الميلادوالمصالحة
صالح السمائيين مع الأرضيين. .. لنيافة الأنباموسى
كانت هناك خصومة مستحكمة بين الله – من جهة - والإنسان من جهة أخرى! وظهرت هذه الخصومة فى نتائج كثيرة لخطية أبينا آدم فىالفردوس، ومنها أننا:
+ طردنا من جنة عدن، كعقوبة، فالله لا يقبل عشرة الخطاة المذنبين،قبل أن يتوبوا ويتجددوا، ومن جهة أخرى أن الله لم يشأ فى محبته أن يبقى أبواناالأولان فى الجنة، ويأكلا من شجرة الحياة، فيعيشا إلى الأبد فى الطبيعة الفاسدة،التى أصابها الشيطان فى مقتل! وهكذا قال الرب – بعد سقوط آدم وتوبيخه - :
"هوذا الإنسان قد صار كواحد منا، عارفاً الخيروالشر، والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة, ويأكل ويحيا إلى الأبد (فى فساد)،فأخرجه الرب الإله من جنة عدن، ليعمل الأرض التى أخذ منها، فطرد الإنسان، وأقامشرقى جنة عدن الكروبيم..." (تك 22:3-24).
ونتج عن سقوط آدم أمرانأساسيان:
1- حكم الموت : إذ أنه سقط تحت سيف الحكم الإلهى "النفس التى تخطئهى تموت" (حز 4:18).
2- فساد الطبيعة : إذ تلوثت طبيعة الإنسان وفسدت بفعلالخطية.
ومن هنا كان لابد منمخلص:
1- يرفع عنا حكم الموت: إذيفدينا بناسوته المتحد بلاهوته...
2- يجدد طبيعتنا الفاسدة: بلاهوته المتحدبناسوته...
وهذا ما تم فى التجسدوالفداء...
- ففى التجسد... اتحد الله الكلمة بطبيعتناالإنسانية، آخذاً جسداً من أمنا العذراء، جسداً يشبهنا "فى كل شئ، ما خلا الخطيةوحدها" (القداس الغريغورى)، كقول الرسول عن الرب: أنه "مجرَب فى كل شئ مثلنا، بلاخطية" (عب 15:4)، "لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا، قدوس بلا شر ولا دنس، قدانفصل عن الخطاة، وصار أعلى من السموات" (عب 26:7).
- وفى الفداء... مات المسيحعنا، مات بناسوته المتحد بلاهوته، فرفع عنا حكم الموت الذى كان مسلطاً على رقابنا،وترك لنا جسده ودمه – فى الإفخارستيا – حضوراً دائماً لذبيحة الرب على الصليب، وفعلروحه القدوس، من أجل تجديد طبيعتنا الساقطة. لهذا جاء الصليب محبة عادلة وعدلاًمحباً، فالفضائل والكمالات الإلهية لا تنفصم، بل هى كلها ذات بعد لا نهائى غيرمحدود.
???
وبهذا استطاع الرب أن: 1- يرفع الحكم الذى كان علينا. 2- ويجددطبيعتنا من الفساد.
كما يظهر فى آلاف الآيات من الكتاب المقدس بعهديه:القديم والجديد، وكما يشرح لنا آباؤنا القديسون الأوائل، وعلى الأخص الباباأثناسيوس الرسولى... وهذه بعضالأمثلة...
???
1- من أقوال البابا أثناسيوسحول حكم الموت :
قال القديس أثناسيوس الرسولى فى كتابه " تجسد الكلمة" ما يلى :
1- "لو كان الإنسان لم يمت بعد أن قال الله أننانموت لأصبح الله غير صادق" (تجسد الكلمة فصل 5:3).
2- "وإذ قدم للموت ذلكالجسد... فقد رفع حكم الموت فوراً عن جميع من ناب عنهم، إذ قدم عوضاً عنهم جسداًمماثلاً لأجسادهم" (تجسد الكلمة فصل 10:9).
3- "لأن الله متعالٍ فوق الكل، فقدلاق بطبيعة الحال أن يوفى الدين بموته، وذلك بتقديم هيكله وآنيته البشرية لأجل حياةالجميع" (فصل 2:99).
4- الله إذ خلق الإنسان قصد أن يبقى فى عدم فساد، أماالبشر، فإذا احتقروا ورفضوا التأمل فى الله، ودبروا الشر لأنفسهم... فقد استحقواحكم الموت، الذى سبق تهديدهم به... ساد عليهم الموت كملك، لأن تعديهم الوصية أعادهمإلى حالتهم الطبيعية حتى أنهم كما نشأوا من العدم، كذلك لا يجب أن يتوقعوا
إلاالفساد، الذى يؤدى إلى العدم، مع توالى الزمن" (فصل 4:4).
5- "أبطل الموت بتقديمجسده..." (فصل 1:10).
6- "لأنه بذبيحة جسده وضع حداً لحكم الموت، الذى كانقائماً ضدنا، ووضع لنا بداية جديدة للحياة، برجاء القيامة من الأموات الذى أعطاهلنا"، مستشهداً بالآية: "كما فى آدم يموت الجميع، هكذا فى المسيح سيحيا الجميع" (1كو 22:15) وقال: "هذا هو السبب الأول الذى من أجله تأنس المخلص" (فصل 5:10،6).
