منتدى الملاك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الملاك

لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد.أمين +++عمانوئيل إلهنا وملكنا

عزيزى الزائر اذا اعجبك موضوع بالمنتدى يمكنك
أن تضغط على زر أعجبنى اعلى الموضوع
عزيزى الزائر ان اعجبك موضوع يمكنك ان تكون اول من يشاركه لاصدقائه على مواقع التواصل مثل الفيس بوك والتويتر بالضغط على زر شاطر اعلى الموضوع

    سر التناول -1

    سامى فرج
    سامى فرج
    ملاك نشيط
    ملاك نشيط


    رقم العضوية : 2541
    البلد - المدينة : لقاهرة
    عدد الرسائل : 145
    شفيعك : الملاك ميخائيل
    تاريخ التسجيل : 22/06/2010

    cc سر التناول -1

    مُساهمة من طرف سامى فرج الخميس 22 يوليو 2010 - 19:24

    سر التناول حسب إيمان كنيستنا الأرثوذكسية

    سر التناول المقدس أو سر الإفخارستيا euvcaristi,a (أى سر الشكر) حسب إيمان الكنيسة الأرثوذكسية هو إننا نتناول جسد حقيقى ودم حقيقى تحت أعراض الخبز والخمر. وهذا تسمّيه الكنيسة السر العظيم الذى للتقوى "عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد" (1تى3: 16).. فهذه هى ذبيحة الخلاص الحقيقية التى سلّمها السيد المسيح لتلاميذه فى ليلة آلامه قبل صلبه مباشرة، يسمّيها البعض العشاء الأخير، ويسميها البعض الآخر العشاء الربانى، ويسميها آخرون العشاء السرى.

    سوف نتحدث الآن عن القداس الإلهى الذى من خلاله يتم سر التناول، ونسمى تذكار العشاء الأخير "خميس العهد".

    لماذا سُمى خميس العهد؟ لأن السيد المسيح صنع عهداً مع كنيسته بتأسيس هذا السر العظيم. وكما نعلم جميعاً أن السيد المسيح قال "هذه الكأس هى العهد الجديد بدمى" (لو22: 20) وهذا هو الفرق بين العهد الجديد الذى هو بدم السيد المسيح، والعهد القديم الذى كان بدم حيوانات.

    الذبيحة فى العهد القديم

    عندما صنع موسى النبى العهد بين الله والشعب؛ أخذ دماً من الذبيحة ورشّه على الشعب وقال هذا هو دم العهد، ورشه على المذبح وعلى تابوت العهد وعلى محتويات خيمة الاجتماع، كما رشه أيضاً على هارون وبنيه.. كان عهداً بواسطة دماء حيوانية.

    "فأخذ موسى نصف الدم ووضعه فى الطسوس، ونصف الدم رشه على المذبح. وأخذ كتاب العهد وقرأ فى مسامع الشعب فقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له. وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال هوذا دم العهد الذى قطعه الرب معكم على جميع هذه الأقوال" (خر 24: 6-8). كتاب العهد؛ هو الأسفار التى كتبها موسى حتى ذلك الوقت الذى حدثت فيه تلك الواقعة مثل سفر التكوين وجزء من سفر الخروج. أو من الممكن أن يكون المقصود بها الوصايا العشرة المذكورة فى سفر الخروج.

    فالعهد القديم هو عهد بين الله وشعبه، ويتضمن وصايا من أهمها الوصايا العشر. وقد أعطاها الله لشعبه وهم تعهدوا أن يسمعوا ويطيعوا.

    لكى تكون العلاقة بين الله وشعبه موثـّقة، فقد وُثقت بواسطة دم الذبيحة.. أخذ موسى النبى نصف الدم ورشه على المذبح ونصف الدم الآخر رشه على الشعب وقال "هوذا دم العهد الذى قطعه الرب معكم على جميع هذه الأقوال" (خر24: 8).

    الذبيحة فى العهد الجديد

    عندمـا نتحدث عـن العـهد الجديد نجد أن الذى حدث بواسطة موسى النبى كان مجرد رمز للعهد الجديد، فبدلاً من دم الحيوانات التى كانت تُقَدم فى العهد القديم مثلما قيل "فأصعدوا محرقات وذبحوا ذبائح سلامة للرب من الثيران" (خر24: 5)، أصبح العهد الجديد هو بدم المسيح. وكلنا كمسيحيين نؤمن أن دم المسيح هو العهد الجديد الذى بين الله وشعبه المفديين المخلَّصين الذين آمنوا بصلب السيد المسيح وقيامته.

