلا
وأخري يقيم لعازر
وأيقونة ذبح إسحق.
ومن أهم سمات الفن القبطي في هذا العصر التحول الذي طرأ علي الأيقونة مثل إبراز المراحل التاريخية لحياة بعض القديسين.
واشتهر في ذلك العصر رسام قبطي هو أثناسيوس صديق مارمينا العجايبي وهو الذي رسم صورة القديس مارمينا.
وفي القرن الخامس حدث تحول جذري في فن رسم الأيقونات
فأصبحت تستخدم للتعريف بالإنجيل,وذلك عن طريق تصوير حوادث الإنجيل ومعجزاته بدقه وإبداع فني ويذكر المقريزي (1365-1441م) في عرضه لسيرة البابا كيرلس الأول عمود الدين أنه عمم استخدام الأيقونات في الكنائس.
وفي مصر ارتقي فن رسم الأيقونات عند الأقباط ولاسيما النقوش البارزة علي الخشب,
ولعل من أبرز الأمثلة علي ذلك الباب الخشبي الثمين وهو من بقايا كنيسة القديسة بربارة بمصر القديمة والذي يرجع إلي ذلك العصر وكذلك العتبة العليا لأحد أبواب الكنيسة الرئيسية لكنيسة العذراء المعلقة بقصر الشمع.
وفي القرن السادس الميلادي أعقب ذلك ظهور مجموعة كبيرة من الصور الجدارية عثر عليها في باويط وسقارة,
وتتميز أيقونات ذلك العصر بتنوع وغزارة موضوعاتها وزيادة الأساليب الفنية الشرقية في عناصر فنها.
وقد رسم الفنان القبطي علي الخشب والقماش والحصي (الجبس),وعلي هوامش الكتب.
ومن أهم أيقونات هذا القرن مقصورة في دير باويط(شمال أسيوط) رسم عليها صورة السيد المسيح وهو جالس علي العرش وبجواره رئيسا الملائكة ميخائيل
وغبريال,وأسفل المقصورة صورة أخري للسيد المسيح وهو طفل مع السيدة العذراء وحولهما الحواريون واثنان من القديسين.
في متحف ميلانوا بإيطاليا لوحة للقديس الشهيد مارمينا العجايبي ترجع إلي القرن السابع,نري فيها الشهيد متشحا بردائه وعليه الثوب العسكري,
وفي قرية بقربتطون علي بعد 20 كيلو مترا إلي الجنوب من الفيوم وجدت صورة لأبينا إبراهيم يقدم ابنه إسحق.
* حربالأيقونات
في الكنيسة البيزنطية شهد القرنان الثامن والتاسع حربا شعواء سميت حرب الأيقونات
بدأت سنة 726 عندما حطم الإمبراطور لاون الثالث أيقونة للسيد المسيح كانت فوق باب قصره في القسطنطينية,
ولم تهدأ هذه الحرب إلا في سنة 843م حيث عاد الهدوء والسلام وانتصرت الكنيسة علي إرادة الأباطرة حيث أعادت الإمبراطورةثيؤدورة إكرام الأيقونات في الأحد الأول من الصوم المقدس في احتفال مهيب تحتفل به الكنيسة البيزنطية كل عام وهو يدعي أحد الأرثوذكسية,
وخلال هذه الحرب استشهد عدد كبير من الرهبان دفاعا عن الأيقونات,
أما في مصر وفي الفترة من القرن الثامن إلي العاشر والتي شهدت دخول العرب مصر فقد قلت صور الأشخاص وشاع رسم المخطوطات الهندسية وفروع أوراق وثمار بعض النباتات مثل الرمان والكرمة,
وفي ذلك يذكر المقريزي أن الآثار القبطية الحالية تمثل الجودة الحقيقية للفن القبطي لأن اللوحات الثمينة قد حطمت.
