كلما حاولت الكتابة عن أهمية جمعة الغضب الثانية .. عن خطايا المجلس
العسكري في إدارة البلاد .. عن محاولات سرقة التوكيل بإدارة المرحلة
الانتقالية وتحويله لتوكيل دائم وسرقة الثورة لصالح فئات خرجت الثورة ضدها
.. ضد تكريس الماضي والدفاع عن مصالح طبقة صنعها النظام السابق على حساب
مطالب شعب خرج طلبا للعدل والحرية تداهمني مئات الوقائع فلا أجد للكتابة
سبيلا .
هل أتوقف أمام محاكمات هزلية لقتلة الشهداء بينما المتهمون لا زالوا في
أماكنهم حيث يمكنهم العبث بالأدلة بل وأيضا الانتقام ممن وضعوهم في هذا
الموضع – يوم السفارة ليس بعيد – ..أم أتكلم عن كذبة القضاء على امن
الدولة والتي انتهت بتغيير الاسم وبقاء نفس السياسات والوجوه ونفس
الأساليب والإمكانات التي لم يطلعنا احد يوما ، كيف تم التعامل معها و لا
أين ذهبت ؟ بينما عاد من كانوا يتحكمون فيها إلى قواعدهم نفسها فهل من حقي
أن أخاف يوما ينقضون فيه على من هددوا مصالحهم .. أراه قريبا ويراه البعض
بعيدا؟ .
أم أتكلم عن سياسة اقتصادية تصر أن تسرق المطلب الأهم للثورة وهو
العدالة الاجتماعية بعد أن سعى القائمون على إدارة البلاد لوأد المطلب
الأهم وهو الحرية بتحالفات غريبة و بخوافات لإثارة الفزع .. الوقائع كثيرة
لا تبدأ بإعادة نفس السياسات من انتهاك حقوق المواطنين وتعذيبهم وقتلهم
وإرهابهم والحط من كرامتهم بعد أن دخل على الخط جهاز قمعي جديد محمي
بترسانة من القوانين هو الشرطة العسكرية ولا تنتهي عند فزاعات الخوف
وبالونات الاختبار التي لا يمل من يديرون أمورنا عن إثارتها ثم الهجوم على
الصحافة وتصويرها على أنها تثير الشائعات كبوابة للانقضاض يوما ما على
حريتها وبأيادي من داخلها تتحالف ضد حريتها وحريتنا .. والمثير إن المجلس
الموقر المتهم بتمرير هذه البالونات هو من حمى أصحاب الشائعات الكبيرة حتى
أن جريدة واحدة نشرت خبرا عن هروب مبارك 3 مرات ليتم تكذيبه 3 مرات متتالية
في مواعيد مدروسة وبدلا من إعادة النظر في القائمين على الجريدة – خاصة
أنها صحيفة قومية – يتم الإشادة بهم وحمايتهم.. إنها صورة لحملة تشكيك في
كل شيء وإعادة إنتاج لنفس السياسات القديمة في مواجهة أصحاب التوكيل
الحقيقيين تذكرنا بمحاولات نظار العزبة في الأفلام القديمة لسرقة ليس
الإيراد فقط بل وأصل المال والسيطرة على الأرض ليحل صاحبها ضيفا مكرما لكن
وقت الحساب يجد انه يعيش منة وكرما ممن وكله لإدارة حقه .
كنت كلما أهم بالكتابة تتدافع مشاهد التلاعب بالمطالب وبأصحابها وسرقة
الثورة من أيدي من فجروها فلا أتمكن من الكتابة .. تجد نفسك مزنوق في نفس
الخانات القديمة .. وكأن الناس قاموا بالثورة ليعيدوا إنتاج الماضي بشرعية
جديدة لكن المفارقة أن الشرعية ليست شرعية ثوار كما استندت إليها ثورة
يوليو بل شرعية حماة الثوار رغم إن الكثير من الوقائع حول طبيعة وشكل هذه
الحماية تحتاج للمراجعة ” وموقعة الجمل وما أثير حولها خير دليل ومن يرد
دليلا فليراجع تقرير لجنة تقصي الحقائق ” .
