الاخوان الكبار / بقلم: عميت كوهين / هآرتس 4/2/2011
اذا
صدقنا رجل المعارضة، محمد البرادعي، فان الاخوان المسلمين هم جماعة دينية
محافظة، تماما مثل الاصوليين في اسرائيل. فهل سيفرضون حكما اسلاميا في مصر؟
بالتأكيد لا. فهذه بالاجمال محاولات تخويف من مبارك. اذا صدقنا البيت
الابيض، ينبغي للاخوان المسلمين ان يكونوا جزءا من اللعبة السياسية، لضمان
بقاء مصر شريكا وحليفا. فهل هذا ممكن؟ واشنطن ستطلب ضمانات بان الاخوان
يحافظون على قيم الديمقراطية.
ولكن
اذا ما صدقنا محمد بديع، زعيم الاخوان المسلمين في مصر، فان أمريكا توشك
على التحطم تماما مثل الاتحاد السوفييتي. السلطة الفلسطينية، التي فشلت في
المفاوضات، تلفظ انفاسها الاخيرة. اتفاق السلام مع اسرائيل يجب أن يلغى
وبدلا من ذلك دعم الجهاد المسلح. منظمة حماس فقط، التي ولدت من داخل
الاخوان المسلمين، يمكنها أن تتنفس الصعداء. "اخوتنا المجاهدون في غزة"،
كما دعاهم الزعيم الاسلامي المصري، "انتظروا بصبر، إحموا حدودكم واعلموا ان
الله معكم".
ينتقلون الى الجبهة
يوم
الاربعاء، لاول مرة منذ بدء احداث الغضب ضد نظام مبارك، ظهر الاخوان
المسلمون في مقدمة المنصة. المنظمة، التي اقيمت في القاهرة في العام 1928،
طوردت تقريبا منذ يومها الاول. وعلى مدى عشرات السنين كان كل واحد من
مؤيديها هدفا للاعتقال والتعذيب. وتحت حكم مبارك، اخرجت الحركة عن القانون.
سنوات
من المطاردة تطور ميزتين: البقاء وجنون الاضطهاد. عندما رأت قيادة الاخوان
الى أين تهب الريح، وان مبارك منتهى – والكثير من ذلك بفضل السياسة
الامريكية – قررت انه حان الوقت للتغلب على الخوف. هذا هو الوقت للخروج الى
الكفاح.
الاختبار
الاكبر للاخوان المسلمين سيبدأ اليوم، بعد صلاة يوم الجمعة. الصلوات في
الاسبوع الماضي اطلقت الاشارة لبدء الكفاح ضد مبارك. واليوم سيتبين اذا كان
الاخوان قرروا تحريك مؤيديهم، مباشرة من المساجد الى قلب القاهرة في
محاولة – ربما – لاسقاط النظام الكريه لنفوسهم نهائيا. ولكن حتى لو بقي
مبارك على مدى اشهر عديدة، يبدو ان مصر تسير نحو فترة جديدة، فترة انتخابات
حرة، بمشاركة التيار الاسلامي.
الحياة
تحت الارض، في ظل القمع المتواصل، تجعل من الصعب جدا تقدير قوة الاخوان
المسلمين. ومع ذلك، فخلافا لباقي قوى المعارضة، فان التيار الاسلامي في مصر
نجح في البقاء والازدهار. رجاله يسيطرون على الاتحادات المهنية، على خلايا
الطلاب، على المساجد وكذا في المجال الالكتروني. في الانتخابات للبرلمان،
التي عقدت في 2005، نجح الاخوان المسلمون في ادخال 88 من رجالهم الى
البرلمان. هذا الانجاز – 20 في المائة من المقاعد – اصاب بالذهول نظام حكم
مبارك. في الانتخابات التي اجريت في 2010 زيف مؤيدو الحكم النتائج بشكل فظ
بحيث ان ايا من رجال الاخوان المسلمين لم يدخل البرلمان. ومع ذلك عندما
ستسير مصر الى انتخابات حرة سيكون ممكنا التقدير بان الاسلاميين، منظمين،
مفكرين وممولين جيدا، سينجحون في تحقيق نتائج مثيرة للانطباع.
الاخوان
المسلمون هم، ربما 20 في المائة من الجمهور، يدعي هذا الاسبوع محمد
البرادعي في المقابلات مع وسائل الاعلام الغربية، "هم ليسوا الاغلبية في
المجتمع المصري. هم ليسوا متطرفين. وهم لا يستخدمون العنف. يجب ضمهم، مثل
الجماعات المسيحية الافنجيلية في الولايات المتحدة او اليهود الارثوذكس في
اسرائيل".