ومن الرسامين العظام في تاريخ الكنيسة القبطية في القرون الأخيرة نذكر الراهب مقار الذي رسم بطريركا البابا مكاريوس الأول(932-952م) وفي القرن الثاني عشر كان في دير أبو مقار رسام يدعي مقار,يرجع الفضل إليه في تزيين كنيسة أنبا مقار بالصور الزيتية,وقد رسم بطريركا باسم البابا مكاريوس الثاني البابا التاسع والستين(1102-1128م)- ثم سيم الأنبا ميخائيل مطراندمياط(1179-1181)صاحب مجموعة القوانين المسماة باسمه.
وابتداء من القرن الحادي عشر وحتي بدايات القرن السادس عشر بدأ رسم الأشخاص تنتابه حالة من الضعف العام
ومن أشهر الفنانين الأقباط في القرن السابع والثامن عشر نجد حنا الناسخ وبغدادي أبو السعد
ومنذ القرن الثامن عشر عهد الأقباط بالفن القبطي إلي مصورين من الأرمن أو الروم أو الإيطاليين مثل يوحنا الأرمني الذي رسم عددا من الأيقونات الموجودة بكنيسة السيدة العذراء الشهيدة بقصرية الريحان بمصر القديمة والذي يعتبر من مشاهير مصوري الأيقونات في القرن الثامن عشر
وأصبح الاهتمام بالفن القبطي ضئيلا جدا بعد القرن التاسع عشر.
ويذكر بتلر أن البابا كيرلس الرابع الشهيربأبو الإصلاح اعترض علي المبالغة الزائدة في تكريم الأيقونات.
أما في النصف الثاني من القرن العشرين اشتهر الفنان القبطي إيزاك فانوس المولود سنة 1919 والذي تخصص أولا في فن النحت ثم أسس قسم الفن القبطي بمعهد الدراسات القبطية سنة 1954,وسافر في بعثة إلي فرنسا لدراسة هذا الفن وقام برسم لوحات قبطية عديدة في كثير من كنائس الكرازة المرقسية وفي بلاد المهجر.
ماهية الأيقونة
* لكي نعرف الأيقونة نطرح بعض آيات الكتاب المقدس للمساعدة والتأمل:
* الذين يخدمون شبه السماويات وظلها كما أوحى ألي موسى وهو مزمع أن يصنع المسكن لأنه قال أنظر أن تصنع كل شئ حسب المثال الذي أظهر لك في الجبل(عب5:8)و(خر25:31-40)
* الذي هو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته.(عب3:1)
* هو صورة الله غير المنظور (كولوسى15:1)
* تعريف الأيقونة:
* الأيقونة كلمة يونانية بمعنى ماثل أو شابه وهى تعنى صورة أو مثال لشخص أوحدث وفى الاصطلاح الكنسي صورة يمثل فيها شخص السيد المسيح أو السيدة العذراء أو أحد القديسين أو الشهداء أو قصة من قصص الكتاب المقدس بعديه القديم والجديد مرسومة إما على الخشب بمواصفات خاصة وإما على الحوائط أو على القماش بألوان معينة وخامات خاصة وبالأخص الأيقونة القبطية
* ومما لاشك فيه أن الأيقونة هي إحدى فروع الفن الرمزي تخضع لقواعد الفن وتظهر بعض الحقائق الكنسية ومنها:
* الكرازة والتعليم
* انعكاس اتجاهات الفكر الرسولى والآبائى الأصيل
* حمل المشاعر الإنجيلية وتوضيحها
* كما أن الأيقونة تسمى بالفن الليتورجى ، من خلالها يتذوق المؤمن روح الصلاة فلا تنحصر مشاعره في الأحاسيس الجسدية والمادية بل ترتفع فوق هذا العالم إلى الحياة العتيدة محولاً ما هو حسداني ألي روحي
* لا تعبر الأيقونة عن تاريخ معين بل تدخل في السر الذي وراء التاريخ لذلك يمكن جمع أكثر من حدث في تواريخ مختلفة في أيقونة واحدة مثل أيقونة الميلاد التي يظهر فيها ثلاث حوادث ( الميلادـ زيارة المجوس ـ زيارة الرعاة )
* تعتبر الأيقونة في وجدان الشعب وبالأخص القبطي ناقلة للنعمة ، حاملة للقوى الإلهية ، منبعاً لحوادث عجائبية وإهتداءات روحية يتعامل معها المؤمن بتقوى عظيمة كمن تمثله الأيقونة
* الأيقونة هي صلاة عبر ذاتها ، إطلالة على الدهر الآتي وهى استنشاق لعبيق المجد في انتظار مجيء الرب يسوع الثاني
* قال كونفوشيوس الفيلسوف المعروف :
* " إن الصورة أفضل من ألف كلمة "
* هذا كان كوسيلة إيضاح وثنية ، فكم وكم يكون الوضع كوسيلة إيضاح روحية مسيحية قبطية ، بما تحمله من لاهوت وطقس وعقيدة سليمة ، وتعاليم إنجيلية تقوية مقدسة.