7- "لما كان ضرورياً أيضاً وفاء الدين المستحق على الجميع، إذ كانالجميع مستحقين الموت... أتى المسيح بيننا... وبعد تقديم البراهين الكثيرة عنلاهوته بواسطة أعماله، قدم ذبيحة نفسه أيضاً عن الجميع، إذ سلم هيكله للموت عوضاًعن الجميع، أولاً: لكى يحرر البشر من معصيتهم القديمة، وثانياً: لكى يظهر أنه أقوىمن الموت، بإظهار جسده عديم الفساد، كباكورة لقيامة الجميع" (فصل 2:20).
8- "كانأمام كلمة الله مرة أخرى أن يأتى بالفاسد إلى عدم الفساد، وفى نفس الوقت أن يوفىمطلب الله العادل المطالب به الجميع... فكان هو وحده الذى يليق بطبيعته أن يجددخلقة كل شئ، وأن يتحمل الآلام عوضاً عن الجميع، وأن يكون نائباً عن الجميع لدىالآب" (فصل 5:4).
2- من أقوال البابا أثناسيوسحول تجديد الإنسان مرة أخرى :
راجع الأقوال السابقة،?خصوصاً أرقام (4،6،7،8)، لتلاحظ أن تجديد الإنسان مرتبط برفع حكم الموت عنه.
?فى تشبيه الملك الذى نزل ليخلص رعاياه من أعدائهم رغم إهمالهم فى حفظ الأسرار، يقولالقديس أثناسيوس: "بطلت كل مؤامرة العدو ضد الجنس البشرى منذ ذلك الحين، وزال عنهفساد الموت الذى كان سائداً عليهم من قبل" (فصل 3:9،4).
"لم يهمل الجنس?البشرى، صنعة يديه، ولم يتركه للفساد، بل أبطل الموت بتقديم جسده، وعالج إهمالهمبتعاليمه، وردّ بسلطانه كل ما كان للإنسان" (فصل 11:10).
وفى تشبيه الفنان?الذى رسم صورة لابن الملك، فلما فسدت بفعل العدو، جاء مرة أخرى، فجَّدد الفنانالصورة القديمة، ولم يوافق الملك أن يمزقها ليرسم الفنان صورة جديدة... يقول القديسأثناسيوس: "لابد من حضور صاحب الصورة نفسه ثانية لكى يساعد الرسام على تجديد الصورةعلى نفس اللوحة الخشبية، لأنه إكراماً لصورته (أى الملك) يعزّ عليه أن يلقى بتلكاللوحة، وهى مجرد قطعة خشبية، بل يجدد عليها الرسم" (فصل 1:14).
وفى تشبيه?المعلم يقول: "كما أن المعلم الصالح الذى يعتنى بتلاميذه يتنازل إلى مستواهم، إنرأى أن البعض منهم لم يستفيدوا بالعلوم التى تسمو فوق إدراكهم، ويقدم إليهم تعاليمأبسط، هكذا فعل كلمة الله..." (فصل 1:15).
إن مخلص الكل، المحب، كلمة الله،?أخذ لنفسه جسداً، وكإنسان مشى بين الناس، وقابل احساسات كل البشر فى منتصف الطريق،وحتى يستطيع من يتخيلون الله هيولياً (ذا جسد) أن يدركوا الحق بما يعلنه الرب فىجسده، ويدركوا الآب فيه" (فصل 2:15).
"إذا انحدرت عقولهم (أى البشر) فوصلت إلى?الأموات، حتى عبدوا الأبطال، والآلهة التى تحدث عنها الشعراء، وجب - بعد أن رأواقيامة المخلص - أن يعترفوا أن تلك آلهة كاذبة، وأن الرب وحده هو الإله الحق، كلمةالآب، وهو رب الموت أيضاً" (فصل 6:15).
"الله غطى بأعماله كل البشرّ الذين?سبقوه، حتى إذا ما اتجه البشر إلى أية ناحية، استطاع أن يستردهم من هذه الناحية،ويعلمهم عن أبيه الحقيقى" (فصل 7:15).
"وفى تشبيه الشمس يقول: "إن كانت الشمس?التى خلقها هو، والتى نراها وهى تدور فى السماء، لا تتدنس بمجرد لمسها للأجساد التىعلى الأرض، ولا تنطفئ بظلمتها، ولكنها بالعكس تنيرها وتطهرها أيضاً... فبالأولىجداً كلمة الله، الكلى القداسة، بارئ الشمس وربها، لم يتدنس قط بمجرد ظهوره فىالجسد، بل بالعكس، لأنه عديم الفساد فقد أحيا وطهر الجسد، الذى كان فى حد ذاتهقابلاً للفناء، لأنه قيل: "الذى لم يفعل خطية، ولا وجد فى فمه مكر... حمل هو نفسهخطايانا فى جسده على الخشبة..." (1بط 22:2،24)... (فصل 6:17).
"... لكى يعيد?البشر إلى عدم الفساد... ويحييهم من الموت" (فصل 4:8).
فى تشبيه القشة?والاسبستوس: "لكى يعيد البشر إلى عدم الفساد... ويحيهم من الموت... وينقذهم منالموت كإنقاذ القش من النار" (فصل 4:8). (وهنا فكرة الكفارة Cover = Cōpher = سترالخطية).
وحول هذا التشبيه يقول أيضاً: لو أحيط القش بمادة الاسبستوس التى?يقال عنها أنها تصمد أمام النار، فإن القش لا يرهب النار (أى الدينونة) فيما بعد،إذ قد تحصَّن بإحاطته بمادة غير قابلة للاحتراق" (فصل7:44).
