جلسة الإعتراف
جلسة الكاهن مع ابنه فى الأعتراف هى من أهم مجالات العمل الفردى والتعرف على خراف القطيع باسمائها واحوالها .
- ان جلسة الابن مع ابيه الروحى هى التلمذة المسيحية الحقيقية التى تؤهل المؤمن لكل النعم الروحية التى تساعده على حياة النمو الهادئ المستمر ، ومن هذه النعم الروحية التى تؤهل لها حياة التلمذة التناول من الأسرار الالهية.
- فالسيد المسيح له كل المجد عندما عمل العشاء الربانى فى علية صهيون لم يناول سوى تلاميذه ، هكذا يجب الأ يتناول من الأسرار المقدسة الا من كان تلميذا ، أى من له أب أعتراف ومرشد روحى من الأباء الكهنة الأفاضل ، فعل يديه يتتلمذ ومنه يتعلم التدابير الروحية والفضائل المسيحية ، ويعترف له بما يقع فيه من أخطاء ، وخطايا أثناء مسيرته فى حياة التوبة والتلمذة .
- ان أغلب الآباء الكهنة ينظمون أوقات الأعتراف بحيث تكون عقب العشيات ، او عقب بعض الاجتماعات العامة المسائية فى الكنيسة وذلك لتسهيل العملية.
عندما يبدا الأب الكاهن فى قبول الأعترافات ، ويبدا المعترفون فى الدخول واحدا فواحد خذ دورك فى الدخول بكل هدوء حسب النظام المتبع.
- فى فترة الانتظار وقبل دخولك للاعتراف امام ابيك الكاهن أشغل نفسك ببعض القراءات الروحية من كتاب تكون قد أحضرته معك حتى ترفع من حرارتك الروحية ، وحتى تحفظ نفسك من الأفكار الشريرة ومن محارات عدو الخير الذى يحاول جاهداً فى هذه اللحظات ان يبعدك عن الاعتراف وبالتالى عن التقدم للاسرار الالهية المقدسة ، .. حتى اذا جاء دورك ادخل فى خشوع وسلم على ابيك فى وقار وقبل يده والصليب ، ثم اجلس فى هدوء واعلم جيداً انك تجلس كمتهم امام القاضى مهما كانت رتبتك او كرامتك ، ولتكن مستعدا فى اعترافك سواء كان هذا الاستعداد فى ذهنك أم فى ورقة معك فيها ما تريد ان تعترف به والاسئلة التى تريد ان تقولها لابيك الروحى.
- ويذكر لنا التاريخ الكنسى أن أحد الأباء البطاركة كان خلال الاعتراف يجلس على الارض بينما الاب الكاهن الذى يعترف له يعتذر ويقول اجلس بجوارى يا أبى ، لكن الأب البطريرك كان يصر ان يخشع فى جلسته على الارض ويقول للكاهن " انت الان ممثل الله ، وفى يدك سلطان مغفرة خطاياى . دعنى أشعر أننى متهم أمام قاضى وفى يده براءتى "
- أعترف بخطاياك وزلاتك بالتفصيل – سواء من ذهنك او من الورقة – واحترس الا تخبئ شيئا منها مهما كانت قبيحة او محرجة متذكرا نصيحة الرسول القائل " ان اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل أثم ( ايو 1 : 9 ) " ولا تتهم الخرين او الظروف المحيطة وتبرئ نفسك من وزر الخطية متذكرا قول الرسول " ان قلنا أننا لم نخطئ نجعله كاذبا وكلمته ليس فينا ( ايو 1 : 10 ) " .
- أعترف بكل ما تعرفه من زلاتك متذكرا قول النبى " اسكبى كمياه قبالة وجه السيد ( مر 21 : 19 ) " واعلم ان النبى ذكر المياه بالذات لان المياه بعد سكبها من الاناء لا تخلف فى الاناء أثرا أو رائحة وذلك بعكس الزيت مثلاً الذى مهما سكبته لابد ان يخلف بقايا فى الاناء ، وبعكس الخل مثلا الذى لابد ن يخلف فى الاناء رائحة بعد سكبه منه.
هكذا ليكن اعترافك سكباً كاملاً لخطاياك أمام الله فى حضور الآب الكاهن بحيث لا يتبقى فى قلبك أثر ما أو رائحة للخطية.
