إنه في داخل الكنيسة يلزم الإبقاء على التأديب وممارسته لأجل مجد الله ولبركة النفوس (1 كو 5: 12). ولهذا فعلى القديسين الانقياد في طرق الطاعة، والتدرب في طرق الرب، والتعلم فيما يسر المسيح ويبهج القديسين. إنه حقاً بالنظر إلى ما هو أمامنا يصبح لزاماً علينا أن نحافظ على التأديب بحسب كلمة الله في الكنيسة - كبيت الله.
________________________________________
[1] توجد في الكتاب المقدس سبعة تعبيرات مختلفة عن الكنيسة فهي: جسد المسيح (القرب الوثيق) _ عروس المسيح (المحبة والإعزاز) _ بيت الله (مكان سكنى الله من الآن وإلى الأبد الآبدين) _ هيكل (إعلان أمجاد الله لكل الخلائق) _ منائر (مسئولية الشهادة على الأرض) _ مدينة (غرض الله النهائي) _ رعية (الاعتماد الكلي على الراعي المحب).. ولعل أبرز تعبيرين هما "جسد المسيح" و "بيت الله"، الأول يرتبط بالأكثر بالامتيازات التي لنا، والثاني بالمسئوليات التي علينا _
[2] لعل القارئ الفطن يلاحظ أن الأخ الحبيب تحت هذا العنوان قد نسب البيت إلى المسيح عدة مرات. ومن المفيد أن نذكر أن الكتاب المقدس دائماً ينسب البيت إلى الله (عب 10: 21، 1 تي 3: 15، 1 بط 4: 17)، ولا يستثنى من ذلك الآية التي نحن بصددها والواردة في عب 3: 6. فالمفارقة هنا هي بين موسى الذي كان أميناً في كل بيت الله كخادم، وبين المسيح الذي هو ابن على هذا البيت، بيت الله. ومع أن نفس الفقرة تشير إلى أن المسيح هو الله، لأن المسيح هو باني البيت، وباني الكل هو الله. لكن البيت ينسب إلى الله "بيت الله)
[3] هناك تعامل لأقانيم اللاهوت الثلاثة مع خطية المؤمن بالإضافة إلى تعامل الجماعة المحلية، فبمجرد حدوث زلة من المؤمن، حتى ولو كانت مجرد كلمة خرجت منه بدون احتراس، فإن الروح القدس الساكن فيه يحزن (أف 4: 29 و 30). والمؤمن الذي لا يستفيد من ذلك ويحكم فوراً على خطئه، فإنه يعرض نفسه لمعاملات الآب التأديبية، الناتجة عن محبته لنا (عب 12: 6 _ 11). فإذا تمادى المؤمن ولم يرجع فإنه يعرض نفسه لتأديب الرب، هذا التأديب الذي يجب أن تمارسه الجماعة، وبصفة خاصة النظار بينهم لكنها لو قصرت فالرب سيقوم بنفسه بهذا الأمر حسبما ورد في 1 كورنثوس 11: 30 _ 32)
العاقر : هي التي أنقطع عنها الإنجاب،اذابلغت المرأة سن اليأس أو أصابها المرض أو حادث لمرض....
أما العقيم : فكلمة تطلق على الرجل والمرأة اللذان خلقا ولا يمكنهما الإنجاب أصلاً ...
عَقَر عَقَراً: عقم وعقر الأمر عُقرا: لم ينتج عاقبة. والعاقر: العقيم رجلاً كان أو امرأة . والعقيم هو من كان به أو بها ما يحول دون النسل، من داء أو شيخوخة، وكان ذلك يعتبر عاراً وبخاصة عند شعوب الشرق الأوسط قديماً . وكان وعد الرب لشعبه أن " لا يكون مسقطة ولا عاقر في أرضك" (خر 23: 26، تث 7:14). وأول من قيل عنها إنها كانت عاقراً، هي " سارأي " امرأة إبراهيم (تك 11: 30) ولكنها ولدت -بعد ذلك إسحق. وكذلك كانت رفقة امرأة إسحق ثم ولدت عيسو ويعقوب (تك 25: 21). وراحيل امرأ ة يعقوب ثم ولدت يوسف وبنيامين (تك 29: 31). وحنة امرأة ألقانة " لأن الرب كان قد أغلق رحمها" ( 1 صم 1:6)، ولكن لما أعطاها الرب صموئيل ترنمت قائلة: "إن العاقر ولدت سبعة" ( 1صم 2: 5).
وكانت إليصابات امرأة زكريا الكاهن " عاقراً "، وكانت هي وزوجها متقدمين في الأيام (لو 1:7)، ولكن الرب أعطاهما " يوحنا المعمدان " الذي كان سبب فرح وابتهاج، ليس لزكريا وإليصابات فقط بل لكثيرين (لو 1: 14).
ويقول الرب يسوع للنساء اللواتي كن يلطمن وينحن عليه وهو في طريقه إلى الصلب: "يا بنات أورشليم لا تبكين علىَّ 00 لأنه هوذا أيام تأتي يقولون فيها: طوبى للعواقر والبطون التي لم تلد، والثدي التي لم ترضع" (لو 23 : 26 –29).
ويقول الرب على فم ملاخي النبي: "هاتوا جميع العشور إلى الخزنة ليكون في بيتي طعام، وجربوني بهذا قال رب الجنود، إن كنت لا أفتح لكم كوى السموات وأفيض عليكم بركة حتى لا توسع. وأنتهر من أجلكم الآكل فلا يُفسد لكم ثمر الأرض، ولا يُعقَر لكم الكرم في الحق" (ملاخى 3: 10 و11)، أي لا يصبح الكرم عقيماً بلا ثمر.
(عاقر | عيقر)
اسم عبري معناه "استئصال" ابن رام بن يرحمئيل, من سلالة يهوذا (1 أخبار 27:2).)
* أول إمرأة خلقت هي حواء .
* أول إمرأة صارت قاضية هي دبورة .
* أول إمرأة عاقر ولدت هي سارة .
* أول إمرأة لعبت ببطل هي دليلة .
* أول امرأة بشرت الرسل هي مريم المجدلية .
* أول إمرأة نبية هي مريم أخت موسي .
* أول إمرأة علمت بوجود مخلص في أحشاء العذراء هي أليصابات .
* أول شهيدة في المسيحية هي تكلا .
* أول وآخر عذراء وأم في نفس الوقت هي مريم .
سؤال: ما أسماء أربع زوجات كن عواقر، ومنحن الله أولاداً؟وموضع ذلك في الكتاب المقدس؟
في الكتاب المقدس رجالٌ ونساءٌ أسماؤهم وتاريخ حياتهم مألوفٌ لدينا، إنْ كنت تسمع مثلاً أسماء إبراهيم وموسى وداود يمكنك، ربّما بلا تردّد، أن تُعدّد واقعة أو وقائع من حياتهم.
ولكننا نريد اليوم أن ندع امرأة من الكتاب المقدس تتحدث إلينا. كانت المرأةُ امرأةً عاديّة، ولم تكن شهيرة. ومن المدهش أنّ أوضاع حياتها وصعوباتها تشبه أوضاع حياتنا اليوم.
هذه المرأة التي نتكلم عنها هي يوكابد. وإننا اليوم بحاجة ماسّة إلى نساء باسلات جريئات بقلب ملؤه الدفء والعطف والعزم والحزم وقوة الإرادة مثل يوكابد، التي تودّ كلُّ امرأةٍ أن تكون مثلها.
ندعها تُجيب بنفسها على هذا السؤال، وتسرد لنا أهمّ وقائع حياتها، فتقول: وُلدت في مصر، لأنّ أجدادي ارتحلوا إلى هذه الأرض قبل نحو أربعمائة سنة بسبب المجاعة التي حلّت في بلدهم. وفي ذلك الزمان رحّب المصريون بهم واحترموهم، لأنّ يوسف بن يعقوب بحكمته وبُعد نظره وَقَى مصر من مجاعةٍ دامت سبعَ سنوات مُتتالية.
ولكن الأمور تغيّرت مع مُضيِّ الزمن.