فجأة تجد بعض ممن كانوا معك على ارض الواقع يتكلمون نفس اللغة القديمة
التي سرقت من أعمارنا 30 عاما.. لغة الأقلية المأجورة أصحاب الأجندات أوحتى
الأقلية العبيطة الحالمة غير المقدرة للعواقب.. والأغلبية الصامتة حماة
الاستقرار .. لغة ترتيب الأولويات الفرخة الأول ولا البيضة .. الاستقرار أم
الحرية .. الأمن أم المطالب المشروعة ..المجلس العسكري أم السلفيين
والإخوان – رغم إن المجلس العسكري هو من أطلق السلفيين وحماهم وهو المتهم
بالتحالف مع الاخوان – .. صنع قواعد جديدة نبني بها وطن نحتمي به أم
مواجهة أزمة أكل العيش .. التي لم يجد عليها جديد غير فزاعات الانهيار
الاقتصادي وألاعيب السيطرة على المقدرات .
وينسى من يقولون ذلك أنه نفس المنطق القديم .. الاخوان ولا فساد مبارك
وظلمه .. نفس الانحيازات القديمة مع تغير المواقع .. الحقيقة أننا نريد
دولة عدل وحرية قائمة على أسس واضحة من العدالة يحصل الجميع فيها على
حقوقهم لأنهم مواطنون ويحتمي الجميع بها دون مخاوف من سيطرة فئة دون أخرى..
دولة أساسها القانون ويحمي أفرادها سيادته لا دولة تحتاج للحماية من فئة
بعينها طبقا لمصالحها ومصالح من تمثلهم .. دولة لا يحاكم فيها الثوار
والمواطنين العاديين أمام المحاكم العسكرية بينما يحاكم أباطرة الفساد
والقتل والتعذيب أمام المحاكم العادية .. نريد للجميع أن يمثلوا أمام
قاضيهم الطبيعي.. دولة يحرم الآلاف ممن دفعوا الثمن من حقهم في العلاج
بينما يتمتع القتلة والفاسدين بأعلى صور الرعاية .. دولة لا يقبع فيها
المنادون بالحقوق ولو اخطأوا في زنازين السجن الحربي بينما المتهمون
بقتلهم وتعذيبهم يديرون الأمور بل وينتقمون منهم .. دولة تحمي المحتاجين
قبل أن تحمي الكبار و أباطرة الفساد .. دولة تستجيب للمطالب الأساسية ولا
تؤجلها لسنوات بينما تتغاضى عن السرقة والنهب وتؤسس لسيطرة نفس الوجوه
القديمة.. دولة تسعى جاهدة لتحقيق أحلام مشروعة باجر عادل مقابل عدالة في
توزيع الأجور .
لخمس سنين وقف العمال والحالمون يطالبون بحد أدنى عادل للأجور وحد أقصى
.. فكيف نطلب ممن قاموا بثورة إن ينتظروا 5 سنوات جديدة لتحقيق مطالبهم
البسيطة – طبقا لتصريحات وزير المالية عضو لجنة سياسات جمال مبارك .. فهل
العدل صعب لهذه الدرجة .. وهل وصل بنا الأمر أن نحرم بشر من حقهم في الدفاع
عن مصالحهم بزعم مصالح عريضة لا نملك من أمرها شيء وهم يملكون .. هل
تحديد حد أقصى للأجور أزمة كبيرة .. وهل لنا أن نستسلم لإعادة إنتاج
أكاذيب الماضي عن الأزمة الاقتصادية والخروج من عنق الزجاجة و أوكلكم منين و
بلاد تجري لحافة الإفلاس رغم أن بين من يقولون بذلك محتكرون أوصلون لما
وصلنا إليه بفسادهم وصمتهم ..بل ومشاركون في قتل الحلم بل وقتل أصحابه أيضا
..
