ا ف ب - القاهرة (ا ف ب) - تعهد المجلس
الاعلى للقوات المسلحة الذي تولى السلطة في مصر الجمعة بعد تنحي الرئيس
السابق حسني مبارك بتأمين "انتقال سلمي" نحو "سلطة مدنية منتخبة لبناء
الدولة الديموقراطية الحرة" وباحترام "المعاهدات الاقليمية والدولية" في
اشارة خصوصا الى معاهدة السلام المصرية-الاسرائيلية.وقالت
قيادة الجيش المصري في بيانها "رقم 4" انها "تتطلع الى الانتقال السلمي
للسلطة الذي يسمح بتولي سلطة مدنية منتخبة لبناء الدولة الديموقراطية
الحديثة".ويرسل الجيش المصري بذلك رسالة تطمين للمصريين وللخارج بانه لا يعتزم الاستمرار في الامساك بالحكم وانما ينوي نقله الى سلطة مدنية.
ويؤكد كذلك التزامه بالديموقراطية التي كانت مطلبا رئيسيا للثورة التي اسقطت مبارك بعد 18 يوما من الاحتجاجات غير المسبوقة في مصر.
كما اكد المجلس الاعلى للقوات المسلحة
"التزام جمهورية مصر بكافة الالتزامات والمعاهدات الاقليمية والدولية"، في
رسالة طمأنة اخرى للمجتمع الدولي بعد ان دعا العديد من المسؤولين الغربيين
الى احترام معاهدة السلام المبرمة بين مصر واسرائيل في العام 1979.
وطلب الجيش المصري من الحكومة الحالية
برئاسة احمد شفيق، التي كان الرئيس السابق شكلها في 31 كانون الثاني/يناير
الماضي ومن المحافظين "الاستمرار بتسيير الاعمال حتى تشكيل حكومة جديدة"،
في اشارة ضمنية كذلك الى ان القوات المسلحة ستستجيب للمطالب الشعبية بتشكيل
حكومة انقاذ وطني تتمثل فيها كل القوى السياسية في البلاد.
غير ان بيان المجلس الاعلى للقوات المسلحة لم يتضمن اي جدول زمني.
واكد البيان ان "المرحلة الراهنة تقتضي
اعادة ترتيب اولويات الدولة على نحو يحقق المطالب المشروعة لابناء الشعب
ويجتاز بالوطن الظروف الراهنة".
وتابع ان "المجلس العسكري يدرك بأن
سيادة القانون ليست ضمانا مطلوبا لحرية الفرد فحسب ولكنها الاساس الوحيد
لمشروعية السلطة في نفس الوقت".
ودعا الجيش المصري "كافة جهات الدولة
الحكومية والقطاع الخاص القيام برسالتها السامية والوطنية لدفع الاقتصاد
الى الامام" وطالب الشعب ب"تحمل مسؤوليته في هذا الشأن".
وناشد ايضا الشعب بان "يتعاون مع
اخوانهم وابنائهم من رجال الشرطة المدنية، من اجل أن يسود الود والتعاون"،
واهاب في الوقت نفسه "برجال الشرطة المدنية الالتزام بشعارهم" الشرطة في
خدمة الشعب.
وكانت مصداقية جهاز الشرطة اهتزت عقب قمع المتظاهرين خلال الايام العشرة الاولى من "ثورة 25 يناير".
واحتفل المصريون طوال ليل الجمعة/السبت بتنحي الرئيس حسني مبارك عن السلطة تحت ضغط التظاهرات.
وبعد ظهر السبت، كان الاف المتظاهرين لا
يزالون في ميدان التحرير، الذي شكل مركز ثورة 25 كانون الثاني/يناير،
والكثيرون منهم باتوا ليلتهم فيه.
