عزّز مستويات الكولسترول الحميد.. في جسمك
فيتامين «بي - 3» أفضل الوسائل إلا أن له أعراضا جانبية
كمبردج (ولاية ماساتشوستس الأميركية): «الشرق الأوسط»*
رغم وجود وسائل كثيرة لزيادة مستوى الكولسترول الحميد، فإن دواء «نياسين» يعتبر أكثرها فاعلية.
حتى وقت قريب، ظلت الأنظار متجهة إلى دراسة الكولسترول منخفض الكثافة low - density lipoprotein (LDL) cholesterol (الضار)، بوصفه الهدف الذي ينبغي التوجه لمكافحته، لدرء حدوث النوبة القلبية، أو بدرجة أقل، درء السكتة الدماغية.
وأصبح خفض هذا النوع من الكولسترول LDL هدفا للأطباء، لأنهم تسلحوا بأدوية لمكافحته، فقد أضحت فعالة عقاقير الستاتين statins ومنها عقارا «لبتور» Liptor و«زوكور» Zocor وأنواع أخرى متوافرة. وقد أظهرت الدراسات أن كل انخفاض بمقدار 40 مليغراما لكل ديسيلتر لكميات الكولسترول منخفض الكثافة LDL، يحدثه تناول عقاقير الستاتين، يقابله - في المتوسط - انخفاض في حدوث النوبات القلبية أو السكتات الدماغية أو أي حادث شديد في القلب والأوعية الدموية بنسبة 24 في المائة.
مستويات الكولسترول إلا أن الكثير من الأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة من الكولسترول منخفض الكثافة LDL يظلون مع ذلك معرضين للنوبات القلبية والسكتات الدماغية، ولذا فقد عمد الأطباء - وكذلك الشركات المنتجة للأدوية – إلى البحث عن العوامل الأخرى التي تزيد أو تقلل من الأخطار على القلب والأوعية الدموية.
وأحد المرشحين هنا، هو بروتين «سي - ريأكتيف» C - reactive protein (CRP) (أو البروتين الرجعي)، وهو مؤشر على حدوث التهاب صغير يبدو أنه يلعب دورا مهما في ظهور أمراض القلب. وفي هذا العام 2010، سمحت وكالة الدواء والغذاء FDA للشركة المنتجة لعقار «روزافاستاتين» rosuvastatin («كريستور» Crestor) الفعال، بتسويق عقار موجه إلى الأشخاص الذين لديهم مستويات طبيعية جدا من الكولسترول LDL الضار، إلا أن لديهم مستويات عالية من بروتين «سي -ريأكتيف» (2 ملغم/لتر فأكثر)، إضافة إلى امتلاكهم لعامل خطر واحد آخر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية (ضغط الدم المرتفع مثلا).
كما ازداد الاهتمام أيضا بوسائل التأثير على مستويات الكولسترول عالي الكثافة high - density lipoprotein (HDL) cholesterol. وهذا النوع هو الكولسترول الحميد الذي تقوم أجزاؤه بالتهام الكميات الفائضة من الكولسترول المتراكمة على جدران الشرايين المتصلبة، ثم تقوم بإيداعها في الكبد.
وقد أظهرت الدراسات المتعاقبة أن معدلات أمراض القلب تقل لدى الأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من الكولسترول HDL الحميد. ويبدو أن هذا الأمر يظل ساريا حتى إذا تم خفض مستويات الكولسترول LDL الضار بعد تناول الشخص عقاقير الستاتين.
وعندما يتعلق الأمر بالكولسترول HDL الحميد، فإن الأرقام العالية لمستوياته تكون هي المفضلة. وتشير الإرشادات الحالية إلى وجوب توجه غالبية الناس إلى التمتع بمستويات من هذا الكولسترول الحميد تصل إلى 60 ملغم/دل أو أكثر. أما مستويات الكولسترول HDL الحميد التي تقل عن 40 ملغم/ دل، فتعتبر واحدة من عوامل الخطر لحدوث النوبة القلبية أو السكتة الدماغية.