    لابد أن نفهم أن دم العهد يتضمن التزامنا بتنفيذ وصايا الله لأن السيد المسيح قال "إن كنتم تحبوننى فاحفظوا وصاياى.. الذى عنده وصاياى ويحفظها فهو الذى يحبنى" (يو14: 15، 21).. لذلك فإن دم العهد هو التزام بتنفيذ وصايا السيد المسيح.

    لقد سلّم السيد المسيح بنفسه دم العهد الجديد لتلاميذه فى ليلة آلامه. نفس الدم الذى سُفك على الصليب، هو نفسه الذى سلّمه السيد المسيح لتلاميذه يوم خميس العهد، لذلك يسمى "خميس العهد" لأن هذا هو العهد الذى بين الله وشعبه.

    لذلك يقول معلمنا بولس الرسول "لأننى تسلّمت من الرب ما سلَّمتكم أيضاً إن الرب يسوع فى الليلة التى أُسلم فيها (للآلام والصلب) أخذ خبزاً. وشكر فكسّر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدى المكسور لأجلكم اصنعوا هذا لذكرى. كذلك الكأس أيضاً بعدما تعشّوا قائلاً هذه الكأس هى العهد الجديد بدمى اصنعوا هذا كلما شربتم لذكرى. فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 23-26).. من الملاحظ فى هذا النص أن السيد المسيح لم يتكلم عن الدم فقط؛ لكنه ربط الدم بالكأس، وهذا نفس ما ورد فى إنجيل معلمنا لوقا "هذه الكأس هى العهد الجديد بدمى الذى يُسفك عنكم" (لو22: 20) لم يقل هذا الدم هو العهد الجديد لكن قال هذه الكأس.. بالطبع لا يقصد الكأس الفارغة، بل الكأس التى بها دمه.

    ولئلا يظن أحد كما يدّعى البروتستانت أن العهد الجديد هو دم المسيح الذى سُفك محدوداً بيوم الصليب فقط، ولا داعى للدم الذى يقول عنه الأرثوذكس فى القداس؛ نقول رداً على هذا: لم يقل السيد المسيح هذا الدم هو العهد الجديد، بل قال هذه الكأس هى العهد الجديد.. لكن ليس الكأس الفارغة فقط بل "هذه الكأس هى العهد الجديد بدمى" فالأساس هو دم السيد المسيح.
    تذكار حى قائم وليس تذكار رمزى



    لكن أين تستطيع الكنيسة أن تجد بركات الخلاص وتتمتع بها؟ أين العهد الذى بين الله وشعبه؟ فالكنيسة لا تستطيع أن تعيش الخلاص وتتلامس معه إلاّ فى سر التناول المقدس. فى كل صلاة قداس، يكون دم المسيح حاضراً فى الكأس، لذلك قال "هذه الكأس هى العهد الجديد بدمى".. نعيش العهد الجديد؛ ليس كتذكار ضاع وانتهى؛ ولكن كتذكار حى قائم ممتد. لذلك قال "اصنعوا هذا كلما شربتم لذكرى" (1كو11: 25).

    وقد شرح القديس بولس الرسول هذا بأكثر وضوح وقال "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26). لذلك نقول إنه تذكار حى وليس مجرد تذكار رمزى.. فنحن نُخبر بموت الرب لأن ذبيحة الصليب بجسد الرب ودمه تكون حاضرة بالفعل فى وسطنا. فإذا كان دم المسيح الذى سُفك على الصليب هو نفسه الذى يكون حاضراً فى القداس؛ فليس هناك تذكار أقوى من ذلك.. ونُخبر بموت الرب عندما نشرب من هذه الكأس لأننا نؤمن أن ما بداخل الكأس هو دم حقيقى تحت أعراض الخمر. ولا يمكننا أن نُخبر بما لم نراه ونختبره. فالذين أخبروا بالقيامة؛ هم شهود القيامة، والذين يخبرون بموت الرب؛ هم شهود موته. لذلك فنحن نُخبر بموت الرب وقيامته وأيضاً بمجيئه الثانى لأننا نختبر هذه الأمور اختباراً حقيقياً فى سر التناول المقدس.

