منتدى الملاك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الملاك

لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد.أمين +++عمانوئيل إلهنا وملكنا

عزيزى الزائر اذا اعجبك موضوع بالمنتدى يمكنك
أن تضغط على زر أعجبنى اعلى الموضوع
عزيزى الزائر ان اعجبك موضوع يمكنك ان تكون اول من يشاركه لاصدقائه على مواقع التواصل مثل الفيس بوك والتويتر بالضغط على زر شاطر اعلى الموضوع

    نبؤات عن ميلاد السيد المسيح وتجسده

    Admin
    Admin
    Admin


    رقم العضوية : 1
    البلد - المدينة : cairo
    عدد الرسائل : 7832
    شفيعك : الملاك ميخائيل
    تاريخ التسجيل : 30/06/2007

    cc نبؤات عن ميلاد السيد المسيح وتجسده

    مُساهمة من طرف Admin الإثنين 15 ديسمبر 2014 - 18:06

    نبؤات عن ميلاد السيد المسيح وتجسده Article14186533855594002805c193a702399fdebe702bbd1
    ملء الزمان

    لم يذكر إشعياء النبي رؤيته للسيد المسيح في بداية سفر نبوته لئلا يبدو الأمر وكأنه متمركز حول أموره الخاصة، ولكنه ذكرها بالروح القدس قبل أن يبدأ نبواته المحددة عن تجسُّد الكلمة (أي تجسُّد السيد المسيح وميلاده من العذراء مريم لأجل خلاصنا) والتي وردت في الإصحاحين السابع والتاسع.

    وأراد الروح القدس بهذا أن يوضح أن رؤية إشعياء للسيد المسيح في الهيكل وسط تسابيح الملائكة هي التمهيد الطبيعي لنبواته عن التجسد الإلهي.

    فظهورات السيد المسيح في العهد القديم كانت تمهيدًا واضحًا لظهوره بالتجسد الفعلي في ملء الزمان.

    وكان ملء الزمان هو الموعد الذي أعدّ فيه الله الآب كل شيء لإرسال ابنه الوحيد إلى العالم متجسدًا وفاديًا ومخلصًا؛ كقول بولس الرسول: "وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابنهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ... لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ" (غل4: 4، 5).

    ولقداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياة قداسته- تأملات جميلة ونافعة حول موضوع "ملء الزمان"، وكيف أعد الله البشرية لاستقبال الكلمة المتجسد بكثير من الرموز والنبوات، وأعد الأشخاص الذين يعاصرون مجيئه في الجسد مثل العذراء القديسة مريم والقديس يوحنا المعمدان والتلاميذ الرسل القديسين، وحتى هيرودس الملك ويهوذا الإسخريوطى وقيافا وحنانيا وبيلاطس الحاكم الروماني، وغيرهم الكثيرين، بحيث يؤدى كل واحد من هؤلاء دوره بإرادته الحرة؛ ويكون مسئولًا عن تصرفاته بدون إجبار.. إنها ملحمة رائعة لا يمكن احتواء أبعادها بفكرنا المحدود، ولكننا نقف أمامها مبهورين بما عمله الرب؛ وبما شرحه قداسة البابا.

    ميلاد السيد المسيح

    وردت في سفر إشعياء أكثر من نبوة عن ميلاد السيد المسيح. وهذه النبوات لا تتكلم عن ميلاده فقط، بل تتكلم أيضًا عن ألوهيته.

    ولابد قبل أن نعرض لهذه النبوات أن نوضح أن السيد المسيح باعتباره "الله الكلمة" له ميلادين (حسب تعليم القديس كيرلس الكبير):

    الميلاد الأول: من الآب قبل كل الدهور بحسب لاهوته.

    الميلاد الثاني: من العذراء القديسة مريم في ملء الزمان بحسب ناسوته.

    فالمولود من العذراء مريم هو هو نفسه المولود من الآب.

    ولكنه في ميلاده من العذراء لم يستمد منها ألوهيته. كما أنه في ميلاده من العذراء مريم لم يستمد ناسوته من مصدر إلهي خارجًا عن العذراء مريم بل من طبيعتها البشرية وبقدرة الروح القدس اتخذ طبيعة بشرية كاملة بلا خطية. وجعل الناسوت المأخوذ منها خاصًا به جدًا. ونظرًا لأن كل ما يُنسب إلى ناسوته الخاص يُنسب إليه هو شخصيًا، باعتباره الله الكلمة الذي تجسّد، لذلك دُعيت العذراء مريم والدة الإله (ثيئوطوكوس).