فحاكم مصر الجديد، فرعون، ظنّ أن شعبنا يُهدِّد شعبه، فقد حلَّت بركةُ الرب على شعبنا في مصر أيضاً، فازداد عدده واتّسعت بقعة الأرض التي امتلكها. وعبّر فرعون بصراحة عن قلقه وقال: «هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. هَلُمَّ نَحْتَالُ لَهُمْ لِئَلاَّ يَنْمُوا، فَيَكُونَ إِذَا حَدَثَتْ حَرْبٌ أَنَّهُمْ يَنْضَمُّونَ إِلَى أَعْدَائِنَا وَيُحَارِبُونَنَا وَيَصْعَدُونَ مِنَ ٱلأَرْضِ» (سفر الخروج 1: 9و10). فجعل فرعون على شعبنا رؤساء تسخير لكي يُذلّوه بأثقالهم. فبنى أجدادنا المدن لفرعون. ولكنْ بحسبما أذلوهم هكذا نموا وامتدوا. فاختشوا من بني إسرائيل. فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعُنف، ومرّروا حياتهم بعبوديّة قاسية في الطين واللِّبن، وفي كلّ عمل في الحقل (سفر الخروج 1: 11-14).
ولما صار عدد شعبنا يزداد أكثر فأكثر أَخذ فرعون يفكر بطريقة أخرى للضغط عليه. وكلم قابلتي العبرانيات اللتين اسم احداهما شِفرةُ واسم الأخرى فوعَةُ، وقال لهما: «حِينَمَا تُوَلِّدَانِ ٱلْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى ٱلْكَرَاسِيِّ - إِنْ كَانَ ٱبْناً فَٱقْتُلاَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنْتاً فَتَحْيَا» (سفر الخروج 1: 16). «وَلٰكِنَّ ٱلْقَابِلَتَيْنِ خَافَتَا ٱللّٰهَ وَلَمْ تَفْعَلاَ كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْرَ، بَلِ ٱسْتَحْيَتَا ٱلأَوْلاَدَ» (سفر الخروج 1: 15و17).
أدهشني ما فعلته القابلتان. اجترأتا أنْ تُخالفا أمر الملك بقتل الأطفال. كان واضحاً لهما في السرّ والعلانية بأنّ إهلاك نفسٍ بشرية منحها الله، عملٌ وحشيّ. كانت مهمتهما مساعدة الحبالى إلى حين الولادة وليس قتل أطفالهنّ.
سألت نفسي: ما الذي دعاهما لاتّخاذ هذا القرار؟ وأجبت: دعاهما الى ذلك خوفهما من قوّة الله مانح الحياة. لم تكن آنذاك وصيّة الله «لا تقتل!» معروفة لدى شعبنا، ولكنه كان واضحاً للقابلتين بأنه لا يحقُّ للإنسان أن يُهلك حياة إنسان آخر منحها الله. ومَن فعل ذلك يكون متكبراً ومتغطرساً وعاصياً وملحداً.
كادت مخالفة القابلتين لأمر الملك تكلفهما حياتيهما. لم يحدّثهما قلباهما بنتيجة طاعتهما إرادة الله، لكنهما عرفتا بأنه «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ ٱللّٰهُ أَكْثَرَ مِنَ ٱلنَّاسِ» (سفر أعمال الرسل 5: 29).
ولما دُعيت القابلتان للاستجواب أمام الملك اختبرتا بكل سرور ما هو مكتوب في سفر الأمثال 1: 7: «مَخَافَةُ ٱلرَّبِّ رَأْسُ ٱلْمَعْرِفَةِ». منحهما الربّ الحكمة في الوقت المناسب كي تُعطيا الملك الجواب الصحيح، وتقولا له: «إِنَّ ٱلنِّسَاءَ ٱلْعِبْرَانِيَّاتِ لَسْنَ كَٱلْمِصْرِيَّاتِ، فَإِنَّهُنَّ قَوِيَّاتٌ يَلِدْنَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَهُنَّ ٱلْقَابِلَةُ» (سفر الخروج 1: 19). وهذا صحيح، لأن الحامل التي تتحرك وتعمل تلد أسهل من ولادة الحامل الخاملة التي لا تتحرك. وكانت نساء بني اسرائيل يبذلن جهداً بدنياً كبيراً في خدمة المصريين. ومن حيث أنّ القابلتين أطاعتا الله، أحسن الله إليهما وحماهما من غضب فرعون.
ساعدني مَثَل القابلتين كثيراً وشجعني في وضعي الحاضر. تزوجت من عمرام منذ سنوات عديدة. كلانا من بيت لاوي. كان لنا ابن اسمه هارون وابنة اسمها مريم. وانتظرت بعدهما ولداً ثالثاً. وعندها ساورتني أفكار وأسئلة كثيرة مثل: هل إنجاب الأولاد مُحبّذ في مثل هذه الحالات؟ هل يمكن للإنسان تحمُّل مسؤولية تربية الأولاد في هذا الزمن الذي يكِنُّ للأولاد الكراهية والعِداء، والذي يُضمر لهم الشقاء والعبودية، وربما الموت أيضاً؟ عندما أنجبت ولدَيّ الأولين كان الوضع أسهل. ولكن قبل ولادة ولدي الثالث أصدر فرعون أمراً جديداً، ووجَّهه هذه المرة إلى الشعب المصري وقال له: «كُلُّ ٱبْنٍ يُولَدُ تَطْرَحُونَهُ فِي ٱلنَّهْرِ» (سفر الخروج 1: 22).
وبالرغم من ذلك أردت أن أُنجب الولد، بصفته عطيّة الله. جاءت ساعة الولادة، ويا لها من فرحة! كان المولود صبياً. احتضنته وعانقته بأيدٍ مرتجفة. كان الصبي جميلاً وظريفاً. وعلى حين غرّة عرفت أنّ للهِ قصداً من ولادة هذا الولد، إذ كان جميلاً جداً (سفر أعمال الرسل 7: 20).
توكّلت على الله الذي منحني القوة والرجاء. ونزع إيماني بقدرة الله مني الخوف عند عصياني أمر فرعون. ولكني لم أَرَ وقتئذ منفذاً للخروج من محنتي. كان مستقبل ولدي لا يزال مظلماً ومحفوفاً بالمخاطر. ولكني علمت يقيناً أنّ الله سيريني الطريق الأفضل لولدي ويحقق حتماً الخطة التي رسمها له. خبّأتُ الرضيع في بادئ الأمر، ولكنّه أصبح صعباً عليّ إبقاؤه مخفياً. قوي صوته يوماً بعد يوم واتّضح لي أنه لا بدّ وأنْ يُكتشف أمره.
وألهمني الله فكرة جيدة استطعت بواسطتها أن أُنقذ ابني. أخذت له سَفَطاً من البَردي وطليتُه بالحُمر والزّفت ووضعت الولد فيه ووضعته بين الحلفاء على حافة نهر النيل.
كان عليّ الآن أن أسلّم أمر ولدي الحبيب لرحمة الله. وكنت واثقة تماماً في القدير بأنّه يستطيع أن يفعل أمراً فوق العادة ليُنفّذ خطته التي رسمها لهذا الولد. وعلى كلِّ حالٍ طلبت إلى ابنتي مريم أن تمكث بالقرب من نهر النيل وتراقب ماذا يحدث للصبي. وعمل الله عمله حتى استطعت أن أقول ما قاله النبي إشعياء فيما بعد: «لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ أَفْكَارَكُمْ، وَلاَ طُرُقُكُمْ طُرُقِي يَقُولُ ٱلرَّبُّ» (سفر إشعياء 55: 8).
كانت الصدفة أن ابنة فرعون القاسي القلب نزلت إلى نهر النيل لتغتسل، وكانت جواريها ماشيات على جانب النهر. وبينما كانت الأميرة تستحم رأت السفط بين الحلفاء، فأرسلت خادِمَتها وأخذته. ولما فتحته رأت الولد وإذا هو صبيّ يبكي وقالت: «هٰذَا مِنْ أَوْلاَدِ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ» (سفر الخروج 2: 6). رقَّت ابنة فرعون للمخلوق الصغير الجميل، واجترأت أن تخالف أمر أبيها. لم ترمِ الصبي في النهر حتى يغرق، بل بالعكس، اتَّخذته كأنه ابنها الخاص.