* تعزيز المستويات
* إن كانت مستويات الكولسترول HDL الحميد لديك قليلة، فهناك الكثير من الوسائل لتعزيزها وزيادتها من دون تناول أي حبوب دوائية (انظر إطار: «ست وسائل غير دوائية لتعزيز مستويات الكولسترول الحميد»). ومع ذلك، فإن البحث لا يزال جاريا لتطوير حبوب دوائية لتعزيز مستوى هذا النوع من الكولسترول.
وفي الماضي - مع التأكيد على الماضي - كان عقار يطلق عليه اسم «تورسيترابيب» torcetrapib أحد أكثر الأدوية الواعدة، وبدا كأنه معجزة. وقد أظهرت نتائج تجربة كبيرة أعلنت قبل بضع سنوات أن تناول دواء «تورسيترابيب» سوية مع دواء «أتروفاستاتين» atorvastatin («ليبيتور» (Lipitor، قاد إلى تأثير قوي في تعديل مستويات الكولسترول - إذ عزز بنسبة تزيد على 70 في المائة من مستويات الكولسترول HDL الحميد، كما قلل من مستويات الكولسترول LDL الضار بنسبة الربع تقريبا.
إلا أن هذه التوليفة من الدواءين، مقارنة بتناول دواء «أتروفاستاتين» وحده، ارتبطت بحدوث عدد أكثر من الوفيات بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، السرطان، والإصابات بعدوى. ولذا، وليس من الضروري الإشارة هنا، إلى أن الاندفاعة التي أحدثها هذا الدواء الجديد لتعزيز مستويات الكولسترولHDL الحميد، فقدت من زخمها بعد صدور تلك النتائج.
إلا أن هناك أدوية لا تزال تحظى بالاهتمام. وعلى سبيل المثال، العقاقير المسماة «الفبرات» fibrates التي تعزز مستويات الكولسترول HDL الحميد، رغم أنها تستخدم بالدرجة الرئيسية لخفض الشحوم الثلاثية triglycerides. وأكثر أدوية الفبرات شيوعا هي عقار «غيمفيبروزيل» gemfibrozil («لوبيد» Lopid، الدواء الأصلي أو الجنيس)، وعقار «فينوفيبريت» fenofibrate («أنتارا» Antara، «تراكور» TriCor، الأنواع الأخرى).
* فيتامين النياسين
* والآن، فإن أقوى حبة فعالة لزيادة مستوى الكولسترول HDL الحميد هي نوع من الفيتامين. ولكن، يتم تناوله بجرعات غير معتادة للفيتامينات.
يحتاج الإنسان عادة إلى كميات صغيرة من «نياسين» niacin (الذي يعرف أيضا بأنه «فيتامين بي - 3») لأغراض التغذية. وتوصي إرشادات الحصص الغذائية The Recommended Dietary Allowance (RDA) الأميركية الحالية بتناول الرجال لـ16 ملغم منه، والنساء لـ14 ملغم منه.
إلا أن تعزيز مستويات الكولسترول HDL الحميد بشكل ملموس يتطلب زيادة هذه الجرعة من الفيتامين 60 مرة، إذ يبدأ تأثير النياسين على مستويات الكولسترول الحميد عند وصول جرعاته إلى نحو 1000 ملغم (أي غرام واحد) يوميا، أما تأثيره لخفض الكولسترول الضار فيصل إلى جرعات تبلغ نحو 3 غرامات يوميا. وإذا كان الهدف هو زيادة الكولسترول HDL الحميد، فإن أغلب الفائدة تتحقق عند تناول ما بين 1 و1.5 غرام منه يوميا.
* أعراض النياسين الجانبية
* إلا أن الأعراض الجانبية لتناول جرعات كبيرة من هذا الفيتامين تظل مشكلة كبيرة. فبمقدور النياسين زيادة مستويات سكر الدم وإصابة الكبد بالضرر. ويوصي الأطباء عادة الأشخاص الذين أصيبوا بمرض النقرس بأن يتجنبوا تناول هذه الجرعات، لأنها تزيد من مستوى الحامض.