    * النبوة الأولى: "هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابنًا وَتَدْعُو اسمهُ عِمَّانُوئِيلَ" (إش7: 14). كلمة "عمانوئيل" باللغة العبرية فسّرها إنجيل معلمنا متى الرسول أنها تعنى "الله معنا" (مت1: 23).

    وقد ورد في العهد القديم كثيرًا أن الله كان يلتقي بشعبه في خيمة الاجتماع وكان يكلّم موسى النبي من فوق غطاء تابوت العهد بين الكاروبين الذهبيين. ولكن تابوت العهد كان رمزًا للسيد المسيح.. وبداخل التابوت عصا هارون التي أفرخت بدون زرع ولا سقى. وهي ترمز إلى ميلاده من العذراء القديسة مريم بدون زرع بشر. كان الله مع شعبه في خيمة الاجتماع التي رمزت إلى السيد المسيح. ولكن لم تطلق عبارة "الله معنا" على شخص من البشر إلى أن تجسد الله الكلمة في ملء الزمان من العذراء مريم.

    لهذا كان القديس إشعياء النبي عجيبًا في أقواله حينما كتب "هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ" لأنه لم يُسمع منذ الدهر أن عذراء قد حبلت. وكان أعجب عندما أشار إلى أن الابن المولود منها هو "الله معنا". ولكن هكذا نطق الروح القدس بفم إشعياء النبي..



    * النبوة الثانية: "لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابنًا وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسمهُ عَجِيبًا مُشِيرًا إِلَهًا قَدِيرًا أَبًا أَبَدِيًّا رَئِيسَ السَّلاَمِ" (إش9: 6).

    إن المولود من العذراء هو ابن الله قبل ميلاده منها، وهو ابن الله وابن الإنسان في آنٍ واحد بعد ميلاده منها. لأنه هو نفسه المولود من الآب قبل كل الدهور الذي أتى وتجسد من العذراء مريم في ملء الزمان بميلاده العذراوي العجيب.

    قال السيد المسيح لمنوح أبو شمشون في ظهور من ظهوراته السابقة للتجسد في العهد القديم: "لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسمي وَهُوَ عَجِيبٌ؟" (قض13: 18).

    وها هو إشعياء النبي يكرر نفس الأمر ويقول يُدعى اسمه "عجيبًا". لقد كان السيد المسيح عجيبًا في تجسده وفي ميلاده، عجيبًا في تواضعه، عجيبًا في محبته، عجيبًا في تعاليمه، عجيبًا في إخفاء مجده، عجيبًا في صلبه وموته وقيامته وصعوده إلى السماوات.. كان عجيبًا في كل شيءٍ.

    مَن صَدّق خبرنا؟!

    يقول النبي: "مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟" (إش53: 1)!!

    العبارة تشير إلى أن الأمور التي سيحكى عنها ربما يصعب تصديقها بالنسبة لعامة البشر. ويلزم أن يعين الروح القدس السامع لكي يصدّقها!!

    وفعلًا ربما لا يصدق البعض أن محبة الله تصل إلى درجة أن يبذل ابنه الوحيد الجنس لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية (انظر يو3: 16)

    ربما يصعب على البعض أن يصدّق أن "اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ" (1تى3: 16). ويصعب عليهم أكثر أن يصدقوا أنه من الممكن أن يحتمل الآلام عوضًا عن الخطاة، أو أن يموت نيابة عنهم بحسب الجسد.

    قد يصعب عليهم أن يصدقوا أن الله الابن شخصيًا سوف يتمم الخلاص والفداء ويحتمل كل شيء مهما كان صعبًا وثقيلًا من أجل خلاص البشرية..

