منتدى الملاك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الملاك

لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد.أمين +++عمانوئيل إلهنا وملكنا

عزيزى الزائر اذا اعجبك موضوع بالمنتدى يمكنك
أن تضغط على زر أعجبنى اعلى الموضوع
عزيزى الزائر ان اعجبك موضوع يمكنك ان تكون اول من يشاركه لاصدقائه على مواقع التواصل مثل الفيس بوك والتويتر بالضغط على زر شاطر اعلى الموضوع

    جامع نيويورك: يكون أو لا يكون؟

    andraous
    andraous
    ملاك محب
    ملاك محب


    رقم العضوية : 723
    البلد - المدينة : كندا
    عدد الرسائل : 824
    شفيعك : الملاك ميخائيل
    تاريخ التسجيل : 21/02/2009

    cc جامع نيويورك: يكون أو لا يكون؟

    مُساهمة من طرف andraous الجمعة 17 سبتمبر 2010 - 12:44


    جامع نيويورك: يكون أو لا يكون؟
    الإتحاد الاماراتية
    GMT 0:21:00 2010 الجمعة 17 سبتمبر

    محمد السماك

    في الوقت الذي تثار فيه الضجة داخل الولايات المتحدة وخارجها حول مشروع بناء مسجد في نيويورك على مقربة من موقع برجي التجارة العالمي اللذين هدمهما على من كان فيهما من أبرياء، عدوان 11 سبتمبر 2001، من المفيد التوقف أمام الأحداث التالية:
    أولاً: يروي التاريخ أنه عندما دخل الخليفة عمر بن الخطاب مظفراً مدينة القدس، زار كنيسة القيامة. وقد صادف ذلك وقت الصلاة. ولكن الخليفة آثر أن يصلي في مكان بعيد عن الكنيسة حتى لا يتخذ المسلمون من بعده مكان صلاته ذريعة لبناء مسجد في الموقع. وبالفعل يقوم اليوم "مسجد عمر" في ذلك الموقع الذي صلّى فيه.
    ويروي التاريخ أيضاً كيف وضع عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، العهدة العمرية التي وضعت الكنائس والمؤسسات الدينية المسيحية بإشراف البطريرك صفريونيوس وقد تعهدت باحترام حرية المسيحيين في العبادة وفي إدارة شؤونهم الدينية.
    ويروي التاريخ كذلك كيف أن الخليفة رفع الحظر الذي كان البيزنطيون يفرضونه على اليهود وكان يقضي بمنعهم من دخول القدس. ولم يأت الخليفة عمر بن الخطاب بهذه المواقف من عنده. كان يتصرف في ضوء سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى أساس ما تضمنته العهدة النبوية لمسيحيي نجران -في اليمن. فقد نصّت العهدة على الامتناع عن مجرد نقل أسقف من أسقفيته، ونصت حتى على حث المسلمين على تقديم المساهمات لترميم وبناء الكنائس، وهو ما فعله الأمويون على نطاق واسع في دمشق.
    ثانيّاً: عندما قرّر المسلمون في مدينة الناصرة في فلسطين المحتلة بناء مسجد على أرض تملكها الأوقاف الإسلامية في المدينة، اعترض المسيحيون. ذلك أن قطعة الأرض تقع قبالة كنيسة البشارة وهي واحدة من الكنائس التي تتمتع بقدسية لدى المسيحيين باعتبار أن البشارة الملائكية للسيدة مريم بأنها ستحمل بعيسى المسيح حدثت هناك. وكان البابا يوحنا بولس الثاني يستعد لزيارة الكنيسة في إطار جولته في المنطقة. يومها أصر المسلمون على حقهم في بناء المسجد على أرض يملكونها، ولكنهم تراجعوا عن هذا الحق احتراماً لمشاعر إخوانهم المسيحيين. وذلك بعد أن تعهدت المملكة العربية السعودية بشراء أرض أخرى لإقامة المسجد.
    ثالثاً: أثناء الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان من عام 1975 حتى عام 1990 دمرت الحرب وسط العاصمة بيروت. وشمل التدمير الكلي أو الجزئي كل ما كان فيها من مساجد وكنائس. كما شمل التدمير الكنيس اليهودي الوحيد الذي كان قد بني في المدينة على الطراز المعماري المغربي في عام 1926.
