الرئيسية
أحدث الصور
الان يمكنك دخول المنتدى عبر حسابك على الفيس بوك
من طرف انتشرت بكثافة وتناولت الأوضاع التي يعيشها الشعب
المصريون يحاربون النظام بالنكتة... بانتظار "إنتصارال ثورة"
عبير جابر من الدوحة المصريون يحاربون النظام بالنكتة... بانتظار "إنتصارال ثورة"
حارب المصريون النظام بطرق سلمية شتى، لعل أبرزها النكات التي انتشرت بكثافة وتناولت الأوضاع التي يعيشها الشعب، وحملت البسمة التي تخفي أوجاعاً طالت سنوات.
عندما قال الكاتب البريطاني أن "النكتة ثورة صغيرة"، كان يدرك تماماً أن ما يضحك الناس ببساطته يترك بسمة وفي الوقت نفسه يثير في النفس مكامن الألم. وإذا كان البريطانيون إشتهروا في العالم بإجادتهم النكت السياسية، فإن المصريين استطاعوا عبر عالمنا العربي أن يبدعوا في هذا المجال، فالمصري معروف بأنه "إبن نكتة".
وورد في بعض الكتابات أن أقدم نكتة سياسية مكتوبة في العالم فرعونية، وتعود إلى 1600عام قبل الميلاد، ويقول مضمونها: "كيف ترفع معنويات الفرعون سنوفرو حين يذهب لصيد السمك؟ الجواب: ترمي أحد العبيد بدون أن يدري، ثم تصرخ بأعلى صوتك هناك سمكة كبيرة يا سيدي". مع العلم أن أقدم نكتة تعود إلى 1900 عام قبل الميلاد، واكتشفت في سومر في العراق، لكن مضمونها لا يمكن نشره لكنها كما أفادت المصادر تبدأ بسؤال بريء يتضمن إجابة تتهكم على المتزوجات حديثاً، وبالتالي لم تكن من النوع السياسي.
كما يتناقل المصريون أن نكتة سياسية شهيرة تم تداولها في عهد الرئيس جمال عبد الناصر عن رجل من القاهرة سمع أن الأرز متوفر في مدينة الإسكندرية، فسافر في القطار كي يحصل على قوت عائلته، فسأله "الكمسري" مسافر فين وليه؟ فأجابه مسافر الإسكندرية عشان أشتري الأرز"، ولما وصل القطار إلى طنطا (وتبعد عن الإسكندرية حوالي 100 كلم)، قال له الكمسري "إنزل هنا"! فسأله طيب ليه وإحنا لسه موصلناش الإسكندرية؟ فأجابه "مش إنت رايح عشان تشتري الأرز؟ إنزل لأن الطابور يبدأ من هنا".
ويقال أن هذه النكتة آلمت عبد الناصر كثيراً فاستدعى وزير التموين وأمره بتوفير الأرز للشعب بأية طريقة.
ولعل دور النكتة السياسية هو الذي دفع الكاتب الصحافي عادل حمودة لإنجاز كتابه الشهير "النكتة السياسية.. كيف يسخر المصريون من حكامهم"، وتحدث فيه عن العديد من النكات التي واكبت عدداً من السياسات والرؤساء وصولاً إلى العهد الحديث، وترك في نهاية نسخته من الكتاب، عدداً من الصفحات البيض الخالية من أي حرف. ودعا القراء إلى "أن يسجلوا النكات ويكتبوها بدقة، من أجل التاريخ، ومن أجل الأجيال القادمة، لعلها تحظى ذات يوم بفرصة النشر بعد عمر طويل".
وقد أدرك المحتجون في مصر، أن ما يجري الآن في بلدهم ينطبق عليه المثل المصري الشهير "همّ يضحّك وهمّ يبكّي"، فواصلوا احتجاجاتهم دون أن يتخلوا عن روح النكتة التي ترافقهم.
ومهما اختلف المصريون حول قضاياهم المعيشية، في تأييدهم لمبارك أو مطالبتهم بتنحيه، ومهما تنوعت انتماءاتهم السياسية وطبقاتهم الإجتماعية ومستوياتهم الفكرية، تجد النكتة تجمع بينهم. ولعل الصور ولقطات الفيديو التي نشاهدها كل يوم من ميدان التحرير وشوارع مصر المحتشدة بالمتظاهرين، أبلغ تعبير عن السلاح المبتكر للمصريين. فهم يتسلحون بلافتات خطوا عليها عبارات طريفة في الظاهر مضمنة بما أبكاهم طويلاً.