"إذ اتحد ابن الله?عديم الفساد بالجميع بطبيعة مماثلة،
فقد ألبس الجميع عدم الفساد... بوعدالقيامة من الأموات" (فصل 9 فقرة 2).
نتائج إلغاءالعدل والعقوبة فى الصليب والإكتفاء بالمحبة :
يشيعالبعض أن الصليب محبة فقط، وليس محبة عادلة، وهذه فكرة خاطئة فيها مخاطر كثيرة،نذكر منها:
1- إلغاء إحدى كمالات الله : (أى العدل)، يستحيل أن نركز علىصفة فى الله ونتجاهل الأخرى، هذا مرفوض، حيث يذكر الكتاب المقدس عن الله أنه "محبة" (1يو 8:4) ويذكر أيضاً أنه "الحق" (يو 6:14).. وفى كل قداس نصلى قائلين: "مستحقوعادل".
2- استهانة بوصايا الله : فهو الذى أوصانا بأن نسلك حسب الوصية،وعرَّفنا بنتيجة مخالفة الوصايا "لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناسوإثمهم" (رو 18:1).. "نائلين فى أنفسهم جزاء ضلالهم المحق" (رو 27:1).. "من أجلقساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضباً فى يوم الغضب واستعلان دينونة اللهالعادلة، الذى سيجازى كل واحد حسب أعماله" (رو 5:2،6)... "الذى يفعلها (أى ينفذالوصايا) سيحيا بها" (رو 5:10).. ما الداعى لحفظ الوصية، مادام الله محبة فقط؟! وماالداعى لقول الكتاب: "طوبى للذين يصنعون وصاياه.. خارجاً (أى خارج الملكوت)... منيحب ويصنع كذباً" (رؤ 14:22-15).
3- وبالتالى ما هى أهمية الجهاد الروحى : مادامت المحبة هى التى ستحكم فى الأمر؟! بينما يقول الكتاب: "كل من يجاهد يضبط نفسهفى كل شئ" (1كو 25:9).. "إن كان أحد يجاهد، لا يكلل إن لم يجاهد قانونياً" (2تى5:2).
4- ولماذا لا نعيش فى الخطيئة وشهوات العالم : مادامت المحبة ستخلصنا،ولا توجد عقوبة ولا عدالة؟!
5- ولماذا التبشير بالإيمان، والحث على التوبة : مادام الله محبة، وليس للعدل أن يتكلم؟!
6- وما المانع - إذن - من خلاص جميعالبشر : لأن باب المحبة مفتوح للكل، بغض النظر عن شروط الخلاص: كالإيمان والتوبةوالأسرار، بينما يقول الرب: "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو 3:13،5)، "منآمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يدن" (مر 16:16).
7- وما المانع - أيضاً - من خلاصالشيطان : مادام الله محبة ؟! بينما يؤكد لنا الكتاب المقدس هلاكه الأبدى (رؤ 10:20).
8- وأين نذهب بآيات الدينونة الكثيرة فى الكتاب المقدس كقوله :
+ "يمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى، والأبرار إلى حياة أبدية" (مت 46:25).
+ "يخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامةالدينونة" (يو 29:5).
+ "من يغلب يرث كل شئ، وأكون له إلهاً، وهو يكون لىابناً.
وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدةالأوثان، وجميع الكذبة، فنصيبهم
فى البحيرة المتقدة بنار وكبريت، الذى هو الموتالثانى" (رؤ 7:21،8).
+ "لن يدخلها شئ دنس، ولا ما يصنع رجساً وكذباً، إلاالمكتوبين فى سفر حياة الخروف" (رؤ 27:21).
+ "ها أنا آتى سريعاً وأجرتى معى،لأجازى كل واحد كما يكون عمله" (رؤ 12:22).
+ "أن كان أحد يحذف من أقوال كتابهذه النبوة، يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة المقدسة" (رؤ 19:22).
وما الداعى - أساساً - لإلغاء دور العدلالإلهى ؟
+ أيهما أقوى؟ أن يجددنى الله بمحبته، أم أن يدفعدينى، ويموت بدلاً عنى، ويحمل لعنتى، أليست هذه محبة عملية باذلة ؟!
+ وكيف نفسرقول السيد المسيح: "ليس لأحد حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو 13:15) أليس هذا الكلام دليلاً على وجود حكم الموت على البشرية الساقطة، أن السيدالمسيح حمله نيابة عنا؟!
+ وماذا عن قوله: "جعل الذى لم يعرف خطية، خطية لأجلنا،لنصير نحن برّ الله فيه" (2كو 21:5)، وقوله: "حمل هو نفسه خطايانا فى جسده علىالخشبة" (1بط 24:2).
+ ولماذا سميت هذه العقيدة باسم "الفداء"؟ فما معنى الفداء؟معناه أن أحداً يفتدى الآخر، أى أن يحمل الحكم نيابة عنه؟!
لهذا فنحن نرفضنظرية أن الصليب محبة فقط، بل هو محبة عادلة وعدل محب، به رفع المسيح عنا حكم الموتالذى كان مستحقاً علينا، حاملاً هذا الحكم نيابة عنا.. ثم بعد ذلك جددنا بدمه وروحهالقدوس.
صالح السمائيين معالأرضيين...
