من يوميات طبيب
كان المشهد كالتالى ...
طفلة
صغيرة فى الخامسة من العمر مصابة بتمزق فى الحجاب الحاجز من جراء وقوعها
من ارتفاع عال و قد انسد الوريد الوحيد لها و مضى على موعد تفيذ العلاج
أكثر من ثلاث ساعات لعدم استطاعة الممرضات ايجاد وريد آخر.
كانت
الطفلة متألمة من كثرة وغزها بالإير ناهيك عن آلام الحادثة و الجراحة
فأخذت تصرخ و تبكى و تركل كل من يقترب منها ... و أخذت تنادى والدها
الواقف على بعد متران منا ولكنه لم يقترب منا .
فتجمع
الاطباء و التمريض حولها... وامسكت ممرضتان بارجلها و طبيبان كلا بذراع من
أذرعها حتى لا تتحرك ليتمكن الطيبيب الثالث من تركيب سن وريد جيد فى
رقبتها.
الطفلة كانت مرعوبة مما يحدث فوالدها واقف على بعد متر منها و لا يريد أن يأتى لنجدتها من هؤلاء الوحوش – كما
تراهم هى – فأخذت تصرخ إليه و تتوسل إليه " الحقنى يا بابا " , " سايبنى
ليه يا بابا " , " انت مابقتش تحبنى خلاص ولا إيه؟!! " و الوالد ينظر
إليها و لم يقترب !!
فنظرت أنا إلى الوالد فى هذه اللحظة فوجته يدير ظهره لطفلته ... فتعجبت !!
لكن
سرعان ما فهمت... فقد أدار ظهره ليترك لدموعه فرصة للتنفيس عن الألم الذى
فى داخله ثم استدار ثانية و خطى نحوها خطوتين فهدأت الطفلة للحظات لكن
سرعان ما عادت للصراخ بقوة أكثر إذ اكتشفت ان ابيها لم يأت ليخلصها من
ايديهم و إنما ليمسكها معهم !!!
و ما أن انتهى الطبيب من مهمته هرع الوالد نحو ابنته و ضمها إلى صدره و أخذ يُبقلها و يعتذر لها عما حدث...
فتشبست
فيه الطفلة و هى تبكى... و أخذت تضربه بيدها الصغيرة على صدره كتعبير عن
غضبها و باليد الأخرى أمسكت فى رقبته حتى لا يتركها ثانيا !!
هذه
الطفلة بلغت من العمر ما يكفى لأن تتذكر هذه الحادثة المؤلمة طوال
حياتها... ذالك اليوم الذى تخلى عنها أبيها ليتركها تتعذب على أيدى
الغرباء – على حسب تصورها.
و
لكنها لم تبلغ بعد من العمر الذى يسمح لها أن تفهم أن والدها لم يتخل عنها
و إنما تركها فى ايديهم من فرط حبه لها و خوفه عليها فقد تركها و الألم
يعتصره أكثر منها ربما.