    وبعد الحرب تولى المسلمون تمويل إعادة بناء مساجدهم. وتولى المسيحيون تمويل إعادة بناء كنائسهم. أما الكنيس فقد بقي مدمراً وشاهداً على أهوال الحرب بسبب هجرة الجالية اليهودية منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي (أي بعد حرب 1973 مباشرة).
    ولكن السلطات اللبنانية على رغم كونها تشكو من ضيق ذات اليد، تولت ترميم الكنيس، وساهمت بتمويل نصف نفقاته. وقد انتهى الترميم الآن وأصبح الكنيس جاهزاً لاستقبال المصلين.. الذين لم يبقَ منهم في لبنان سوى القليل جدّاً. ولم تحل الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل بحق اللبنانيين (ست حروب كان آخرها في عام 2006 أدت وحدها الى استشهاد 1200 لبناني وإلى تدمير البنية التحتية للبنان تدميراً شبه كامل) دون المضي قدماً في ترميم الكنيس. وكذلك لم تحل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد المواقع الإسلامية والمسيحية المقدسة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة في مدينة القدس، دون تمويل مشروع الترميم. وحتى المقبرة اليهودية في بيروت لا تزال مصونة فيما تقوم إسرائيل بجرف المقبرة الإسلامية في القدس لتحويلها إلى حديقة عامة! واليوم في الوقت الذي يفتح فيه الكنيس اليهودي أبوابه لاستقبال من يشاء من اليهود، تُقفل الطرق في وجه المسلمين الوافدين لأداء الصلاة يوم الجمعة في المسجد الأقصى.. بل إن المسجد ذاته يتعرض للتهديد بالعدوان، وللعدوان المباشر وبصورة مستمرة.
    رابعاً: في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، قررت الكنيسة الكاثوليكية في بولونيا بناء دير للراهبات في مدينة كراكوف (مسقط رأس البابا الراحل يوحنا بولس الثاني) وبعد وضع التصاميم الهندسية والشروع في عملية البناء، احتجّت الجالية اليهودية البولندية (وهي جالية صغيرة جدّاً). وكان سبب الاحتجاج أن موقع الدير قريب جدّاً من مدخل معسكر "أوشفيتز" الذي ارتكب فيه النازيون الألمان جرائم ضد اليهود -وضد غيرهم أيضاً- وقد اعتبرت الجالية اليهودية في رسائل الاحتجاج أن بناء الدير في هذا الموقع يسيء إلى أرواح الضحايا اليهود، كما يسيء إلى مشاعر عائلاتهم. أما كيف تحدث الإساءة فذلك أمر آخر. والمهم أن البابا الراحل باعتباره المرجع الأول للكنيسة الكاثوليكية في العالم، وباعتباره بولنديّاً، وابناً لمدينة كراكوف، تدخل شخصيّاً لتجنيب العلاقات المسيحية- اليهودية المزيد من الاضطراب. وقرّر وقف العمل في بناء الدير. وبالفعل فقد تم اختيار موقع آخر بُنيَ عليه الدير ويقع في مكان بعيد عن معسكر "أوشفيتز".
    خامساً: في عام 1995 كان من حسن حظي أن أكون ضيفاً إلى مائدة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في شقته الخاصة في الفاتيكان. وكان عدد المدعوين لا يزيد على الثمانية أشخاص من بينهم كرادلة ومطارنة. في ذلك الوقت كنتُ أمثّل مسلمي لبنان في السينودس الذي رعاه البابا حول لبنان.
    وأثناء المائدة روى لي البابا قصة بناء المسجد والمركز الإسلامي الثقافي في روما. وقال إن محافظ المدينة طلب زيارته لإطلاعه على رسالة تلقتها وزارة الخارجية الإيطالية من سفراء الدول الإسلامية المعتمدين في إيطاليا. ولأن الرسالة تطلب إذناً بالسماح ببناء مسجد، ولأن لروما خصوصية كاثوليكية، فقد أوعزت الوزارة إلى المحافظ أن يحمل الرسالة إلى البابا لاستشارته والعمل بما يراه مناسباً.