    يقول القديس بولس الرسول "أقول كما للحكماء، احكموا أنتم فى ما أقول كأس البركة التى نباركها أليست هى شركة دم المسيح" (1كو10: 15، 16) فما الذى سوف نباركه؟ إن كان هذا رمزاً؟!

    لقد بارك السيد المسيح على الكأس فى ليلة آلامه وقال "اشربوا منها كلكم. لأن هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (مت26: 27، 28). فإذا كان السيد الرب نفسه يقول هذا هو دمى، فمن يستطيع أن يقول إن هذا هو رمز فقط؟ ألا نؤمن بصدق كلمات السيد المسيح؟!!

    وكيف للرمز أن يغفر الخطايا؟!! لكننا نتناول من جسد الرب ودمه لمغفرة الخطايا كما قال السيد المسيح "هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (مت26: 28).

    يقول القديس بولس الرسول "فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء" (1كو11: 26)، نفهم من هذه الآية أن فاعلية موت المسيح المحيي الذى قتل الموت بموته تسرى فى كياننا وفى داخلنا عندما نتناول من هذا الدم. لذلك يكمل القديس بولس كلامه ويقول "إذاً أى من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرماً فى جسد الرب ودمه" (1كو11: 27). فكيف يكون مجرماً إن كان هذا دماً ليس حقيقياً أو جسداً ليس حقيقياً!!! "ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس لأن الذى يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميّز جسد الرب" (1كو11: 28-29).. أى أنه غير مميز إن كان جسد الرب الذى بالصينية هو جسد حقيقى أم أن هذا مجرد شئ رمزى أو تذكارى.
    وكلاء سرائر الله



    عندما يقول الرسول "كأس البركة التى نباركها أليست هى شركة دم المسيح. الخبز الذى نكسره أليس هو شركة جسد المسيح" (1كو10: 16). فمن الذى يبارِك؟! الذى يبارك هو معلمنا بولس الرسول.. ولذلك نقرأ فى أعمال الرسل "كانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات" (أع2: 42).

    فالمسألة كانت تستدعى وجود أحد الآباء الرسل أو خلفائهم أو القسوس على الأقل لإقامة شعائر القداس الإلهى.. كقول بولس الرسول "هكذا فليحسبنا الإنسان كخدام المسيح ووكلاء سرائر الله" (1كو4: 1) فالأساقفة والكهنة هم وكلاء أسرار الله، أى أن معلمنا بولس وباقى الرسل وخلفاءهم موكلون أن يمارسوا نفس هذا السر الذى صنعه السيد المسيح رب المجد فى العشاء الربانى.
    شركاء المذبح



    يتساءل البعض هل هناك مذبح فى العهد الجديد غير صليب السيد المسيح؟ نقول إن مذبح العهد الجديد هو المذبح الذى بداخل الكنيسة الذى هو نفسه صليب السيد المسيح. وأقوال الكتب المقدسة تؤكّد ذلك، ومن بعدها كتابات الآباء.

    يقول الكتاب "انظروا إسرائيل حسب الجسد، أليس الذين يأكلون الذبائح هم شركاء المذبح. فماذا أقول أإن الوثن شئ أو إن ما ذ ُبح للوثن شئ؟" (1كو10: 18، 19) فهو يتكلم عن ممارسات اليهود وعبادتهم، فيقول إن من يأكلون الذبائح (ذبائح العهد القديم) فهم شركاء المذبح.. بمعنى أن هناك علاقة قوية جداً بين الوثن الذى يعتبر إله شيطانى، وبين المذبح الذى له، وبين الذبيحة التى تقدم على هذا المذبح "بل إن ما يذبحه الأمم فإنما يذبحونه للشياطين لا لله. فلست أريد أن تكونوا أنتم شركاء الشياطين" (1كو10: 20). فكل الذين يعبدون الأصنام يقدمون ذبائح للشيطان وليس لله، ومن يشترك فى ذبيحة الشيطان يكون شريكاً للشيطان، لأنه يوجد شركة حقيقية قائمة بين الذبيحة ومن يأكل منها وبين الإله الذى قُدمت له.
    مائدة الرب



    يقول معلمنا بولس الرسول "لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكأس شياطين. لا تقدرون أن تشتركوا فى مائدة الرب وفى مائدة شياطين" (1كو10: 21).. فهو يتكلم منذ العصر الرسولى عن التناول المقدس الذى هو "كأس الرب"، أما كأس الشيطان فهى التى يشربونها مع الذبائح.. يأكلون الذبيحة ويشربون معها أى نوع من الخمور.

