لعل بداية الالتحام بين اللحن القبطي والعبري قد تم منذ بشارة القديس مرقس الرسول، عندما تقابل يهود الإسكندرية المتنسكون والعابدون والمتخصصون في التسبيح والإنشاد مع الفراعنة المتخصصين في موسيقى الآلهة بأسرارها الفرعونية، وذلك في كنيسة قبطية واحدة ليتقبلوا جنباً إلى جنب البشارة المفرحة بالمسيح.لا شك أن موسى النبي كان قد درس الموسيقى الفرعونية - في الأربعين سنة الأولى من عمره حين تبنَّته ابنة فرعون وتربى في قصر فرعون "تهذَّب موسى بكل حكمة المصريين" (أع 7: 22) – ولا بد أنه تأثر بها..ش بنو إسرائيل بمصر وسمعوا ألحان مصر الفرعونية لمدة 430 سنة (خر 12: 40)، ولا شك أنه خلال هذه المدة استطاع نحو 600,000 رجل غير الأولاد من شعب بني إسرائيل الذين رحلوا من "رعمسيس" أن يحفظوا فيها الكثير من الألحان المصرية القديمة، ولا بد أنهم تأثروا بها وعاشت في وجدانهم وتعرَّفوا على مقاماتها وأبعادها وإيقاعاتها وموازينها وقوالبها وصيغها المختلفة، ولابد أنهم حملوها في بوتقة مشاعرهم وفى ذكرياتهم وفى طقوس عباداتهم.
وفى الاتجاه الآخر، نجد أن القديس مرقس الرسول الذي عاش فترة بين نغمات داود النبي وهي يتردد صداها في المجامع اليهودية، وفي عُليِّة صهيون المقدسة – وهي بيت مريم والدة مرقس الرسول (أع 12: 12)- على فم السيد المسيح " يسوع ابن داود" ويرددها خلفه التلاميذ الاثنى عشر "سبحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون" (مت 26: 30 ، مر 14: 26) ..
لابد أيضاً أن هذه الألحان بكل تفاصيلها اللحنية قد حملها القديس مرقس إلى مصر.. ولا بد أنه عندما أسس مدرسة اللاهوت بالإسكندرية وجعَّل يُدرِّس بها الموسيقى إلى جوار العلوم اللاهوتية، أنه درَّس بها هذه الألحان، وأنه وضع بعضاً منها في القداس الإلهي الذي كتبه- والذي يعتبر أقدم قداس عرفته الكنيسة القبطية.
ولقد تبنَّت الكنيسة القبطية من اليهودية بعض القطع الموسيقية، خاصة الترتيل النهائي للمزامير "هلليلويا".. حتى أنه يوجد العديد من الألحان لكلمة "ألليلويا"، أشهرها لحن "آللي القربان" والذي يقال قبل دورة الحمل كمقدمة طويلة وجميلة للحن "ألليلويا فاي بيبي إيهوؤو"؛ ولحن "ألليلويا الكيهكي"؛ ولحن "ألليلويا الختامي للحن بيك إثرونوس" ..
مما سبق يتضح لنا أن اللحن القبطي واللحن العبري قد امتزجا، وتأثر كل منهما بالآخر.كما أن موسيقى المجامع اليهودية قد لعبت دوراً هاماً في تطور الليتورجيات السريانية والبيزنطية
أيضاً.
ويقول العالم الألماني "هيكمان" : "بالرغم من أن موسيقى المجامع اليهودية قد لعبت دوراً هاماً في تطوير الليتورجيات السريانية والبيزنطية، إلا أنه على عكس ذلك في مصر فقد تأثرت الموسيقى اليهودية بالصلوات المصرية القديمة نظراً للفترة التي عاشها شعب بني إسرائيل في مصر في الغربة حيث حدث اندماج مع البيئة والحياة المصرية".
(3) تأثر اللحن القبطي باليوناني "البيزنطي"، واليوناني بالقبطي :-
قديماً كان الشعب اليوناني قد تأثر جداً بالموسيقى المصرية القديمة، حتى أنها انتشرت بينهم وتوافقت مع أذواقهم وتحولت إلى أغنيات شعبية إغريقية..
وفي العصور الأولى للمسيحية كان هناك تبادل إنتاج وتبادل موسيقى بين اليونانيين والمصريين ..
وبرع في هذا الجو معلمون كثيرون، منهم "ديديموس النحوي"، و"ديمتريوس الفاليروني"، الذي وضع مفاتيح الموسيقى التي كان يستمع إليها في هذا الوقت (القرن الأول الميلادي)، و"كلوديوس البطلمي" الذي صار مقياساً في حساباته الموسيقية (القرن الثاني)، و"أليكيوس الأسكندرى" الذي وضع العلامات الموسيقية عام 360م، و"ديسقوروس" (القرن الرابع)، و"فالنتينوس"، و"بروكولوس.. هؤلاء جميعاً نشئوا في الجو اليوناني المصري وكتبوا عن الموسيقى..
