منتدى الملاك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الملاك

لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد.أمين +++عمانوئيل إلهنا وملكنا

عزيزى الزائر اذا اعجبك موضوع بالمنتدى يمكنك
أن تضغط على زر أعجبنى اعلى الموضوع
عزيزى الزائر ان اعجبك موضوع يمكنك ان تكون اول من يشاركه لاصدقائه على مواقع التواصل مثل الفيس بوك والتويتر بالضغط على زر شاطر اعلى الموضوع

    قابيل: المثال الأصل للقتلة بلا قضية

    andraous
    andraous
    ملاك محب
    ملاك محب


    رقم العضوية : 723
    البلد - المدينة : كندا
    عدد الرسائل : 824
    شفيعك : الملاك ميخائيل
    تاريخ التسجيل : 21/02/2009

    cc قابيل: المثال الأصل للقتلة بلا قضية

    مُساهمة من طرف andraous الأحد 12 سبتمبر 2010 - 7:46

    الأحد 03 شوال 1431هـ - 12 سبتمبر 2010م



    قابيل: المثال الأصل للقتلة بلا قضية

    قابيل: المثال الأصل للقتلة بلا قضية Track_content_views
    قابيل: المثال الأصل للقتلة بلا قضية Pix_hi_fade





    قابيل: المثال الأصل للقتلة بلا قضية Pix_low_fade
    قابيل: المثال الأصل للقتلة بلا قضية Spc
    قابيل: المثال الأصل للقتلة بلا قضية 19333_1081
    قابيل: المثال الأصل للقتلة بلا قضية Spc

    علي سالم
    منذ ليلتين، دخلت مجموعة من الرجال المسلحين بيت ضابط شرطة في بعقوبة لكي تقتله، ولم يجدوا الرجل فقتلوا زوجته، فصلوا رأسها عن جسمها، هذا ما يوضح أنهم لم يكونوا في مهمة لقتل رجل تحقيقا لهدف سياسي أو لقضية ما، بل كانوا يحققون رغبة عندهم وعند رؤسائهم في القتل في حد ذاته، ولو لم يجدوا أحدا في المنزل فمن المرجح أنهم كانوا سيقتلون أحد الجيران أو عددا منهم. هذا مثال واحد ولا بد أنك تعرف عشرات الأمثلة على ما أسميه القتل بغير قضية.

    فهل في داخل العقل البشرى، رغبة أو دافع أو مبدأ أو محرك أو ميل يدفعه لقتل الآخر؟

    كيف يمكن تفسير عشرات بل مئات المرات التي تنفجر فيها السيارات في الأسواق في العراق لتقتل أشخاصا لا يعرفهم القاتل، وما هي القضية في طول التاريخ وعرضه التي نجحت فيها مثل هذه العمليات في تحقيقها أو حتى مجرد الدفاع عنها؟ إذا سلمنا بوجود مثل هذا الدافع مركبا في أعمق ظلمات النفس البشرية وأنه ينشط في ظروف معينة فما هي تلك الظروف؟ هل هو الفقر أم الفشل أم التعاسة واليأس وفقدان الأمل في حياة طبيعية؟ أم هي كما كتبت كثيرا الغيرة المرضية (pathological Jealousy) تمييزا لها عن تلك الغيرة الطبيعية التي نشعر بها جميعا، وتساعدنا في التقدم والاستمتاع بحياتنا بغير أن تحولنا إلى قتلة. وما هي أعراض هذه الغيرة المرضية وهل يمكن معالجتها وإنقاذ ضحاياها وتحويلهم لأشخاص طبيعيين أو على الأقل أشخاص لا يحلمون بقتل الآخرين.

    الواقع أن ما دفعني للاهتمام بهذا الموضوع، القتل والقتلة، هو صفحة الحوادث في الجرائد المصرية، بعد أن لاحظت أن الناس تقتل بعضها البعض لأسباب أتصور أنها لا تسبب مشكلة، وكأن القاتل كان فقط ينتظر الظرف المناسب لقتل ضحيته، أي أن الأصل في الجريمة ليس سببه وقوعه في خصومه مع الضحية، بل رغبته القوية في ارتكاب جريمة القتل، بغير دلائل واضحة على وجود الغيرة المرضية.

    كان من الطبيعي أن أفكر في أول جريمة قتل في التاريخ لعلي أعثر على عناصر فيها تساعدني أكثر على فهم موضوعي. الشائع بين الناس في الفكر الشعبي هو أن السبب هو صراع حول الأنثى، غير أن المرجعية الوحيدة لدينا التي يمكن الوثوق بما جاء بها هي سورة المائدة في القرآن الكريم «واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين».

