حياة الاتضاع
كان الاتضاع شرطًا أساسيًا لمن يولد منها رب المجد.
كان لابد أن يولد من إنسانة متضعة، تستطيع أن تحتمل مجد التجسد الإلهي منها... مجد حلول الوح القدس فيها... ومجد ميلاد الرب منها، ومجد جميع الأجيال التي تطوبها واتضاع أليصابات أمامها قائلة لها "من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلىّ.." (لو1: 48، 43). كما تحتمل كل ظهورات الملائكة، وسجود المجوس أمام إبنها. والمعجزات الكثيرة التي حدثت من ابنها في أرض مصر، بل نور هذا الابن في حضنها.
لذلك كان "ملء الزمان" (غل4: 4) ينتظر هذه الإنسانة التي يولد ابن الله منها.
وقد ظهر الاتضاع في حياتها كما سنرى:
بشرها الملاك بأنها ستصير أمًا للرب، ولكنها قالت "هوذا أنا أمة الرب" (لو1: 38) أي عبدته وجاريته.والمجد الذي أعطي لها لم ينقص إطلاقًا من تواضعها.
بل أنه من أجل هذا التواضع، منحها الله هذا المجد، إذ "نظر إلى اتضاع أمته" فصنع بها عجائب (لو1: 48، 49).
• ظهر اتضاع العذراء أيضًا في ذهابها إلى أليصابات لكيما تخدمها في فترة حبلها. فما أن سمعت أنها حُبلى- وهي في الشهر السادس- حتى سافرت إليها في رحلة شاقة عبر الجبال. وبقيت عندها ثلاثة أشهر، حتى تمت أيامها لتلد (لو39: 1- 65). فعلت ذلك وهي حبلى برب المجد.
• ومن اتضاعها عدم حديثها عن أمجاد التجسد الإلهي.
حياة التسليم
عاشت قديسة طاهرة في الهيكل.. ثم جاء وقت قيل لها فيه أن تخرج من الهيكل. فلم تحتج ولم تعترض، مثلما تفعل كثير من النساء اللائي يمنعهن القانون الكنسي من دخول الكنيسة في أوقات معينة. فيتذمرن، ويجادلن كثيرًا في احتجاج..!
• وكانت تريد أن تعيش بلا زواج فأمروها أن تعيش في كنف رجل حسبما تقضي التقاليد في أيامها..
• فلم تحتج وقبلت المعيشة في كنف رجل، مثلما قبلت الخوج من الهيكل...
• كانت تحيا حياة التسليم، لا تعترض: ولا تقاوم، ولا تحتج.
بل تسلم لمشيئة الله في هدوء، بدون جدال.
• كانت قد صممت على حياة البتولية، ولم تفكر إطلاقًا في يوم من الأيام أن تصير أمًا. ولما أراد الله أن تكون أمًا، بحلول الروح القدس عليها (لو1: 35) لم تجادل، بل أجابت بعبارتها الخالدة "هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك".. لذلك وهبها الله الأمومة، واستبقى لها البتولية أيضًا، وصارت أمًا، الأمر الذي لم تفكر فيه إطلاقًا.. بالتسليم، صارت أمًا للرب.. بل أعظم الأمهات قدرًا.
• وأمرت أن تهرب إلى مصر، فهربت.
وأمرت أن ترجع من مصر، فرجعت. وأمرت أن تنتقل موطنها من بيت لحم وتسكن الناصرة، فانتقلت وسكنت.
كانت إنسانة هادئة، تحيا حياة التسليم، بلا جدال. لذلك فإن القدير صنع بها عجائب... إذ نظر إلى اتضاع أمته.
حياة الاحتمال
تيتمت من والديها الإثنين، وهي في الثامنة من عمرها، وتحملت حياة اليتم. وعاشت في الهيكل وهي طفلة، واحتملت حياة الوحدة فيها.وخرجت من الهيكل لتحيا في كنف نجار واحتملت حياة الفقر.