ولكن بعد الانشقاق الذي حدث في مجمع خلقيدونية عام 451م، قطع الأقباط كل صِلاتهم مع الكنيسة البيزنطية وكنيسة روما واحتفظوا بكل تقليدهم وألحانهم بشكل منعزل عن التأثير البيزنطي..
وفي العصور المتأخرة أدخل بعض البطاركة الأقباط مجموعة من الألحان اليونانية -بألحانها الكاملة - إلى الكنيسة القبطية، وإن غلب على أدائها الريتم البطيء والأبعاد المقامية المصرية التي تتناسب مع التربة الموسيقية المصرية.. ومن أمثلة ذلك لحن "إي بارثينوس"، و"خريستوس آنيستي" اليوناني، و"تون سينا"، و"توليستو"..
وفى الاتجاه الآخر، نجد أن القديس مرقس الرسول الذي عاش فترة بين نغمات داود النبي وهي يتردد صداها في المجامع اليهودية، وفي عُليِّة صهيون المقدسة – وهي بيت مريم والدة مرقس الرسول (أع 12: 12)- على فم السيد المسيح " يسوع ابن داود" ويرددها خلفه التلاميذ الاثنى عشر "سبحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون" (مت 26: 30 ، مر 14: 26) ..
لابد أيضاً أن هذه الألحان بكل تفاصيلها اللحنية قد حملها القديس مرقس إلى مصر.. ولا بد أنه عندما أسس مدرسة اللاهوت بالإسكندرية وجعَّل يُدرِّس بها الموسيقى إلى جوار العلوم اللاهوتية، أنه درَّس بها هذه الألحان، وأنه وضع بعضاً منها في القداس الإلهي الذي كتبه- والذي يعتبر أقدم قداس عرفته الكنيسة القبطية.
ولقد تبنَّت الكنيسة القبطية من اليهودية بعض القطع الموسيقية، خاصة الترتيل النهائي للمزامير "هلليلويا".. حتى أنه يوجد العديد من الألحان لكلمة "ألليلويا"، أشهرها لحن "آللي القربان" والذي يقال قبل دورة الحمل كمقدمة طويلة وجميلة للحن "ألليلويا فاي بيبي إيهوؤو"؛ ولحن "ألليلويا الكيهكي"؛ ولحن "ألليلويا الختامي للحن بيك إثرونوس" ..
مما سبق يتضح لنا أن اللحن القبطي واللحن العبري قد امتزجا، وتأثر كل منهما بالآخر.كما أن موسيقى المجامع اليهودية قد لعبت دوراً هاماً في تطور الليتورجيات السريانية والبيزنطية
أيضاً.
ويقول العالم الألماني "هيكمان" : "بالرغم من أن موسيقى المجامع اليهودية قد لعبت دوراً هاماً في تطوير الليتورجيات السريانية والبيزنطية، إلا أنه على عكس ذلك في مصر فقد تأثرت الموسيقى اليهودية بالصلوات المصرية القديمة نظراً للفترة التي عاشها شعب بني إسرائيل في مصر في الغربة حيث حدث اندماج مع البيئة والحياة المصرية".
(3) تأثر اللحن القبطي باليوناني "البيزنطي"، واليوناني بالقبطي :-
قديماً كان الشعب اليوناني قد تأثر جداً بالموسيقى المصرية القديمة، حتى أنها انتشرت بينهم وتوافقت مع أذواقهم وتحولت إلى أغنيات شعبية إغريقية..
وفي العصور الأولى للمسيحية كان هناك تبادل إنتاج وتبادل موسيقى بين اليونانيين والمصريين ..
وبرع في هذا الجو معلمون كثيرون، منهم "ديديموس النحوي"، و"ديمتريوس الفاليروني"، الذي وضع مفاتيح الموسيقى التي كان يستمع إليها في هذا الوقت (القرن الأول الميلادي)، و"كلوديوس البطلمي" الذي صار مقياساً في حساباته الموسيقية (القرن الثاني)، و"أليكيوس الأسكندرى" الذي وضع العلامات الموسيقية عام 360م، و"ديسقوروس" (القرن الرابع)، و"فالنتينوس"، و"بروكولوس.. هؤلاء جميعاً نشئوا في الجو اليوناني المصري وكتبوا عن الموسيقى..
ولكن بعد الانشقاق الذي حدث في مجمع خلقيدونية عام 451م، قطع الأقباط كل صِلاتهم مع الكنيسة البيزنطية وكنيسة روما واحتفظوا بكل تقليدهم وألحانهم بشكل منعزل عن التأثير البيزنطي..
وفي العصور المتأخرة أدخل بعض البطاركة الأقباط مجموعة من الألحان اليونانية -بألحانها الكاملة - إلى الكنيسة القبطية، وإن غلب على أدائها الريتم البطيء والأبعاد المقامية المصرية التي تتناسب مع التربة الموسيقية المصرية.. ومن أمثلة ذلك لحن "إي بارثينوس"، و"خريستوس آنيستي" اليوناني، و"تون سينا"، و"توليستو"..