تصرَّف الله بطريقة عجيبة.
لا يخزى مَن ينتظر الله الوديع
وهل أكون أول من يخزى؟
هذا مستحيل! يا حصني المنيع
تهتزُّ السماء قبل أن أُخزى.
اختبأت ابنتي مريم بين الحلفاء وراقبت كل شيء عن قُرب. وبسرعة البرق انتهزت الفرصة السانحة، وأيقنت أنه لا بد لها الآن أن تخرج من مخبئها لتواجه الأميرة، لأن الأمر يتعلق بحياة أخيها، وقالت في نفسها: يجب أن ينجو أخي من الموت لأنه الآن بين الحياة والموت.
بجرأة لا مثيل لها خرجت مريم من مخبئها وأقبلت نحو الأميرة وقالت لها: «هَلْ أَذْهَبُ وَأَدْعُو لَكِ ٱمْرَأَةً مُرْضِعَةً مِنَ ٱلْعِبْرَانِيَّاتِ لِتُرْضِعَ لَكِ ٱلْوَلَدَ؟» . فقالت لها ابنة فرعون: «اذهبي!» (سفر الخروج 2: 7و8).
وبأسرع ما يمكن ركضت مريم إلى البيت، ونقلت إليّ الخبر السارّ عن نجاة ولدنا. أُعيد الولد إليّ، ولو لزمن محدود، وسُمح لي أن أُربّيه دون خوف، وأعتني به وأُحيطه بعطفي. وهذا كله تمّ بفضل جُرأة مريم وبسالتها.
ومن حيث أنّ ابنة فرعون تبنَّت الصبي، عُيّنتُ مُربيةً ومرضعةً لابني الخاص المُنتشَل من الماء، فكنت أنا أول امرأة في التاريخ حصلت على أُجرة لتربية ابنها (سفر الخروج 2: 9).
انتهزت فرصة السنين المحدودة التي كان لي فيها تأثير على ولدي وأخبرته بتاريخ شعبنا وعمل الله بواسطة آبائنا. وقبل كل شيء غرست في قلبه الثقة بالله الحيّ.
وإني أشهد بملء الحمد والشكر أنّ الله نمّى في قلوب أولادي الثلاثة الإيمان به. اختار الله موسى، ولدي الأصغر، ليقود شعبنا، وهارون، ولدي الأكبر ليكون رئيس كهنتنا، ومريم لتكون أول نبية.
الله لا يُخيِّب ثقتنا به. وهو يعمل بطرق عجيبة تفوق طلباتنا وإدراكنا.
ينبغي على كل من يسمع قصة يوكابد، زوجة عمرام، أم موسى، أن يفكر بنفسه:
إلى أي مدى تصل ثقتنا بالله الحي عندما تواجهنا ضيقات داخلية وخارجية وصعوبات كثيرة؟ وهل إيماننا بالله في مثل هذه الحالات قوي حتى نثق به أنه يجعل من المستحيل خير الأمور؟ لِعَمله في حياتنا غاية وهدف. إنه أَجدى نفعاً لنا بأن نسلمه زِمام حياتنا.
ومن مريم أيضاً نستطيع أن نتعلم بعض الأشياء. هل نعرف حالات نفضّل فيها أن نبقى في الخلف؟ نحن نخاف الناس. نخاف أن نقول كلمة جريئة بحق ربنا. كثيراً ما نرى إلى جانبنا أناساً يسيرون نحو الموت الأبدي دون أن نُسرع إلى مساعدتهم. لنتَّخذ من مريم مثالاً لنا ونخرج من مخبئنا لنقود أخانا وأختنا إلى الرب يسوع.
مريم أخت موسى وهارون
كنت في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة من عمري حين رأيت أمي بإمعان تعمل سفطاً من البَردي وتطليه بالحُمر والزّفت. وتكهَّنت ما كان قصدها، إذ أنه كان عليّ منذ أسابيع عديدة أن أهتم بأخي كي لا يصرخ بأعلى صوته. فلو أنّ أحد المواطنين المصريين سمع صُراخ أخي لكشف أمره وقاده إلى الموت. حاول فرعون بأكثر شدة من قبل أن يُضعف شعبنا ويُذله ويضغط عليه ويفنيه. شعر نفسه مهدداً لأن شعبنا ازداد عدده وقوي في وسط الشعب المصري. لذلك أصدر فرعون أمراً إلى شعبه: كل ابن يولد من العبرانيات تطرحونه في نهر النيل. لكن كل بنت تستحيونها (سفر الخروج 1: 22).
وبالرغم من صِغر سني أدركت ما يحويه هذا الأمر من مآسٍ وويلات، وأنّ عائلتنا وقعت أيضاً تحت وطأة هذا الوضع الشاذ. ماذا كان يعني لأمي أن تضع ولدها الحبيب في سَفَطٍ من البَردي وتُسلِّم أمره لنهر النيل؟ لكنّ إيمانها القوي بالله القدير أدهشني آنذاك. عرفت بأنها لم تسلّم أمر ولدها المحبوب لنهر النيل بل لعناية إلهها الرحيم، وأيقظت قدوتها الصالحة فيّ الرغبة في أن أثق بالربّ دون قيد ولا شرط حتى في أسوأ أيام حياتي أيضاً. هو الذي خلق كلّ شيء، والذي دُفع إليه كلّ سلطان في السماء وعلى الأرض، قادر أن يجعل حياتي تؤول لخيري. وإنّي أضع نفسي في يديه واثقةً، وإن كنت لا أفهم سيرة حياتي.
اختبأت خلف الحلفاء العالية وراقبت بكلّ انتباه كيف يتموّج سَفَط البَردي على وجه مياه النهر بين الحلفاء الذي يحتوي على الكنز الثمين، وهو أخي. لم تسمح لي عاطفتي أن أتركه هناك لوحده. وأردت كذلك أن أعرف ماذا يكون مصيره. وبعدها بلغت أذنيَّ أصوات بشرية. فقلت في نفسي على الفور: «أرجو أن لا يكتشف أحدٌ أخي». ولكنّ هذا حدث بالفعل. غير أن عجيبة الله بدأت تأخذ مجراها أمام عينيّ. أمرت ابنة فرعون العظيم خادمتها بأن تحضر إليها السفط. ولما فتحته ورأت الطفل الذي كان يبكي تحنَّن قلبها عليه، وقرَّرت أن تتبنَّى الولد وتربّيه ولا تقتله. وعندها منحني الله الحكمة لأتصرَّف كما يريد.
تجرأت أن أخرج من مخبئي وأقول للأميرة: «هَلْ أَذْهَبُ وَأَدْعُو لَكِ ٱمْرَأَةً مُرْضِعَةً مِنَ ٱلْعِبْرَانِيَّاتِ لِتُرْضِعَ لَكِ ٱلْوَلَدَ؟» فقالت الأميرة: «اذهبي!» وبأسرع ما يمكن ذهبت إلى بيتنا لأحضر أمي (سفر الخروج 2: 7و8).
امتلأ قلبي بالشكر على ما فعله الربّ. والآن أدركت أنّ إله إبراهيم يعمل اليوم أيضاً عجائب. لم يتركنا. إنه معنا في الأيام العصيبة أيضاً. وهو لا يخلّ بوعده. تجرأت أن أتفوه بالوعود التي قطعها الله لإبراهيم وسائر آبائنا. كانت هذه الوعود سبب تشجيع لشعبنا.
استمددت من اختباري مع الله رجاءً فوق رجاء. دعاني أبواي باسم «مريم» الذي تفسيره «مرّ». ربما نشأ هذا الاسم في الوقت المرير والعصيب الذي وُلدت فيه. ولكنه لا حاجة لي لأن أستسلم أو أغتاظ، بل أريد أن أثق بالله وأحسب بأنه يحقق وعوده لي ولشعبي.