    سأتوقف بك هنا لحظة للتفسير، بغير أن أزعم أنني مؤهل له، إنها فقط محاولة للتحليل النفسي، أنا فقط أتخيل المشهد وأستمع جيدا للكلمات لأفهم ما وراءها، الأخ الضحية يقول لأخيه الذي أعلن بكل وضوح عن نيته في قتله: «إنما يتقبل الله من المتقين». هو على درجة عالية من التهذيب دفعته ليشرح له السبب في أن قربانه لم يلق قبولا، لا يكفي أن تقدم القربان، بل لا بد أن تكون صادقا مع نفسك وأنت تقدمه. أريدك أن تلاحظ الاشتقاق بين كلمتي القربان والاقتراب أو القرب.

    نحن جميعا نقدم قربانا إلى الله في كل لحظة، كل عمل نقوم به الهدف منه تحقيق القيم والمثل العليا للإنسان، في كل لحظة نحن نفكر في الخير لأنفسنا وللآخرين، فإذا لم يتم تقبل هذا القربان فلا بد أن خطأ شنيعا قد حدث، وهو أننا نكذب ونتظاهر ونخدع، بالتأكيد هذا هو ما يعرفه الأخ الضحية هابيل عن أخيه الذي أعلن في قسوة وفجاجة عن رغبته في قتله. الكلمة التي قالها قابيل مروعة وبالتأكيد سبقها سلوك طويل من الكراهية والأفعال السيئة، ولا شك أن هابيل تحمل مضايقات أخيه طويلا غير أن القتل - وهو ما نسميه نفي الآخر هذه الأيام - لم يخطر له على بال لمعرفته أن الجحيم سيكون في انتظار من يرتكب هذه الخطيئة. أستطيع أن أتخيل هذين الأخوين وأستطيع أن أحدثك عن مواصفات كل منهما، قابيل استسلم للإحساس بالغيرة من كل ما يقوم به أخوه، بالتأكيد هابيل مستمتع بالحياة ويجيد التعامل مع مفرداتها، يجيد تسلق الأشجار في خفة وجمع الثمار منها، يجيد السباحة وصيد السمك، يجيد الدفاع عن نفسه ضد وحوش الغابة، أما الأخطر من كل ذلك فهو يجيد التعامل في رقة مع أنثاه، هنا بالضبط نصل إلى حقيقة الدافع للجريمة عند قابيل، إنه الفشل وعدم التحقق والجهل، هذا هو بالضبط ما أسميه الغيرة المرضية. أريدك أن تستمع جيدا: «فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين».. (طوّعت).. يا لعبقرية الكلمة القرآنية في وصفها لآليات التفكير عندما تطوّع النفس كل قدرات العقل وتوجهها في اتجاه الجريمة، فيقتله ليكتشف كم هو ضائع بعد أن استمتع للحظات بتنفيذ رغبته الشنيعة، نظر في ضياع إلى جثمان أخيه المسجى على الأرض وهو لا يعرف ماذا يفعل به. أنتقل للقطة التالية «فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه».

    مع الضياع والخسران والإحساس بالذنب تبدأ مرحلة التعلم، وهو بالفعل ما كان ينقصه، هو لا يعرف معنى أن يدفن جثة أخيه، ولكنه كان حريصا على إبعاد جسم الجريمة بعيدا عن أنظاره بعد أن بدأ يشعر ببشاعة الجريمة التي ارتكبها. ثم بدأ يقطع الخطوة الأولى في طريق التحضر الإنساني عندما شعر بالضآلة والخجل «يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين». الغراب هو الطائر الوحيد الذي لا يتعاطف معه أحد في الفكر الشعبي، هو رمز للخراب، هنا يبدأ قابيل في الإحساس بقلة قيمته وانعدام شأنه بعد أن تولى غراب إرشاده إلى ما يجب أن يفعله.

    يستطيع القتلة بغير قضية أن يختاروا ما يشاءون من قضايا يسترون بها رغباتهم الحقيقية، منتهزين فرصة أن الناس لا تفتش في الكلمات وأنها تصدق ما يقال لها عندما تقاد عواطفها في الاتجاه الخطأ، غير أن القتل ليس هو القتال، وأن المقاومة ليست هي القتل، بل هي العمل الدؤوب الشجاع المتواصل من أجل الحفاظ على حقوق البشر وحريتهم. كل من يعمل في الشرق الأوسط على قتل الناس في الحقول والأسواق والبيوت.. ليست له قضية.

    *نقلاً عن "الشرق الأوسط" اللندنية

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 - 0:30