وبدأ الجيش المصري صباح السبت بازالة
الحواجز من محيط الميدان بتحريك دباباته وفتح الطرقات المؤدية الى الميدان،
بينما عمل مدنيون على مساعدة عناصره في ازالة العوائق وتنظيف المكان
وازالة هياكل السيارات المحترقة واثار المواجهات التي وقعت بين المتظاهرين
وانصار الرئيس السابق حسني مبارك في الايام الاولى من الحركة الاحتجاجية.
وكانت هذه الاشتباكات اسفرت عن مقتل 300 شخص على الاقل، بحسب الامم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش.
وعلى احد الجسور المؤدية الى ميدان التحرير تجمع حشد من الشباب رافعين الاعلام المصرية واستوقفوا السيارات لتحية ركابها وتهنئتهم.
وبحت حناجر الكثيرين منهم جراء صراخهم وهتافاتهم لا سيما عقب الاعلان مساء الجمعة عن تنحي مبارك وتكليفه الجيش ادارة شؤون البلاد.
وادى الاعلان عن تنحي مبارك الى حالة
فرح عارمة ليس في مصر فحسب، بل في عدد من الدول العربية لا سيما تونس التي
كانت السباقة الى اسقاط نظامها من خلال التظاهرات في الرابع عشر من كانون
الثاني/يناير.
وقال المعارض المصري محمد البرادعي الجمعة في رسالة على موقع تويتر ان مصر استعادت برحيل الرئيس حسني مبارك حريتها وعزتها.
واضاف البرادعي بالانكليزية في تصريح
لقناة الجزيرة الناطقة بالانكليزية "رسالتي الى الشعب المصري انكم استعدتم
الحرية (...) فلنستخدمها بالطريقة الأمثل".
وحيا عصام العريان القيادي في جماعة الاخوان المسلمين الشعب المصري وجيشه "الذي اوفى بعهده".
من جهة اخرى، حيا الرئيس الاميركي باراك
اوباما الجمعة "شعب مصر" الذي ادت انتفاضته الى طرد الرئيس حسني مبارك من
السلطة ودعا الجيش الى ضمان عملية انتقالية "تتصف بالصدقية" الى
الديموقراطية.
وقال اوباما في خطاب رسمي في البيت
الابيض بعد ساعات على استقالة مبارك وتسليمه السلطة الى الجيش ان "شعب مصر
قال كلمته واسمع صوته، ومصر لن تعود ابدا كما كانت".
وتقع على عاتق الجيش المصري مهمة اعادة الامن الى البلاد اضافة الى تلبية تطلعات الشعب في احلال التغيير الديموقراطي.
غير ان الغموض ما زال يكتنف الطريقة التي ستتصرف القوات المسلحة وفقها.
وهي تحظى، بخلاف الشرطة، بتقدير المصريين، لكنها لم تفصح بعد عن المسار الذي ستسلكه لاجراء الاصلاحات.
أما الصحافة الحكومية التي كانت تحمل لواء النظام السابق، فقد هنأت المصريين على نجاح "الثورة العظيمة".
ورحبت الصحف المصرية السبت بما فيها الاهرام والجمهورية الحكوميتان بالمرحلة الجديدة التي دشنها تنحي حسني مبارك عن الرئاسة.
وعنونت صحيفة الاهرام "الشعب اسقط النظام. شباب مصر اجبر مبارك على الرحيل".
اما صحيفة الجمهورية، فكتبت في عناوينها
"مبارك يتنحى والجيش يحكم. انتصرت ثورة 25 يناير. القوات المسلحة تحيي
مبارك على ما قدمه للبلاد حربا وسلما وتؤكد انها ليست بديلا للشرعية".
وتناولت افتتاحيتها التي حملت عنوان "70 مليارا؟" المعلومات التي تحدثت عن امتلاك مبارك واسرته سبعين مليار دولار.
وقالت الصحيفة "الشفافية مطلوبة من الرئيس القادم، من حقنا ان نعرف ثروته قبل وبعد المنصب".