وهكذا تم الصلح بين السماء والأرض، بين اللهوالإنسان، وهذا ما رأينا بشائره فى التجسد، تمهيداً للفداء:
1- فالسماءأرسلت جبرائيل ليبشر العذراء بالمخلص، الذى سيدعى "اسمه يسوع، لأنه يخلص شعبه منخطاياهم" (مت 21:1).
2- وظهر النجم للمجوس، ليقودهم إلى وليد المزود، حيث قدمواله الهدايا "ذهباً ولباناً ومراً" (مت 11:2)، علامة أنه ملك الملوك، ورئيس الكهنة،والفادى المصلوب!
3- وكان الملاك دائم القيادة والتوجيه ليوسف البار، ليقبلالحبل البتولى المقدس، وليهرب من هيرودس إلى مصر، حيث قضت العائلة المقدسة ثلاثسنوات وأحد عشر شهراً، يبارك فيها الرب مصرنا الحبيبة، ومعه أم جميع القديسين،ويوسف البار خادم سر الخلاص. ثم قاده الملاك أيضاً فى طريق العودة...
4- كماظهرت جوقة الملائكة للرعاة تبشرهم بميلاد الفادى:
"ولد لكم... مخلص" (لو 11:2)،فقدموا له الذبائح، إشارة إلى ذبيحة الصليب.
5- ثم جاء سمعان الشيخ ليتبارك منالطفل الإلهى، ويؤكد أنه المخلص قائلاً: "عينى قد أبصرتا خلاصك الذى أعددته قداموجه جميع الشعوب" (لو 30:2،31) معلناً دخول الأمم إلى حظيرة الإيمان، وأن مسيحنا هومسيح العالم كله. وحين قال للسيدة العذراء: "أن هذا قد وُضع لسقوط وقيام كثيرين فىإسرائيل، ولعلامة تقاوم. وأنت أيضاً يجوز فى نفسك سيف" (لو 34:2-35)، حفظت أم النور "جميع هذا الكلام، متفكرة به فى قلبها" (لو 19:2).
6- وحنة بنت فنوئيل "وقفتتسبح الرب، وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء فى أورشليم" (لو 38:2)... وهذا كانبوحى من السماء طبعاً!
7- وترنمت الملائكة مبتهجة مع البشارة قائلة: "المجد للهفى الأعالى، وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لو 14:2)، فابتهج الجند السماوى معسكان الأرض،بميلاد الفادى المخلص الذى من خلاله:
+ تنازل مجد الأعالى ليحلوسط البشر...
+ وفدانا بدمه ... فحل السلام على الأرض...
+ فصار الرب مسروراًبالإنسان، بعدما افتداه وجدده!
8- وأصبحت الملائكة "أرواحاً خادمة، مرسلةللخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 14:1).
9- وصارت "السموات مفتوحة"أمام استفانوس، فرأى "ابن الإنسان قائماً عن يمين الله" (أع 56:7)، وهو تعبير عنصعود الرب إلى مجده الأسنى فى السماويات، فالله ليس له يمين ويسار، لأنه غيرمحدود!
10- بل أن السماء مفتوحة الآن أمام كل إنسان يصلى، إذ ينادى الرب كل نفسبشرية قائلاً: "أرينى وجهك، اسمعينى صوتك، لأن صوتك لطيف، ووجهك جميل" (نش 14:2).
11- كما أن السماء تهب لنجدة الإنسان من خلال شفاعة القديسين والملائكة: "ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم" (مز 7:34). وخبرتنا اليومية عن معجزات القديسينلا حدود لها... فإن كان الغنى الشرير قد تذكر أسرته وهو فى الجحيم، وطلب أن يذهبإليهم لعازر ليبشرهم بالمخلص وينصحهم بالتوبة، فكم بالحرى طلبة الأبرار، لأن "طلبةالبار تقتدر كثيراً فى فعلها" (يع 16:5)، وإلهنا "ليس هو إله أموات بل إله أحياء" (لو 38:20).
12- وهكذا صارت السماء فينا، وصرنا فى السماء، كقول الرب: "ها ملكوتالله داخلكم" (لو 21:17)، وقول الرسول: "فإن سيرتنا نحن هى فى السموات، التى منهاننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح، الذى سيغيٍر شكل جسد تواضعنا، ليكون على صورةجسد مجده" (فى 20:3،21)... ذلك لأننا "ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما فى مرآة،نتغير إلى تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد، كما من الرب الروح" (2كو 18:3). ألميقل الرسول: "الذين سبق فعرفهم، سبق فعيًنهم، ليكونوا مشابهين صورة ابنه" (رو 29:8).
13- وهذا ما سيحدث فى يوم مجىء الرب، قادماً من السماء ليأخذنا إلىالسماء، بعد أن "لبسنا صورة الترابى، سنلبس أيضًا صورة السماوى" (1كو 49:15).
وهكذا إذ يأتى الرب على السحاب، فى اليوم الأخير، "بهتاف، بصوت رئيسملائكة، وبوق الله، سوف ينزل من السماء، والأموات فى المسيح سيقومون أولاً، ثم نحنالأحياء الباقين، سنخطف جميعاً معهم فى السحب، لملاقاة الرب فى الهواء، وهكذا نكونكل حين مع الرب" (1تس 16:4،17).
