النظام المصري يسعى لاستيعاب الشارع مع المحافظة على بقائه
أ. ف. ب. GMT 18:15:00 2011 الأربعاء 9 فبراير
تعكس تصريحات نائب الرئيس المصري حول استحالة حصول انقلاب في مصر سعي النظام الى استيعاب غضب الشارع عبر تقديم تنازلات مدروسة للمتظاهرين مع الابقاء على استمراريته حتى بعد رحيل حسني مبارك، بحسب محللين.
القاهرة: أكد نائب الرئيس المصري عمر سليمان في مقابلة مع رؤساء تحرير الصحف المصرية نشرت اليوم الاربعاء ان النظام مستعد للتجاوب مع مطالب الشباب للتغيير الا انه رفض اهمها وهي تنحي الرئيس حسني مبارك فورا واوحى بان النظام سيستمر بالرغم من التنازلات التي قدمها للمعارضة.
وطرح سليمان سيناريوهين للخروج من الأزمة الراهنة، أولهما التفاوض والثاني الانقلاب الا انه سرعان ما اوضح "ما زالت لدينا القدرات الكبيرة لاستعادة دورنا ومواقفنا وحماية المجتمع، لم ولن ينهار النظام وسنظل باذن الله مسؤولين عن الحفاظ على هذا الوطن".
وفي اشارة الى رغبة النظام، الذي يرتكز على الجيش كعماده الاساسي، في قول كلمته في ما يتعلق بهوية الرئيس الذي سيخلف مبارك في ايلول/سبتمبر القادم، شدد سليمان على ضرورة التفكير ب"توجه" هذا الشخص وعدم فتح باب الترشيح للمنصب دون قيود "حتى لا نجد 300 شخص يتقدمون للرئاسة دون قيود وهو ما يعد مهزلة بالنسبة لمصر".
كما اكد سليمان ان حالة الشلل التي اصابت البلاد منذ بدء الانتفاضة الشعبية قبل اسبوعين "لا يمكن ان نتحملها طويلا ولا بد من انهاء الازمة في اقرب وقت ممكن". واختلفت التفسيرات لتصريحات نائب الرئيس المصري بين من رأى فيها تهديدا ومن اعتبر انها تعبير عن الازمة السياسية العميقة التي تمر بها مصر.
واعتبر مدير مركز القاهرة لدراسات الشرق الاوسط بهي الدين حسن ان "الحديث عن انقلاب هذا تهديد صريح مفاده انه اما ان ينخرط الجميع في حوار يضع اسسه ويحدد سقفه النظام الحالي، كما حدث بالفعل في جلسة الحوار الاولى التي جرت الاحد، او استعادة زمام الامور بالقوة".
وقال ان "القوة هنا لا تعني بالضرورة استخدام السلاح وانما ربما المقصود بها استمرار الحملة التي لم تتوقف لحظة واحدة ضد الانتفاضة بوصفها وثيقة الصلة بمؤامرة اجنبية". واشار حسن الى ان الحديث عن ارتباط التظاهرات باجندات اجنبية ورد اكثر من مرة في تصريحات نائب الرئيس كما انها تتكرر باستمرار في وسائل الاعلام الحكومية.
واكد ان "النظام يسعى لاضعاف الانتفاضة من خلال الهجوم السياسي والاعلامي عليها بهدف عزلها وتقليص حجمها الامر الذي قد يسهل في لحظة معينة الانقضاض عليها بالقوة". ويؤكد الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشبكي ان تصريحات نائب الرئيس "تعكس المأزق الراهن في البلاد، فالمشكلة ان النظام السياسي تآكلت شرعيته ويتعامل مع مطلب المتظاهرين بتنحي الرئيس مبارك بمنطق العند".
ويتابع "الحقيقة ان وجود مبارك اصبح عبء النظام نفسه، حتى لو كان بقاؤه هو الضمانة لاستمرار النخبة الحاكمة في السيطرة على مقاليد الامور في البلاد". ويؤكد الشبكي ان "المشكلة الان لم تعد كيف تستمر النخبة بل السؤال هو كيف يمكن الانتقال الى بديل امن".
ويعتقد المحلل السياسي ان "عمر سليمان لديه فرصة قيادة التغيير والتاسيس لجمهورية ثانية ولكنه يسير على خطى مبارك اي انه يحاول اصلاح جزئيات في اطار الشرعية القديمة في حين لا بد من ارساء شرعية جدية بعد مرحلة انتقالية تشكل فيها حكومة انقاذ وطني".
وبالنسبة لبهي الدين حسن، فان الصراع في مصر بات مفتوحا والزمن سيلعب في صالح من يستطيع من الطرفين ادارته بكفاءة اكبر. ويقول "اذا استطاعت الانتفاضة ان توسع دائرة مطالبها للتحول الى نقاط ملموسة تشمل المجتمع كله فستزداد قوة اما اذا تمكن النظام من عزل المحتجين داخليا ودوليا فسيتمكن من تحقيق اهدافه".