وحسب
البرادعي، حاول نظام مبارك اخافة الغرب بالاخوان المسلمين، مثل القاعدة أو
ايران. وهو يقول ان "الاخوان المسلمين لا يشبهون على الاطلاق نموذج
الايرانيين. عملت مع الايرانيين وعملت في مصر. يوجد فارق مائة في المائة
بين المجتمعين. وهم لا يرتبطون بالتطرف الذي رأيناه في افغانستان او في
أماكن اخرى. هذه الاسطورة خطط لها وسوقها النظام، ولكن ليس فيها ذرة من
حقيقة".
امريكا من؟
في
بداية الاسبوع قدم روبرت غيبس، الناطق بلسان البيت الابيض، استعراضا
للصحفيين حول الاحداث في مصر. غيبس، طلق اللسان والمطلع، فضل التملص من
اسئلة وجهت اليه حول امكانية أن يصعد الاخوان المسلمون الى الحكم. "التمثيل
الديمقراطي يجب ان يشمل لاعبين غير علمانيين هامين، سيعطون لمصر فرصة
حقيقية كي تواصل الشراكة المستقرة في الشرق الاوسط"، يقول غيبس، "الشعب
المصري سيقرر من يحكمه، اذا ما قررنا نحن من يجلس امامنا. نحن، بالتعريفِ،
نتخذ القرارات بالنسبة لمدى الحرية التي ستكون للمصريين".
على
المستوى المبدئي، أوضح غيبس بان لادارة اوباما لا توجد مشكلة مبدئية
لادارة علاقات مستقبلية مع الاخوان المسلمين. "ليس لنا علاقة مع الاخوان
المسلمين"، قال غيبس، "ولكن لدينا معايير حول وجود العلاقات (السياسية)".
الشروط هي طاعة القانون، عدم استخدام العنف والاستعداد ليكونوا جزءا من
المسيرة الديمقراطية، دون أن يستخدموها فقط كي يستقروا في الحكم. "أنا لست
السفير"، قال غيبس، "ولكني اعتقد بانه قبل أن نقيم معهم علاقات، سنطلب
ضمانات بانهم ينفذون هذه المعايير".
لشدة
المفارقة، فان محمد بديع، زعيم الاخوان المسلمين، يرى الولايات المتحدة
بعين مغايرة قليلا. فقد قال بديع ان "امريكا تنسحب من العراق، مهزومة
وجريحة. وفي غضون وقت قصير ستنسحب من افغانستان. الطائرات، الصواريخ،
التكنولوجيا العسكرية المتطورة، كل هذه ستنهار امام تصميم الشعوب
الاسلامية".
"الاتحاد
السوفييتي انهار بشكل دراماتيكي"، قال بديع، "ولكن الظروف المؤدية الى
انهيار امريكا اقوى بكثير من تلك التي حطمت الامبراطورية السوفييتية. الامة
التي لا تعمل حسب قيم اخلاقية وانسانية لا يمكنها ان تقود البشرية. نحن
نرى بداية النهاية لامريكا. وهي تسير نحو الضياع".
اعداء سابقون
قوى
اخرى في الشرق الاوسط، تدعمها ادارة اوباما، يعتبرها الاخوان المسلمون
أعداء. في شهر ايلول اثار بديع غضب رام الله، بعد أن توقع انهيارها في غضون
وقت قصير. فقد قال بديع ان "السلطة الفلسطينية تلفظ أنفاسها الاخيرة على
طاولة المفاوضات. الشعب الفلسطيني يعد نفسه لانتفاضة ثالثة. المقاومة هي
الحل الوحيد ضد الوقاحة والطغيان الصهيوني – الامريكي".
في
ميزان القوى المصري – الفلسطيني، أيد نظام مبارك، بشكل تقليدي، فتح
والسلطة الفلسطينية. اما الاخوان المسلمون، فعلى نحو طبيعي، رأوا في حماس –
الفرع الفلسطيني للاخوان المسلمين – لحما من لحمهم. اما واشنطن، التي
تراهن على مدى السنين على ابو مازن، فسيتعين عليها ان تفحص كيف ستوازن
نظاما يكون فيه الاخوان المسلمون هم السائدون والمؤثرون، مع استمرار الدعم
للمسيرة السلمية مع الفلسطينيين.
ولكن
عندما يدور الحديث عن حكم مصري يشكل الاخوان المسلمون جزءا من ائتلافه –
بل وربما الاغلبية الساحقة في البرلمان – فان السؤال الفوري هو كيف ستتصرف
الحكومة الجديدة تجاه اتفاق السلام مع اسرائيل. محمد البرادعي، مثلا، يصر
على انه حتى لو كان الاخوان المسلمون جزءا من الحكومة، فان اتفاق السلام لن
يلغى. ويقول البرادعي: "ان اتفاق السلام سيبقى دون شك. السلام في الشرق
الاوسط هو موضوع يؤيده الجميع. لا أحد يريد ألا يكون سلام".