واعلم ان سكبك لخطاياك فى جلسة الاعتراف هو قدام الله ( قبالة وجه السيد ) وليس قدام أنسان ، لأن الروح القدس يكون حاضراًللاستماع والغفران . ويذكر لنا الكتاب المقدس الحادثة التالية :
عند دخول بنى أسرائيل الى اريحا حذرهم الرب ومنعهم من أخذ أى شئ ، ولكن عخان بن كرمى وجد بعض الأشياء الثمينة فسرقها لنفسه ، فغضب الرب على الجماعة ، وانهزم اسرائيل امام بلدة عاى الصغيرة ، ولما سأل يشوع الرب عن سبب هذه الهذيمة غير المتوقعة قال له الرب " فى وسطك حرام يا أسرائيل فلا تتمكن للثبوت امام اعدائك حتى تنزعوا الحرام من وسطكم ( يش 7 : 13 ) " .
فاحضر يشوع عخان بن كرمى وأمره بالأعتراف للرب أمامه ( أى امام يشوع ) قائلاً .. يا أبنى اعط مجدا للرب اله اسرائيل وأعترف له وأخبرنى الأن ماذا عملت . لا تخف عنى ( يش 7 : 19 ) ".
وهكذا اعترف عخان بن كرمى امام الرب فى حضرة يشوع بن نون.
+ اعلم انك الأن امام الطبيب الروحى الذى سيشفيك من جميع خطاياك وضعفاتك متذكرا نصيحة الرسول " أعترفوا بعضكم لبعض بالزلات وصلوا بعضكم لبعض لكى تشفوا ( يع 5 : 16 ) ".
ونحن نعرف ان المريض لا يخفى شيئا من امراضه امام الطبيب مهما كانت سرية او قبيحة او مخجلة ، حتى يعرف الطبيب كا ما يعانى منه المريض ، يعرف اعراض المرض واسبابه ومضاعفاته ، وبذلك يستطيع ان يصف له الدواء المناسب الذى يأتى به الى الشفاء الكامل.
وحيث ان الآمراض الروحية اشد صعوبة فى اكتشافها وفحصها وأشد خطراً على صاحبها من الأمراض الجسدية ، إذ تسبب فى هلاك نفسه هلاكاً ابديا ، فيجب علينا ان نساعد الاب الكاهن فى كشف امراضنا وتشخيصها حتى يسهل عليه معرفة اسبابها ودوافعها ، وبالتالى يصف لنا الدواء الناجع لعلاجها والشفاء منها سريعاً.
ليتك تتذكر قول المرنم " أعترف بخطيتى ولا أكتم أثمى . قلت أعترف للرب بذنبى وانت رفعت أثام خطيتى ( مز 22 : 5 ) " . وقول الحكيم " من يكتم خطاياه لاينجح ومن يقربها ويتركها يُرحم ( أم 28 : 13 ) ".
وتشجع الرب لك بالاعتراف بقوله " ذكرنى فنتحاكم معاً – حدث لكى تتبرر ( أش 43 : 26 ) ".
ان التوبة هى معمودية ثانية وفعلها قوى جداً وأثرها عظيم . اسمع القديس اثانسيوس الرسولى يقول " كما ان المعتمد من الكاهن يستنير بنعمة الروح القدس ، هكذا من يعترف بخطاياه بواسطة الكاهن يحظة بالغفران بنعمة المسيح "
+ بعد ان تنتهى من اعترافك – اخى المجاهد – وبعد ان تسال الكاهن ما لديك من أسئلة واستفسارات . وبعد ان تسمع منه الردود الابوية الحكيمة على اسئلتك ، وكلمات المنفعة المفيدة على استفساراتك ، وبعد ان تسمع منه الحلول الروحية العملية لمشكلاتك .
بعد هذا كله اركع امامه بخشوع ، وصلى واحدة او اكثر من الصلوات التى ذكرناها قبل ذلك ( ارجع الى موضوع التحاليل ) ثم ابانا الذى فى السموات ...
نقولها بانسحاق وندم ورجاء فى غفران خطاياك وعدم العودة اليها بنعمة الرب.