تلك الطفلة بحاجة ربما لعشر أو خمسة عشر سنة لتفهم حقيقة ما حدث فى ذلك اليوم
و إذا تأملنا فى هذه القصة نكتشف أن هذه هى الطريقة التى يتعامل بها الله معنا
فقبل أن يتركنا الله لنشعر بالألم , يجب أن نتذكر أنه " لم يُشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين " ( رو 32:8 )
كثيرا ما نشعر أن الله تخلى عنا فى ضيقاتنا , كما شعرت تلك الطفلة
لأننا لا نفرق دائما بين ترك الله و سماح الله
الله لا يتركنا فى الضيقة و لكنه يسمح بها لمصلحتنا
قد لا نفهم ذلك فى حينه " لست تعلم أنت الآن ما أنا اصنع و لكنك ستفهم فيما بعد " ( يو 7:13 )
لقد سمح الله أن يُلقى دانيال النبى فى جب الأسود ... و فى نفس الوقت لم يسمح مطلقا للأسود أن تؤذيه فقد " أرسل ملاكه و سد افواه الأسود " ( دا 22:6 )
و سمح بإلقاء الفتية الثلاثة فى آتون النار... و لكن " لم تكن للنار قوة على أجسامهم. و شعرة من رؤسهم لم تحترق... " ( دا 27:3 )
الله لا يمنع النار عن أولاده... و لكنه يمنعها من أن تحرقهم
وكما بكى هذا الأب من أجل طفلته وهو يتركها فى يد الأطباء هكذا أيضا يفعل الله
فقد " بكى يسوع" ( يو 35:11 ) على موت لعازر
بكى ليشاركنا أحزاننا
بكى يسوع على لعازر و اقامه من الموت ... و بكى على أورشليم و بذل ذاته عنها و عنا
فهو القائل " من يضعف و أنا لا أضعف من يعثر و أنا لا ألتهب " ( 2كو 29:11 )
وكما أحتضن الأب طفلته بعد تألمها هكذا أيضا أبينا السماوى
سيمسح دموعنا بيديه المملؤتين حنانا " هوذا مسكن الله مع الناس , و هو يسكن معهم.... و سيمسح كل دمعة من عيونهم " ( رؤ 3:21 , 4 )
و سيضمنا إلى صدره كما فعل هذا الأب " على الأيدى تُحملون وعلى الركبتين تُدللون. كإنسان تعزيه أمه هكذا أعزيكم أنا " ( إش 12:66 )
إن الألم هو وسيلة الله لتنقية أحبائه و تزكيتهم ف "مهما نابك فاقبله و كن صابرا على صروف اتضاعك.فإن الذهب يمحص فى النار " ( بن سيراخ 4:2-6 )
و " الذين يتألمون بحسب مشيئة الله فليستودعوا أنفسهم كما لخالق أمين فى عمل البر " ( 1بط 19:4 )
" لانه هو يجرح و يعصب يسحق و يداه تشفيان " (اي 5 : 18)
كان المشهد كالتالى ...
طفلة
صغيرة فى الخامسة من العمر مصابة بتمزق فى الحجاب الحاجز من جراء وقوعها
من ارتفاع عال و قد انسد الوريد الوحيد لها و مضى على موعد تفيذ العلاج
أكثر من ثلاث ساعات لعدم استطاعة الممرضات ايجاد وريد آخر.
كانت
الطفلة متألمة من كثرة وغزها بالإير ناهيك عن آلام الحادثة و الجراحة
فأخذت تصرخ و تبكى و تركل كل من يقترب منها ... و أخذت تنادى والدها
الواقف على بعد متران منا ولكنه لم يقترب منا .
فتجمع
الاطباء و التمريض حولها... وامسكت ممرضتان بارجلها و طبيبان كلا بذراع من
أذرعها حتى لا تتحرك ليتمكن الطيبيب الثالث من تركيب سن وريد جيد فى
رقبتها.
الطفلة كانت مرعوبة مما يحدث فوالدها واقف على بعد متر منها و لا يريد أن يأتى لنجدتها من هؤلاء الوحوش – كما
تراهم هى – فأخذت تصرخ إليه و تتوسل إليه " الحقنى يا بابا " , " سايبنى
ليه يا بابا " , " انت مابقتش تحبنى خلاص ولا إيه؟!! " و الوالد ينظر
إليها و لم يقترب !!
فنظرت أنا إلى الوالد فى هذه اللحظة فوجته يدير ظهره لطفلته ... فتعجبت !!
لكن
سرعان ما فهمت... فقد أدار ظهره ليترك لدموعه فرصة للتنفيس عن الألم الذى
فى داخله ثم استدار ثانية و خطى نحوها خطوتين فهدأت الطفلة للحظات لكن
سرعان ما عادت للصراخ بقوة أكثر إذ اكتشفت ان ابيها لم يأت ليخلصها من
ايديهم و إنما ليمسكها معهم !!!