إضحك وإبكي أنت في ميدان التحرير
المشهد في ميدان التحرير وإن كان مطعماً بصور الشهداء، ومشاهد المعتصمين المضمدي الجراح ولمصرين على البقاء حتى سقوط النظام، إلا أنه مزين بالنكات التي حملت بعضاً منها لافتات رفعت بأقلامهم وبخطهم حتى ولو لم يكن جميلاً، فالوقت لم يتسع لتأجير خطاط يكتبها، لكن كل منهم عبّر على طريقته ودوماً بطرافة ممزوجة بالوجع.
ويشكل الرئيس حسني مبارك محور غالبية هذه النكات، فتعليقاً على التظاهرات، ومن وحي أخبار قيام عدد من الشبان العرب بإحراق أنفسهم إحتجاجاً يتناقل المصريون نكتة مفادها أن "مبارك يهدد بإحراق نفسه ويطالب بتغيير الشعب."
كما اشتهرت نكتة تعليقاً على حظر التجوال وعدم إلتزام الشعب به، في حين الرئيس غائب ولم يصدر أي موقف على ما يجري في الشارع المصري وهي أن "مبارك أصدر قراراً بحظر التجوال والتزم وحده بالقرار".
ومن النكت الطريفة التي يتداولها الشباب تلك التي تتحدث عن سبب توقيت التظاهرات وتربطه بقرار منع الحشيش حيث تقول النكتة "عاجل: عقد الريس جلسة مع وزير الداخلية السابق حبيب العدلي وقال له محتدا: منعت الحشيش يا فالح أهو الشعب صحصح وفاق"
كما أن المحتجون إختاروا التعبير بوسائل التعبير التي تظهر حس الفكاهة، فهنا رفع متظاهر لافتة توحي بأنه عريس جديد حرم من إكمال شهر العسل بسبب مشاركته في الإحتجاجات يخاطب مبارك ويدعوه للرحيل "إرحل مراتي وحشتني، متزوج من 20 يوم"، وإن حملت اللافتة بسمة صغيرة إلا أنها تظهر إصرار الشاب على مواصلة النضال رغم وضعه حتى سقوط النظام. بينما يرفع آخر تدعو مبارك للرحيل لأنه "عايز أتجوز إرحل بقا".
ولأن البقاء في الشارع لفترات حرم الكثيرين من التمتع بالأمور الطبيعية في الحياة كالإستحمام والنوم والراحة رفعت لافتات أخرى منها "ارحل عايز أروح أحلق" ورفعها شاب غزير شعر الرأس، بينما رفع آخر لافتة "ارحل بقي عشان اروح استحمى".
وعن عدم تلبية مبارك لمطالب شعبه بالتنحي قرر المتظاهرون رفع لافتات بلغات غير العربية لعله يفهمه، فرفعت لافتة بالهيروغليفية وأخرى بالصينية.
كما كان للجان الشعبية التي انتشرت في الشوارع حصتها من النكت حيث علق الناس على غياب مبارك بأن "لجنة شعبية أوقفت مبارك وطلبت بطاقته ووجدوا أن المهنة رئيس فقالوا له إنزل احنا ما عندناش رئيس". وكان هناك نكتة أخرى عن سبب ظهور مبارك على الشاشة في آخر النهار تقول "تعرف الريس بيتأخر في خطابه كل مرة ليه؟ علشان بيفتشوه في اللجان الشعبية ".
وتداول المتظاهرون نكته تتحث عن إستمرار مبارك في الحكم وأنه سيؤدي إلى جعل كل أيام الأسبوع أياماً للإحتجاج، وسيكون هناك "أحد الشهداء" و"إثنين الراحة" و"ثلاثاء التكتل" و"أربعاء الحشد" و"خميس الصعود للطائرة" و"جمعة الإقلاع" و"سبت النور".
في المقابل تداولوا نكتة أيضاً تتعلق بتمسك الرئيس بالحكم وهي يتقول "ردا على جمعة الغضب ويوم الرحيل ويوم الخلاص وأسبوع الصمود قرر السيد الرئيس محمد حسني مبارك التنحي عن الحكم يوم القيامة".
فايسبوك مفجر الثورات
كان موقع فايسبوك مصدر شرارة إنطلاق ثورة تونس، ومن بعدها انتفاضة مصر، ورغم قطع شبكة الإنترنت في مصر، استطاع الكثيرون التواصل عبرها لإيصال أخبار الثورة، ونكاتها وطرائفها.