لم أتكهّن آنذاك أن الله سيدعو أخويَّ الاثنين هارون وموسى ويدعوني أنا أيضاً لنقود شعبه من عبودية مصر إلى الحرية (سفر ميخا 6: 4). وإن أنسى فلا أنسى ليلة الفصح: طاعة لأمر الله، ذبحت كل عائلة من عائلات شعبنا شاة صحيحة، ذكراً ابن سنة من الخرفان أو من الماعز. وكان علينا أن نشوي لحمه بالنار ونأكله كله في تلك الليلة. أخذ أبي باقة زوفا وغمسها في الدم الذي في الطست ومسَّ عتبة الباب العليا والقائمتين بدم الذبيحة. نجَّتنا علامة الدم هذه من غضب الله ودينونته. فحدث في نصف الليل أن الرب ضرب كل بكر في أرض مصر. أما نحن الذين كنا تحت حماية الدم فنجونا من الموت. لم يكن بيت من بيوت المصريين ليس فيه ميت. وفي أثناء هذه الصدمة دعا فرعون موسى وهارون ليلاً وقال لهما: «قُومُوا ٱخْرُجُوا مِنْ بَيْنِ شَعْبِي أَنْتُمَا وَبَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعاً، وَٱذْهَبُوا ٱعْبُدُوا ٱلرَّبَّ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ» (سفر الخروج 12: 31). بعد 439 سنة قضاها شعبنا في السبي تحنَّن الله عليه وأرغم المصريين أن يُطلقوا سراحه. وإني لا أزال أرى أمام عينيّ جماهير الشعب وهي تغادر أرض مصر ليلاً بسرعة. ستمائة ألف رجل، عدا الأولاد، ارتحلوا من رعمسيس إلى سكوت. وصعد معهم لفيف كثير أيضاً مع غنم وبقر ومواشٍ وافرة جداً. والرب نفسه سار أمامنا ليهدينا في الطريق الصحيح. وقد بدا لنا وجوده وعنايته بنا نهاراً في عمود سحاب، وليلاً في عمود نار ليُضيء لنا حتى نستطيع أن نسير ليلاً أيضاً.
ثم جاء اليوم الرهيب الذي فيه لم نجد مخرجاً من المأزق الذي وقعنا فيه. أخذ فرعون ستمائة مركبة مُنتخبة وسائر مركبات مصر وجنوداً مركبية وسعى وراءنا. نَدم على أنه أطلق سراحنا. وكان شعبنا قد خيّم عند شاطىء البحر الأحمر. لاحظنا المصريين فقط عندما أصبحوا على مرأى من عيوننا. ففزعنا جداً وصرخنا إلى الرب طالبين النجدة. وكان وضعنا ميئوساً منه، وساء بالأكثر عندما بدأ الشعب يلوم أخي موسى ويقول له: «هَلْ لأَنَّهُ لَيْسَتْ قُبُورٌ فِي مِصْرَ أَخَذْتَنَا لِنَمُوتَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ؟ إِنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ نَخْدِمَ ٱلْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَنْ نَمُوتَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ» (سفر الخروج 14: 11 و12).
سرعان ما نسينا أعمال الله القديرة والعجيبة التي عملها لأجلنا في الأوقات الماضية!
أما أخي موسى فقد آمن بتدخُّل الله القدير. هل حالتنا مجهولة لديه وصعبة عليه؟ بتمام الاقتناع قال موسى للشعب: «لاَ تَخَافُوا. قِفُوا وَٱنْظُرُوا خَلاَصَ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي يَصْنَعُهُ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ. فَإِنَّهُ كَمَا رَأَيْتُمُ ٱلْمِصْرِيِّينَ ٱلْيَوْمَ لاَ تَعُودُونَ تَرُونَهُمْ أَيْضاً إِلَى ٱلأَبَدِ. ٱلرَّبُّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ» (سفر الخروج 14: 13 و14). وبكل الدهشة رأينا كيف انتقل عمود السحاب الذي كان يسير أمامنا ليقف وراءنا، بيننا وبين الجيش المصري. كان السحاب إلى جهة المصريين مظلماً وإلى جهتنا مضيئاً. وعندها أمر الله موسى قائلاً: «ٱرْفَعْ أَنْتَ عَصَاكَ وَمُدَّ يَدَكَ عَلَى ٱلْبَحْرِ وَشُقَّهُ، فَيَدْخُلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ ٱلْبَحْرِ عَلَى ٱلْيَابِسَةِ» (سفر الخروج 14: 16).
فعل موسى كما أمره الربّ، فأجرى الربّ البحر بريح شرقية شديدة، وحدث ما لا يصدقه إنسان. انشق الماء وكان طريق الهرب أمامنا خالياً. بالاتكال على الله الحي دخلنا في وسط البحر على اليابسة، والماء سور لنا عن يميننا وعن يسارنا. وصل الكلّ إلى الشاطئ الآخر بسلامة، الشعب بأكمله وقطعان الغنم والبقر. ولما نظرنا إلى خلفنا دبّ الفزع في قلوبنا. سمعنا صرخة تقول: «الجيش المصري يتبعنا». بالفعل دخل وراءنا بمركباته وفرسانه إلى وسط البحر. فتساءلنا: هل يلحقون بنا يا تُرى؟ ولما وصلوا إلى وسط البحر توقف زحفهم. لماذا لم يتقدموا أكثر إلى الأمام؟ حدث اضطراب فيما بينهم. وقع بعض المحاربين من مركباتهم وانكسرت عَجَلاتُها. سمعنا بعضهم ينادي بهلع: «الرب يحارب ضد المصريين».
بعد ذلك أمر الله موسى: «مُدَّ يَدَكَ عَلَى ٱلْبَحْرِ لِيَرْجِعَ ٱلْمَاءُ عَلَى ٱلْمِصْرِيِّينَ، عَلَى مَرْكَبَاتِهِمْ وَفُرْسَانِهِمْ» (سفر الخروج 14: 26). فمدَّ موسى يده على البحر.
بارتعاش داخلي شاهدنا كيف رجع الماء إلى ما كان عليه وابتلع المركبات والفرسان، وكيف غرق جيش فرعون بأكمله في البحر. لم يبق ولا واحد على قيد الحياة.
ساوَرَنا رُعب في بادئ الأمر ووقع علينا خوف من الله القدير. لكن نشأت فينا بعد ذلك ثقة تامة وشكر عميق، إذ أدركنا أن الذي خلصنا وحررنا من يد المصريين قادر أن يقودنا عبر الصحراء ويوصلنا إلى أرض الميعاد. غمرني فرح فياض. أخذت دُفّي بيدي ورقصت به رقصةً لمجد الله الذي صنع لنا العظائم. ومن جراء فرحي خرجت جميع نساء شعبي ورائي بدفوف ورقص. بالشكر والتهليل قُدْتهنَّ بترنيم التسبيحة: «أُرَنِّمُ لِلرَّبِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَظَّمَ. ٱلْفَرَسَ وَرَاكِبَهُ طَرَحَهُمَا فِي ٱلْبَحْرِ» (سفر الخروج 15: 1). بقلوب مرتاحة هتف الجميع: تحررنا! خلصنا!! نجونا! وعاد إلينا صدى الصوت من آلاف المخلّصين. الفرح بعد النجاة العجيبة فاق كلّ مرارة ذُقناها وخوف اختبرناه وضيق اجتزناه في السابق. اختبرنا في سيرنا الشاق عبر الصحراء أيضاً أعمال الله العجيبة الكثيرة. أنزل الله إلينا الخبز من السماء، وروى ظمأنا بالماء العذب الذي انفجر من الصخرة. وقد لبىّ طلباتنا الخاصة وأرسل لنا السلوى ليُرضي شهوتنا إلى أكل اللحم. لم يكن من السهل إرضاء شعب غير راضٍ في كثير من الأحيان، إذ تذمّر على أخي موسى عدة مرات. ومن حيث أن الله منح أخويَّ موسى وهارون شرف العمل معه، وهما منحاني شرف العمل معهما في الخدمة، وجب علينا حلّ بعض المشاكل معاً. كان موسى أقرب إلى الله من هارون ومنّي. تكلم الله مع موسى مباشرة، وتلقَّى موسى الأوامر رأساً من الله، وكذلك السلطة التامة لتنفيذها. وهذا لم أقدر أن أطيقه.