ولما ولدت ابنها الوحيد، لم يكن لها موضع في البيت، فأضجعته في مزود (لو1: 7). واحتملت ذلك أيضًا.. واحتملت المسئولية وهي صغيرة السن. واحتملت المجد العظيم الذي أحاط بها، دون أن تتعبها أفكار العظمة.
لم يكن ممكنًا أن تصرح بأنها ولدت وهي عذراء، فصمتت واحتملت ذلك.
احتملت السفر الشاق إلى مصر ذهابًا وإيابًا. واحتملت طردهم لها هناك من مدينة إلى أخرى، بسبب سقوط الأصنام أمام المسيح (أش19: 1). احتملت الغربة والفقر. احتملت أن "يجوز في نفسها سيف" (لو2: 35) بسبب ما لقاه ابنها من اضطهادات وإهانات، وأخيرًا آلام وعار الصلب...
لم تكتف العذراء- سلبيًا بالآحتمال- بل عاشت في الفرح بالرب.
كما قالت في تسبحتها "تبتهج روحي بالله مخلصي" (لو1: 47).
الإيمان وعدم التذمر
في كل ما احتملته، لم تتذمر إطلاقًا. وفي تهديد ابنها بالقتل من هيرودس، وفي الهروب إلى مصر، وفي ما لاقاه من اضطهاد اليهود، لم تقل وأين البشارة بأنه يجلس على كرسي داود أبيه، يملك.. ولا يكون لملكه نهاية" (لو1: 31، 33)! بل صبرت. وكما قالت عنها أليصابات "آمنت بأن يتم لها ما قيل من قبل الرب" (لو1: 45).
آمنت بأنها ستلد وهى عذراء. وتحقق لها ذلك.
آمنت بأن "القدوس المولود هو ابن الله" (لو1: 35) على الرغم من ميلاده في مزود. وتحقق لها ما آمنت به. عن طريق ما رأته من رؤى ومن ملائكة، ومن معجزات تمت على يديه. آمنت بكل هذا على الرغم من كل ما تعرض له من اضطهادات...
آمنت به وهو مصلوب. فرأته بعد أن قام من الأموات (مت28).
الصمت والصلاة والتأمل:
كان من تدبير الله، أن تتيتم وأن تعيش في الهيكل.
وفي الهيكل تعلمت حياة الوحدة والصمت، وأن تنشغل بالصلاة والتأمل. وإذ فقدت محبة وحنان والديها، انشغلت بمحبة الله وحده. وهكذا عكفت على الصلاة والتسبحة وقراءة الكتاب المقدس، وحفظ الكثير من آياته، وحفظ المزامير. ولعل تسبحتها في بيت أليصابات دليل واضح على ذلك. فغالبية كلماتها مأخوذة من المزامير وآيات الكتاب. وصار الصمت من مميزات روحياتها. فعلى الرغم من أنها في أحداث الميلاد: رأت أشياء عجيبة ربما تفوق سنها كفتاه صغيرة، وما أحاط بها من معجزات، ومن أقوال الملائكة والرعاه والمجوس ... فلم تتحدث مفتخرة بأمجاد الميلاد، بل "كانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها" (لو 2 : 19)
إن العذراء الصامته المتأمله، درس لنا:
فليتنا مثلها: نتأمل كثيرا، ونتحدث قليلا .
على إني أرى، إنه لما حان الوقت أن تتكلم، صارت مصدرًا للتقليد الكنسي، في بعض الأخبار التي عرفها منها الرسل وكتبوا الأناجيل، عن المعجزات والأخبار أثباء الهروب من مصر، وعن حديث المسيح وسط المعلمين في الهيكل وهو صغير (لو3 :46 ،47 ).
فضائل أخرى:
لقد اختار الرب هذه الفتاه الفقيرة اليتيمة لتكون أعظم إمرأه في الوجود. وكانت تملك في فضائلها ما هو أعظم من الغنى.
من فضائلها أيضا قداستها الشخصية، وعفتها وبتوليتها، ومعرفتها الروحية، وخدمتها للآخرين. وأمومتها الروحية للآباء الرسل.