الأزمة الحقيقية هي إن الماضي الذي خرجنا ضده لا زال يرزح بكل ثقله
بينما يصر القابعون على قلوبنا على إعادة إنتاجه في التفاصيل التي ظننا
يوما أننا تجاوزناها يوم خروجنا .. يصرون على فرض الخوف والرعب على نفوس
تجاوزت مخاوفها .. يجدون في خلق آلهة جديدة بدلا من التي سقطت لحماية
مصالح أصبحت مهددة بحلم العدل والحرية.. خرجنا ضد التعذيب وبعد 3 شهور أصبح
التعذيب مشروعا فضرب الحبيب ” الشرطة العسكرية ” وصواعقه الكهربية أصبحت
زي أكل الزبيب بل ودليل على المحبة.. ” يعني هتفهم أكتر منهم.. أبوك وضربك
قلم .. دول خايفين على البلد ” ..بالمناسبة كان المدافعون عن مبارك يطرحونه
أبا وأخا وكان يحلم أن يكون روحا قدسا
..
كنا نقدر على ملاحقة من يعذبوننا ولو لم نحصل على حقوقنا ..الآن أصبح
المعذب محمي وأصبحت المطالبة بمحاسبته خروجا على الشرعية وتحول نيل الحق
ومطاردة ظلامك وجلادك من حلم إلى كابوس مرشح لان تدفع ثمنه .. خرجنا من
اجل المشاركة في بناء وطن فتحول نموذج المانح والمعطي والمعز هو النموذج
الأمثل.. كيف تحلم أن يكون لك رأي في صياغة مستقبل بلدك مش كفاية حميناكم..
وينسى من يقولون ذلك أن من حمى بلدا هو من خرج للدفاع عنها ضد ظلامها وليس
من سكت ورضي ثم في النهاية قرر ألا يرتكب جرما ؟
المسألة ليست في تكريس القواعد القديمة لكن في الانقضاض على المكاسب
البسيطة التي تم الحصول عليها و إعادة إنتاج وتدوير الماضي .. حل أمن
الدولة يصبح تغييرا للأسماء .. الصحافة تستبدل إله مسموح لك بنقده كنوع
من التنفيس بإله عصي على النقد ومحمي بترسانة قوانين ضد نقده .. نظام كابس
على قلب الوطن و يتعامل بمنطق انه لا يوجد من ينافسه فتدركه الغفلة
ليسقط.. بوحش يقظ يصارع من اجل السيطرة على خناق الجميع “.. وبقايا نظام
تسعى للتحالف مع صاحب السلطة الجديدة وكماشة تضيق على رقاب من دفعوا الثمن
.. إعادة إنتاج الخوافات القديمة لكن بشكل أكثر عمقا يستفيد من أخطاء
الماضي وجراح الحاضر لنجد تحالفات تضعك أمام مستقبل مظلم لا يتم التراجع
عنها إلا تحت ضغط.. وشيئا فشيئا تتغير القواعد ونعود لنجد كلمة الذين
حكموا هي العليا وكلمة من حلموا للغد ودفعوا الثمن هي الدنيا .
وتعود من جديد خوافة الاستقرار و فزاعة الأمن ورعب الجوع و وحش
السلفيين وكأن الهدف أن نعود لنقف في الميدان ليس للدفاع عن حقوقنا ولكن
لنقول أنا اللي جبت دا كله لنفسي .. ثم نرمي حمولنا على المجلس العسكري
الذي يعلم ما لا نعلم ويحيط بكل شيء علما ونحن لا نعلم – جهال لا ندرك
المخاطر التي تحدق بنا – أن نستكين للدعة ونعود للبيوت نستجدي المنحة بدلا
من أن نقف لنقول لا سنبني مستقبلنا .. أن نتحول من طرف يحلم ويشارك إلى
طلب يتلق المنح والعطايا ويقبل أيدي من منحوه إلا نحلم بيوم نكون فيه شركاء
فكفانا أنهم يحملون عنا عبء العلم والحلم.
الجميع يدركون إن شعب صنع ثورة وأحس بذاته هو الخطر الحقيقي ولذلك
فبداية الحفاظ على ما تبقى من نظام قديم هو قتل روح الثورة داخله تحييده
وبعدها تعيد إنتاج ما فات بقليل من التجميل المظهري أما الأسس فتظل كما هي
.. ومع مرور الزمن تعود ريما اشد توحشا فقد استفادت من أخطائها بينما نحن
نغرق في بحر مخاوفنا .