إلا أن أكثر الأعراض الجانبية شيوعا للنياسين هو ظهور التوهجات أو الهبّات الساخنة، أي الشعور بالحرارة الواخزة للجلد التي تؤثر عادة على الرأس، الوجه، والرقبة. كما يتحول الجلد إلى اللون الأحمر، ويصاب بعض الأشخاص بالحكة ويعانون الغثيان. وتظهر الهبات لأن الكميات الكبيرة من النياسين تتسبب في إفراز الجسم لمواد «البروستاغلاندين» prostaglandins الذي يقوم بفتح الأوعية الدموية بالقرب من الجلد. إلا أن ذلك لا يتسبب في أي أضرار دائمة. وتقل الأعراض بعد استمرار الأشخاص في تناول النياسين لفترة أطول، إلا أن الهبات ليست مريحة وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية لتوقف الأشخاص عن تناول النياسين.
* السيطرة على الهبّات
* هناك الكثير من الأشياء التي يمكن عملها لتخفيف الهبّات، أو لإزالتها كلية. وأفضل تلك الوسائل ربما هو تناول الأسبرين (بجرعة 325 ملغم) أو «إيبوبروفين» (200 ملغم) قبل فترة 30 دقيقة إلى ساعة من وقت تناول النياسين. كما أن وجود طعام في المعدة يسهل الأمور أيضا، ولذا ينصح بتناول النياسين أثناء وجبة الطعام، وليس قبلها أو بعدها. أما النصائح الأخرى، فهي تجنب تناول المشروبات الكحولية، والأكلات الحارة بالفلافل، والمشروبات الساخنة.
وقد تم تطوير النياسين بطيء - الإفراز extended - release niacin (اسم الدواء الموصوف طبيا هو «نياسبان» Niaspan، أما الدواء الذي يصرف من دون وصفة طبية فاسمه «سلو - نياسين» Slo - Niacin)، بهدف تخفيف أعراض الهبّات. وهو يؤدي مفعوله هنا. إلا أن هناك إحدى النقائص، لأنه يبدو أن الإفراز البطيء للنياسين يتسبب في ظهور أعراض جانبية على الكبد وعلى سكر الدم. ولذا، فإن كنت ترغب في الحصول على فوائد لرفع مستويات الكولسترول HDL الحميد فلا تتناول منتجات النياسين بطيئة الإفراز المخصصة لإزالة الهبّات، فالمركبات المشابهة للنياسين الموجودة فيها ليس لها التأثير نفسه الذي يملكه النياسين، ولذا فإن مستويات الكولسترول HDL الحميد لديك لن ترتفع.
وتسوق شركات الأدوية منتجات تحتوي على توليفة من الستاتين والنياسين بطيء الإفراز، وذلك بأمل تحقيق ضربة قوية لخفض الكولسترول LDL الضار من جهة، وزيادة الكولسترول HDL الحميد من جهة أخرى. وتشمل هذه التوليفات أدوية مثل «أدفيكور» Advicor («لوفاستاتين زائدا نياسين» lovastatin plus niacin)، و«سيمكور» Simcor («سيمفاستاتين زائد نياسين» simvastatin plus niacin).
وقد أظهرت الدراسات أن تأثيرات هذه التوليفات مشجعة. ففي عام 2010 الحالي، أشارت النتائج النهائية لتجربة مقارنة بين النياسين و«إيزيتيميبي» ezetimibe («زيتيا» Zetia) - وهو عقار لخفض الكولسترول الضار يختلف في عمله عن عمل أدوية الستاتين - إلى أن النياسين كان الخيار الأفضل في تقليل تصلب الشرايين الناجم عن تراكم الترسبات فيها وانسدادها. وقد اختبرت التجربة «نياسين» و«إيزيتيميبي» بعدما قدما كأدوية مضافة لأشخاص كانوا يتناولون أدوية الستاتين لخفض مستويات الكولسترول الضار لديهم.