بركة وشفاعة امنا مريم العذراء معنا جميعا
كان الاتضاع شرطًا أساسيًا لمن يولد منها رب المجد.
كان لابد أن يولد من إنسانة متضعة، تستطيع أن تحتمل مجد التجسد الإلهي منها... مجد حلول الوح القدس فيها... ومجد ميلاد الرب منها، ومجد جميع الأجيال التي تطوبها واتضاع أليصابات أمامها قائلة لها "من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلىّ.." (لو1: 48، 43). كما تحتمل كل ظهورات الملائكة، وسجود المجوس أمام إبنها. والمعجزات الكثيرة التي حدثت من ابنها في أرض مصر، بل نور هذا الابن في حضنها.
لذلك كان "ملء الزمان" (غل4: 4) ينتظر هذه الإنسانة التي يولد ابن الله منها.
وقد ظهر الاتضاع في حياتها كما سنرى:
بشرها الملاك بأنها ستصير أمًا للرب، ولكنها قالت "هوذا أنا أمة الرب" (لو1: 38) أي عبدته وجاريته.والمجد الذي أعطي لها لم ينقص إطلاقًا من تواضعها.
بل أنه من أجل هذا التواضع، منحها الله هذا المجد، إذ "نظر إلى اتضاع أمته" فصنع بها عجائب (لو1: 48، 49).
• ظهر اتضاع العذراء أيضًا في ذهابها إلى أليصابات لكيما تخدمها في فترة حبلها. فما أن سمعت أنها حُبلى- وهي في الشهر السادس- حتى سافرت إليها في رحلة شاقة عبر الجبال. وبقيت عندها ثلاثة أشهر، حتى تمت أيامها لتلد (لو39: 1- 65). فعلت ذلك وهي حبلى برب المجد.
• ومن اتضاعها عدم حديثها عن أمجاد التجسد الإلهي.
حياة التسليم
عاشت قديسة طاهرة في الهيكل.. ثم جاء وقت قيل لها فيه أن تخرج من الهيكل. فلم تحتج ولم تعترض، مثلما تفعل كثير من النساء اللائي يمنعهن القانون الكنسي من دخول الكنيسة في أوقات معينة. فيتذمرن، ويجادلن كثيرًا في احتجاج..!
• وكانت تريد أن تعيش بلا زواج فأمروها أن تعيش في كنف رجل حسبما تقضي التقاليد في أيامها..
• فلم تحتج وقبلت المعيشة في كنف رجل، مثلما قبلت الخوج من الهيكل...
• كانت تحيا حياة التسليم، لا تعترض: ولا تقاوم، ولا تحتج.
بل تسلم لمشيئة الله في هدوء، بدون جدال.
• كانت قد صممت على حياة البتولية، ولم تفكر إطلاقًا في يوم من الأيام أن تصير أمًا. ولما أراد الله أن تكون أمًا، بحلول الروح القدس عليها (لو1: 35) لم تجادل، بل أجابت بعبارتها الخالدة "هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك".. لذلك وهبها الله الأمومة، واستبقى لها البتولية أيضًا، وصارت أمًا، الأمر الذي لم تفكر فيه إطلاقًا.. بالتسليم، صارت أمًا للرب.. بل أعظم الأمهات قدرًا.
• وأمرت أن تهرب إلى مصر، فهربت.
وأمرت أن ترجع من مصر، فرجعت. وأمرت أن تنتقل موطنها من بيت لحم وتسكن الناصرة، فانتقلت وسكنت.
كانت إنسانة هادئة، تحيا حياة التسليم، بلا جدال. لذلك فإن القدير صنع بها عجائب... إذ نظر إلى اتضاع أمته.
حياة الاحتمال
تيتمت من والديها الإثنين، وهي في الثامنة من عمرها، وتحملت حياة اليتم. وعاشت في الهيكل وهي طفلة، واحتملت حياة الوحدة فيها.وخرجت من الهيكل لتحيا في كنف نجار واحتملت حياة الفقر.