صباح اليوم فاجئني بائع الجرائد إيه أخبار الجمعة الجاية يا أستاذ خالد
قلت له ما تقلقش كنت أظنه كعادته خائف على أكل عيشه لكنه بادرني بالقول ما
اقلقش ازاي الناس كلها قلقانة كل القرارات تخلى الواحد مش مطمن لازم الناس
تنزل .. أعود لمكتبي لأجد رسالة من صديق كان معي في الميدان تحدثني عن
مخاطر الخروج الآن وأولويات المطالب وترتيبها والقلة الصامتة ..نسى صديقي
العزيز أننا منذ خرجنا ودعونا للخروج كنا قلة و الآخرون أغلبية صامتة .. و
أننا ليلة واقعة الجمل كنا أقلية الأقلية والكل أغلبية ساخطة علينا.. وان
من هاجموا امن الدولة كانوا أقلية بينما الأغلبية خائفة .. لا أقول إننا
على حق وهم على باطل بل أقول إن من حقنا أن نحلم لبلدنا بطريقتنا وندافع عن
حلم لم يكتمل ونراه أصبح مهددا بصمتنا وخوف البعض دون أن يسفه أحلامنا
الآخرون أو يؤسسون للنيل من حريتنا.. من حقنا أن نحلم بان نكون شركاء في
بناء وطننا ولو دفعنا الثمن بدلا من الجلوس لتلقي عطايا تجود بها أيدي من
يحكمون ،أن نحلم ببناء وطن مختلف بعيد عن خوف يؤسس لعودة ماض كريه .. فهل
نتجاوز حينما نريد المشاركة في بناء قواعد لعبة المستقبل أم أن علينا
الانتظار حتى يمن علينا وكلاءنا بعطاياهم رغم أننا أصحاب الحق وهم مجرد
وكلاء عنا لإدارة مصالحنا .. من حقنا أن نعلن أننا قادرون على سحب التوكيل
في أي وقت وأننا لا نسمح بان نصحو يوما لنجد الوكلاء قائمون على حقوقنا
بينما نعود نحن لاستجداء العطايا .. من اجل كل ذلك.. وحتى لا يأتي يوما
نعيد فيه إنتاج مبارك بقناع جديد .. وحتى لا نعيد إنتاج ماض كريه و لو
بتعديل في الشكل سأخرج يوم 27 مايو
العسكري في إدارة البلاد .. عن محاولات سرقة التوكيل بإدارة المرحلة
الانتقالية وتحويله لتوكيل دائم وسرقة الثورة لصالح فئات خرجت الثورة ضدها
.. ضد تكريس الماضي والدفاع عن مصالح طبقة صنعها النظام السابق على حساب
مطالب شعب خرج طلبا للعدل والحرية تداهمني مئات الوقائع فلا أجد للكتابة
سبيلا .
هل أتوقف أمام محاكمات هزلية لقتلة الشهداء بينما المتهمون لا زالوا في
أماكنهم حيث يمكنهم العبث بالأدلة بل وأيضا الانتقام ممن وضعوهم في هذا
الموضع – يوم السفارة ليس بعيد – ..أم أتكلم عن كذبة القضاء على امن
الدولة والتي انتهت بتغيير الاسم وبقاء نفس السياسات والوجوه ونفس
الأساليب والإمكانات التي لم يطلعنا احد يوما ، كيف تم التعامل معها و لا
أين ذهبت ؟ بينما عاد من كانوا يتحكمون فيها إلى قواعدهم نفسها فهل من حقي
أن أخاف يوما ينقضون فيه على من هددوا مصالحهم .. أراه قريبا ويراه البعض
بعيدا؟ .