+ اثناء ذلك يقوم الكاهن واقفا ويضع الصليب المقدس على رأسك ويقرأ التحاليل الثلاث والبركة ويختمها بالصلاة الربانية.
1- فى التحليل الأول : يطلب لك معونة ونعمة من الله ويسأله ان يسحق رؤوس الشيطان الكثيرة وحيله وشباكه المتعددة تحت قدميك سريعاً ، وان يبدد عنك كل مقولاته الشريرة ( اى افكاره التى يوردها الى عقلك ويحاربك بها )
2- وفى التحليل الثانى : يطلب لك من الله ان يمنحك سلامه الالهى الذى فقدته بالخطية ، وان يجعلك من خواصه حتى تخرج من عبودية الشيطان ومعيته الشريرة
o ان يردك الى خوف الله لان خوف الله يحرق الخطية ويبددها من جوانب القلب المختلفة كما يبدد النور الكاشف الظلمة الدامسة من حجرة مغلقة.
o ان يردك الى شوقه ومحبته حتى تنجذب اليه والى وصاياه اكثر من انجذابك الى الشيطان واغراءاته
o وكما ان الانجذاب والشوق الى الاطعمة الجيدة هو علامة الصحة الجسدية هكذا الانجذاب والشوق الى الله والى ممارسة وسائط النعمة المختلفة هو علامة الصحة الروحية والسير فى الطريق الصحيح.
o يطلب لك من الله ان يمتعك بخيراته الالهية كالكتاب المقدس والاسرار الالهية وبالخيرات الجسدية حتى يصعد منك شكر دائم لله يشتمه كرائحة بخور ، اما فى الابدية فيعطيك خيرات ملكوت السموات التى لا تزول ولا تضمحل.
o يطلب لك اخيرا من الله ان يرفعك فى السيرة ويقيمك من سقطتك ويزينك بالفضائل الروحية المختلفة حتى تستحق انت ملكوت السموات . بمسرة الأب الصالح الذى هو مبارك مع الابن الوحيد والروح القدس المحى المساوى له الى الابد امين.
3- وفى التحليل الثالث : يطلب لك بركات كثيرة ونعماً وفيرة منها
· ان يرزقك الله رحمته الغنية الوفيرة
· ان يقطع كل رباطات الخطية
· يطلب لك حلاً وغفراناً من جميع انوع الخطايا التى فعلتها فيقول :
وأن كان قد أخطأ اليك فى شئ بعلم او بغير علم او بجزع القلب او بالفعل او بالقول او بصغر القلب . انت ايها السيد العارف بضعف البشر كصالح ومحب للبشر . اللهم انعم بغفران خطايانا طهرنا حاللنا . هنا يطلب لك الكاهن نعمة غفران الخطايا ونعمة الحل والصفح والبركة والطهارة كأدوية حاسمة وقوية يعالج بها جراحات الخطايا التى اتعبتك والمتك.
ثم يطلب لك وقاية دائمة من الوقوع فى الخطية مرة اخرى وهذه الوقاية او التحصين هو خوف الله فيقول املأنا من خوفك ، والذى يمتلئ قلبه بخوف الله ويعيش دائماً فى هذا الشعور لا يكاد يخطئ.
+ قم اخى التائب من سجودك شاعرا بعظم عطية الغفران التى صارت لك بإتمام هذا الطقس المبارك وانحنى فى وقار وهيبة وهدوء مقبلا الصليب المقدس ويد الكاهن واخرج من هذا اللقاء الالهى وسط تهليل السمائيين وفرح القديسين بخاطئ واحد يتوب
+ انصرف الى بيتك بسلام شاكراً الرب على رحمته وبركاته الكثيرة التى انعم بها عليك
ليتك اخى الحبيب ان ترتل المزمور الصغير الأتى
" لولا ان الرب كان معنا ليقل اسرائيل ، لولا ان الرب كان معنا عندما قام الناس علينا لابتلعونا ونحن احياء ، عند سخط غضبهم علينا ، اذا لغمرتنا فى الماء وجاز على نفوسنا السيل . بل جاز على نفوسنا الماء الذى لا نهايه له . مبارك الرب الذى لم يسلمنا فريسة لاسنانهم . نجت انفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين . الفخ انكسر ونحن نجونا ( بالتوبة وغفران الخطية والنجاة من الهلاك ) عوننا بأسم الرب الذى صنع السماء والارض . هلليلويا ( مز 124 ).
