فقراء مصر يبيعون أبناءهم مقابل تأشيرة سفر إلى أوروبا
قام المئات من أهالي إحدى القرى المصرية ببيع أطفالهم إلى عدد من الأوروبيين، بهدف الخروج من دائرة الفقر التي تعصف بهم، ومنح أبنائهم الفرصة للسفر والعيش في أوروبا,فيما لاتزال الجهود مبذولة من قبل السلطات المصرية لكبح هذه الظاهرة.
وذكرت شبكة الأخبار الأمريكية (سي ان ان) يوم الجمعة أن السلطات المصرية تجري حالياً تحقيقات موسعة في قضية بيع القرويين لأبنائهم لمهاجرين أوربيين من أصول مصرية حيث وصف المراقبون هذه العملية بـ"أكبر" قضية للاتجار بالبشر تشهدها مصر، والتي يجرم عليها القانون المصري ويعرض مرتكبيها للمحاكمة.
وكانت وزيرة الأسرة والسكان مشيرة خطاب، قد تقدمت ببلاغ إلى النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، في واقعة تنازل عدد من أهالي قرية "أجهور الصغرى"، التابعة لمركز "القناطر الخيرية" بمحافظة القليوبية، شمالي القاهرة، عن أبنائهم وبيعهم لمهاجرين في أوروبا، غالبيتهم من أصول مصرية.
وعلى الفور قرر النائب العام بدء التحقيق في البلاغ، وأحال ملف القضية إلى نيابة جنوب القليوبية، التي أمرت باستدعاء أمين عام محكمة القناطر، وكاتب المحكمة، لسؤالهما في الواقعة، وتحديد مسؤوليتهما في إثبات "صحة التوقيع" على تلك التنازلات، والتي تشمل نحو 345 طفلاً من أبناء القرية.
وأكد مصدر قضائي مطلع على القضية أن "هذه التنازلات تمت بالمخالفة للقانون، من خلال "التحايل" على القانون، باستخدام تلك التنازلات "غير القانونية" المثبتة، من جانب أهالي هؤلاء الأطفال إلى آخرين، وأكد أن هذه الممارسات تأتي ضمن جرائم الاتجار بالبشر، التي تستوجب تقديم مرتكبيها للمحاكمة".
واعتبر المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "إثبات صحة التوقيع على هذه التنازلات من جانب الموظفين الإداريين بمحكمة القناطر الخيرية، جاء كإجراء "شكلي"، حيث يتم النظر في مثل هذه القضايا على مدى صحة التوقيع من عدمه، دون النظر لموضوع ذلك التوقيع".
كما أشار المصدر إلى أن "وزير العدل، المستشار ممدوح مرعي، قرر تشكيل لجنة قضائية بمحكمة القناطر لبحث وحصر دعاوى التنازل عن أطفال".
من جانبه، وصف الكاتب الصحفي والناشط الحقوقي، أسامة هيكل، قيام عدد من أهالي قرية "أجهور الصغرى" بالتنازل عن أطفالهم لآخرين، بأنه "مصيبة سوداء"، وحذر من إن "مثل هذه الممارسات قد تكون موجودة في قرى أخرى، بسبب تفاقم "لعنة" الفقر في كثير من القرى المصرية".
من جانب آخر، وصفت المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، الوضع في قرية أجهور بـ"الكارثي"، بعد ما حدث بها من بيع الأطفال هناك وبمعرفة المحاكم، واعتبرت أن "هذه الوقائع تمثل اتجاراً بالبشر، يجرمها قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008".
وأعربت المؤسسة في بيان، نقلته صحيفة "اليوم السابع" القاهرية، عن أسفها مما يحدث باعتباره "أقصى درجات الانتهاكات، التي تتعرض لها البشرية، بأن يتحول الأفراد إلى سلعة يمكن المتاجرة بها أو بيعها وشرائها، مخالفة لكل الشرائع السماوية، والأعراف والدساتير والقوانين الوطنية في العالم أجمع."
وأرجع البيان السبب فيما يحدث إلى أن "تلك الجرائم تعبر عن السياسات الاقتصادية الخاطئة، التي تنتهجها الحكومة المصرية، والتي أدت إلى معاناة قطاع كبير من المجتمع الواقع تحت خط الفقر"، وأشار البيان إلى أن "المؤسسة تقدمت ببلاغ للنائب العام لفتح التحقيق في هذا الملف، والذي يمثل وصمة عار على المجتمع".
وطالبت المؤسسة كافة القوى الاجتماعية بمؤسساتها الحكومية وغيرها، بـ"التكاتف والعمل الجماعي لوقف هذه الظاهرة الكارثية، ورفع وعى المجتمع بها وبمخاطرها، وتقديم كافة الأشخاص المشتركين في هذه الجرائم إلى المحاكمة الجنائية" على وجه السرعة.
ويشار إلى أن رغم ما تتضمنه عملية تنازل أهالي هؤلاء الأطفال عنهم إلى آخرين من "انتهاكات" يجرمها القانون، إلا أن تلك التنازلات جرى المصادقة عليها من إحدى المحاكم المصرية، مما يزيد الجدل بين القانونيين، ليس فقط حول مدى شرعية تلك الإجراءات، وإنما أيضاً حول مدى إمكانية تقديم أي من مرتكبيها للمحاكمة.