أم أتكلم عن سياسة اقتصادية تصر أن تسرق المطلب الأهم للثورة وهو
العدالة الاجتماعية بعد أن سعى القائمون على إدارة البلاد لوأد المطلب
الأهم وهو الحرية بتحالفات غريبة و بخوافات لإثارة الفزع .. الوقائع كثيرة
لا تبدأ بإعادة نفس السياسات من انتهاك حقوق المواطنين وتعذيبهم وقتلهم
وإرهابهم والحط من كرامتهم بعد أن دخل على الخط جهاز قمعي جديد محمي
بترسانة من القوانين هو الشرطة العسكرية ولا تنتهي عند فزاعات الخوف
وبالونات الاختبار التي لا يمل من يديرون أمورنا عن إثارتها ثم الهجوم على
الصحافة وتصويرها على أنها تثير الشائعات كبوابة للانقضاض يوما ما على
حريتها وبأيادي من داخلها تتحالف ضد حريتها وحريتنا .. والمثير إن المجلس
الموقر المتهم بتمرير هذه البالونات هو من حمى أصحاب الشائعات الكبيرة حتى
أن جريدة واحدة نشرت خبرا عن هروب مبارك 3 مرات ليتم تكذيبه 3 مرات متتالية
في مواعيد مدروسة وبدلا من إعادة النظر في القائمين على الجريدة – خاصة
أنها صحيفة قومية – يتم الإشادة بهم وحمايتهم.. إنها صورة لحملة تشكيك في
كل شيء وإعادة إنتاج لنفس السياسات القديمة في مواجهة أصحاب التوكيل
الحقيقيين تذكرنا بمحاولات نظار العزبة في الأفلام القديمة لسرقة ليس
الإيراد فقط بل وأصل المال والسيطرة على الأرض ليحل صاحبها ضيفا مكرما لكن
وقت الحساب يجد انه يعيش منة وكرما ممن وكله لإدارة حقه .
كنت كلما أهم بالكتابة تتدافع مشاهد التلاعب بالمطالب وبأصحابها وسرقة
الثورة من أيدي من فجروها فلا أتمكن من الكتابة .. تجد نفسك مزنوق في نفس
الخانات القديمة .. وكأن الناس قاموا بالثورة ليعيدوا إنتاج الماضي بشرعية
جديدة لكن المفارقة أن الشرعية ليست شرعية ثوار كما استندت إليها ثورة
يوليو بل شرعية حماة الثوار رغم إن الكثير من الوقائع حول طبيعة وشكل هذه
الحماية تحتاج للمراجعة ” وموقعة الجمل وما أثير حولها خير دليل ومن يرد
دليلا فليراجع تقرير لجنة تقصي الحقائق ” .
فجأة تجد بعض ممن كانوا معك على ارض الواقع يتكلمون نفس اللغة القديمة
التي سرقت من أعمارنا 30 عاما.. لغة الأقلية المأجورة أصحاب الأجندات أوحتى
الأقلية العبيطة الحالمة غير المقدرة للعواقب.. والأغلبية الصامتة حماة
الاستقرار .. لغة ترتيب الأولويات الفرخة الأول ولا البيضة .. الاستقرار أم
الحرية .. الأمن أم المطالب المشروعة ..المجلس العسكري أم السلفيين
والإخوان – رغم إن المجلس العسكري هو من أطلق السلفيين وحماهم وهو المتهم
بالتحالف مع الاخوان – .. صنع قواعد جديدة نبني بها وطن نحتمي به أم
مواجهة أزمة أكل العيش .. التي لم يجد عليها جديد غير فزاعات الانهيار
الاقتصادي وألاعيب السيطرة على المقدرات .
وينسى من يقولون ذلك أنه نفس المنطق القديم .. الاخوان ولا فساد مبارك
وظلمه .. نفس الانحيازات القديمة مع تغير المواقع .. الحقيقة أننا نريد
دولة عدل وحرية قائمة على أسس واضحة من العدالة يحصل الجميع فيها على
حقوقهم لأنهم مواطنون ويحتمي الجميع بها دون مخاوف من سيطرة فئة دون أخرى..
دولة أساسها القانون ويحمي أفرادها سيادته لا دولة تحتاج للحماية من فئة
بعينها طبقا لمصالحها ومصالح من تمثلهم .. دولة لا يحاكم فيها الثوار
والمواطنين العاديين أمام المحاكم العسكرية بينما يحاكم أباطرة الفساد
والقتل والتعذيب أمام المحاكم العادية .. نريد للجميع أن يمثلوا أمام
قاضيهم الطبيعي.. دولة يحرم الآلاف ممن دفعوا الثمن من حقهم في العلاج
بينما يتمتع القتلة والفاسدين بأعلى صور الرعاية .. دولة لا يقبع فيها
المنادون بالحقوق ولو اخطأوا في زنازين السجن الحربي بينما المتهمون
بقتلهم وتعذيبهم يديرون الأمور بل وينتقمون منهم .. دولة تحمي المحتاجين
قبل أن تحمي الكبار و أباطرة الفساد .. دولة تستجيب للمطالب الأساسية ولا
تؤجلها لسنوات بينما تتغاضى عن السرقة والنهب وتؤسس لسيطرة نفس الوجوه
القديمة.. دولة تسعى جاهدة لتحقيق أحلام مشروعة باجر عادل مقابل عدالة في
توزيع الأجور .