* ذكر في التقليد أن السيد المسيح وجهه على منديل وأرسله إلي ملك الرها (أبجر)مع واحد من تلاميذه ليشفيه من مرضه وكان هذا بمثابة أيقونة مقدسة للسيد المسيح
* وقد وجدت صلاة قديمة عن هذا الموضوع وهى ما تسمى (صلوات الأيقونة) (موجودة في الأفخولوجى الكبير بيروت لبنان 1955) تقول:
* "يا من رسمت بجمال عجيب ملامحك على الصورة إلى ملك الرها أبجر ، وألهمت تلميذك القديس لوقا الإنجيلي أنر نفس عبدك الفنان ، وقوم يده ليرسم بكمال صورتك وصورة السيدة العذراء والقديسين وقصص الإنجيل لأجل سلام الكنيسة وبنيانها وتعليمه، أحفظه من التجارب والخيالات الشيطانية حتى لا ينحرف فكره في رسم أمور دنيوية أو جسدية وحتى لا ينحرف عن اللاهوت والعقيدة السليمة .)
* والروح القدس يتدخل في رسم الأيقونة الكنسية لذلك فهو لا ينطق في الأنبياء فقط بل هو يوحي للفنان برسم الأيقونة أي أنه هو الأيقونوغرافى الأعظم والأسمى
* وفى ذلك يقول الأديب الروسي ديستوفسكى:
* " أن الروح القدس هو القبضة المباشرة للجمال وأنه يعلن بهاء القداسة
* ويقول القديس كيرلس السكندري الرابع والعشرين في البطاركة:
* "أن طبيعة الروح القدس هي أنه روح الجمال وبالروح نشارك نحن في جمال الطبيعة الإلهية
* ويؤكد القديس بولس الرسول ذلك العشق الأيقونى أو ما يسمى "الحكمة الأيقونية" (Iconosnasphie )
* "أنتم هياكل الله وروح الله ساكن فيكم"
* فجمال السيد المسيح هو في التعايش الذي يكمن داخله الحلول الإلهي ، لأنه حيث يبقى روح الله هناك يتواجد الجمال الفائق
* من هنا كانت السيدة العذراء (الثيؤطوكوس) أي والدة الإله قمة في الجمال الإنساني إذ هي المكان المبارك الذي حل فيه روح الجمال
* ومن هذا الوجه نستطيع أن نقول أن الأيقونة تصور البريق ألا منظور ولا منطوق به للجمال الإلهي
* والله القدوس له المجد يسر بكل عمل فيه جمال لأن أعمال الجمال تعكس مجده كما في مرآة (2كو18:3)
* والجمال ينعكس في القديسين لأن كل قديس هو أيقونة بهاء مجد الرب الحال فيه
* واسمحوا لي أن أطرح سؤالاً ما هي أول أيقونة صنعت في العالم؟
* والجواب هو أبونا آدم في الفردوس الذي كان أجمل أيقونة على صورة الله ومثاله
* ترتبط الأيقونة ارتباطا عضوياً باللاهوت الأرثوذكسي فهي وجهه الآخر ولغته التي تتآلف حروفها من لون وخط ،ولم يعتمد فن الأيقونة في نموه عبر العصور على خيال الفنان ومخيلته الساقطة وتجربته الذاتية كما حدث في باقي الفنون وبالأخص الغربية ، بل أستنبط واستقى قواعده وأسسه من لاهوت كنيسته وبنى خصائصه عبر أجيال متواصلة من عقيدتها السليمة وصان وصاغ أيقوناته من تعاليم الآباء الرسل ومفاهيم الإنجيل المقدس
* من هنا تقدم الأيقونة جمالية دينية متكاملة قوامها رفض قواعد المنظور المألوفة كما في باقي الفنون والتماثيل والرؤية المجسمة ذات الأبعاد الثلاثية، والهدف في ذلك تجسيد الرؤية " الحق في الإيمان والرجاء"
* "فإننا لا نهدف إلي ما يرى بل إلى مالا يرى فالذي يرى هو إلي حين أما الذي لا يرى فهو أبدى (2كو18:4) .