________________________________________
[1] توجد في الكتاب المقدس سبعة تعبيرات مختلفة عن الكنيسة فهي: جسد المسيح (القرب الوثيق) _ عروس المسيح (المحبة والإعزاز) _ بيت الله (مكان سكنى الله من الآن وإلى الأبد الآبدين) _ هيكل (إعلان أمجاد الله لكل الخلائق) _ منائر (مسئولية الشهادة على الأرض) _ مدينة (غرض الله النهائي) _ رعية (الاعتماد الكلي على الراعي المحب).. ولعل أبرز تعبيرين هما "جسد المسيح" و "بيت الله"، الأول يرتبط بالأكثر بالامتيازات التي لنا، والثاني بالمسئوليات التي علينا _
[2] لعل القارئ الفطن يلاحظ أن الأخ الحبيب تحت هذا العنوان قد نسب البيت إلى المسيح عدة مرات. ومن المفيد أن نذكر أن الكتاب المقدس دائماً ينسب البيت إلى الله (عب 10: 21، 1 تي 3: 15، 1 بط 4: 17)، ولا يستثنى من ذلك الآية التي نحن بصددها والواردة في عب 3: 6. فالمفارقة هنا هي بين موسى الذي كان أميناً في كل بيت الله كخادم، وبين المسيح الذي هو ابن على هذا البيت، بيت الله. ومع أن نفس الفقرة تشير إلى أن المسيح هو الله، لأن المسيح هو باني البيت، وباني الكل هو الله. لكن البيت ينسب إلى الله "بيت الله)
[3] هناك تعامل لأقانيم اللاهوت الثلاثة مع خطية المؤمن بالإضافة إلى تعامل الجماعة المحلية، فبمجرد حدوث زلة من المؤمن، حتى ولو كانت مجرد كلمة خرجت منه بدون احتراس، فإن الروح القدس الساكن فيه يحزن (أف 4: 29 و 30). والمؤمن الذي لا يستفيد من ذلك ويحكم فوراً على خطئه، فإنه يعرض نفسه لمعاملات الآب التأديبية، الناتجة عن محبته لنا (عب 12: 6 _ 11). فإذا تمادى المؤمن ولم يرجع فإنه يعرض نفسه لتأديب الرب، هذا التأديب الذي يجب أن تمارسه الجماعة، وبصفة خاصة النظار بينهم لكنها لو قصرت فالرب سيقوم بنفسه بهذا الأمر حسبما ورد في 1 كورنثوس 11: 30 _ 32)
العاقر : هي التي أنقطع عنها الإنجاب،اذابلغت المرأة سن اليأس أو أصابها المرض أو حادث لمرض....
أما العقيم : فكلمة تطلق على الرجل والمرأة اللذان خلقا ولا يمكنهما الإنجاب أصلاً ...
عَقَر عَقَراً: عقم وعقر الأمر عُقرا: لم ينتج عاقبة. والعاقر: العقيم رجلاً كان أو امرأة . والعقيم هو من كان به أو بها ما يحول دون النسل، من داء أو شيخوخة، وكان ذلك يعتبر عاراً وبخاصة عند شعوب الشرق الأوسط قديماً . وكان وعد الرب لشعبه أن " لا يكون مسقطة ولا عاقر في أرضك" (خر 23: 26، تث 7:14). وأول من قيل عنها إنها كانت عاقراً، هي " سارأي " امرأة إبراهيم (تك 11: 30) ولكنها ولدت -بعد ذلك إسحق. وكذلك كانت رفقة امرأة إسحق ثم ولدت عيسو ويعقوب (تك 25: 21). وراحيل امرأ ة يعقوب ثم ولدت يوسف وبنيامين (تك 29: 31). وحنة امرأة ألقانة " لأن الرب كان قد أغلق رحمها" ( 1 صم 1:6)، ولكن لما أعطاها الرب صموئيل ترنمت قائلة: "إن العاقر ولدت سبعة" ( 1صم 2: 5).
وكانت إليصابات امرأة زكريا الكاهن " عاقراً "، وكانت هي وزوجها متقدمين في الأيام (لو 1:7)، ولكن الرب أعطاهما " يوحنا المعمدان " الذي كان سبب فرح وابتهاج، ليس لزكريا وإليصابات فقط بل لكثيرين (لو 1: 14).
ويقول الرب يسوع للنساء اللواتي كن يلطمن وينحن عليه وهو في طريقه إلى الصلب: "يا بنات أورشليم لا تبكين علىَّ 00 لأنه هوذا أيام تأتي يقولون فيها: طوبى للعواقر والبطون التي لم تلد، والثدي التي لم ترضع" (لو 23 : 26 –29).
ويقول الرب على فم ملاخي النبي: "هاتوا جميع العشور إلى الخزنة ليكون في بيتي طعام، وجربوني بهذا قال رب الجنود، إن كنت لا أفتح لكم كوى السموات وأفيض عليكم بركة حتى لا توسع. وأنتهر من أجلكم الآكل فلا يُفسد لكم ثمر الأرض، ولا يُعقَر لكم الكرم في الحق" (ملاخى 3: 10 و11)، أي لا يصبح الكرم عقيماً بلا ثمر.
(عاقر | عيقر)
اسم عبري معناه "استئصال" ابن رام بن يرحمئيل, من سلالة يهوذا (1 أخبار 27:2).)
* أول إمرأة خلقت هي حواء .
* أول إمرأة صارت قاضية هي دبورة .
* أول إمرأة عاقر ولدت هي سارة .
* أول إمرأة لعبت ببطل هي دليلة .
* أول امرأة بشرت الرسل هي مريم المجدلية .
* أول إمرأة نبية هي مريم أخت موسي .
* أول إمرأة علمت بوجود مخلص في أحشاء العذراء هي أليصابات .
* أول شهيدة في المسيحية هي تكلا .
* أول وآخر عذراء وأم في نفس الوقت هي مريم .
سؤال: ما أسماء أربع زوجات كن عواقر، ومنحن الله أولاداً؟وموضع ذلك في الكتاب المقدس؟
في الكتاب المقدس رجالٌ ونساءٌ أسماؤهم وتاريخ حياتهم مألوفٌ لدينا، إنْ كنت تسمع مثلاً أسماء إبراهيم وموسى وداود يمكنك، ربّما بلا تردّد، أن تُعدّد واقعة أو وقائع من حياتهم.
ولكننا نريد اليوم أن ندع امرأة من الكتاب المقدس تتحدث إلينا. كانت المرأةُ امرأةً عاديّة، ولم تكن شهيرة. ومن المدهش أنّ أوضاع حياتها وصعوباتها تشبه أوضاع حياتنا اليوم.
هذه المرأة التي نتكلم عنها هي يوكابد. وإننا اليوم بحاجة ماسّة إلى نساء باسلات جريئات بقلب ملؤه الدفء والعطف والعزم والحزم وقوة الإرادة مثل يوكابد، التي تودّ كلُّ امرأةٍ أن تكون مثلها.
من هي يوكابد؟ |
ندعها تُجيب بنفسها على هذا السؤال، وتسرد لنا أهمّ وقائع حياتها، فتقول: وُلدت في مصر، لأنّ أجدادي ارتحلوا إلى هذه الأرض قبل نحو أربعمائة سنة بسبب المجاعة التي حلّت في بلدهم. وفي ذلك الزمان رحّب المصريون بهم واحترموهم، لأنّ يوسف بن يعقوب بحكمته وبُعد نظره وَقَى مصر من مجاعةٍ دامت سبعَ سنوات مُتتالية.
ولكن الأمور تغيّرت مع مُضيِّ الزمن.