    ذِرَاعُ الرَّبِّ

    إن عبارة "لِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟" تدل على أن الله نفسه هو الذي سيصنع الخلاص، وسوف تراه كل أطراف الأرض. كما سبق أن قال: "قَدْ شَمَّرَ الرَّبُّ عَنْ ذِرَاعِ قُدْسِهِ أَمَامَ عُيُونِ كُلِّ الأُمَمِ فَتَرَى كُلُّ أَطْرَافِ الأَرْضِ خَلاَصَ إِلَهِنَا" (إش52: 10). وهنا يرتبط قول النبي "قَدْ شَمَّرَ الرَّبُّ عَنْ ذِرَاعِ قُدْسِهِ" بقوله: "لِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ" (إش53: 1).

    لقد استخدم تعبير "ذِرَاعُ الرَّبِّ" ليشير إلى تجسد الابن الوحيد الجنس وإلى كل ما قام به في عملية الفداء والخلاص. وكأنه يشبّه الابن بذراع الله الآب.

    كما أن عبارة "قَدْ شَمَّرَ الرَّبُّ عَنْ ذِرَاعِ قُدْسِهِ" تشير إلى دخول الابن إلى الزمن ليصنع الفداء في ملء الزمان. هذا الفداء قد صنعه الله الآب بكل قوة وبكل حكمة وفطنة، كقول معلمنا بولس الرسول: "لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ، الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ، الَّتِي أَجْزَلَهَا لَنَا بِكُلِّ حِكْمَةٍ وَفِطْنَةٍ" (أف1: 6-8).

    لقد انتظرت البشرية طويلًا ولمدة آلاف من السنين أن يتدخل الرب لإتمام الفداء. لهذا قال أب الآباء يعقوب على فراشه عند موته: "لِخَلاَصِكَ انْتَظَرْتُ يَا رَبُّ" (تك49: 18). فبالرغم من أن السيد المسيح قد ظهر له، وصارعه طوال الليل، وباركه، وأعطاه اسمًا جديدًا (انظر تك32: 24-28)؛ إلا أن ذلك لم يكن تجسدًا للابن الوحيد بل ظهورًا فقط ولم يتحقق الفداء بواسطة هذا الظهور.

    كان يلزم الإعداد لمسألة الخلاص على مدى عدة آلاف من السنين بواسطة الكثير من الرموز، والنبوات، والظهورات، والأحداث اليقينية التي دُونَت في الأسفار المقدسة، حتى تتمكن البشرية من تصديق تجسد الله الكلمة والابن وآلامه وموته على الصليب. وبالرغم من ذلك كله يقول إشعياء النبى: "مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟!" (إش53: 1)..

    الخبر العجيب

    فما هو الخبر العجيب الذي تحدث عنه النبي؟ إن الخبر العجيب الذي بدأ به تنفيذ رحلة الخلاص؛ كان هو البشارة بميلاد السيد المسيح من العذراء مريم إذ يتجسد متأنسًا منها بفعل الروح القدس. الأمر الذي لم يحدث من قبل في كل تاريخ البشرية ولن يتكرر، وهو أن تحبل العذراء بدون زرع بشر وتلد ابنًا ذكرًا؛ طفلًا حقيقيًا؛ هو هو نفسه الله الكلمة الذي تجسد في ملء الزمان من أجل خلاصنا.

    وقد أشارت رموز العهد القديم إلى هذا الأمر حينما أفرخت عصا هارون الجافة وأزهرت وأثمرت بدون غرس ولا سقى كما هو مكتوب في سفر العدد لموسى النبي "فَكَلمَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيل، فَأَعْطَاهُ جَمِيعُ رُؤَسَائِهِمْ عَصًا عَصًا لِكُلِّ رَئِيسٍ حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمِ. اثنتَيْ عَشَرَةَ عَصًا. وَعَصَا هَارُونَ بَيْنَ عِصِيِّهِمْ. فَوَضَعَ مُوسَى العِصِيَّ أَمَامَ الرَّبِّ فِي خَيْمَةِ الشَّهَادَةِ. وَفِي الغَدِ دَخَل مُوسَى إلى خَيْمَةِ الشَّهَادَةِ وَإِذَا عَصَا هَارُونَ لِبَيْتِ لاوِي قَدْ أَفْرَخَتْ. أَخْرَجَتْ فُرُوخًا وَأَزْهَرَتْ زَهْرًا وَأَنْضَجَتْ لوْزًا. فَأَخْرَجَ مُوسَى جَمِيعَ العِصِيِّ مِنْ أَمَامِ الرَّبِّ إلى جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيل، فَنَظَرُوا وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَصَاهُ. وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: رُدَّ عَصَا هَارُونَ إلى أَمَامِ الشَّهَادَةِ لأَجْلِ الحِفْظِ عَلامَةً لِبَنِي التَّمَرُّدِ فَتَكُفَّ تَذَمُّرَاتُهُمْ عَنِّي لِكَيْ لا يَمُوتُوا" (عد17:6-10).

    نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ

    يقول إشعياء النبي: "نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْقٍ مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ" (إش53: 2) تشير عبارة "نَبَتَ قُدَّامَهُ" إلى اهتمام الآب بتدبير تجسد ابنه الوحيد الجنس أي أن الابن في تجسده قد نبت أمام الآب الذي أرسله وهيأ له جسدًا بفعل الروح القدس.

    إن عبارة إشعياء النبي "نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ" ترتبط ارتباطًا وثيقًا بعبارتين في أسفار موسى النبي كما أوردنا في سفر العدد:

    1- "وَضَعَ مُوسَى العِصِيَّ أَمَامَ الرَّبِّ" ترتبط بكلمة "قُدَّامَهُ" في سفر إشعياء.

    2- "أَفْرَخَتْ. أَخْرَجَتْ فُرُوخًا" ترتبط بكلمة "كَفَرْخٍ" ونلاحظ أن ما ورد في سفر العدد قد ذكر تدرجًا عجيبًا أن عصا هارون قد "أَفْرَخَتْ. أَخْرَجَتْ فُرُوخًا وَأَزْهَرَتْ زَهْرًا وَأَنْضَجَتْ لوْزًا" أي ثلاث مراحل وهي الأغصان والزهر واللوز. بمعنى أنها لم تخرج فروعًا فقط، ولم تزهر زهرًا فقط، بل وصلت إلى مرحلة الإثمار، كقول القديسة أليصابات والدة القديس يوحنا المعمدان بالروح القدس للقديسة العذراء مريم "َمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ!" (لو1: 42).

    وَكَعِرْقٍ مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ

    الجميل في نبوة إشعياء إنه لم يكتف بالقول: "نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ" وإنما أضاف "وَكَعِرْقٍ مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ" وذلك لكي يكتمل التطابق في المعنى بين الرمز والنبوة والمرموز إليه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. إذ أن عصا هارون كانت جافة أي يابسة قبل أن تفرخ وتزهر وتنضج لوزًا. واستخدم هنا إشعياء تشبيه الأرض اليابسة. لتكتمل فكرة أن العصا قد أفرخت وأزهرت وأثمرت بدون غرس ولا سقى.

    لَيْتَكَ تَشُقُّ السَّمَاوَاتِ وَتَنْزِلُ

    يقول إشعياء النبي قرب نهاية السفر المبارك مخاطبًا الرب الإله: "لَيْتَكَ تَشُقُّ السَّمَاوَاتِ وَتَنْزِلُ! مِنْ حَضْرَتِكَ تَتَزَلْزَلُ الْجِبَالُ. كَمَا تُشْعِلُ النَّارُ الْهَشِيمَ وَتَجْعَلُ النَّارُ الْمِيَاهَ تَغْلِي لِتُعَرِّفَ أَعْدَاءَكَ اسْمَكَ لِتَرْتَعِدَ الأُمَمُ مِنْ حَضْرَتِكَ. حِينَ صَنَعْتَ مَخَاوِفَ لَمْ نَنْتَظِرْهَا نَزَلْتَ. تَزَلْزَلَتِ الْجِبَالُ مِنْ حَضْرَتِكَ. وَمُنْذُ الأَزَلِ لَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يُصْغُوا. لَمْ تَرَ عَيْنٌ إِلَهًا غَيْرَكَ يَصْنَعُ لِمَنْ يَنْتَظِرُهُ" (إش64: 1-4)

    ونقول نحن في القداس الباسيلي مخاطبين الآب السماوي: {وفى آخر الأيام ظهرت لنا نحن الجلوس في الظلمة وظلال الموت بالظهور المحيى الذي لابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، هذا الذي من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم تجسد وتأنس} (بداية صلوات التقديس).