    مائدة الشياطين هى مذابح الأصنام والأوثان، أما مائدة الرب هى مذبح الرب "أم نُغِيرُ الرب ألعلنا أقوى منه" (1كو10: 22) ومن هنا نستنتج أن المائدة هى نفسها المذبح لذلك نقول فى القداس الإلهى فى صلاة الشكر [كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان.. انزعها عنا وعن سائر شعبك وعن موضعك المقدس هذا وعن هذه المائدة Nem ~ebol\a tai ~trapeza qai ].

    امتداد وليس تكرار

    مذبح الرب الذى هو مائدة الرب فى الإفخارستيا؛ هو نفسه الصليب.. فذبيحة الصليب هى واحدة لا تتكرر، لكنها تمتد. لم تمتد ذبيحة الصليب بعدها فقط، بل امتدت قبلها أيضاً، بدليل أن السيد المسيح قدّم جسده ودمه فى ليلة آلامه بنفسه قبل صلبه. فذبيحة الإفخارستيا (سر الشكر) من الممكن أن تمتد عبر الزمان لأن هذا سر فائق وسر إلهى نقول عنه فى القداس الإلهى [ووضع لنا هذا السر العظيم الذى للتقوى] "عظيم هو سر التقوى" (1تى3: 16) ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم الذى كانت فترة حياته من سنة 347م إلى سنة 407م:

    } ألسنا نحن نقدم كل يوم قرابين؟ نعم نقدم، ولكنا نصنع تذكار موته. وهذه الذبيحة التى نقدمها كل يوم هى واحدة لا أكثر لأنه قُدّم مرة واحدة. لأننا دائماً نقدم حملاً واحداً بعينه، ولا نقدم الآن خروفاً وغداً خروفاً آخر، بل الحمل نفسه دائماً. فالذبيحة إذن هى واحدة. أو هل المسحاء كثيرون، لأن الذبيحة تُقدَّم فى محلات كثيرة؟ حاشا، لأن المسيح واحد فى كل مكان وهو هنا بكليته جسد واحد. وكما أنه يُقدّم فى أماكن متعددة ولا يزال جسداً واحداً لا أجساداً كثيرة هكذا الذبيحة هى أيضاً واحدة { [1]

    عندما نقدم قربان فى كنيسة فى القاهرة وقربان فى كنيسة فى الأسكندرية مثلاً ونعمل قداس هنا وقداس هناك؛ فهذا ليس معناه أن هذه ذبيحة وتلك ذبيحة أخرى، أو أن هذا حمل وذاك حمل آخر، بل إنه حملٌ واحد ومسيحٌ واحد الذى هو "حمل الله الذى يرفع خطية العالم" (يو1: 29).

    لقد تكلّم المزمور عن ذبيحة العهد القديم "أدخل إلى بيتك بمحرقات أوفيك نذورى" (مز66: 13) فهو هنا يتكلم عن الذبائح والمحرقات بصيغة الجمع، ولكن عندما تنبأ اشعياء النبى عن ذبيحة العهد الجديد فى مصر كان دقيقاً جداً فى تعبيره "فى ذلك اليوم يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخمها. فيكون علامة وشهادة لرب الجنود فى أرض مصر.. فيُعرَفُ الرب فى مصر ويَعرِفُ المصريون الرب فى ذلك اليوم، ويقدمون ذبيحة وتقدمة، وينذرون للرب نذراً ويوفون به" (أش 19: 19-21) المقصود بعبارة "وسط أرض مصر" أى "دير العذراء الشهير بالمحرق" فى أسيوط حيث يقع وسط أرض مصر وحيث الحجر الذى جلس عليه الرب يسوع، و"عمود للرب عند تخمها" حيث كرسى مارمرقس على حدود مصر التخوم الشمالية..