فحاكم مصر الجديد، فرعون، ظنّ أن شعبنا يُهدِّد شعبه، فقد حلَّت بركةُ الرب على شعبنا في مصر أيضاً، فازداد عدده واتّسعت بقعة الأرض التي امتلكها. وعبّر فرعون بصراحة عن قلقه وقال: «هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. هَلُمَّ نَحْتَالُ لَهُمْ لِئَلاَّ يَنْمُوا، فَيَكُونَ إِذَا حَدَثَتْ حَرْبٌ أَنَّهُمْ يَنْضَمُّونَ إِلَى أَعْدَائِنَا وَيُحَارِبُونَنَا وَيَصْعَدُونَ مِنَ ٱلأَرْضِ» (سفر الخروج 1: 9و10). فجعل فرعون على شعبنا رؤساء تسخير لكي يُذلّوه بأثقالهم. فبنى أجدادنا المدن لفرعون. ولكنْ بحسبما أذلوهم هكذا نموا وامتدوا. فاختشوا من بني إسرائيل. فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعُنف، ومرّروا حياتهم بعبوديّة قاسية في الطين واللِّبن، وفي كلّ عمل في الحقل (سفر الخروج 1: 11-14).
ولما صار عدد شعبنا يزداد أكثر فأكثر أَخذ فرعون يفكر بطريقة أخرى للضغط عليه. وكلم قابلتي العبرانيات اللتين اسم احداهما شِفرةُ واسم الأخرى فوعَةُ، وقال لهما: «حِينَمَا تُوَلِّدَانِ ٱلْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى ٱلْكَرَاسِيِّ - إِنْ كَانَ ٱبْناً فَٱقْتُلاَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنْتاً فَتَحْيَا» (سفر الخروج 1: 16). «وَلٰكِنَّ ٱلْقَابِلَتَيْنِ خَافَتَا ٱللّٰهَ وَلَمْ تَفْعَلاَ كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْرَ، بَلِ ٱسْتَحْيَتَا ٱلأَوْلاَدَ» (سفر الخروج 1: 15و17).
أدهشني ما فعلته القابلتان. اجترأتا أنْ تُخالفا أمر الملك بقتل الأطفال. كان واضحاً لهما في السرّ والعلانية بأنّ إهلاك نفسٍ بشرية منحها الله، عملٌ وحشيّ. كانت مهمتهما مساعدة الحبالى إلى حين الولادة وليس قتل أطفالهنّ.
سألت نفسي: ما الذي دعاهما لاتّخاذ هذا القرار؟ وأجبت: دعاهما الى ذلك خوفهما من قوّة الله مانح الحياة. لم تكن آنذاك وصيّة الله «لا تقتل!» معروفة لدى شعبنا، ولكنه كان واضحاً للقابلتين بأنه لا يحقُّ للإنسان أن يُهلك حياة إنسان آخر منحها الله. ومَن فعل ذلك يكون متكبراً ومتغطرساً وعاصياً وملحداً.
كادت مخالفة القابلتين لأمر الملك تكلفهما حياتيهما. لم يحدّثهما قلباهما بنتيجة طاعتهما إرادة الله، لكنهما عرفتا بأنه «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ ٱللّٰهُ أَكْثَرَ مِنَ ٱلنَّاسِ» (سفر أعمال الرسل 5: 29).
ولما دُعيت القابلتان للاستجواب أمام الملك اختبرتا بكل سرور ما هو مكتوب في سفر الأمثال 1: 7: «مَخَافَةُ ٱلرَّبِّ رَأْسُ ٱلْمَعْرِفَةِ». منحهما الربّ الحكمة في الوقت المناسب كي تُعطيا الملك الجواب الصحيح، وتقولا له: «إِنَّ ٱلنِّسَاءَ ٱلْعِبْرَانِيَّاتِ لَسْنَ كَٱلْمِصْرِيَّاتِ، فَإِنَّهُنَّ قَوِيَّاتٌ يَلِدْنَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَهُنَّ ٱلْقَابِلَةُ» (سفر الخروج 1: 19). وهذا صحيح، لأن الحامل التي تتحرك وتعمل تلد أسهل من ولادة الحامل الخاملة التي لا تتحرك. وكانت نساء بني اسرائيل يبذلن جهداً بدنياً كبيراً في خدمة المصريين. ومن حيث أنّ القابلتين أطاعتا الله، أحسن الله إليهما وحماهما من غضب فرعون.
ساعدني مَثَل القابلتين كثيراً وشجعني في وضعي الحاضر. تزوجت من عمرام منذ سنوات عديدة. كلانا من بيت لاوي. كان لنا ابن اسمه هارون وابنة اسمها مريم. وانتظرت بعدهما ولداً ثالثاً. وعندها ساورتني أفكار وأسئلة كثيرة مثل: هل إنجاب الأولاد مُحبّذ في مثل هذه الحالات؟ هل يمكن للإنسان تحمُّل مسؤولية تربية الأولاد في هذا الزمن الذي يكِنُّ للأولاد الكراهية والعِداء، والذي يُضمر لهم الشقاء والعبودية، وربما الموت أيضاً؟ عندما أنجبت ولدَيّ الأولين كان الوضع أسهل. ولكن قبل ولادة ولدي الثالث أصدر فرعون أمراً جديداً، ووجَّهه هذه المرة إلى الشعب المصري وقال له: «كُلُّ ٱبْنٍ يُولَدُ تَطْرَحُونَهُ فِي ٱلنَّهْرِ» (سفر الخروج 1: 22).
وبالرغم من ذلك أردت أن أُنجب الولد، بصفته عطيّة الله. جاءت ساعة الولادة، ويا لها من فرحة! كان المولود صبياً. احتضنته وعانقته بأيدٍ مرتجفة. كان الصبي جميلاً وظريفاً. وعلى حين غرّة عرفت أنّ للهِ قصداً من ولادة هذا الولد، إذ كان جميلاً جداً (سفر أعمال الرسل 7: 20).
توكّلت على الله الذي منحني القوة والرجاء. ونزع إيماني بقدرة الله مني الخوف عند عصياني أمر فرعون. ولكني لم أَرَ وقتئذ منفذاً للخروج من محنتي. كان مستقبل ولدي لا يزال مظلماً ومحفوفاً بالمخاطر. ولكني علمت يقيناً أنّ الله سيريني الطريق الأفضل لولدي ويحقق حتماً الخطة التي رسمها له. خبّأتُ الرضيع في بادئ الأمر، ولكنّه أصبح صعباً عليّ إبقاؤه مخفياً. قوي صوته يوماً بعد يوم واتّضح لي أنه لا بدّ وأنْ يُكتشف أمره.
وألهمني الله فكرة جيدة استطعت بواسطتها أن أُنقذ ابني. أخذت له سَفَطاً من البَردي وطليتُه بالحُمر والزّفت ووضعت الولد فيه ووضعته بين الحلفاء على حافة نهر النيل.
كان عليّ الآن أن أسلّم أمر ولدي الحبيب لرحمة الله. وكنت واثقة تماماً في القدير بأنّه يستطيع أن يفعل أمراً فوق العادة ليُنفّذ خطته التي رسمها لهذا الولد. وعلى كلِّ حالٍ طلبت إلى ابنتي مريم أن تمكث بالقرب من نهر النيل وتراقب ماذا يحدث للصبي. وعمل الله عمله حتى استطعت أن أقول ما قاله النبي إشعياء فيما بعد: «لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ أَفْكَارَكُمْ، وَلاَ طُرُقُكُمْ طُرُقِي يَقُولُ ٱلرَّبُّ» (سفر إشعياء 55: 8).
كانت الصدفة أن ابنة فرعون القاسي القلب نزلت إلى نهر النيل لتغتسل، وكانت جواريها ماشيات على جانب النهر. وبينما كانت الأميرة تستحم رأت السفط بين الحلفاء، فأرسلت خادِمَتها وأخذته. ولما فتحته رأت الولد وإذا هو صبيّ يبكي وقالت: «هٰذَا مِنْ أَوْلاَدِ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ» (سفر الخروج 2: 6). رقَّت ابنة فرعون للمخلوق الصغير الجميل، واجترأت أن تخالف أمر أبيها. لم ترمِ الصبي في النهر حتى يغرق، بل بالعكس، اتَّخذته كأنه ابنها الخاص.