وتجدر الإشارة إلى أن فوائد النياسين كانت قد اكتشفت قبل عقود من السنين، إلا أن الأطباء كانوا بطيئين في تحويله إلى علاج طبي. وكانت المخاوف بشأن أعراضه الجانبية وخصوصا من الهبّات، واحتمالات تخلي المرضى عنه بسبب ذلك، من أحد العوامل في هذا التأخير. ثم جاءت عقاقير الستاتين الفعالة في عملها لتقليل مستويات الكولسترول LDL الضار - وزيادتها الطفيفة لمستويات الكولسترول HDL الحميد أيضا - لتغطي على النياسين.
كما أنه لا يوجد الكثير من الأشخاص الذين يتوجب عليهم زيادة مستويات الكولسترول HDL الحميد بواسطة الأدوية. فإن كان المستوى المطلوب لهذا الكولسترول وهو 60 ملغم/دل غير متحقق على نطاق واسع، فإن الإحصاءات تشير إلى أن نسبة قليلة من الأميركيين (نحو ثلث الرجال وخمس النساء) يقل لديهم مستوى هذا الكولسترول الحميد عن 40 ملغم/دل، وهو مستوى الخطر.
ومع هذا، يظل النياسين جذابا للكثيرين، لأن بمقدورهم اقتناءه من دون وصفة طبية، كما أنه يبدو طبيعيا أكثر مقارنة بعقاقير الستاتين، وذلك رغم تركيبته الصيدلية. إلا أن الأطباء يفضلون أن يتناول مرضاهم أدوية موصوفة طبيا من النياسين، لأنها أجيزت من قبل وكالة الغذاء والدواء ووفقا لضوابطها الصارمة.
* 6 وسائل غير دوائية لتعزيز مستويات الكولسترول الحميد
* مارس الرياضة أكثر: النشاطات البدنية مثل المشي السريع تعزز مستويات الكولسترول HDL الحميد. إلا أن رياضة الآيروبيك - وهو نوع الرياضة الذي يزيد من معدل ضربات القلب - تبدو أنها تقدم مكافأة للجسم، لأنها تعزز نشاط الكولسترول HDL الحميد، المقاوم للالتهابات حتى وإن كانت زيادة مستويات هذا الكولسترول طفيفة.
* تناول الدهون «الجيدة»: الدهون المتحولة trans fats تقلل من مستويات الكولسترول HDL الحميد، كما يبدو أن الدهون المشبعة saturated fats تنزع بعض الخصائص الجيدة لهذا الكولسترول الحميد. أما الدهون الأحادية غير المشبعة monounsaturated fats التي توجد في زيت الزيتون ووزيت الكانولا فإنها تخفض من مستوى الكولسترول LDL الضار من دون التأثير على الكولسترول HDL الحميد. وتزيد دهون «أوميغا - 3» الكولسترول HDL الحميد.
* تناول الحبوب الكاملة: إن الأنظمة الغذائية بتناول الغذاء الغني بالكربوهيدرات التي ينصح باتباعها بهدف درء أمراض القلب والأوعية الدموية، تقلل من مستويات الكولسترول HDL الحميد. إلا أن هذا التأثير السيئ لذلك الغذاء يمكن تقليله بتناول الحبوب الكاملة بدلا من تناول الكربوهيدرات المصفاة المنقاة.
* قلل الوزن: إذ إن فقدان عدد من الكيلوغرامات سواء باتباع الحمية الغذائية أو بممارسة التمارين الرياضية، يزيد من مستويات الكولسترول HDL.
* توقف عن التدخين: فالمدخنون لديهم مستويات أقل من الكولسترول HDL الحميد من غير المدخنين. وتزداد مستويات هذا الكولسترول حالما يتوقف الشخص عن التدخين.
* تجنب المشروبات الكحولية: إذ إن الكحول يقلل من فوائد الكولسترول HDL الحميد.
* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».