* إذن لا مجال للارتجال أو التأليف الحر الخارج عن مشاعر الفنان بلا هوته الصادق وعقيدته السليمة وطقوس كنيسته المقدسة ، فعناصر التأليف للأيقونة (الحركة والبناء والألوان) تتحد جميعاً في تقليد رصين ثابت . وعند النظر ألي الأيقونة يكتشف الإنسان بنية منطقية ومحتوى عقائدىومعنى لاهوتىسليم ومذاقه حلوة لعبيق تعاليم الآباء الرسل .يقول المطران جورج خضر :
* "نقف أمام الأيقونة كأننا نقف على عتبة الملكوت ،هذا الإنخطاف من العالم الأرضي ألي عالم السماء ،الذي تحدثه الأيقونة في المؤمن وغير المؤمن على حد سواء ، كان وما يزال يجذبني للغوص في أعماقها والتمتع بسحر بهائها الملكوتي
* ويقول أيضاً وكأنه يخاطب الأيقونة:
* "نحوك انعطاف ولمسة إله ، إطلالة أبدية على وجوه إذا أبصرتها خشعت ، وذلك كله وفق نموذجية تقبلها التراث من خبرة الآباء والقديسين والأبرار الذين نقاهم الروح وخلع عنهم النسك الترابية الأولى فتساقط على الأيقونة فأعطاها بهاءً روحياً ولمسة إلهية. فصارت الأيقونة وكأنها نعمة مرسومة أو تداخل نغم لحن كنسي مع الألوان"
* وفى شعر قديم وجد في مخطوطات بأحد أديرة لبنان ومذكور في كتاب أسمه(The icon _ the space _ the Greek ministry of culture ."P.43”) . للمؤلف رو برت برا ون :
* "إننا لا نستطيع رسمك أيتها الأيقونة المقدسة بطرقنا البشرية لأنك الغسق الذي منه يبزغ الصبح ، نحتاج لأن نخلط مع تراب الألوان ،الروح القدوس نفسه ، والنور الوهاج الذي صنعت به العالم أيها الرب القدوس لنحيط بجمالك."
* ويقول القديس باسيليوس الكبير في تكريم الأيقونة:
* "تكريم الأيقونة ينتقل ألي من تمثله الأيقونة فإنها تمكننا من أن نمر خلال باب مفتوح ونرتبط بصلة معه وتحركنا وتؤثر علينا كي نقلد الفضائل والإيمان والتقوى التي تحلى بها شخص الأيقونة
* "وهى تغير ما بداخلنا وتساعد على إلتآم الأجزاء المتفرقة في حياتنا لكي نركز على الروحيات والحقائق الإلهية حتى نصبح أشخاصاً متكاملين ونستعيد صورة الله المخلوقين عليها ."