    ومن العجيب أنه يتكلم عن شعب مصر كله ويقول إنهم سوف يقدمون ذبيحة واحدة، من المنطق عندما يتكلم عن ملايين الناس، يقول يقدمون ذبائح ليس ذبيحة واحدة.. والذى يؤكد أنه يتكلم بصيغة الجمع؛ قوله "يعرف المصريون الرب" ويقول أيضاً "فى ذلك اليوم يكون فى أرض مصر خمس مدن تتكلم بلغة كنعان وتحلف لرب الجنود يقال لإحداها مدينة الشمس" (أش19: 18) مدينة الشمس التى هى "هليوبوليس" فهو يتكلم هنا عن العهد الجديد لأنه لم يكن مصرحاً فى العهد القديم أن يكون هناك مذبح للرب خارج عن المذبح الذى أقامه موسى فى خيمة الاجتماع ثم استقر بعد ذلك فى أورشليم فى هيكل سليمان فى المكان الذى اختاره الرب لداود النبى فى بيدر أرنان اليبوسى (انظر 1أي21: 18).

    ولذلك حتى الآن لا يستطيع اليهود التابعون لشريعة العهد القديم تقديم أية ذبائح، لأن الهيكل قد هُدم وزال. والمذبح أيضاً قد زال.. والهيكل لم يُترك فيه حجر على حجر لم ينقض.. فلا يمكنهم أن يقدموا أى ذبيحة للرب.. ولو فَهِمَ اليهود نبوة أشعياء عن إقامة مذبح للرب فى وسط أرض مصر، لعرِفوا أن العبادة لم تصبح قاصرة على معبد اليهود (هيكل سليمان) لكنها سوف تنتشر وتكون متاحة فى كل مكان، ونرى هذا فى حديث السيد المسيح مع المرأة السامرية عندما سألته قائلة: "آباؤنا سجدوا فى هذا الجبل وأنتم تقولون إن فى أورشليم الموضع الذى ينبغى أن يسجد فيه" (يو4: 20)، قال لها يسوع "يا امرأة صدقينى إنه تأتى ساعة لا فى هذا الجبل ولا فى أورشليم تسجدون للآب. أنتم تسجدون لما لستم تعلمون، أما نحن فنسجد لما نعلم. لأن الخلاص هو من اليهود. ولكن تأتى ساعة وهى الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له" (يو4: 21-23). فأصبحت العبادة تُقدم فى أى مكان فى العالم، مادامت تُقدم باسم السيد المسيح، وتُقدّم ذبيحة الخلاص الإفخارستيا التى نتحدث عنها الآن هذه هى مركز العبادة فى كنيستنا.

    جسد حقيقى ودم حقيقى

    فى إحدى المرات كنت فى انجلترا وذهبنا إلى برمنجهام وكان يصحبنى نيافة الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة وأتت سيدة إنجليزية تريد أن تنتمى إلى الكنيسة الأرثوذكسية وتريد أن تستفسر عن ما تقوله الكنائس فى انجلترا بأن الخبز والخمر هو مجرد رمز وتذكار، فجاوبها نيافة الأنبا مرقس وقال لها: لقد قال السيد المسيح "هذا هو جسدى وهذا هو دمى" فمن يستطيع أن يقول غير ذلك؟!

    ثم سألتها إن ذهب إنسان لشراء زجاجة نبيذ، هل يصلح هذا النبيذ لمغفرة الخطايا؟! فأجابت بالطبع لا. فقلت لها ولكن نحن نتناول من جسد الرب ودمه لمغفرة الخطايا، فلو كان مجرد النبيذ يغفر الخطايا كان ما أسهل هذا الأمر!! وأصبحت هذه السيدة بعد ذلك أرثوذكسية..

