وصف للفوضى الاسرائيلية العسكرية في ظهر يوم حرب الغفران
حاييم شاين - اسرائيل اليوم
16/ 09/ 2010
لن أنسى أبداً صلاة يوم الغفران في سنة 1973. صليت في فرع بني عكيفا في تل أبيب. صلاة نقية لذيذة. رأينا من خلل نوافذ الكنيس سيارات سارت سريعا، تنذر بالسوء، نحو معسكر هيئة القيادة العامة القريب من الفرع. دخل جنود في الملابس العسكرية الكنيس في أثناء الصلاة وأبلغوا المصلين، ولا سيما رجال الادارة العسكرية أن عليهم أن يمثلوا سريعا في الوحدات لاستعمال أمر الطوارىء للتجنيد الاحتياطي. في الساعة الثانية ظهرا، قبيل نهاية الصلاة، سمعت صافرة تعلوا وتنخفض، صافرة كانت علامة بدء حرب يوم الغفران. كانت تلك حربا غيرت الى الأبد معنى يوم الغفران عند الاسرائيليين. فقد زادت الحرب على اليوم المقدس بعدا آخر سوى البعد الديني، وغيرت المجتمع الاسرائيلي حتى انه لا يعرف. تحولنا من مجتمع آمن وادع الى مجتمع مذعور ليست له ثقة بنفسه. وليست له ثقة به نفسه وبقادته. مع خروج يوم الغفران أتت المكالمة الهاتفية التي انتظرتها منذ الظهر. قيل لي أن علي الوصول سريعا الى مكان تجميع في مركز تل ابيب وستنقلنا من هناك حافلات الى معسكر وحدتنا المدرعة قرب بئر السبع. كان الظلام في تل أبيب شاملا. وطال السفر. التقيت في الحافلة صديقين كانا معي في دورة ضباط المدرعات. لم يعودا من حومة القتال. تزوج أحدهما قبل الحرب بستة أسابيع. ساد معسكر الوحدة عدم نظام فظيع. وطلب إلي بصفتي قائدا أن أؤلف فرقاء دبابات على نحو عشوائي من بين الجنود الذين أتوا المعسكر. كانت الدبابات التي تلقيناها للخروج للحرب في وضع فظيع. كانت مهملة غير معتنى بها وبغير ذخيرة. وعندما أبلغت ضابط التسليح أنه لا يوجد في رشاش القائد زناد، كان جوابه "من حسن حظك أن معك رشاشا فهو غير موجود أيضا في الدبابات الأخرى". توجهت الى قائد الكتيبة وأبلغته أنه لا توجد خرائط. وكان جوابه "سر في اتجاه الشمس". تلقت كل مجموعة دبابات كانت مستعدة للارتحال أمراً عسكرياً بالسير على الجنازير من بئر السبع نحو القناة. لم يوجد ذكر لناقلات الدبابات. كانت مشغولة بنقل الدبابات الى هضبة الجولان حيث اقترب السوريون من بحيرة طبرية. كانت الطريق كلها الى قناة السويس مملوءة بمراكب ثقيلة وخفيفة. لم يهتم أحد بتوجيه السير أو بالتمكين من مسارات بديلة. بعد ساعات طويلة من السفر المرهق بدأت الدبابات تصل رويدا رويدا منطقة القناة وتستعد للمعركة. مع اقترابنا من منطقة القتال رأينا دبابات الجيش الاسرائيلي مصابة من كمائن صواريخ فتاكة. جرى جنود محترقون في سرابيلهم حول الدبابات. وكان مشهدا فظيعا لمن اعتاد أن يسمع ويقرأ عن الجيش الاسرائيلي – الجيش المنتصر. كانت المعارض صعبة. لم يقرأ قادة لوائنا خريطة المعارك. وقد قصفت المدافع المصرية بلا انقطاع. وأحدثت صواريخ ساغر المباغتة بنجوعها العجب بالدبابات. ولم تر طائرات سلاح الجو في السماء لأن الصواريخ المصرية أخضعتها. وسمعنا من آن لآخر، وفي توال أخذ يزداد عن قادة قتلوا ورأينا دبابات تحترق. كانت الخسائر في الحرب باهظة. فقد بذل جنود مخلصون مصممون مهجاتهم ودفعوا ثمن اخفاق القيادة والعمليات. وقد حسموا الحرب بأجسادهم حقا. من المهم أن يعلم أبناء الجيل الشاب شجاعة المحاربين في تلك الحرب اللعينة وبذلهم مهجاتهم. في صلاة يوم الغفران سنذكر ونتذكر الجميع. جميعهم محبوبون وجميعهم أبطال وجميعهم اليوم ملائكة في جيش السماء.