ومع
ذلك، ففي مقابلة اعطاها البرادعي هذا الاسبوع لـ سي.ان.ان وجد صعوبة في
الايضاح ماذا سيكون عليه موقف الحكومة الجديدة. فقد قال ان "الناس يشعرون
بان هناك اخلاق مزدوجة تجاه الفلسطينيين، وهذا سيستمر. اذا كنت تريد ان
تعترف مصر وباقي العالم العربي باسرائيل فعليك ان تفحص سياستك. في كل
الاحوال، مهما حصل، فانا مقتنع بان الحوار، المفاوضات بين الديمقراطيات هو
اكثر نجاعة من الحوار مع دكتاتور يقمع شعبه".
ومع
ذلك، فقد صرح الاخوان المسلمون صراحة بما سيحصل اذا ما وعندما سيصعدون الى
الحكم. اتفاق السلام مع اسرائيل سيطرح على استفتاء شعبي في محاولة لالغائه
بشكل دستوري. التقدير بان الاخوان المسلمين سيتصرفون ببرغماتية ولن يلغوا
الاتفاق، من أجل المصلحة المصرية، هو تقدير لا يمكن الغاؤه. ولكن تجربة
الماضي تفيد بانه عندما يقول الاسلاميون شيئا فانهم يقصدون ما يقولون.
من
يرغب في أن يجد مواساة معينة، يمكنه ان يتوجه الى ما قاله في الماضي رجال
المعسكر المعتدل داخل الاخوان المسلمين. قبل نحو أربع سنوات، مثلا، اجريت
مقابلة مع عصام العريان، الناطق بلسان الاخوان المسلمين واحد اعضاء قيادة
المنظمة وقال انه اذا ما وصل الاخوان الى الحكم، فانهم لن يلغوا اتفاق كامب
ديفيد. اقوال العريان فهمت وكأن الاخوان المسلمون يعتزمون الاعتراف
باسرائيل فأثارت عاصفة كبرى في أرجاء العالم الاسلامي. وعليه فقد سارع
العريان الى شرح اقواله.
"لم
اقل أبدا ان الاخوان المسلمين سيعترفون باسرائيل"، قال. "قلت ان كل حكومة
ملزمة باحترام الاتفاقات الموقعة، بما فيها اتفاق كامب ديفيد. الشعب المصري
هو الوحيد المخول بالغاء الاتفاقات. هذا هو موقف الاخوان المسلمين.
امكانية ان نعترف باسرائيل هي أمر متعذر". وشرح بانه بعد أن يصعد الاخوان
المسلمون الى الحكم سيستخدمون وسائل مثل الاستفتاء الشعبي او التوجه الى
البرلمان لالغاء اتفاق السلام.
اضافة
الى ذلك نفى العريان وكأنه حاول أن ينقل رسالة برغماتية الى اسرائيل او
الى الولايات المتحدة وقال ان "هذا التفسير مغلوط ويقوم على الاوهام.
امريكا ليست غبية لهذه الدرجة بحيث تفكر بان هناك امكانية ان يعترف الاخوان
المسلمون باسرائيل. أمر كهذا لن يحصل باي حال. اسرائيل ايضا تعرف باننا لن
نعترف بها، ولهذا فانها تخاف من صعودنا الى الحكم".
للتجسيد بان البرغماتية لا
توازن الاعتراف السياسي، اختار العريان استخدام منظمة حماس، التي تتصدى
للواقع كما هو. وقال ان "حماس تستخدم خدمات مثل البلديات، الكهرباء، المياه
والبنوك الاسرائيلية. ولكنها لا تعترف باسرائيل. وهكذا نحن أيضا لن نعترف
بها ابدا".
اختبار الواقع
في
نيسان 2010 أكد زعيم المنظمة محمد بديع هذه الرسالة ودعا مبارك الى أن
يلغي اتفاق السلام تماما. قال بديع: "هذا اتفاق فاشل. اتفاق كامب ديفيد فقد
كل شروطه. فهو لا يتناسب وقوانين الاسلام ولا يخدم مصلحة الامة الاسلامية.
هذا الاتفاق لم يجلب سوى المفاسد والمصائب".
"بعد
31 سنة من التوقيع على اتفاق كامب ديفيد لم تتوقف حرب الجواسيس ضدنا.
اراضي فلسطين لم تسترد. وبدلا من ذلك نشهد هدم منازل الفلسطينيين، بناء
المستوطنات وتهويد القدس. السبب في أني اطالب بالغاء اتفاق السلام هو أن
الصهاينة افرغوه من محتواه، من خلال حرب مستمرة، عدوان وحشي على غزة وقتل
زعماء منظمات المقاومة الفلسطينية".
ومن
صفوف المعارضة سهل التهديد، ولكن رسالة بديع لا ينبغي تجاهلها. "الدفاع عن
النفس، الدفاع عن الوطن وعن الدين، حماية الاسلام من المؤامرات التي تحاك
باسم اتفاقات السلام، ليس اعلانا للحرب بل فريضة"، قال بديع. اذا وجد نفسه
في الحكم، فسيكون بوسع اسرائيل أن تفحص كم هو ملتزم بايديولوجيا الجهاد.