    ما ورد في الفقرة المذكورة من سفر إشعياء هو نبوات واضحة عن ظهور الله على الأرض بتجسد ابنه الوحيد الجنس الرب يسوع المسيح. وسوف نرى ما في هذه العبارات من معانٍ نبوية.

    "لَيْتَكَ تَشُقُّ السَّمَاوَاتِ وَتَنْزِلُ" (إش64: 1) لا نستطيع أن نفهم هذه العبارة إلا في ضوء نزول الابن الوحيد من السماء وتجسده وتأنُسّه من القديسة مريم العذراء.

    لهذا نقول في قانون الإيمان عن السيد المسيح: [هذا الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء تأنس].

    والنبي إشعياء يتوسل إلى الله أن يأتي إلى عالمنا المحتاج إلى الخلاص فيقول "لَيْتَكَ تَشُقُّ السَّمَاوَاتِ وَتَنْزِلُ".

    كان هناك حاجزًا بين السماء والأرض يفصل بين الإنسان والله. وقد بدأ الله الآب يشق هذا الحاجز حينما أرسل ابنه الوحيد إلى العالم كقول بولس الرسول: "لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ" (غل 4: 4-5). لهذا صلى القديس سمعان الشيخ حينما حمل الطفل يسوع المسيح على ذراعيه وبارك الله قائلًا: "الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ. لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ. الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيل" (لو2: 29-31).

    بدأ الله في شق الحاجز حسب التدبير في قصده؛ ولكن أعلن ذلك بصورة ملموسة في واقع الأحداث عندما انشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل وقت أن سلّم السيد المسيح روحه البشرى الطاهر المتحد باللاهوت على الصليب؛ صانعًا الفداء، ومصالحًا الآب مع البشرية إذ أن "اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ" (2كو5: 19).

    ولكن إشعياء النبي اعتبر نزول السيد المسيح إذ أخلى نفسه آخذًا صورة عبد هو نوع من انشقاق للسماء لكي ينزل الرب الإله و"يَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ الذي تفسيره الله معنا" (مت 1: 23). ولا يمكن أن نفصل التجسد عن الصليب والفداء، ولا عن القيامة والصعود، لأن هذا هو عمل الفداء الخلاصي المتكامل.

    وليس ذلك فقط، فقد انشقت السماوات على مرأى من يوحنا المعمدان عند عماد السيد المسيح في نهر الأردن وحل الروح القدس على رأسه بهيئة جسمية مثل حمامة وصوت الآب من السماء يقول: "هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ" (مت3: 17).

    لقد انشق نهر الأردن عندما نزل الكهنة حاملو تابوت العهد فيه ليفتح الطريق إلى أرض الميعاد ولكن عندما نزل تابوت العهد الحقيقي إلى مياه الأردن لم تنشق المياه بل انشقت السماوات ليفتح لنا السيد المسيح الطريق إلى السماء عن طريق سر العماد المقدس الذي به ننال التبني.

    ويمكننا أن نفهم أيضًا أن السماوات قد انشقت عند صعود السيد المسيح جسديًا وهو مالئ الوجود كله بلاهوته. ولذلك صاح الملائكة المصاحبون للابن المنتصر على الهاوية والموت في صعوده مخاطبين الملائكة حراس الأبواب السمائية "اِرْفَعْوا أَيّهَا الرُؤسَاء أبوابكم، وَارْتَفِعْى أَيَّتُهَا الأَبْوَابُ الدَّهْرِيَّة، فَيَدْخُلَ مَلِكُ الْمَجْد" وعندما تساءل الحراس "مَنْ هُوَ هَذَا مَلِكُ الْمَجْدِ؟" أجابوهم: "الرَّبُّ العزيز الْقَدِيرُ، الرَّبُّ الْقوى فِي الحروب.. رَبُّ الْقوات، هذا هُوَ مَلِكُ الْمَجْدِ" (مز24: 7-10)[1]. ويقول معلمنا بولس الرسول عن دخول السيد المسيح إلى المقدس السماوي "تَدْخُلُ إلى مَا دَاخِلَ الْحِجَابِ، حَيْثُ دَخَلَ يَسُوعُ كَسَابِقٍ لأَجْلِنَا" (عب 6: 19، 20).

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 - 0:38