و ما أن انتهى الطبيب من مهمته هرع الوالد نحو ابنته و ضمها إلى صدره و أخذ يُبقلها و يعتذر لها عما حدث...
فتشبست
فيه الطفلة و هى تبكى... و أخذت تضربه بيدها الصغيرة على صدره كتعبير عن
غضبها و باليد الأخرى أمسكت فى رقبته حتى لا يتركها ثانيا !!
هذه
الطفلة بلغت من العمر ما يكفى لأن تتذكر هذه الحادثة المؤلمة طوال
حياتها... ذالك اليوم الذى تخلى عنها أبيها ليتركها تتعذب على أيدى
الغرباء – على حسب تصورها.
و
لكنها لم تبلغ بعد من العمر الذى يسمح لها أن تفهم أن والدها لم يتخل عنها
و إنما تركها فى ايديهم من فرط حبه لها و خوفه عليها فقد تركها و الألم
يعتصره أكثر منها ربما.
تلك الطفلة بحاجة ربما لعشر أو خمسة عشر سنة لتفهم حقيقة ما حدث فى ذلك اليوم
و إذا تأملنا فى هذه القصة نكتشف أن هذه هى الطريقة التى يتعامل بها الله معنا
فقبل أن يتركنا الله لنشعر بالألم , يجب أن نتذكر أنه " لم يُشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين " ( رو 32:8 )
كثيرا ما نشعر أن الله تخلى عنا فى ضيقاتنا , كما شعرت تلك الطفلة
لأننا لا نفرق دائما بين ترك الله و سماح الله
الله لا يتركنا فى الضيقة و لكنه يسمح بها لمصلحتنا
قد لا نفهم ذلك فى حينه " لست تعلم أنت الآن ما أنا اصنع و لكنك ستفهم فيما بعد " ( يو 7:13 )
لقد سمح الله أن يُلقى دانيال النبى فى جب الأسود ... و فى نفس الوقت لم يسمح مطلقا للأسود أن تؤذيه فقد " أرسل ملاكه و سد افواه الأسود " ( دا 22:6 )
و سمح بإلقاء الفتية الثلاثة فى آتون النار... و لكن " لم تكن للنار قوة على أجسامهم. و شعرة من رؤسهم لم تحترق... " ( دا 27:3 )
الله لا يمنع النار عن أولاده... و لكنه يمنعها من أن تحرقهم
وكما بكى هذا الأب من أجل طفلته وهو يتركها فى يد الأطباء هكذا أيضا يفعل الله
فقد " بكى يسوع" ( يو 35:11 ) على موت لعازر
بكى ليشاركنا أحزاننا
بكى يسوع على لعازر و اقامه من الموت ... و بكى على أورشليم و بذل ذاته عنها و عنا
فهو القائل " من يضعف و أنا لا أضعف من يعثر و أنا لا ألتهب " ( 2كو 29:11 )
وكما أحتضن الأب طفلته بعد تألمها هكذا أيضا أبينا السماوى
سيمسح دموعنا بيديه المملؤتين حنانا " هوذا مسكن الله مع الناس , و هو يسكن معهم.... و سيمسح كل دمعة من عيونهم " ( رؤ 3:21 , 4 )
و سيضمنا إلى صدره كما فعل هذا الأب " على الأيدى تُحملون وعلى الركبتين تُدللون. كإنسان تعزيه أمه هكذا أعزيكم أنا " ( إش 12:66 )
إن الألم هو وسيلة الله لتنقية أحبائه و تزكيتهم ف "مهما نابك فاقبله و كن صابرا على صروف اتضاعك.فإن الذهب يمحص فى النار " ( بن سيراخ 4:2-6 )
و " الذين يتألمون بحسب مشيئة الله فليستودعوا أنفسهم كما لخالق أمين فى عمل البر " ( 1بط 19:4 )
" لانه هو يجرح و يعصب يسحق و يداه تشفيان " (اي 5 : 18)