14- وهكذا تتحول مصالحة السمائيين معالأرضيين إلى وحدة كاملة سمائية خالدة، حيث "نكون كل حين مع الرب" (1تس 17:4)
صالح السمائيين مع الأرضيين. .. لنيافة الأنباموسى
كانت هناك خصومة مستحكمة بين الله – من جهة - والإنسان من جهة أخرى! وظهرت هذه الخصومة فى نتائج كثيرة لخطية أبينا آدم فىالفردوس، ومنها أننا:
+ طردنا من جنة عدن، كعقوبة، فالله لا يقبل عشرة الخطاة المذنبين،قبل أن يتوبوا ويتجددوا، ومن جهة أخرى أن الله لم يشأ فى محبته أن يبقى أبواناالأولان فى الجنة، ويأكلا من شجرة الحياة، فيعيشا إلى الأبد فى الطبيعة الفاسدة،التى أصابها الشيطان فى مقتل! وهكذا قال الرب – بعد سقوط آدم وتوبيخه - :
"هوذا الإنسان قد صار كواحد منا، عارفاً الخيروالشر، والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة, ويأكل ويحيا إلى الأبد (فى فساد)،فأخرجه الرب الإله من جنة عدن، ليعمل الأرض التى أخذ منها، فطرد الإنسان، وأقامشرقى جنة عدن الكروبيم..." (تك 22:3-24).
ونتج عن سقوط آدم أمرانأساسيان:
1- حكم الموت : إذ أنه سقط تحت سيف الحكم الإلهى "النفس التى تخطئهى تموت" (حز 4:18).
2- فساد الطبيعة : إذ تلوثت طبيعة الإنسان وفسدت بفعلالخطية.
ومن هنا كان لابد منمخلص:
1- يرفع عنا حكم الموت: إذيفدينا بناسوته المتحد بلاهوته...
2- يجدد طبيعتنا الفاسدة: بلاهوته المتحدبناسوته...
وهذا ما تم فى التجسدوالفداء...
- ففى التجسد... اتحد الله الكلمة بطبيعتناالإنسانية، آخذاً جسداً من أمنا العذراء، جسداً يشبهنا "فى كل شئ، ما خلا الخطيةوحدها" (القداس الغريغورى)، كقول الرسول عن الرب: أنه "مجرَب فى كل شئ مثلنا، بلاخطية" (عب 15:4)، "لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا، قدوس بلا شر ولا دنس، قدانفصل عن الخطاة، وصار أعلى من السموات" (عب 26:7).
- وفى الفداء... مات المسيحعنا، مات بناسوته المتحد بلاهوته، فرفع عنا حكم الموت الذى كان مسلطاً على رقابنا،وترك لنا جسده ودمه – فى الإفخارستيا – حضوراً دائماً لذبيحة الرب على الصليب، وفعلروحه القدوس، من أجل تجديد طبيعتنا الساقطة. لهذا جاء الصليب محبة عادلة وعدلاًمحباً، فالفضائل والكمالات الإلهية لا تنفصم، بل هى كلها ذات بعد لا نهائى غيرمحدود.
???
وبهذا استطاع الرب أن: 1- يرفع الحكم الذى كان علينا. 2- ويجددطبيعتنا من الفساد.
كما يظهر فى آلاف الآيات من الكتاب المقدس بعهديه:القديم والجديد، وكما يشرح لنا آباؤنا القديسون الأوائل، وعلى الأخص الباباأثناسيوس الرسولى... وهذه بعضالأمثلة...
???
1- من أقوال البابا أثناسيوسحول حكم الموت :
قال القديس أثناسيوس الرسولى فى كتابه " تجسد الكلمة" ما يلى :
1- "لو كان الإنسان لم يمت بعد أن قال الله أننانموت لأصبح الله غير صادق" (تجسد الكلمة فصل 5:3).
2- "وإذ قدم للموت ذلكالجسد... فقد رفع حكم الموت فوراً عن جميع من ناب عنهم، إذ قدم عوضاً عنهم جسداًمماثلاً لأجسادهم" (تجسد الكلمة فصل 10:9).
3- "لأن الله متعالٍ فوق الكل، فقدلاق بطبيعة الحال أن يوفى الدين بموته، وذلك بتقديم هيكله وآنيته البشرية لأجل حياةالجميع" (فصل 2:99).
4- الله إذ خلق الإنسان قصد أن يبقى فى عدم فساد، أماالبشر، فإذا احتقروا ورفضوا التأمل فى الله، ودبروا الشر لأنفسهم... فقد استحقواحكم الموت، الذى سبق تهديدهم به... ساد عليهم الموت كملك، لأن تعديهم الوصية أعادهمإلى حالتهم الطبيعية حتى أنهم كما نشأوا من العدم، كذلك لا يجب أن يتوقعوا
إلاالفساد، الذى يؤدى إلى العدم، مع توالى الزمن" (فصل 4:4).
5- "أبطل الموت بتقديمجسده..." (فصل 1:10).
6- "لأنه بذبيحة جسده وضع حداً لحكم الموت، الذى كانقائماً ضدنا، ووضع لنا بداية جديدة للحياة، برجاء القيامة من الأموات الذى أعطاهلنا"، مستشهداً بالآية: "كما فى آدم يموت الجميع، هكذا فى المسيح سيحيا الجميع" (1كو 22:15) وقال: "هذا هو السبب الأول الذى من أجله تأنس المخلص" (فصل 5:10،6).
