من طرف Admin الأربعاء 8 أبريل 2015 - 18:33
يحتفل المسيحيون كل عام بعيد القيامة، والأسبوع السابق عليه يسمي أسبوع الآلام الذى يبدأ ( بأحد السعف) وينتهى ( بأحد القيامة)، وفيه يتذكر المسيحيون الآلام التى لاقاها السيد المسيح، ويتعايشون معها يوماً بيوم، ويتلون فيها قراءات خاصة، وتصطبغ صلواتهم بألحان حزينة، وتتبدل ليلة أحد القيامة بأنغام الفرح والسعادة.
وسمى بأسبوع الآلام منذ حوالى 1600 سنة وقبل هذا التاريخ كان يسمى الأسبوع العظيم.
وتتشح خلاله الكنيسة بالستور السوداء بعد انتهاء صلوات قداس أحد السعف، وترفع هذه الستور قبل صلاة ليلة عيد القيامة وتبدل بالستور البيضاء وأعلام القيامة. وكان المؤمنون والأولون يبلغون درجة قصوى من التقشف حتى أنهم كانوا يصومون من ليلة الجمعة حتى صباح عيد الفصح بلا طعام ولا شراب، وفى بعض القرى يمتنع الأقباط عن أكل الأشياء الحلوة المذاق، وتمتنع النساء عن الزينة فى هذا الأسبوع، ويلبسن الأسود، ولايصنعن مخبوزات العيد إلا بقدوم هذا الأسبوع.
وخلاله يكثر الذهاب إلى الكنيسة حيث يقضى المسيحيون أوقاتاً طويلة فى الصلاة تختلف عن الأيام المعتادة.
وفى بعض القرى ــ (قرية أولاد على_سوهاج) ــ يطلقون على كل يوم من أيام أسبوع الآلام اسماً خاصاً به يميزه عن بقية أيام السنة:
الأحد.. (حد السعف)
الاثنين.. (اثنين الإشارة) أى أن اليهود أشاروا بأيديهم على السيد المسيح كى يصلب.
الثلاثاء .. (التلات بل النبات) وفيه تستنبت حبوب مثل الفول الذى يؤكل ( نابت ) فى الجمعة العظيمة
الأربعاء .. (أربع أيوب)
الخميس .. (خميس العهد)
الجمعة .. (الجمعة العظيمة)
السبت .. (سبت النور)
الأحد .. (حد العيد)
وتقريباً لا توجد احتفالات شعبية فى هذين اليومين بل يكثر تواجد الأقباط فى الكنيسة، يقضون أوقاتاً طويلة فى الصلاة والخشوع كبقية أيام أسبوع الآلام.
ويبدو أن عادة استنبات البذور مصرية قديمة فقد عثر الأثريون ضمن المعدات الجنائزية على ما يسمى (الأوزيريات النابتة) وهى عبارة عن إطارات من الخشب على شكل أوزوريس »محنطاً« وبداخلها كيس من القماش الخشن كان يملأ هذا الكيس بخليط من الشعير والرمل يسقى بانتظام لمدة عدة أيام فكان ينبت الشعير وينمو كثيفاً وقوياً، وعندما يصل طوله حوالى إثنى عشر أو خمسة عشر سنتيمتراً كان يجفف ثم تلف الأعواد بما فيها، فى قطعة من القماش. وكانوا يأملون بهذا العمل حث المتوفى على العودة للحياة .
أربعاء أيوب
وتتذكر الكنيسة فى هذا اليوم تشاور يهوذا مع اليهود لتسليمهم السيد المسيح، حيث بدأ الكتبة والفريسيون يتشاورون عليه ليهلكوه، وذهاب يهوذا إلى رؤساء الكهنة وقال لهم ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم؟ فجعلوا له ثلاثين من الفضة. ويسمى هذا اليوم ( أربعة أيوب ) نسبة إلى المعتقد الشعبى أن النبى أيوب شفى فى هذا اليوم من أمراضه باغتساله ودعك جسمه بنبات يسمى ( رعرع) وبالتالى سمي (رعرع أيوب) وفى بعض مناطق البحث يسمى نبات الغبيرة وهو ينمو بجانب حشائش الحلف. وفى هذا اليوم يذهب البعض إلى النيل أو أى مجرى مائى للاستحمام فيه، أو يستحمون فى منازلهم مستخدمين نبات الغبيرة كما فعل أيوب وشفى يفعلون هم طلبا للشفاء أو الوقاية.
وهذه الطقوس شاعت وانتشرت شعبيا لأن الماء أحد العناصر الشهيرة، كرمز للطهارة والنظافة والبداية والميلاد الجديد، وأيضا رمز الحياة والنبات بما فيه من خضرة. ويرمز إلى الخير والنماء والخصوبة المتجددة، والثقافة الشعبية تولي هذه الرموز أهمية كبري. وهناك رأى آخر فى تسمية هذا اليوم ( بأربعاء أيوب ) لأن قصة أيوب تقرأ فى الكنيسة ويربط بينه وبين المسيح.