تصرَّف الله بطريقة عجيبة.
لا يخزى مَن ينتظر الله الوديع
وهل أكون أول من يخزى؟
هذا مستحيل! يا حصني المنيع
تهتزُّ السماء قبل أن أُخزى.
اختبأت ابنتي مريم بين الحلفاء وراقبت كل شيء عن قُرب. وبسرعة البرق انتهزت الفرصة السانحة، وأيقنت أنه لا بد لها الآن أن تخرج من مخبئها لتواجه الأميرة، لأن الأمر يتعلق بحياة أخيها، وقالت في نفسها: يجب أن ينجو أخي من الموت لأنه الآن بين الحياة والموت.
بجرأة لا مثيل لها خرجت مريم من مخبئها وأقبلت نحو الأميرة وقالت لها: «هَلْ أَذْهَبُ وَأَدْعُو لَكِ ٱمْرَأَةً مُرْضِعَةً مِنَ ٱلْعِبْرَانِيَّاتِ لِتُرْضِعَ لَكِ ٱلْوَلَدَ؟» . فقالت لها ابنة فرعون: «اذهبي!» (سفر الخروج 2: 7و8).
وبأسرع ما يمكن ركضت مريم إلى البيت، ونقلت إليّ الخبر السارّ عن نجاة ولدنا. أُعيد الولد إليّ، ولو لزمن محدود، وسُمح لي أن أُربّيه دون خوف، وأعتني به وأُحيطه بعطفي. وهذا كله تمّ بفضل جُرأة مريم وبسالتها.
ومن حيث أنّ ابنة فرعون تبنَّت الصبي، عُيّنتُ مُربيةً ومرضعةً لابني الخاص المُنتشَل من الماء، فكنت أنا أول امرأة في التاريخ حصلت على أُجرة لتربية ابنها (سفر الخروج 2: 9).
انتهزت فرصة السنين المحدودة التي كان لي فيها تأثير على ولدي وأخبرته بتاريخ شعبنا وعمل الله بواسطة آبائنا. وقبل كل شيء غرست في قلبه الثقة بالله الحيّ.
وإني أشهد بملء الحمد والشكر أنّ الله نمّى في قلوب أولادي الثلاثة الإيمان به. اختار الله موسى، ولدي الأصغر، ليقود شعبنا، وهارون، ولدي الأكبر ليكون رئيس كهنتنا، ومريم لتكون أول نبية.
الله لا يُخيِّب ثقتنا به. وهو يعمل بطرق عجيبة تفوق طلباتنا وإدراكنا.
ينبغي على كل من يسمع قصة يوكابد، زوجة عمرام، أم موسى، أن يفكر بنفسه:
إلى أي مدى تصل ثقتنا بالله الحي عندما تواجهنا ضيقات داخلية وخارجية وصعوبات كثيرة؟ وهل إيماننا بالله في مثل هذه الحالات قوي حتى نثق به أنه يجعل من المستحيل خير الأمور؟ لِعَمله في حياتنا غاية وهدف. إنه أَجدى نفعاً لنا بأن نسلمه زِمام حياتنا.
ومن مريم أيضاً نستطيع أن نتعلم بعض الأشياء. هل نعرف حالات نفضّل فيها أن نبقى في الخلف؟ نحن نخاف الناس. نخاف أن نقول كلمة جريئة بحق ربنا. كثيراً ما نرى إلى جانبنا أناساً يسيرون نحو الموت الأبدي دون أن نُسرع إلى مساعدتهم. لنتَّخذ من مريم مثالاً لنا ونخرج من مخبئنا لنقود أخانا وأختنا إلى الرب يسوع.
مريم أخت موسى وهارون
كنت في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة من عمري حين رأيت أمي بإمعان تعمل سفطاً من البَردي وتطليه بالحُمر والزّفت. وتكهَّنت ما كان قصدها، إذ أنه كان عليّ منذ أسابيع عديدة أن أهتم بأخي كي لا يصرخ بأعلى صوته. فلو أنّ أحد المواطنين المصريين سمع صُراخ أخي لكشف أمره وقاده إلى الموت. حاول فرعون بأكثر شدة من قبل أن يُضعف شعبنا ويُذله ويضغط عليه ويفنيه. شعر نفسه مهدداً لأن شعبنا ازداد عدده وقوي في وسط الشعب المصري. لذلك أصدر فرعون أمراً إلى شعبه: كل ابن يولد من العبرانيات تطرحونه في نهر النيل. لكن كل بنت تستحيونها (سفر الخروج 1: 22).
وبالرغم من صِغر سني أدركت ما يحويه هذا الأمر من مآسٍ وويلات، وأنّ عائلتنا وقعت أيضاً تحت وطأة هذا الوضع الشاذ. ماذا كان يعني لأمي أن تضع ولدها الحبيب في سَفَطٍ من البَردي وتُسلِّم أمره لنهر النيل؟ لكنّ إيمانها القوي بالله القدير أدهشني آنذاك. عرفت بأنها لم تسلّم أمر ولدها المحبوب لنهر النيل بل لعناية إلهها الرحيم، وأيقظت قدوتها الصالحة فيّ الرغبة في أن أثق بالربّ دون قيد ولا شرط حتى في أسوأ أيام حياتي أيضاً. هو الذي خلق كلّ شيء، والذي دُفع إليه كلّ سلطان في السماء وعلى الأرض، قادر أن يجعل حياتي تؤول لخيري. وإنّي أضع نفسي في يديه واثقةً، وإن كنت لا أفهم سيرة حياتي.
اختبأت خلف الحلفاء العالية وراقبت بكلّ انتباه كيف يتموّج سَفَط البَردي على وجه مياه النهر بين الحلفاء الذي يحتوي على الكنز الثمين، وهو أخي. لم تسمح لي عاطفتي أن أتركه هناك لوحده. وأردت كذلك أن أعرف ماذا يكون مصيره. وبعدها بلغت أذنيَّ أصوات بشرية. فقلت في نفسي على الفور: «أرجو أن لا يكتشف أحدٌ أخي». ولكنّ هذا حدث بالفعل. غير أن عجيبة الله بدأت تأخذ مجراها أمام عينيّ. أمرت ابنة فرعون العظيم خادمتها بأن تحضر إليها السفط. ولما فتحته ورأت الطفل الذي كان يبكي تحنَّن قلبها عليه، وقرَّرت أن تتبنَّى الولد وتربّيه ولا تقتله. وعندها منحني الله الحكمة لأتصرَّف كما يريد.
تجرأت أن أخرج من مخبئي وأقول للأميرة: «هَلْ أَذْهَبُ وَأَدْعُو لَكِ ٱمْرَأَةً مُرْضِعَةً مِنَ ٱلْعِبْرَانِيَّاتِ لِتُرْضِعَ لَكِ ٱلْوَلَدَ؟» فقالت الأميرة: «اذهبي!» وبأسرع ما يمكن ذهبت إلى بيتنا لأحضر أمي (سفر الخروج 2: 7و8).
امتلأ قلبي بالشكر على ما فعله الربّ. والآن أدركت أنّ إله إبراهيم يعمل اليوم أيضاً عجائب. لم يتركنا. إنه معنا في الأيام العصيبة أيضاً. وهو لا يخلّ بوعده. تجرأت أن أتفوه بالوعود التي قطعها الله لإبراهيم وسائر آبائنا. كانت هذه الوعود سبب تشجيع لشعبنا.
استمددت من اختباري مع الله رجاءً فوق رجاء. دعاني أبواي باسم «مريم» الذي تفسيره «مرّ». ربما نشأ هذا الاسم في الوقت المرير والعصيب الذي وُلدت فيه. ولكنه لا حاجة لي لأن أستسلم أو أغتاظ، بل أريد أن أثق بالله وأحسب بأنه يحقق وعوده لي ولشعبي.