7- "لما كان ضرورياً أيضاً وفاء الدين المستحق على الجميع، إذ كانالجميع مستحقين الموت... أتى المسيح بيننا... وبعد تقديم البراهين الكثيرة عنلاهوته بواسطة أعماله، قدم ذبيحة نفسه أيضاً عن الجميع، إذ سلم هيكله للموت عوضاًعن الجميع، أولاً: لكى يحرر البشر من معصيتهم القديمة، وثانياً: لكى يظهر أنه أقوىمن الموت، بإظهار جسده عديم الفساد، كباكورة لقيامة الجميع" (فصل 2:20).
8- "كانأمام كلمة الله مرة أخرى أن يأتى بالفاسد إلى عدم الفساد، وفى نفس الوقت أن يوفىمطلب الله العادل المطالب به الجميع... فكان هو وحده الذى يليق بطبيعته أن يجددخلقة كل شئ، وأن يتحمل الآلام عوضاً عن الجميع، وأن يكون نائباً عن الجميع لدىالآب" (فصل 5:4).
2- من أقوال البابا أثناسيوسحول تجديد الإنسان مرة أخرى :
راجع الأقوال السابقة،?خصوصاً أرقام (4،6،7،8)، لتلاحظ أن تجديد الإنسان مرتبط برفع حكم الموت عنه.
?فى تشبيه الملك الذى نزل ليخلص رعاياه من أعدائهم رغم إهمالهم فى حفظ الأسرار، يقولالقديس أثناسيوس: "بطلت كل مؤامرة العدو ضد الجنس البشرى منذ ذلك الحين، وزال عنهفساد الموت الذى كان سائداً عليهم من قبل" (فصل 3:9،4).
"لم يهمل الجنس?البشرى، صنعة يديه، ولم يتركه للفساد، بل أبطل الموت بتقديم جسده، وعالج إهمالهمبتعاليمه، وردّ بسلطانه كل ما كان للإنسان" (فصل 11:10).
وفى تشبيه الفنان?الذى رسم صورة لابن الملك، فلما فسدت بفعل العدو، جاء مرة أخرى، فجَّدد الفنانالصورة القديمة، ولم يوافق الملك أن يمزقها ليرسم الفنان صورة جديدة... يقول القديسأثناسيوس: "لابد من حضور صاحب الصورة نفسه ثانية لكى يساعد الرسام على تجديد الصورةعلى نفس اللوحة الخشبية، لأنه إكراماً لصورته (أى الملك) يعزّ عليه أن يلقى بتلكاللوحة، وهى مجرد قطعة خشبية، بل يجدد عليها الرسم" (فصل 1:14).
وفى تشبيه?المعلم يقول: "كما أن المعلم الصالح الذى يعتنى بتلاميذه يتنازل إلى مستواهم، إنرأى أن البعض منهم لم يستفيدوا بالعلوم التى تسمو فوق إدراكهم، ويقدم إليهم تعاليمأبسط، هكذا فعل كلمة الله..." (فصل 1:15).
إن مخلص الكل، المحب، كلمة الله،?أخذ لنفسه جسداً، وكإنسان مشى بين الناس، وقابل احساسات كل البشر فى منتصف الطريق،وحتى يستطيع من يتخيلون الله هيولياً (ذا جسد) أن يدركوا الحق بما يعلنه الرب فىجسده، ويدركوا الآب فيه" (فصل 2:15).
"إذا انحدرت عقولهم (أى البشر) فوصلت إلى?الأموات، حتى عبدوا الأبطال، والآلهة التى تحدث عنها الشعراء، وجب - بعد أن رأواقيامة المخلص - أن يعترفوا أن تلك آلهة كاذبة، وأن الرب وحده هو الإله الحق، كلمةالآب، وهو رب الموت أيضاً" (فصل 6:15).
"الله غطى بأعماله كل البشرّ الذين?سبقوه، حتى إذا ما اتجه البشر إلى أية ناحية، استطاع أن يستردهم من هذه الناحية،ويعلمهم عن أبيه الحقيقى" (فصل 7:15).
"وفى تشبيه الشمس يقول: "إن كانت الشمس?التى خلقها هو، والتى نراها وهى تدور فى السماء، لا تتدنس بمجرد لمسها للأجساد التىعلى الأرض، ولا تنطفئ بظلمتها، ولكنها بالعكس تنيرها وتطهرها أيضاً... فبالأولىجداً كلمة الله، الكلى القداسة، بارئ الشمس وربها، لم يتدنس قط بمجرد ظهوره فىالجسد، بل بالعكس، لأنه عديم الفساد فقد أحيا وطهر الجسد، الذى كان فى حد ذاتهقابلاً للفناء، لأنه قيل: "الذى لم يفعل خطية، ولا وجد فى فمه مكر... حمل هو نفسهخطايانا فى جسده على الخشبة..." (1بط 22:2،24)... (فصل 6:17).
"... لكى يعيد?البشر إلى عدم الفساد... ويحييهم من الموت" (فصل 4:8).
فى تشبيه القشة?والاسبستوس: "لكى يعيد البشر إلى عدم الفساد... ويحيهم من الموت... وينقذهم منالموت كإنقاذ القش من النار" (فصل 4:8). (وهنا فكرة الكفارة Cover = Cōpher = سترالخطية).
وحول هذا التشبيه يقول أيضاً: لو أحيط القش بمادة الاسبستوس التى?يقال عنها أنها تصمد أمام النار، فإن القش لا يرهب النار (أى الدينونة) فيما بعد،إذ قد تحصَّن بإحاطته بمادة غير قابلة للاحتراق" (فصل7:44).
