في الوقت الذي تتواصل فيه الاحتجاجات الشعبية في العديد من المدن
السورية، يستمر السوريون في إظهار شجاعة لا تصدق عبر التجرُّؤ على التظاهر
علنًا ضد واحدة من أكثر الحكومات قمعًا في المنطقة، بينما لا تظهر الحكومة
السورية أي إحساس بوخز الضمير حيال قتل مواطنيها، مواصلة من جانب آخر،
سياسة التعتيم الإعلامي على ما يجري بالداخل السوري. حيث خرج آلاف السوريين
بالأمس إلى شوارع مدينة "درعا" في اليوم الرابع من الاحتجاجات الشعبية،
التي قتل خلالها حتى الآن 5 أشخاص، مكرِّرين الهتافات المطالبة بإنهاء حالة
الطوارئ المستمرة في البلاد منذ 48 عامًا، وبإصلاحات سياسية واقتصادية،
وجاء ذلك في الوقت الذي تحدَّث فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن
اعتقالات جديدة في سوريا، مشيرًا إلى اعتقال الأجهزة الأمنية السورية
العديد من النشطاء في مدينة بانياس الساحلية، ومنهم الصحفي محمود ديبو،
والناشط الحقوقي مصطفى الأعسر، وذلك بعد تظاهرة جرت في المدينة، كما تحدث
المرصد عن اعتقال 11 شخصًا في دمشق خلال تظاهرة الجامع الأموي، لافتًا إلى
أن أجهزة الأمن في ريف دمشق اعتقلت قبل أيام 4 طلاب في الصف الحادي عشر من
مدرسة الباسل في دوما، على خلفية كتابتهم شعارات على الجدران، وأخرجتهم
مكبلي الأيدي من صفوف دراستهم، فضلاً عن اعتقال 3 أشخاص في مدينة حلب.
انتهاكات متواصلة
ما
ذكره تقرير المرصد السوري أكدته منظمة "هيومن رايتس ووتش" لحقوق الإنسان
التي ناشدت السلطات السورية بالكف عن استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين،
منددة بما قامت به القوات الحكومية في درعا، من إطلاق النار على
المتظاهرين، واستخدام القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين، ومطالبة
السلطات السورية بالتوقف عن استخدام الرصاص الحي والأشكال الأخرى من القوة
المفرطة ضد المتظاهرين.
من جهة أخرى تواصلت ردود الفعل الدولية المنددة
بأعمال العنف التي وقعت في سوريا ضد المتظاهرين، مطالبة بالإفراج عن كل
الذين اعتقلوا لمشاركتهم في حركة الاحتجاج، حيث أكدت فرنسا مجددًا، إدانتها
لأعمال العنف التي أدت إلى العديد من القتلى والجرحى بين المتظاهرين في
درعا، داعية السلطات السورية إلى الإفراج عن جميع المعتقلين الذين شاركوا
في تظاهرات بسبب آرائهم أو ما قاموا به لمصلحة الدفاع عن حقوق الإنسان،
لافتة إلى أن باريس تحضُّ الحكومة السورية على التعامل مع التطلعات التي
عبر عنها الشعب السورى بإجراء إصلاحات، داعية سوريا إلى تنفيذ التزاماتها
الدولية على صعيد حقوق الإنسان وحرية التعبير.
مطالب داخلية
المطالب
لم تكن خارجية فقط، بل جاءت من أطراف داخلية، وشملت الكثير، خاصة من جانب
وجهاء "درعا" الذين كانوا قد اجتمعوا مع وفد من حزب البعث الحاكم كان قد
زار المدينة، بهدف تهدئة النفوس، وتنفيس الاحتقان الموجود في الشارع، إلا
أن الوجهاء اشترطوا لتحقيق ذلك تنفيذ العديد من المطالب، التي شملت إقالة
محافظ درعا ورؤساء الأجهزة الأمنية فيها، والاعتذار من الشهداء وذويهم،
رافضين اتهامهم من قبل وسائل الإعلام المحلية بأنهم مندسُّون ومخرِّبون،
مشدِّدين على ضرورة محاسبة من أطلق الرصاص الحي على المتظاهرين، أو من أمر
بإطلاق الرصاص، ومحاسبة من كان سببًا في قتل الشباب أو جرحهم أو خنقهم
بكثافة الغازات المسيلة للدموع، وكان السبب في طمس مطالب الشباب السوري
بمحاربة الفساد والتسلط وتحسين الواقع المعيشي.
ولم تتوقف المطالب عند
ذلك الحد، حيث تضمنت مطالب الوجهاء، عدم ملاحقة المصابين أو ذويهم، عدم
اعتقال أي شخص خرج في المظاهرات السلمية، وأيضًا الإفراج الفوري عن أي شخص
تم اعتقاله إثر التظاهرات، والإفراج عن المعتقلين السياسيين قديمًا
وحديثًا، والإفراج عن طلاب الجامعة الذين تم اعتقالهم منذ فترة قريبة،
وكذلك السماح بعودة المهجرين المطلوبين لأسباب سياسية.