أكل الفريك
وهناك عادة شعبية فى هذا اليوم هى أكل الفريك، والفريك هو القمح قبل نضجه تماما ويكون لونه أخضرا، وأيام أربعاء أيوب تتزامن مع موسم الفريك، ويتم طهيه مع الطماطم (التقلية) ليؤكل فى هذا اليوم.
عروس القمح
وفى هذا اليوم أيضا يتم عمل عروسة القمح وتشكل من سنابل القمح فى وضع رأسى وأفقى، لتمثل دمية برأس ويدين، وتعلق على واجهات المنازل فى القرى، إلى أن يتم استبدالها فى العام التالى بعروسة جديدة وتعتبر عروسة القمح رمزا للخير والخصوبة والبركة. وكان من عادة المصريين القدماء تقديم باكورات محاصيلهم إلى الآلهة حيث كان مُلَّاك الأراضى يقدمون للمعبود الثعبان«رنونت« عند الحصاد حزما من القمح مع دواجن وخيار وبطيخ. وفى أسيوط كان كل شريك فى الزراعة يقدم للمعبود المحلى«واوت« بشائر محصوله، وكان الملك نفسه يقدم حزمة من القمح للمعبود »مين« إله الخصوبة أمام حشد كبير من الأهالى يقام فى حفل فى الشهر الأول من موسم »شمو«.
خميس العهد
فى هذا اليوم تتذكر الكنيسة العشاء الأخير للسيد المسيح مع تلاميذه، فى اليوم نفسه الذي خانه فيه يهوذا، وسلَّمه لليهود ليصلبوه.
الاحتفال بخميس العهد :
فى خمسينات القرن الماضى كنا نرى البعض فى »أخميم« يأتون برجل فقير من الجماعة الشعبية، ليقوم بدور يهوذا ويلبسونه ملابس قديمة ممزقة، ويزفونه بداية من فناء الكنيسة، ويخرجونه إلى الحارة المجاورة ويقوم الشباب والأطفال والرجال بسبِّه، ولعنه، ويصل الأمر إلى حد ضربه فى صورة تمثيلية، ويمسكون قطع الفخار المهشمة (الشقف) ويطرقونها ببعضها أو فوق الصفيح وهم يصيحون على يهوذا.
(يوادس..... يوادس ( يهوذا )
متعوس موكوس من دون الناس
باع سيده بتلاتين من الفضة
صاروا نحاس
وفى هذا اليوم تسود عادة عدم التقبيل أو التصافح باليد حتى لا يشتركوا مع يهوذا فى خيانة السيد المسيح. وكانت الدولة الفاطمية تضرب فى هذا اليوم خمسمائة دينار، وتعمل خراريب ودنانير من أعلى عيار، حيث تفرق على أهل الدولة كل منهم برسوم مقررة. ويذكر المقريزى أن :«النصارى فى هذا اليوم كانوا يهادون بعضهم، ويهادون إخوانهم المسلمين أنواع السمك المنوع مع العدس المصفى والبيض الملون«.
الجمعة العظيمة
وتتذكر الكنيسة فى هذا اليوم ما فعله اليهود بالسيد المسيح وصلبه. وتعيش الكنيسة هذه الأيام لحظة بلحظة وفى هذا اليوم تطول الصلوات، ثم يدخلون إلى الهيكل ويحيطون صورة ( السيد المسيح المصلوب ) بالورد ويلفونها بالستور ثم يدفونها فى الهيكل. ويسمى بالجمعة العظيمة أو الكبيرة أو الحزينة.
وأثناء خروج الناس من الكنيسة يرشف البعض قطرات من الخل من زجاجات معهم ويعطون الآخرين مثلما فعل السيد المسيح. واعتاد الأقباط فى هذا اليوم تناول الفول النابت، ويعد الوجبة الرئيسية بعد الصيام الانقطاعى من الليلة السابقة الذى يصل إلى تسعة عشر ساعة إضافة امأكولات أخرى مثل (الزلابية) وورق العنب والطعمية والسلطة الخضراء.
سبت النور
اليوم السابق على عيد القيامة يسمى (سبت النور)، لأن نورا خارقا للعادة يظهر فى هذا اليوم عند القبر المقدس الذى دفن فيه السيد المسيح ويخبرنا المقريزى أن سبت النور وهو قبل الفصح بيوم، ويزعمون أن النور يظهر على قبر المسيح بزعمهم فى هذا اليوم بكنيسة القيامة من القدس. فتشعل المصابيح الكنيسة كلها.
وتحرص بعض القرى على تكحيل النساء، وفى الجيل الماضى كان الرجال والنساء يحرصون على تكحيل عيونهم فى ذلك اليوم. وكان حجاج بيت المقدس يحرصون على هذه العادة لاعتقادهم أن فيها حماية لعيونهم من قوة النور الخارقة الذى يظهر فى هذا اليوم عند القبر المقدس بأورشليم.
ليلة عيد القيامة
تعد ليلة العيد من أهم مظاهر الاحتفال، ولدى الأقباط تعتبر ليلة العيد هى العيد نفسه، وفى هذه الليلة تكون الكنيسة فى أعلى زينتها وتعلق الستائر البيضاء وأعلام القيامة، ويذهبون إلى الكنيسة بالملابس الجديدة.