أما النكات التي يتداولها الشباب في ميدان التحرير فلا تعد ولا تحصى، ولعل أبرزها تلك التي تجمع مبارك بالرئيسين الراحلين عبد الناصر والسادات في الحياة الآخرة، فعندما سأله الرئيسان السابقان عن سبب انتهاء حكمه بالقول "منصة ولاّ سُُمّ؟"، قال مبارك "لأَ.. فايسبوك".
ومن أطرف النكات التي يتم تداولها هي تعليقاً على شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" وتقول في سؤال "إيه هي الثورة الإلكترونيه؟ والجواب إنك "تفرمت" الشعب المصري عشان يعمل داون للسيستم القديم".
.JPG)
وفي المجال التكنولوجي أيضاً تتداول نكتة عن أن "خبر عاجل: أعلن مصدر مسؤول أن مبارك استجاب لمطالب الشعب بتغيير النظام، وأمر بتغيير نظام أجهزة الكمبيوتر في الدولة من ويندوز إلى لينكس".
كما خصصت صفحات بعينها على فايسبوك للنكتة ومنها صفحات حملت عناوين "خفة دم الشعب المصري في المظاهرات" و"نكت على بابا حسني" وهذه الأخيرة رد على ما طالب به الإعلام المصري المتظاهرين بإبداء قدر من الإحترام للرئيس بإعتباره بمثابة "الأب"، حيث رفعت لافتة في الميدان ايضاً كتب عليها "لو كان مبارك أبويا.. إذن فأنا ابن حرام".
بن علي ينتظر مبارك
لم يسلم الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي من النكتة المصرية حيث تداول المحتجون في لافتاتهم عبارات مثل "زين العابدين لمبارك: انا في انتظارك مليت" ومن النكات التي أطلقت عليه أن "بن علي اتصل ببرنامج ما يطلبه المستمعون وطلب اغنية "أنا بستناك" ويهديها للرئيس المصري محمد حسني مبارك".
وتعليقاً على إحتمال لجوء مبارك إلى السعودية كنظيره بن علي ظهرت نكتة تقول "اتصل امس مبارك بزين العابدين بن علي وقال له: "ألو وحياة أبوك إذا بتنام بدري خبيلي المفتاح تحت دعاسة الباب".
مبارك والعائلة
كان لثروة مبارك التي تم تقديرها بسبعين مليار دولار حصة من النكتة حيث تم تداول نكتة تقول "أن تعطى إبنك موبايل فأنت لطيف، وان تعطى إبنك سياره أنت كريم، وان تعطى ابنك بلدا وشعبا ليلعب بها هوا وأصحابه فأنت حسني مبارك".
وأثار الخبر عن حجم ثروة مبارك حفيظة الناس الذين كانوا يعلمون ضخامة الثروة لكنهم لم يستطيعا من قبل تقدير حجمها، وإقترح بعض المتندرين توزيع الثروة على المصريين كـ"مكرمة ثورية".
وتندر المصريون بالفساد الذي استشرى في عهد مبارك وعبروا عنه بنكتة أنه "عندما كان مبارك على سرير المرض، أعطى وصاياه الأخيرة لأحمد نظيف: وصيتك الحكم من بعدي، فأجابه في رقبتي يا ريس.. كله تمام، والسلطة هياخدها إبنك جمال. ثم راح في غيبوبة، أفاق منها بعد قليل وقال لأحمد وصيتك الشعب من بعدي، فأجابه: ما تخافش يا ريس.. الشعب ياكل الزلط. ثم راح في غيبوبة، أفاق منها بعد قليل وقال له "أحمد"، أجابه "نعم يا ريس"، قال مبارك "ما تنساش.. تعطي توكيل شركة الزلط لإبني علاء".
وكان لزوجة مبارك سوزان حصتها في النكات كما رفعت لافتات تتناول علاقة الرئيس بزوجته واستعداده للتضحية بأي شخص للبقاء في السلطة، "مش هنرحل من الميدان.. حتى لو طلقت سوزان". ونصح أحدهم مبارك في لافتة أخرى بتمضية عيد العشاق مع زوجته في لندن والرحيل من مصر "عيد الحب قرب يا حسني.. سوزان مستنياك".
وتناقل المصريون أن سوزان مبارك قررت المشاركة في التظاهرات المليونية، لأن مبارك كاتم على نفسها "ولو ما طلقنيش حولع في نفسي".
إذا كان سيسجل للثورة المصرية أنها حققت إنجازات كثير، فإن من بين إنجازاتها أنها أعادت المصري إلى صورته العفوية مواطن ثائر مناضل وقبل كل هذا خفيف الظل يجيد اجتياز محنه بالبسمة وإن كانت مجبولة بالدم.