ولما ولدت ابنها الوحيد، لم يكن لها موضع في البيت، فأضجعته في مزود (لو1: 7). واحتملت ذلك أيضًا.. واحتملت المسئولية وهي صغيرة السن. واحتملت المجد العظيم الذي أحاط بها، دون أن تتعبها أفكار العظمة.
لم يكن ممكنًا أن تصرح بأنها ولدت وهي عذراء، فصمتت واحتملت ذلك.
احتملت السفر الشاق إلى مصر ذهابًا وإيابًا. واحتملت طردهم لها هناك من مدينة إلى أخرى، بسبب سقوط الأصنام أمام المسيح (أش19: 1). احتملت الغربة والفقر. احتملت أن "يجوز في نفسها سيف" (لو2: 35) بسبب ما لقاه ابنها من اضطهادات وإهانات، وأخيرًا آلام وعار الصلب...
لم تكتف العذراء- سلبيًا بالآحتمال- بل عاشت في الفرح بالرب.
كما قالت في تسبحتها "تبتهج روحي بالله مخلصي" (لو1: 47).
الإيمان وعدم التذمر
في كل ما احتملته، لم تتذمر إطلاقًا. وفي تهديد ابنها بالقتل من هيرودس، وفي الهروب إلى مصر، وفي ما لاقاه من اضطهاد اليهود، لم تقل وأين البشارة بأنه يجلس على كرسي داود أبيه، يملك.. ولا يكون لملكه نهاية" (لو1: 31، 33)! بل صبرت. وكما قالت عنها أليصابات "آمنت بأن يتم لها ما قيل من قبل الرب" (لو1: 45).
آمنت بأنها ستلد وهى عذراء. وتحقق لها ذلك.
آمنت بأن "القدوس المولود هو ابن الله" (لو1: 35) على الرغم من ميلاده في مزود. وتحقق لها ما آمنت به. عن طريق ما رأته من رؤى ومن ملائكة، ومن معجزات تمت على يديه. آمنت بكل هذا على الرغم من كل ما تعرض له من اضطهادات...
آمنت به وهو مصلوب. فرأته بعد أن قام من الأموات (مت28).
الصمت والصلاة والتأمل:
كان من تدبير الله، أن تتيتم وأن تعيش في الهيكل.
وفي الهيكل تعلمت حياة الوحدة والصمت، وأن تنشغل بالصلاة والتأمل. وإذ فقدت محبة وحنان والديها، انشغلت بمحبة الله وحده. وهكذا عكفت على الصلاة والتسبحة وقراءة الكتاب المقدس، وحفظ الكثير من آياته، وحفظ المزامير. ولعل تسبحتها في بيت أليصابات دليل واضح على ذلك. فغالبية كلماتها مأخوذة من المزامير وآيات الكتاب. وصار الصمت من مميزات روحياتها. فعلى الرغم من أنها في أحداث الميلاد: رأت أشياء عجيبة ربما تفوق سنها كفتاه صغيرة، وما أحاط بها من معجزات، ومن أقوال الملائكة والرعاه والمجوس ... فلم تتحدث مفتخرة بأمجاد الميلاد، بل "كانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها" (لو 2 : 19)
إن العذراء الصامته المتأمله، درس لنا:
فليتنا مثلها: نتأمل كثيرا، ونتحدث قليلا .
على إني أرى، إنه لما حان الوقت أن تتكلم، صارت مصدرًا للتقليد الكنسي، في بعض الأخبار التي عرفها منها الرسل وكتبوا الأناجيل، عن المعجزات والأخبار أثباء الهروب من مصر، وعن حديث المسيح وسط المعلمين في الهيكل وهو صغير (لو3 :46 ،47 ).
فضائل أخرى:
لقد اختار الرب هذه الفتاه الفقيرة اليتيمة لتكون أعظم إمرأه في الوجود. وكانت تملك في فضائلها ما هو أعظم من الغنى.
من فضائلها أيضا قداستها الشخصية، وعفتها وبتوليتها، ومعرفتها الروحية، وخدمتها للآخرين. وأمومتها الروحية للآباء الرسل.
بركة وشفاعة امنا مريم العذراء معنا جميعا