+ لدى وصولك الى بيتك صل صلواتك المعتادة اليومية وتعشى عشاء خفيف مبكرا من اجل الاحتراس لحضور القداس الالهى والتناول من الاسرار المقدسة فى اليوم التالى.
اذهب الى فراشك لتنام مبكرا حتى تسطتيع ان تستيقظ مبكرا وتذهب الى الكنيسة مبكرا ذاكرا الوعد الالهى الثمين " انا احب الذين يحبوننى والذى يبكرون الى يجدوننى ، عندى الغنى والكرامة (ام 8 : 17 ، 18 ) " وأذكر قوله لموسى " كن مستعداً للصباح واصعد فى الصباح الى جبل سيناء وقف عندى هناك على رأس الجبل ، فبكر موسى فى الصباح وصعد الى جبل سيناء كما امره الرب (خر 34 : 2 – 4 ).
بعض ملاحظات على ممارسة سر الأعتراف :
+ بعض الناس يكتفون بأن يقولوا للآب الكاهن بعض خطاياهم فى أثناء قراءات القداس ( البولس .. ) وعيب هذه الطريقة ان الوقت ضيق جداً خصوصاً اذا كان الكاهن يخدم القداس منفرداً ولا يوجد كاهن اخر بالكنيسة ولضيق الوقت لا يتمكن المعترف من الاعتراف بكل شئ ولا يتمكن الكاهن من الاصغاء بتركيز واعطاء النصائح اللازمة او اعطاء الحلول الجيدة او الاختبارات النافعة . ولا يتهيأ الجو المناسب لهيبة سر الاعتراف كسر مقدس.
+ الادعى والامر ان بعض الناس لا يمارسون سر الاعتراف ورغم هذا التقصير الفظيع فى حق ارواحهم يتقدمون للتناول من الاسرار المقدسة ، وكل ما يعملونه ان يطلبوا من الكاهن قبل التناول ان يقرأ لهم الحل . وللاسف يتجاوب بعض الكهنة مع هؤلاء الناس ويقرأون لهم الحل دون ان يعرفوا عنهم شيئا ولا يسألونهم حتى بعض الاسئلة البديهية وعندما يحصلون على الحل ترتاح نفوسهم وتتخدر ضمائرهم ويتناولون من الاسرار بدون توبة ولا استحقاق فيضيفون أثما جديداً على آثامهم ويحصلون على دينونة أعظم.
- وانا اسال الان ما قيمة الحل بدون اعتراف يسبقه ؟؟ هل هو وصفة سحرية تغفر وتزيل خطايا لم يعترف بها الشخص ويظهرها ويفضحها امام الله فى حضرة الكاهن وكيل اسرار الله !.
- وهناك ظاهرة غريبة وهى ان بعض المعترفين والمستعدين والذين يحضرون الى الكنيسة من بدء القداس ويحضرون كل التحاليل الطقسية ، ومع ذلك فإنهم قبل التناول يطلبون حلاً خاصاً من الكاهن .. لماذا ؟؟ فياليت الاباء ينبهون الشعب لهذا الخطأ الشائع.
+ واعلم ايها الحبيب أنك إذا جئت الى الكنيسة بعد قراءة الانجيل فلا يحق لك التناول حسبما يعلمنا الطقس الكنسى . اما اذا جئت فى الفترة بين تلاوة تحاليل باكر وتحليل الخدام وبين قراءة الانجيل وكنت معترفا ومستعدا للتناول ، فلا تطلب تحليلا خاصا وذلك للاسباب التالية :
1- انت معترف ومستعد وقد قرئ لك التحليل فى نهاية جلسة الاعتراف
2- سيقرأ الكاهن تحاليل عامة بعد صلاة القسمة وانت ستحضر هذه التحاليل وتقدم خلالها توبة وانسحاقا مع الكنيسة عامة
اذا لا حاجة لك بتحليل خاص اعلم ان هذه الطريقة الخاطئة تربك الاباء وتؤثر على تأدية الطقس بالطريقة السليمة.