"إذ اتحد ابن الله?عديم الفساد بالجميع بطبيعة مماثلة،
فقد ألبس الجميع عدم الفساد... بوعدالقيامة من الأموات" (فصل 9 فقرة 2).
نتائج إلغاءالعدل والعقوبة فى الصليب والإكتفاء بالمحبة :
يشيعالبعض أن الصليب محبة فقط، وليس محبة عادلة، وهذه فكرة خاطئة فيها مخاطر كثيرة،نذكر منها:
1- إلغاء إحدى كمالات الله : (أى العدل)، يستحيل أن نركز علىصفة فى الله ونتجاهل الأخرى، هذا مرفوض، حيث يذكر الكتاب المقدس عن الله أنه "محبة" (1يو 8:4) ويذكر أيضاً أنه "الحق" (يو 6:14).. وفى كل قداس نصلى قائلين: "مستحقوعادل".
2- استهانة بوصايا الله : فهو الذى أوصانا بأن نسلك حسب الوصية،وعرَّفنا بنتيجة مخالفة الوصايا "لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناسوإثمهم" (رو 18:1).. "نائلين فى أنفسهم جزاء ضلالهم المحق" (رو 27:1).. "من أجلقساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضباً فى يوم الغضب واستعلان دينونة اللهالعادلة، الذى سيجازى كل واحد حسب أعماله" (رو 5:2،6)... "الذى يفعلها (أى ينفذالوصايا) سيحيا بها" (رو 5:10).. ما الداعى لحفظ الوصية، مادام الله محبة فقط؟! وماالداعى لقول الكتاب: "طوبى للذين يصنعون وصاياه.. خارجاً (أى خارج الملكوت)... منيحب ويصنع كذباً" (رؤ 14:22-15).
3- وبالتالى ما هى أهمية الجهاد الروحى : مادامت المحبة هى التى ستحكم فى الأمر؟! بينما يقول الكتاب: "كل من يجاهد يضبط نفسهفى كل شئ" (1كو 25:9).. "إن كان أحد يجاهد، لا يكلل إن لم يجاهد قانونياً" (2تى5:2).
4- ولماذا لا نعيش فى الخطيئة وشهوات العالم : مادامت المحبة ستخلصنا،ولا توجد عقوبة ولا عدالة؟!
5- ولماذا التبشير بالإيمان، والحث على التوبة : مادام الله محبة، وليس للعدل أن يتكلم؟!
6- وما المانع - إذن - من خلاص جميعالبشر : لأن باب المحبة مفتوح للكل، بغض النظر عن شروط الخلاص: كالإيمان والتوبةوالأسرار، بينما يقول الرب: "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو 3:13،5)، "منآمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يدن" (مر 16:16).
7- وما المانع - أيضاً - من خلاصالشيطان : مادام الله محبة ؟! بينما يؤكد لنا الكتاب المقدس هلاكه الأبدى (رؤ 10:20).
8- وأين نذهب بآيات الدينونة الكثيرة فى الكتاب المقدس كقوله :
+ "يمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى، والأبرار إلى حياة أبدية" (مت 46:25).
+ "يخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامةالدينونة" (يو 29:5).
+ "من يغلب يرث كل شئ، وأكون له إلهاً، وهو يكون لىابناً.
وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدةالأوثان، وجميع الكذبة، فنصيبهم
فى البحيرة المتقدة بنار وكبريت، الذى هو الموتالثانى" (رؤ 7:21،8).
+ "لن يدخلها شئ دنس، ولا ما يصنع رجساً وكذباً، إلاالمكتوبين فى سفر حياة الخروف" (رؤ 27:21).
+ "ها أنا آتى سريعاً وأجرتى معى،لأجازى كل واحد كما يكون عمله" (رؤ 12:22).
+ "أن كان أحد يحذف من أقوال كتابهذه النبوة، يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة المقدسة" (رؤ 19:22).
وما الداعى - أساساً - لإلغاء دور العدلالإلهى ؟
+ أيهما أقوى؟ أن يجددنى الله بمحبته، أم أن يدفعدينى، ويموت بدلاً عنى، ويحمل لعنتى، أليست هذه محبة عملية باذلة ؟!
+ وكيف نفسرقول السيد المسيح: "ليس لأحد حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو 13:15) أليس هذا الكلام دليلاً على وجود حكم الموت على البشرية الساقطة، أن السيدالمسيح حمله نيابة عنا؟!
+ وماذا عن قوله: "جعل الذى لم يعرف خطية، خطية لأجلنا،لنصير نحن برّ الله فيه" (2كو 21:5)، وقوله: "حمل هو نفسه خطايانا فى جسده علىالخشبة" (1بط 24:2).
+ ولماذا سميت هذه العقيدة باسم "الفداء"؟ فما معنى الفداء؟معناه أن أحداً يفتدى الآخر، أى أن يحمل الحكم نيابة عنه؟!
لهذا فنحن نرفضنظرية أن الصليب محبة فقط، بل هو محبة عادلة وعدل محب، به رفع المسيح عنا حكم الموتالذى كان مستحقاً علينا، حاملاً هذا الحكم نيابة عنا.. ثم بعد ذلك جددنا بدمه وروحهالقدوس.
صالح السمائيين معالأرضيين...