لخمس سنين وقف العمال والحالمون يطالبون بحد أدنى عادل للأجور وحد أقصى
.. فكيف نطلب ممن قاموا بثورة إن ينتظروا 5 سنوات جديدة لتحقيق مطالبهم
البسيطة – طبقا لتصريحات وزير المالية عضو لجنة سياسات جمال مبارك .. فهل
العدل صعب لهذه الدرجة .. وهل وصل بنا الأمر أن نحرم بشر من حقهم في الدفاع
عن مصالحهم بزعم مصالح عريضة لا نملك من أمرها شيء وهم يملكون .. هل
تحديد حد أقصى للأجور أزمة كبيرة .. وهل لنا أن نستسلم لإعادة إنتاج
أكاذيب الماضي عن الأزمة الاقتصادية والخروج من عنق الزجاجة و أوكلكم منين و
بلاد تجري لحافة الإفلاس رغم أن بين من يقولون بذلك محتكرون أوصلون لما
وصلنا إليه بفسادهم وصمتهم ..بل ومشاركون في قتل الحلم بل وقتل أصحابه أيضا
..
الأزمة الحقيقية هي إن الماضي الذي خرجنا ضده لا زال يرزح بكل ثقله
بينما يصر القابعون على قلوبنا على إعادة إنتاجه في التفاصيل التي ظننا
يوما أننا تجاوزناها يوم خروجنا .. يصرون على فرض الخوف والرعب على نفوس
تجاوزت مخاوفها .. يجدون في خلق آلهة جديدة بدلا من التي سقطت لحماية
مصالح أصبحت مهددة بحلم العدل والحرية.. خرجنا ضد التعذيب وبعد 3 شهور أصبح
التعذيب مشروعا فضرب الحبيب ” الشرطة العسكرية ” وصواعقه الكهربية أصبحت
زي أكل الزبيب بل ودليل على المحبة.. ” يعني هتفهم أكتر منهم.. أبوك وضربك
قلم .. دول خايفين على البلد ” ..بالمناسبة كان المدافعون عن مبارك يطرحونه
أبا وأخا وكان يحلم أن يكون روحا قدسا
..
كنا نقدر على ملاحقة من يعذبوننا ولو لم نحصل على حقوقنا ..الآن أصبح
المعذب محمي وأصبحت المطالبة بمحاسبته خروجا على الشرعية وتحول نيل الحق
ومطاردة ظلامك وجلادك من حلم إلى كابوس مرشح لان تدفع ثمنه .. خرجنا من
اجل المشاركة في بناء وطن فتحول نموذج المانح والمعطي والمعز هو النموذج
الأمثل.. كيف تحلم أن يكون لك رأي في صياغة مستقبل بلدك مش كفاية حميناكم..
وينسى من يقولون ذلك أن من حمى بلدا هو من خرج للدفاع عنها ضد ظلامها وليس
من سكت ورضي ثم في النهاية قرر ألا يرتكب جرما ؟
المسألة ليست في تكريس القواعد القديمة لكن في الانقضاض على المكاسب
البسيطة التي تم الحصول عليها و إعادة إنتاج وتدوير الماضي .. حل أمن
الدولة يصبح تغييرا للأسماء .. الصحافة تستبدل إله مسموح لك بنقده كنوع
من التنفيس بإله عصي على النقد ومحمي بترسانة قوانين ضد نقده .. نظام كابس
على قلب الوطن و يتعامل بمنطق انه لا يوجد من ينافسه فتدركه الغفلة
ليسقط.. بوحش يقظ يصارع من اجل السيطرة على خناق الجميع “.. وبقايا نظام
تسعى للتحالف مع صاحب السلطة الجديدة وكماشة تضيق على رقاب من دفعوا الثمن
.. إعادة إنتاج الخوافات القديمة لكن بشكل أكثر عمقا يستفيد من أخطاء
الماضي وجراح الحاضر لنجد تحالفات تضعك أمام مستقبل مظلم لا يتم التراجع
عنها إلا تحت ضغط.. وشيئا فشيئا تتغير القواعد ونعود لنجد كلمة الذين
حكموا هي العليا وكلمة من حلموا للغد ودفعوا الثمن هي الدنيا .