* وعندما نعيش في الحياة الإلهية فإننا نمثل أمام مجد الرب يسوع ونحب الغذاء الروحي ، وعند ما نتأمل هذه الشخصيات المقدسة مصورة في الأيقونات نتمثل بمجد الله ونحب أن نصبح مثلها
* كما قال القديس بولس الرسول: (2 كو 18:3)
* " ونحن ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينه من مجد إلي مجد كما من الرب"
* الكلام عن الأيقونة كثير جداً ولكن نستطيع أن نقول :
* أنه منذ الخليقة تتراءى أمام البشرية أيقونات كثيرة بنفس المعنى السابق مثل(أيقونة آدم في الفردوس ، أيقونة المذبح والمحرقة ، أيقونة ذبح إسحاق ، أيقونة يوسف الصديق….. أيقونة الله الحامي لشعبه إلي خيمة الاجتماع بجمال تكويناتها إلي الهيكل المقدس إلى أيقونات العهد الجديد وحياة السيد المسيح)
* كما قال في هذا القديس يوحنا ذهبي الفم:
* "أهلني يأرب يسوع أن أساهم في بناء بيتك المقدس، أتوق أن أقدم ذهباً للغطاء ، أو لتابوت العهد ، أو إلى المنارة. وإن لم يكن لي ذهب فليكن فضة لعمل الألواح وقواعدها . وأسمح لي أن أقدم حجارة كريمة لترصيع رداء رئيس الكهنة . ففي الخيمة يشير القرمز والإسمانجونى والكتان النقي إلى تنوع الأعمال الصالحة . والذهب إلى الإيمان ، والفضة إلى الكرازة ، والنحاس إلى الصبر والأخشاب التي لاتسوس إلى المعرفة ، والعفة الدائمة التي لا تشيخ ."
* لهذا كله يمكن ختام كلامنا عن الأيقونة بقولنا :
* إن فن الأيقونة كان نتاجاً لإيمان عميق وتقوى مقدسة راسخة في الأذهان منذ الخليقة المقدسة وحتى الآن ، أنعكس على حياتنا فحدث إسقاط لقبس من جمال الملكوت السماوي ونر الألوهية المجيد فظهر واضحاً وجلياً في الأيقونة تكشف هذا الجمال وتأخذنا إلى العالم العلوي ومجد عالم القداسة والنور البهي الأبدي
* ويقول قداسة البابا شنودة الثالث: (في كتابه عن اللاهوت المقارن الجزء الثاني)
* "لماذا نحرم الفن ورجاله من المساهمة في تنشيط الحياة الروحية للناس بما تتركه الأيقونة في نفوسهم من مشاعر روحية وما تقدمه لهم من حياة القديسين وقصص الكتاب المقدس وتأثيرها عليهم ."
* الموضوع الثاني :
* لماذا الأيقونة القبطية بالذات ؟
* يقود قداسة البابا شنودة الثالث منذ جلوسه على السدة المرقسية حركة إحياء للتراث ألفني القبطي إذ بتوجيهاته وبفضل صلواته انتشرت الأيقونة القبطية في الغالبية العظمى من كنائسنا في مصر وفى بلاد المهجر وفى أديرتنا القبطية
* والجدير بالذكر أن نيافة الأنبا ساو يرس أسقف ورئيس ديرنا العامر كما أنه يحافظ على تراث الآباء من لحن كنسي قبطي سليم ولغة قبطية سليمة وطقوس كنسية سليمة، أيضا فتح لنا المجال للحفاظ على تراث الآباء في الفن القبطي وسمح بإنشاء مرسم للفن القبطي كما أنه زين إحدى كنائس الدير بالأيقونات القبطية من عمل رهبان الدير المحرق العامر.تحمل روح وتراث الآباء بصيغة عصرية جميلة .