لم أتكهّن آنذاك أن الله سيدعو أخويَّ الاثنين هارون وموسى ويدعوني أنا أيضاً لنقود شعبه من عبودية مصر إلى الحرية (سفر ميخا 6: 4). وإن أنسى فلا أنسى ليلة الفصح: طاعة لأمر الله، ذبحت كل عائلة من عائلات شعبنا شاة صحيحة، ذكراً ابن سنة من الخرفان أو من الماعز. وكان علينا أن نشوي لحمه بالنار ونأكله كله في تلك الليلة. أخذ أبي باقة زوفا وغمسها في الدم الذي في الطست ومسَّ عتبة الباب العليا والقائمتين بدم الذبيحة. نجَّتنا علامة الدم هذه من غضب الله ودينونته. فحدث في نصف الليل أن الرب ضرب كل بكر في أرض مصر. أما نحن الذين كنا تحت حماية الدم فنجونا من الموت. لم يكن بيت من بيوت المصريين ليس فيه ميت. وفي أثناء هذه الصدمة دعا فرعون موسى وهارون ليلاً وقال لهما: «قُومُوا ٱخْرُجُوا مِنْ بَيْنِ شَعْبِي أَنْتُمَا وَبَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعاً، وَٱذْهَبُوا ٱعْبُدُوا ٱلرَّبَّ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ» (سفر الخروج 12: 31). بعد 439 سنة قضاها شعبنا في السبي تحنَّن الله عليه وأرغم المصريين أن يُطلقوا سراحه. وإني لا أزال أرى أمام عينيّ جماهير الشعب وهي تغادر أرض مصر ليلاً بسرعة. ستمائة ألف رجل، عدا الأولاد، ارتحلوا من رعمسيس إلى سكوت. وصعد معهم لفيف كثير أيضاً مع غنم وبقر ومواشٍ وافرة جداً. والرب نفسه سار أمامنا ليهدينا في الطريق الصحيح. وقد بدا لنا وجوده وعنايته بنا نهاراً في عمود سحاب، وليلاً في عمود نار ليُضيء لنا حتى نستطيع أن نسير ليلاً أيضاً.
ثم جاء اليوم الرهيب الذي فيه لم نجد مخرجاً من المأزق الذي وقعنا فيه. أخذ فرعون ستمائة مركبة مُنتخبة وسائر مركبات مصر وجنوداً مركبية وسعى وراءنا. نَدم على أنه أطلق سراحنا. وكان شعبنا قد خيّم عند شاطىء البحر الأحمر. لاحظنا المصريين فقط عندما أصبحوا على مرأى من عيوننا. ففزعنا جداً وصرخنا إلى الرب طالبين النجدة. وكان وضعنا ميئوساً منه، وساء بالأكثر عندما بدأ الشعب يلوم أخي موسى ويقول له: «هَلْ لأَنَّهُ لَيْسَتْ قُبُورٌ فِي مِصْرَ أَخَذْتَنَا لِنَمُوتَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ؟ إِنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ نَخْدِمَ ٱلْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَنْ نَمُوتَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ» (سفر الخروج 14: 11 و12).
سرعان ما نسينا أعمال الله القديرة والعجيبة التي عملها لأجلنا في الأوقات الماضية!
أما أخي موسى فقد آمن بتدخُّل الله القدير. هل حالتنا مجهولة لديه وصعبة عليه؟ بتمام الاقتناع قال موسى للشعب: «لاَ تَخَافُوا. قِفُوا وَٱنْظُرُوا خَلاَصَ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي يَصْنَعُهُ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ. فَإِنَّهُ كَمَا رَأَيْتُمُ ٱلْمِصْرِيِّينَ ٱلْيَوْمَ لاَ تَعُودُونَ تَرُونَهُمْ أَيْضاً إِلَى ٱلأَبَدِ. ٱلرَّبُّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ» (سفر الخروج 14: 13 و14). وبكل الدهشة رأينا كيف انتقل عمود السحاب الذي كان يسير أمامنا ليقف وراءنا، بيننا وبين الجيش المصري. كان السحاب إلى جهة المصريين مظلماً وإلى جهتنا مضيئاً. وعندها أمر الله موسى قائلاً: «ٱرْفَعْ أَنْتَ عَصَاكَ وَمُدَّ يَدَكَ عَلَى ٱلْبَحْرِ وَشُقَّهُ، فَيَدْخُلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ ٱلْبَحْرِ عَلَى ٱلْيَابِسَةِ» (سفر الخروج 14: 16).
فعل موسى كما أمره الربّ، فأجرى الربّ البحر بريح شرقية شديدة، وحدث ما لا يصدقه إنسان. انشق الماء وكان طريق الهرب أمامنا خالياً. بالاتكال على الله الحي دخلنا في وسط البحر على اليابسة، والماء سور لنا عن يميننا وعن يسارنا. وصل الكلّ إلى الشاطئ الآخر بسلامة، الشعب بأكمله وقطعان الغنم والبقر. ولما نظرنا إلى خلفنا دبّ الفزع في قلوبنا. سمعنا صرخة تقول: «الجيش المصري يتبعنا». بالفعل دخل وراءنا بمركباته وفرسانه إلى وسط البحر. فتساءلنا: هل يلحقون بنا يا تُرى؟ ولما وصلوا إلى وسط البحر توقف زحفهم. لماذا لم يتقدموا أكثر إلى الأمام؟ حدث اضطراب فيما بينهم. وقع بعض المحاربين من مركباتهم وانكسرت عَجَلاتُها. سمعنا بعضهم ينادي بهلع: «الرب يحارب ضد المصريين».
بعد ذلك أمر الله موسى: «مُدَّ يَدَكَ عَلَى ٱلْبَحْرِ لِيَرْجِعَ ٱلْمَاءُ عَلَى ٱلْمِصْرِيِّينَ، عَلَى مَرْكَبَاتِهِمْ وَفُرْسَانِهِمْ» (سفر الخروج 14: 26). فمدَّ موسى يده على البحر.
بارتعاش داخلي شاهدنا كيف رجع الماء إلى ما كان عليه وابتلع المركبات والفرسان، وكيف غرق جيش فرعون بأكمله في البحر. لم يبق ولا واحد على قيد الحياة.
ساوَرَنا رُعب في بادئ الأمر ووقع علينا خوف من الله القدير. لكن نشأت فينا بعد ذلك ثقة تامة وشكر عميق، إذ أدركنا أن الذي خلصنا وحررنا من يد المصريين قادر أن يقودنا عبر الصحراء ويوصلنا إلى أرض الميعاد. غمرني فرح فياض. أخذت دُفّي بيدي ورقصت به رقصةً لمجد الله الذي صنع لنا العظائم. ومن جراء فرحي خرجت جميع نساء شعبي ورائي بدفوف ورقص. بالشكر والتهليل قُدْتهنَّ بترنيم التسبيحة: «أُرَنِّمُ لِلرَّبِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَظَّمَ. ٱلْفَرَسَ وَرَاكِبَهُ طَرَحَهُمَا فِي ٱلْبَحْرِ» (سفر الخروج 15: 1). بقلوب مرتاحة هتف الجميع: تحررنا! خلصنا!! نجونا! وعاد إلينا صدى الصوت من آلاف المخلّصين. الفرح بعد النجاة العجيبة فاق كلّ مرارة ذُقناها وخوف اختبرناه وضيق اجتزناه في السابق. اختبرنا في سيرنا الشاق عبر الصحراء أيضاً أعمال الله العجيبة الكثيرة. أنزل الله إلينا الخبز من السماء، وروى ظمأنا بالماء العذب الذي انفجر من الصخرة. وقد لبىّ طلباتنا الخاصة وأرسل لنا السلوى ليُرضي شهوتنا إلى أكل اللحم. لم يكن من السهل إرضاء شعب غير راضٍ في كثير من الأحيان، إذ تذمّر على أخي موسى عدة مرات. ومن حيث أن الله منح أخويَّ موسى وهارون شرف العمل معه، وهما منحاني شرف العمل معهما في الخدمة، وجب علينا حلّ بعض المشاكل معاً. كان موسى أقرب إلى الله من هارون ومنّي. تكلم الله مع موسى مباشرة، وتلقَّى موسى الأوامر رأساً من الله، وكذلك السلطة التامة لتنفيذها. وهذا لم أقدر أن أطيقه.