وتعود من جديد خوافة الاستقرار و فزاعة الأمن ورعب الجوع و وحش
السلفيين وكأن الهدف أن نعود لنقف في الميدان ليس للدفاع عن حقوقنا ولكن
لنقول أنا اللي جبت دا كله لنفسي .. ثم نرمي حمولنا على المجلس العسكري
الذي يعلم ما لا نعلم ويحيط بكل شيء علما ونحن لا نعلم – جهال لا ندرك
المخاطر التي تحدق بنا – أن نستكين للدعة ونعود للبيوت نستجدي المنحة بدلا
من أن نقف لنقول لا سنبني مستقبلنا .. أن نتحول من طرف يحلم ويشارك إلى
طلب يتلق المنح والعطايا ويقبل أيدي من منحوه إلا نحلم بيوم نكون فيه شركاء
فكفانا أنهم يحملون عنا عبء العلم والحلم.
الجميع يدركون إن شعب صنع ثورة وأحس بذاته هو الخطر الحقيقي ولذلك
فبداية الحفاظ على ما تبقى من نظام قديم هو قتل روح الثورة داخله تحييده
وبعدها تعيد إنتاج ما فات بقليل من التجميل المظهري أما الأسس فتظل كما هي
.. ومع مرور الزمن تعود ريما اشد توحشا فقد استفادت من أخطائها بينما نحن
نغرق في بحر مخاوفنا .
صباح اليوم فاجئني بائع الجرائد إيه أخبار الجمعة الجاية يا أستاذ خالد
قلت له ما تقلقش كنت أظنه كعادته خائف على أكل عيشه لكنه بادرني بالقول ما
اقلقش ازاي الناس كلها قلقانة كل القرارات تخلى الواحد مش مطمن لازم الناس
تنزل .. أعود لمكتبي لأجد رسالة من صديق كان معي في الميدان تحدثني عن
مخاطر الخروج الآن وأولويات المطالب وترتيبها والقلة الصامتة ..نسى صديقي
العزيز أننا منذ خرجنا ودعونا للخروج كنا قلة و الآخرون أغلبية صامتة .. و
أننا ليلة واقعة الجمل كنا أقلية الأقلية والكل أغلبية ساخطة علينا.. وان
من هاجموا امن الدولة كانوا أقلية بينما الأغلبية خائفة .. لا أقول إننا
على حق وهم على باطل بل أقول إن من حقنا أن نحلم لبلدنا بطريقتنا وندافع عن
حلم لم يكتمل ونراه أصبح مهددا بصمتنا وخوف البعض دون أن يسفه أحلامنا
الآخرون أو يؤسسون للنيل من حريتنا.. من حقنا أن نحلم بان نكون شركاء في
بناء وطننا ولو دفعنا الثمن بدلا من الجلوس لتلقي عطايا تجود بها أيدي من
يحكمون ،أن نحلم ببناء وطن مختلف بعيد عن خوف يؤسس لعودة ماض كريه .. فهل
نتجاوز حينما نريد المشاركة في بناء قواعد لعبة المستقبل أم أن علينا
الانتظار حتى يمن علينا وكلاءنا بعطاياهم رغم أننا أصحاب الحق وهم مجرد
وكلاء عنا لإدارة مصالحنا .. من حقنا أن نعلن أننا قادرون على سحب التوكيل
في أي وقت وأننا لا نسمح بان نصحو يوما لنجد الوكلاء قائمون على حقوقنا
بينما نعود نحن لاستجداء العطايا .. من اجل كل ذلك.. وحتى لا يأتي يوما
نعيد فيه إنتاج مبارك بقناع جديد .. وحتى لا نعيد إنتاج ماض كريه و لو
بتعديل في الشكل سأخرج يوم 27 مايو