وهكذا تم الصلح بين السماء والأرض، بين اللهوالإنسان، وهذا ما رأينا بشائره فى التجسد، تمهيداً للفداء:
1- فالسماءأرسلت جبرائيل ليبشر العذراء بالمخلص، الذى سيدعى "اسمه يسوع، لأنه يخلص شعبه منخطاياهم" (مت 21:1).
2- وظهر النجم للمجوس، ليقودهم إلى وليد المزود، حيث قدمواله الهدايا "ذهباً ولباناً ومراً" (مت 11:2)، علامة أنه ملك الملوك، ورئيس الكهنة،والفادى المصلوب!
3- وكان الملاك دائم القيادة والتوجيه ليوسف البار، ليقبلالحبل البتولى المقدس، وليهرب من هيرودس إلى مصر، حيث قضت العائلة المقدسة ثلاثسنوات وأحد عشر شهراً، يبارك فيها الرب مصرنا الحبيبة، ومعه أم جميع القديسين،ويوسف البار خادم سر الخلاص. ثم قاده الملاك أيضاً فى طريق العودة...
4- كماظهرت جوقة الملائكة للرعاة تبشرهم بميلاد الفادى:
"ولد لكم... مخلص" (لو 11:2)،فقدموا له الذبائح، إشارة إلى ذبيحة الصليب.
5- ثم جاء سمعان الشيخ ليتبارك منالطفل الإلهى، ويؤكد أنه المخلص قائلاً: "عينى قد أبصرتا خلاصك الذى أعددته قداموجه جميع الشعوب" (لو 30:2،31) معلناً دخول الأمم إلى حظيرة الإيمان، وأن مسيحنا هومسيح العالم كله. وحين قال للسيدة العذراء: "أن هذا قد وُضع لسقوط وقيام كثيرين فىإسرائيل، ولعلامة تقاوم. وأنت أيضاً يجوز فى نفسك سيف" (لو 34:2-35)، حفظت أم النور "جميع هذا الكلام، متفكرة به فى قلبها" (لو 19:2).
6- وحنة بنت فنوئيل "وقفتتسبح الرب، وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء فى أورشليم" (لو 38:2)... وهذا كانبوحى من السماء طبعاً!
7- وترنمت الملائكة مبتهجة مع البشارة قائلة: "المجد للهفى الأعالى، وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لو 14:2)، فابتهج الجند السماوى معسكان الأرض،بميلاد الفادى المخلص الذى من خلاله:
+ تنازل مجد الأعالى ليحلوسط البشر...
+ وفدانا بدمه ... فحل السلام على الأرض...
+ فصار الرب مسروراًبالإنسان، بعدما افتداه وجدده!
8- وأصبحت الملائكة "أرواحاً خادمة، مرسلةللخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 14:1).
9- وصارت "السموات مفتوحة"أمام استفانوس، فرأى "ابن الإنسان قائماً عن يمين الله" (أع 56:7)، وهو تعبير عنصعود الرب إلى مجده الأسنى فى السماويات، فالله ليس له يمين ويسار، لأنه غيرمحدود!
10- بل أن السماء مفتوحة الآن أمام كل إنسان يصلى، إذ ينادى الرب كل نفسبشرية قائلاً: "أرينى وجهك، اسمعينى صوتك، لأن صوتك لطيف، ووجهك جميل" (نش 14:2).
11- كما أن السماء تهب لنجدة الإنسان من خلال شفاعة القديسين والملائكة: "ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم" (مز 7:34). وخبرتنا اليومية عن معجزات القديسينلا حدود لها... فإن كان الغنى الشرير قد تذكر أسرته وهو فى الجحيم، وطلب أن يذهبإليهم لعازر ليبشرهم بالمخلص وينصحهم بالتوبة، فكم بالحرى طلبة الأبرار، لأن "طلبةالبار تقتدر كثيراً فى فعلها" (يع 16:5)، وإلهنا "ليس هو إله أموات بل إله أحياء" (لو 38:20).
12- وهكذا صارت السماء فينا، وصرنا فى السماء، كقول الرب: "ها ملكوتالله داخلكم" (لو 21:17)، وقول الرسول: "فإن سيرتنا نحن هى فى السموات، التى منهاننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح، الذى سيغيٍر شكل جسد تواضعنا، ليكون على صورةجسد مجده" (فى 20:3،21)... ذلك لأننا "ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما فى مرآة،نتغير إلى تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد، كما من الرب الروح" (2كو 18:3). ألميقل الرسول: "الذين سبق فعرفهم، سبق فعيًنهم، ليكونوا مشابهين صورة ابنه" (رو 29:8).
13- وهذا ما سيحدث فى يوم مجىء الرب، قادماً من السماء ليأخذنا إلىالسماء، بعد أن "لبسنا صورة الترابى، سنلبس أيضًا صورة السماوى" (1كو 49:15).
وهكذا إذ يأتى الرب على السحاب، فى اليوم الأخير، "بهتاف، بصوت رئيسملائكة، وبوق الله، سوف ينزل من السماء، والأموات فى المسيح سيقومون أولاً، ثم نحنالأحياء الباقين، سنخطف جميعاً معهم فى السحب، لملاقاة الرب فى الهواء، وهكذا نكونكل حين مع الرب" (1تس 16:4،17).
14- وهكذا تتحول مصالحة السمائيين معالأرضيين إلى وحدة كاملة سمائية خالدة، حيث "نكون كل حين مع الرب" (1تس 17:4)