* وقد تكلم قداسة البابا شنودة الثالث في عظات كثيرة عن الأيقونة القبطية وسوف نتابع أقواله عند حديثنا عن النقطة الثالثة وهى الكتاب المقدس في الأيقونات
* ظهرت في عصور مختلفة صور ورسومات عديدة لفنانين عظماء من مختلف أنحاء العالم مثل ما يكل أنجلو ورافائيل سانزيو وغيرهم من فناني عصر النهضة في إيطالي وفرنسا وهولندا وغيرها بما سمي التصوير الزيتي من البلاد وملأت عديد من كنائس العالم ، ولكن على الرغم من جمالها وروعة مناظرها إلا أنها لم تؤثر في النفوس وخاصة الشرق وبالأخص أقباط مصر مثل تأثير الأيقونة القبطية لمالها من تأثير روحي عميق على الرغم من أن كثيرين لا يفهمون المعاني والرموز التي تحويها الأيقونة القبطية
* لكن اسمحوا لي أن أقول هذا هو تراث آبائنا وأجدادنا وكم بذلوا في الحفاظ عليه من عرق وجهد ودموع ودماء ،( وهنا أذكر قصة الراهب القبطي إستفانوس مع أحد أباطرة الرومان عن الأيقونة القبطية)
* تختلف الأيقونة القبطية عن غيرها في ما تعبر عنه من لاهوت وطقس وعقيدة سليمة مسلمة من الأجداد .
* ففكرة الأيقونة ذاتها ابتدأت من مصر القديمة الفرعونية قبل دخول المسيحية إلى مصر لأن الفراعنة أجدادنا كانوا يملكون عقائد عظيمة وإيمان كبير بالإله الواحد والبعث والقيامة والحياة الأخرى
* ومن مصر انتشرت الأيقونة في جميع أنحاء العالم وكانت نواتها الوجوه الجنائزية كما عثر عليها مثل بورتريهات الفيوم وإخميم
8 واستطاع الفن القبطي في عظمته أن يساير عامة الشعب ويحاكي عالمهم وتسلل الي دهاليز قصور العظماء فارضاً واقعيته ، فظهرت أهميته في وقت كانت فيه تحتاج مصر ألي تمثيل معايش للإنجيل يعرض موضوعاته لا لتعلق علي الحوائط بل لتصير نوراً علي درب الروح
* فعندما تحولت البلاد إلى المسيحية تدفقت أعداد كبيرة ممن تحولوا إلى الدين المسيحي الجديد إلى الكنائس مطالبين بإرشادات وتعاليم واضحة عن المعتقد الجديد وهذه الحرية وهذا الاستعداد الموجود لديهم ساعد على نمو الفن القبطي كوسيلة إيضاح تعليمية وتقوية روحية إذ تحول كل الحرفيين والفنانين إلى الفن القبطي لما وجدوه فيه ون خصائص تتفق مع عقائدهم وبداوا في إظهار تعاليم الإنجيل والمسيحية والكنيسة في صورة أيقونات مبسطة لها الطابع الروحي والعقائدي
* يقول الأب متي المسكين:
* "إن الأيقونة القبطية هي شهادة للمسيح فالذي يقبلها يقبل الرب لأن الروح القدس يسكن في الأيقونة المكرسة بالميرون إذ أنها حاملة للروح القدس الحاضر في شكل يسوع أو أحد القديسين ، لذلك يجب أن تحترم وتكرم ويقدم لها البخور."
* ومنذ بدء التاريخ ارتبط الفن بالدين حتى وجد اعتقاداً بأن الفنون جاءت كثمرة من ثمار المعتقدات الدينية
* لذلك تغلغل الإيمان المسيحي في حياة الأقباط حتى في أكلهم وشربهم وأدواتهم وأدبهم وفنونهم وأعمالهم
* يظهر ذلك واضحاً في الرموز والصور التي وجدت ومحفوظ بعضها في المتحف القبطي على أدواتهم وأبوابهم وأكوابهم وأطباقهم حتى أدوات الزينة مثل الأمشاط المستخدمة للشعر.
* لاحظ بعض العلماء والمؤرخين أن الحركة الرهبانية وانتشارها في مصر كان لها الأثر الكبير في الحفاظ علي التراث القبطي (من ألحان ولغة وعقيدة وطقس وأدب شعبي وفنون مثل النحت والأيقونات الحائطية والأيقونات الخشبية والنسيج وعمارة وغيرها من الفنون)
* ولذلك بدأت كثير من المؤسسات اليونانية والرومانية (مثل الملاعب والحمامات العامة والملاهي وحلبات المصارعة وغيرها) بدأت في الاختفاء أمام التيار الروحي المتدفق والذي يحمل معه عقيدة روحية