    قال لي البابا إنه بعد أن استمع إلى العرض الذي قدمه المحافظ، وبعد أن قرأ رسالة السفراء المسلمين بعناية، قال للمحافظ: "أنا لا أوافق فقط على بناء المسجد، ولكنني أتمنى وأشجع بلدية روما على أن تمنح الأرض مجاناً لتنفيذ المشروع". وهذا ما حدث فعلاً. فالمسجد والمركز الثقافي الإسلامي الذي يقوم اليوم فوق تلّة من الصنوبر في قلب عاصمة الكثلكة، يعتبر معلماً إسلاميّاً.. وشاهداً في الوقت ذاته على التسامح الديني.
    وفي ضوء هذه السوابق الخمس، كيف يمكن التعامل مع مشروع بناء المسجد والمركز الثقافي الإسلامي في مانهاتن بنيويورك؟
    في الأساس لا يوجد أي حظر في الولايات المتحدة لا على بناء المساجد ولا رفع المآذن. وفي الأساس أيضاً، فإن محافظ مدينة نيويورك ومعه مجلس المحافظة، وافق على منح الجالية الإسلامية الترخيص ببناء المسجد والمركز الثقافي في الموقع المحدد. إلا أن ثمة جمعيات وهيئات مدنية ودينية متطرفة تعارض المشروع بحجة أنه قريب من الموقع الذي ارتكبت فيه جريمة 11 سبتمبر 2001. وفي نظر هذه الجمعيات والهيئات، فإن قيام مسجد هناك يجرح مشاعر أهالي الضحايا (حوالي ثلاثة آلاف من مختلف الجنسيات ومن مختلف الأديان كذلك) ولذلك فإنها تطالب بنقله إلى موقع آخر في المدينة.
    غير أن هذه المعارضة تقوم على أساس اتهام الإسلام -وليس اتهام متطرفين ضالين من أبنائه- بارتكاب الجريمة المروعة في نيويورك. والرضوخ لهذه المعارضة يعني قبول التهمة. والأمران خطأ. فلا الإسلام هو مصدر الإرهاب، وبالتالي ليس هو المسؤول. ولا المتطرفون المغالون يستحقون منحهم هدية مجانية تبرر جريمتهم وتشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم الإرهابية، وذلك عن طريق منع بناء المسجد.
    ومن المعروف عن الولايات المتحدة أنها دولة التسامح الديني. فالمسلمون الذين يعانون من صعوبات في بعض الدول الأوروبية لا يواجهون في الولايات المتحدة أيّاً من هذه الصعوبات سواء ما يتعلق منها بالملبس (الحجاب) أو المأكل (الحلال).
    ثم إن المساجد في المدن الأميركية تعمر بالمصلّين ولا يشكل ذلك قلقاً أو إزعاجاً لغيرهم من المواطنين -حتى الآن على الأقل! ومشهورة مقولة أوباما الانتقادية للمجتمعات الأوروبية التي قال فيها: "متى نتوقف عن أن نعلم الناس ماذا يجب عليهم أن يلبسوا أو أن يأكلوا؟".
    ومن أجل ذلك فإن معارضة بناء المسجد دخيلة على المجتمع الأميركي. وهي بهذا المعنى ظاهرة شاذة عن القيم والمبادئ التي قام عليها. ومما يؤكد ذلك تشكل هيئات أهلية ودينية مدنية من مسيحيين ويهود للعمل من أجل دعم مشروع بناء المسجد في الموقع المحدد. كما يؤكده موقف الكنائس الإنجيلية الكبرى المؤيد للمشروع أيضاً.
    ولا يعني ذلك أنه لا يوجد من يعارض المشروع عن عاطفة صادقة. غير أن هذه العاطفة قائمة على أساس مفاهيم مغلوطة عن الإسلام، وتحديداً عن تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا، بمعنى كراهية الإسلام عن جهل به.
    وفي الحسابات الأخيرة فإن بناء المسجد يجسد انتصار المجتمع الأميركي بقيمه ومبادئه على ظاهرة الكراهية الجاهلة.. والعكس صحيح. وإذا حدث هذا العكس فإنه يؤشر إلى تدهور قيمي خطير قد ينطلق من الولايات المتحدة.. ويصبح العالم كله ضحية له.






      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 - 3:49