إدانات دولية للنظام السور
للمزيد الانتفاضة
السورية تتسع.. ونظام الأسد الابن يواصل سياسة التعتيم الإعلامي والسور
الحديدي وقمع الحريات بالاعتقالات.. واستخدام القوة المفرطة في التعامل مع
المحتجين src="http://www.alazma.com/site/images/stories/icons/videoicon.png">
وركزت مطالب الوجهاء على إلغاء قانون الطوارئ المقيد
للحريات العامة، وإلغاء الموافقات الأمنية التي تقيد حركة البيع والشراء
للأراضي والشقق السكنية والنشاط الاقتصادي العادي مهما كان، وفي الجانب
الاقتصادي والمعيشي تضمنت المطالب تخفيض الضرائب والرسوم التي أثقلت كاهل
السوريين، وتخفيض أسعار المحروقات والأغذية، واتخاذ الإجراءات المشددة
لمكافحة الفساد الإداري والمالي، وهدر الأموال العامة في مؤسسات الدولة، من
أعلى مستوى حتى أدناه، بما فيها سلكا القضاء والشرطة.
سياسة التعتيم الإعلامي
يحدث
هذا بينما تستمر سياسة دفن الرأس في الرمال الإعلامية التي يتبعها الإعلام
السوري، حيث التلفزيون والصحف السورية في تغطيتها الإعلامية للأحداث مكبلة
وتسير على قشر البيض، وهو ما دعا نشطاء كثيرون إلى تناول الحريات
الإعلامية والتعتيم، في سوريا، مشيرين إلى صعوبة العمل الإعلامي في هذه
الظروف، وزيف الصورة التي تنقلها وسائل الإعلام السورية، وحتى قناة الجزيرة
لم تحسم موقفها بمختلف برامجها مما يجري، حيث لم تفضح الوحشية ضد
المتظاهرين، متناقضة مع مواقفها السابقة خلال الثورات على النظام التونسي
والمصري والليبي حاليًّا.
سوريا.. المزيد من القمع تحت مظلَّة التعتيم الإعلامي
للمزيد الانتفاضة
السورية تتسع.. ونظام الأسد الابن يواصل سياسة التعتيم الإعلامي والسور
الحديدي وقمع الحريات بالاعتقالات.. واستخدام القوة المفرطة في التعامل مع
المحتجين src="http://www.alazma.com/site/images/stories/icons/videoicon.png">
بينما يتبنى البعض وجهة نظر مخالفة، مشيرين إلى أن حالة التعتيم
الإعلامي الذي فرضته السلطات السورية، أدت إلى ضعف تغطية القنوات العربية
للاضطرابات التي وقعت في سوريا، مؤكدين أنه وإن كانت تغطية القنوات العربية
لم تكن على قدر المسؤولية التي كانت عليها في تغطيتها لأحداث مصر وتونس
وليبيا والبحرين واليمن, إلا أن ذلك راجع لحالة التعتيم الإعلامي الذي
فرضته السلطات السورية على الأحداث، واعتقال عدد من الصحفيين والإعلاميين،
مما أدى إلى نقص المعلومات التي تصل من سوريا، حيث بدا واضحًا أن معظم
المواد الإخبارية التي تصل من هناك، مصدرها وكالة الأنباء السورية الرسمية
"سانا" أو مقاطع فيديو يقوم المتظاهرون بنشرها على اليوتيوب، أو معلومات
عبر فيسبوك، أو شهود عيان من داخل سوريا.
مناشدات للجزيرة
وعلى
سبيل المثال اعتمدت تغطية قناة "بي بي سي، والعربية، وفرانس 24" لأحداث
سوريا، على روايات شهود عيان وحقوقيين سوريين، وأيضًا مقاطع فيديو لأحداث
التظاهرات، وصفحات الفيسبوك والتويتر، ووضع شريط أخبار لما يرد من وكالات
الأنباء، كما قامت هذه القنوات الإخبارية بنقل المقابلات الصحفية مع
المسؤولين السوريين التي تقدمها القناة الفضائية السورية الرسمية، كما لوحظ
عدم وجود أي مراسلين صحفيين للقنوات الإخبارية الشهيرة داخل دمشق، أو في
أي محافظة سورية، وهو ما يفسر اكتفاء قناة الجزيرة بشريط أخبار من وكالات
الأنباء، ولم تقدم أي تغطية موسعة للأحداث.
وفي هذا السياق، كان قد طالب
عدد من النشطاء والإعلاميين قناة الجزيرة بتغطية أحداث سوريا بكل حيادية
وموضوعية، وعدم الارتباط بأجندة قطر كدولة، وذلك من خلال بيان قاموا بنشره
على الفيسبوك والتويتر، ودعوا كل المستخدمين إلى التوقيع عليه تحت عنوان
"إلى قناة الجزيرة من شباب الثورات العربية".
للمزيد الانتفاضة
السورية تتسع.. ونظام الأسد الابن يواصل سياسة التعتيم الإعلامي والسور
الحديدي وقمع الحريات بالاعتقالات.. واستخدام القوة المفرطة في التعامل مع
المحتجين src="http://www.alazma.com/site/images/stories/icons/videoicon.png">