    سر التناول له تأثير قوى جداً فى حياة الإنسان.. سنورد قصة تدل على هذا؛ كان المتنيح أبونا بيشوى كامل يذكرها دائماً: شاب مسيحى فى الاسكندرية كان يريد ترك المسيحية.. وأثناء مناقشته لهذا الأمر، دخل كنيسة اسبورتنج – وكان لم يدخل الكنيسة منذ طفوليته- وكان ذلك فى نهاية القداس أثناء التناول من الأسرار المقدسة.. قابله أبونا بعد القداس فقال له الشاب: أنا تأثرت اليوم كثيراً، فسأله عن السبب، فقال له: إنه تذكّر عندما كان يدخل الكنيسة وهو طفل صغير، كان يشرب

    من الكأس مثل باقى الناس الذين شربوا اليوم وكان يشعر بالفرح، فقال له المتنيح القمص بيشوى: إن هذا هو دم المسيح الذى يغسلنا من خطايانا ولا نستطيع أن نعيش بدونه.. بمجرد أن تذكر هذا الشاب إنه كان يتناول وهو طفل اهتز كيانه من الداخل، وتغيرت حياته وعاد إلى أحضان السيد المسيح.

    سر الإفخارستيا هو مركز الخلاص فى الكنيسة

    U ففى سر المعمودية، عندما نعمد طفل، نقوم بمناولة هذا الطفل بعد العماد.

    U وفى سر الميرون، نقوم برشم المعمَّد بالميرون ثم التناول.

    U وأيضاً فى سر الاعتراف، يحضر الشخص للاعتراف لكى يحالل من خطاياه بسلطان الروح القدس من فم الأب الكاهن ويستحق أن يتقدم للتناول من الأسرار المقدسة.

    U وفى سر الكهنوت، عندما نرسم شماساً للقسيسية، يكون ذلك أثناء القداس الإلهى ويتناول جسد الرب ودمه فى هذا القداس نفسه.

    U وأيضاً كان سر الزواج يتم بين رفع بخور باكر وبين القداس ويتناول العروسان بلفافة واحدة عند توزيع الأسرار فى نهاية القداس.

    U وعندما نقوم بعمل سر مسحة المرضى يكون يوم جمعة ختام الصوم بين رفع بخور باكر والقداس، وإن قمنا به فى المنزل نصلى ونطلب من الرب شفاء المريض حتى يستطيع الذهاب إلى الكنيسة والتناول مع الشعب وإذا لم يستطِع ذلك؛ من الممكن أن يناوله الأب الكاهن فى المنزل.

    فكل أسرار الكنيسة السبعة مركزها هو جسد الرب ودمه (سر الإفخارستيا) لذلك عندما يبخر الكاهن يدور حول المذبح بالبخور وذلك لكى يؤكد أن المذبح هو مركز عمل الخلاص، وهو حضور ذبيحة الصليب فى الكنيسة..

    بيت لحم والخبز الحى

    من وقت ولادة السيد المسيح وهو يعلن أنه خبز الله النازل من السماء الواهب حياة للعالم، فقد وُلد المسيح فى بيت لحم ومعنى بيت لحم باللغة العبرية "بيت الخبز" (Mh,L, tyBe بيت لِحِم) أى أنه كما قال " خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم" (يو6: 33) وقال أيضاً "أنا هو خبز الحياة" (يو6: 48) وأيضاً "أنا هو الخبز الحى الذى نزل من السماء، إن أكل أحد من هذا الخبز، يحيا إلى الأبد" (يو6: 51). ولكى يوضّح لنا السيد المسيح كيف نحصل على الخبز الذى إن أكله أحد يحيا إلى الأبد، أكمل الآية وقال "والخبز الذى أنا أعطى هو جسدى الذى أبذله من أجل حياة العالم" (يو6: 51).

    ففى هذا الوقت لم تُدرك الجموع كلام السيد المسيح وقالوا كيف يقدر هذا أن يعطينا جسده لنأكل؟ وبدأوا يتذمرون. بل حتى التلاميذ بدأ البعض منهم يتذمر حيث كان بينهم يهوذا الخائن، فعلِمَ يسوع فى نفسه أن تلاميذه يتذمرون على هذا فقال لهم "أهذا يعثركم؟" (يو6: 61).

    فالقضية كانت خطيرة جداً لأنها فرّقت عدد كبير من التلاميذ الذين كانوا يتبعون السيد المسيح "من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه" (يو6: 66).




    1) من عظات للقديس يوحنا ذهبى الفم على العبرانيين مقالة 17.

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 - 0:19